أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثالث - السنة 10 - صـ 797

جلسة 19 من أكتوبر سنة 1959

برياسة السيد محمود محمد مجاهد المستشار, وبحضور السادة: فهيم يسى جندي, ومحمد عطيه اسماعيل, ومحمود حلمي خاطر, وعباس حلمي سلطان المستشارين.

(170)
الطعن رقم 1000 لسنة 29 القضائية

(أ) أمر حفظ. استدلال. مأمور الضبط القضائي. متى يكون له إجراء التحقيق استثناء؟ عند ندبه للتحقيق. شروط صحة الندب. أثر تخلفها.
عدم تقيد النيابة بأمر الحفظ الذي تصدره بعد تنفيذ مأمور الضبط القضائي ما أشارت به بشأن فحص شكوى.
(ب) أمر بألا وجه. آثاره. متى تترتب؟
عندما يكون مسبوقا بتحقيق تجريه النيابة بنفسها أو عن طريق مأمور الضبط القضائي المنتدب منها لإجرائه.
أثر تخلف هذا الشرط.
عدم تقيد النيابة في رفع الدعوى الجنائية بأمر الحفظ الصادر بناء على محضر جمع الاستدلالات.
نقض. أوجهه. الخطأ في تطبيق القانون الاجرائي. مثال. تقرير الحكم عدم قبول الدعوى الجنائية عن واقعة تضمنتها شكوى حفظتها النيابة إداريا بعد تنفيذ رجل الضبط القضائي ما أشارت به بشأن فحصها.
1 - يشترط حتى يكون ندب مأمور الضبط القضائي صحيحا منتجا أثره أن يكون الندب صريحا منصبا على عمل معين أو أكثر من أعمال التحقيق فيما عدا استجواب المتهم, وألا ينصب على تحقيق قضية برمتيها - إلا إذا كان الندب صادرا إلى معاون النيابة, وأن يكون ثابتا بالكتابة, وأن يصدر عن صاحب الحق في إصداره إلى أحد مأموري الضبط القضائي المختصين مكانيا ونوعيا, أما مجرد إحالة الأوراق من النيابة إلى البوليس فلا يعد انتدابا منها لأحد رجال الضبط القضائي لإجراء التحقيق, فيكون المحضر الذي يحرره مأمور الضبط القضائي عندئذ محضر جمع استدلالات - لا محضر تحقيق, فإذا حفظته النيابة جاز لها رفع الدعوى الجنائية دون حاجة إلى صدور أمر من النائب العام بإلغاء أمر الحفظ.
2 - أمر الحفظ المانع من العود إلى إقامة الدعوى الجنائية إنما هو الأمر الذي يسبقه تحقيق تجريه النيابة بنفسها أو يقوم به أحد رجال الضبط القضائي بناء على انتداب منها - فإذا كان الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى اعتبار إشارة وكيل النيابة "بإحالة الشكوى إلى البوليس لفحصها بمعرفة أحد رجال الضبط القضائي" ندبا للتحقيق, واعتبر أمر النيابة بحفظ الشكوى إداريا بمثابة أمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية يمنع من إقامة الدعوى ما دام لم يلغ قانونا, وانتهى من ذلك إلى القضاء بعدم قبول الدعوى الجنائية فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يعيبه ويستوجب نقضه.


الوقائع

أقامت السيدة فاطمة خليل هذه الدعوى مباشرة بصحيفة أعلنت إلى المتهم ضمنتها أن المتهم تسلم منها مبلغ 100 جنيه على سبيل الأمانة بموجب إيصال وديعة وأنه لم يرد إليها المبلغ المذكور رغم المطالبات الودية المتكررة وأنه بعد أن تسلم المتهم هذا المبلغ بفترة وجيزة أوهمها بأنه على صلة ببعض كبار الرجال وأن في مقدوره أن يشتري لها أرض (قطعة أرض فضاء) بحي مصر الجديدة مما تملكه الحكومة بسعر زهيد وأيد زعمه هذا بأن قدم له خريطة وأفهمها بأنها خريطة تقسيم الأرض وصحبها إلى ناحية مصر الجديدة وأشار لها على قطعة أرض فضاء وأدعى بأنها القطعة المزمع تقسيمها إلى قطع صغيرة وعرض عليها أن يشترك معها في شراء قطعة منها ولكي يؤكد لها حسن نيته أحضر ورقة دمغة على الاتساع ودون بها طلبا جعلها توقع عليه ببصمة ختمها وأنه كان من نتيجة هذه الأفعال أن انخدعت المدعية بصحة ما زعمه لها ودفعت إليه مبلغ 150 جنيها حرر بها المتهم إيصالا أقر فيه بأنه تسلم المبلغ لشراء قطعة أرض على أن تكون شركة بينهما - كما تسلم منها بعد ذلك على ذمة شراء الأرض مبلغ 200 جنيه حرر به سندا إذنيا لصالحها. وتقول المدعية أنها استبانت ألا صحة لادعاءات المتهم عن واقعة شراء الأرض فضلا عن أنه امتنع رغم إنذاره عن رد جميع المبالغ السالفة الذكر والتي كانت قد سلمت إليه على الوكالة لشراء الأرض وأنه بذلك يكون قد ارتكب جريمتي النصب والتبديد. وطلبت معاقبته بالمادتين 336, 341 عقوبات كما طلبت القضاء لها عليه بمبلغ 51 جنيه على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف والأتعاب والنفاذ وقدمت المدعية بالحق المدني تأييدا لدعواها حافظتين بالمستندات, الحافظة الأولى حوت إيصالا يفيد استلام المتهم من المدعية بالحق المدني مبلغ 100 جنيه على سبيل الوديعة وإقرار من المتهم باستلام مبلغ 150 جنيها من المدعية على ذمة اشراكها معه في الأرض التي يزمع شراءها والحافظة الثانية اشتملت على صورة من تنازل المتهم عن اسهمه وحقوقه في الجمعية التعاونية لبناء المساكن وصورة خطاب مرسل من وكيل المدعية إلى رئيس الجمعية التعاونية لبناء المساكن وخطاب موجه من رئيس الجمعية التعاونية لبناء المساكن إلى المدعية وصورة من السند الإذني والمتضمن مديونية المتهم للمدعية في مبلغ 100 جنيه والانذار الموجه من المدعية إلى المتهم. ولدى نظر الدعوى أمام محكمة جنح عابدين الجزئية دفع المتهم بعدم قبول الدعوى المباشرة. وفي بيان هذا الدفع قال إن المدعية بالحق المدني سبق أن قدمت ضده شكوى عن الوقائع محل الاتهام في الدعوى الحالية وبعد التحقيق أمرت النيابة بحفظها إداريا, والمحكمة المذكورة قضت فيها حضوريا بعدم قبول الدعوى الجنائية وبعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى المدنية وألزمت المدعية بالحقوق المدنية بالمصاريف المدنية بغير مصروفات جنائية. فاستأنفت النيابة هذا الحكم كما استأنفته المدعية بالحق المدني ومحكمة القاهرة الابتدائية بهيئة استئنافية قضت حضوريا بتأييد الحكم المستأنف وألزمت المدعية بالحق المدني المصروفات المدنية الاستئنافية بلا مصاريف جنائية. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله إذ قضى بعدم قبول الدعوى الجنائية وعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى المدنية استنادا إلى أن القرار الصادر من النيابة بحفظ الشكوى إداريا هو منها قرار بألا وجه لإقامة الدعوى العمومية مما لا يصح معه العودة إلى رفع الدعوى بالطريق المباشر, في حين أن القرار الصادر من النيابة هو في حقيقته قرار إداري صدر منها بوصفها سلطة اتهام ولم يعلن للطاعنة فلم يكن هناك ما يمنع قانونا من الالتجاء إلى الدعوى المباشرة.
وحيث إنه يبين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أن المدعية بالحق المدني سبق لها أن قدمت شكوى إلى النيابة عن الوقائع التي ورد ذكرها في الدعوى الحالية فأحالت النيابة الشكوى "للقسم للفحص بمعرفة أحد الضباط" وبعد أن قام الضابط بتحقيق الشكوى أمرت النيابة بحفظها إداريا في 28 من فبراير سنة 1956 فأقامت المدعية هذه الدعوى بالطريق المباشر.
لما كان ذلك وكان مجرد إحالة الأوراق من النيابة إلى البوليس لا يعد انتدابا من النيابة لأحد رجال الضبط القضائي لإجراء التحقيق إذ يشترط لكي يكون الندب صحيحا منتجا أثره أن يكون الندب صريحا منصبا على عمل معين أو أكثر من أعمال التحقيق فيما عدا استجواب المتهم, وألا ينصب على تحقيق قضية برمتها إلا إذا كان الندب صادرا إلى معاون النيابة, وأن يكون ثابتا بالكتابة, وأن يصدر عن صاحب الحق في إصداره إلى أحد مأموري الضبط القضائي المختصين مكانيا ونوعيا, ومن ثم كان المحضر الذي يحرره مأمور الضبط في غير هذه الأحوال مجرد محضر جمع استدلالات لا محضر تحقيق, فإذا حفظته النيابة جاز لها رفع الدعوى الجنائية دون حاجة إلى صدور أمر من النائب العام بإلغاء أمر الحفظ, إذ أن أمر الحفظ المانع من العود إلى إقامة الدعوى الجنائية إنما هو الأمر الذي يسبقه تحقيق تجريه النيابة بنفسها أو يقوم به أحد رجال الضبط القضائي بناء على انتداب منها - لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى اعتبار إشارة وكيل النيابة "بإحالة الشكوى إلى البوليس لفحصها بمعرفة أحد رجال الضبط القضائي" ندبا للتحقيق واعتبر أمر النيابة بحفظ الشكوى إداريا بمثابة أمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية يمنع من إقامة الدعوى ما دام لم يلغ قانونا وانتهى من ذلك إلى القضاء بعدم قبول الدعوى الجنائية, فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يعيبه ويستوجب نقضه.