أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الأول - السنة 22 - صـ 61

جلسة 18 من يناير سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ محمود العمراوى، وعضوية السادة المستشارين/ أنور خلف، وإبراهيم الديوانى، ومحمد السيد الرفاعى، ومصطفى الأسيوطى.

(15)
الطعن رقم 1589 لسنة 40 القضائية

(، ب) دعوى مدنية. "نظرها والحكم فيها". "الطعن فى الحكم الصادر فيها". نقض. "ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام". استئناف. "ما لا يجوز استئنافية من الأحكام". إجراءات المحاكمة.
( أ ) خضوع الدعوى المدنية التابعة للقواعد المقررة فى قانون الإجراءات فيما يتعلق بالمحاكمة والأحكام وطرق الطعن فيها.
(ب) شرط جواز الطعن فى الأحكام الصادرة فى الدعوى المدنية التابعة. سواء الصادر منها من محكمة الجنح أو من محكمة الجنايات. أن يجاوز التعويض المطالب به حد النصاب النهائى للقاضى الجزئى المبين بالمادة 403 إجراءات. علة ذلك؟
عدم جواز الطعن بالنقض فى الحكم الصادر فى طلب المدعى المدنى إلزام المتهم بتعويض قدره قرش واحد.
1 - إن الدعاوى المدنية التى ترفع أمام المحاكم الجنائية تخضع أمام القضاء الجنائى للقواعد المقررة فى مجموعة الإجراءات الجنائية. فيما يتعلق بالمحاكمة والأحكام وطرق الطعن فيها.
2 - إن البين من استقراء نصوص المواد 266، 381، 403 من قانون الإجراءات الجنائية، أن مراد الشارع - بما نص عليه فى المادة 403 من القانون المذكور، فى باب الاستئناف - من أن شرط جواز الطعن فى الأحكام الصادرة فى الدعوى المدنية، من المدعى بالحقوق المدنية، هو تجاوز التعويض المطالب به حد النصاب النهائى للقاضى الجزئى، ولو وصف هذا التعويض بأنه مؤقت، إنما قد انصرف إلى وضع قاعدة عامة تسرى على كافة طرق الطعن فيمتد أثرها إلى الطعن بالنقض، إذ لا يعقل أن يكون باب الطعن بالاستئناف فى هذه الأحكام الصادرة من محكمة الجنح، قد أوصد، لقله النصاب، فى الوقت الذى يترك الباب مفتوحا للطعن فيها بالنقض، ومن ثم يكون المشرع قد سوى فى ذلك بين الأحكام الصادرة من محكمة الجنح ومحكمة الجنايات فى هذا الصدد، إذ القول بغير ذلك يؤدى إلى المغايرة فى الحكم فى ذات المسألة الواحدة بغير مبرر، وهو ما يتنزه عنه الشارع ويخرج عن مقصده، فلا يتصور أن يكون الحكم فى الدعوى المدنية - الصادر من محكمة الجنح - غير جائز الطعن فيه بالنقض لقلة النصاب، ويكون فى الوقت ذاته قابلا لهذا الطعن - لمجرد صدوره من محكمة الجنايات، رغم أن ضمان العدالة فيها أكثر توافرا. لما كان ما تقدم، وكان الطاعن فى دعواه المدنية أمام محكمة الجنايات قد طالب بتعويض قدره قرش واحد، وهو بهذه المثابة لا يجاوز النصاب الانتهائى للقاضى الجزئى، فإن طعنه بطريق النقض فى الحكم القاضى برفض دعواه المدنية، يكون غير جائز.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما بأنهما فى يوم 9 أكتوبر سنة 1968 بدائرة مركز طلخا محافظة الدقهلية: المتهم الأول: 1 - ضرب الزاهى محمد أبو السعادات الشهير بأحمد بجسم صلب حاد (مطواه) فأحدث به إصابة الصدر النافذة والموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى ولم يكن يقصد قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته. 2 - أحدث عمدا بعبادة محمد عبادة الشهير بمحروس الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبى والتى تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يوما. المتهم الثانى: أحدث عمدا بالمجنى عليه الأول الزاهى محمد أبو السعادات إصابة الظهر الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى والتى تقرر لعلاجها مدة لا تزيد عن عشرين يوما. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتها بالقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات المنصورة قضت حضوريا ببراءة المتهمين مما أسند إليهما ورفض الدعوى المدنية وألزمت رافعها المصروفات. فطعن المدعى المدنى فى هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.


المحكمة

حيث أن الطاعن - وهو والد المجنى عليه القتيل - إدعى مدنيا قبل المتهمين (المطعون ضدهما) بمبلغ قرش واحد على سبيل التعويض المؤقت بالتضامن بينهما. ومحكمة الجنايات قضت ببراءة المتهمين ورفض الدعوى المدنية وإلزام رافعها المصروفات، فطعن المدعى بالحق المدنى وحده فى هذا الحكم بطريق النقض، لما كان ذلك، وكانت المادة 266 من قانون الإجراءات الجنائية - تقضى بأن يتبع فى الفصل فى الدعاوى المدنية التى ترفع أمام المحاكم الجنائية الإجراءات المقررة فى قانون الإجراءات الجنائية، ومن ثم فإن الدعاوى المدنية تخضع أمام القضاء الجنائى للقواعد المقررة فى مجموعة الإجراءات الجنائية فيما يتعلق بالمحاكمة والأحكام وطرق الطعن فيه، وكانت المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أنه "تتبع أمام محاكم الجنايات جميع الأحكام المقررة فى الجنح والمخالفات ما لم ينص على خلاف ذلك" ولما كانت المادة 403 من قانون الإجراءات الجنائية أجازت للمدعى بالحق المدنى أن يستأنف الحكم الصادر فى الدعوى المدنية المرفوعة بالتبعية للدعوى الجنائية - فيما يختص بحقوقه المدنية وحدها - إذا كانت التعويضات المطالب بها تزيد على النصاب الذى يحكم فيه القاضى الجزئى نهائى، وكانت هذه القاعدة تسرى ولو وصف التعويض المطالب به بأنه مؤقت فلا يجوز للمدعى بالحق المدنى أن يستأنف الحكم الصادر ضده من المحكمة الجزئية متى كان التعويض المطالب به لا يزيد عن النصاب الانتهائى للقاضى الجزئى، وبالتالى لا يكون له حق الطعن فى هذه الحالة بطريق النقض - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة. لما كان ذلك، وكان البين من استقراء النصوص المتقدمة وما جرى به قضاء هذه المحكمة أن مراد الشارع - بما نص عليه فى المادة 403 من قانون الإجراءت الجنائية فى باب الاستئناف - من أن شرط جواز الطعن فى الأحكام الصادرة فى الدعوى المدنية - من المدعى بالحقوق المدنية - هو تجاوز التعويض المطالب به حد النصاب النهائى للقاضى الجزئى ولو وصف هذا التعويض بأنه مؤقت، قد انصرف إلى وضع قاعدة عامة تسرى على كافة طرق الطعن فيمتد أثرها إلى الطعن بالنقض إذ لا يعقل أن يكون فى الوقت الذى أوصد فيه باب الطعن بالاستئناف فى هذه الأحكام الصادرة من محكمة الجنح لقلة النصاب أن يترك الباب مفتوحا للطعن فيها بالنقض، وسوى فى ذلك بين الأحكام الصادرة من محكمة الجنح ومحكمة الجنايات إذ القول بغير ذلك يؤدى إلى المغايرة فى الحكم فى ذات المسألة الواحدة بغير ما مبرر، وهو ما يتنزه عنه الشارع ويخرج عن مقصده فلا يتصور أن يكون الحكم فى الدعوى المدنية الصادرة من محكمة الجنح غير جائز الطعن فيه بالنقض لقلة النصاب ويكون فى الوقت ذاته قابلا لهذا الطعن لمجرد صدوره من محكمة الجنايات ورغم أن ضمان العدالة فيها أكثر توفرا. لما كان ذلك، وكان الطاعن فى دعواه المدنية أمام محكمة الجنايات قد طالب بتعويض قدره قرش واحد وهو بهذه المثابة لا يجاوز النصاب الإنتهائى للقاضى الجزئى، فإن طعنه فى هذا الحكم بطريق النقض لا يكون جائزا. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين الحكم بعدم جواز الطعن ومصادرة الكفالة وإلزام الطاعن المصروفات شاملة أتعاب المحاماة.