أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الأول - السنة 22 - صـ 69

جلسة 18 من يناير سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ نصر الدين عزام، وعضوية السادة المستشارين/ سعد الدين عطية، ومحمود عطيفة، والدكتور محمد محمد حسنين، وطه الصديق دنانة.

(17)
الطعن رقم 1592 لسنة 40 القضائية

(، ب) سرقة بإكراه. جريمة. "أركانها". إكراه. قصد جنائى. فاعل أصلى. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". شروع.
( أ ) تحقق الإكراه فى السرقة. ولو كان الاعتداء المكون له قد أعقب فعل الاختلاس. متى تلاه مباشرة وكان الغرض منه النجاة بالشىء المختلس.
(ب) ارتكاب أحد المتهمين فى السرقة بإكراه لفعل الاختلاس وارتكاب الآخر لفعل الإكراه، تنفيذا للسرقة المتفقين عليها. إعتبارهما فاعلين أصليين فى هذه الجريمة. اعتبار الحكم المتهم الذى يعترض المجنى عليه ويضربه بقصد تمكين المتهم الآخر من الفرار بالمسروقات فاعلا أصليا. صحيح.
(ج، د) إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب" محكمة الموضوع. "سلطتها فى استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
(ج) خطأ الحكم غير المؤثر فى عقيدة المحكمة. لا يتوافر به وجه الخطأ فى الإسناد.
(هـ) إثبات. "شهادة". "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة إيراد أقوال شهود لم تقم قضائها على شهادتهم. عدم إيراد أقوال الشاهد. يفيد اطراحها.
1 - لا يلزم فى الاعتداء الذى تتوافر به جريمة الشروع فى السرقة بإكراه، أن يكون الاعتداء سابقا أو مقارنا لفعل الاختلاس، بل يكفى أن يكون كذلك ولو أعقب فعل الاختلاس، متى كان قد تلاه مباشرة وكان الغرض منه النجاة بالشىء المختلس.
2 - لا يشترط لاعتبار المتهمين فاعلين أصليين فى جناية السرقة بالإكراه أن يقع من كل منهم فعل الإكراه وفعل الاختلاس، بل يكفى فى عدهم كذلك أن يرتكب كل منهم أى الفعلين. متى كان ذلك فى سبيل تنفيذ السرقة المتفق عليها بينهم جميعا. وإذ كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم أن الطاعن اعترض المجنى عليه عند ملاحقته للمتهم الأول الذى سرق حافظته. ثم تبعه وضربه بقبضة اليد بقصد تمكين زميله السارق من الفرار بالمسروقات، فإن الحكم إذ اعتبر الطاعن فاعلا أصليا فى جناية الشروع فى السرقة بإكراه، يكون قد أصاب صحيح القانون.
3 - إن خطأ الحكم فى تحصيل الحالة التى كان عليها الشرطى الشاهد، عندما ألقى الطاعن بنفسه فى النيل - بفرض صحته - لا ينال من سلامته، إذ لم يكن له أثر فى عقيدة المحكمة أو النتيجة التى انتهى إليه، ومن ثم فإن دعوى الخطأ فى الإسناد لا يكون لها من وجه.
4 - من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى، حسبما يؤدى إليه اقتناعه، وأن تطرح ما يخالفه من صور أخرى، ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصل فى الأوراق.
5 - لا تلتزم المحكمة أن تورد فى حكمها من أقوال الشهود، إلا ما تقيم عليه قضاؤها، وفى عدم تعرضها للأقوال الأخرى ما يفيد إطراحها لها اطمئنانا منها لأدلة الثبوت التى بينها الحكم.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما فى يوم 6 من أبريل سنة 1969 بدائرة قسم المعادى محافظة القاهرة: شرعا فى سرقة الحافظة ومحتوياتها من النقود والأوراق المبينة بالتحقيقات لكمال محمد أفندى حلمى سلامه بطريق الاكراه الواقع عليه بأن اعتديا عليه بالضرب وأحدثا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى بقصد تعطيل مقاومته ليتمكنا من الفرار بالمسروقات وكان المجنى عليه قد أمسك أولهما حاملا لها، وأوقف تنفيذ الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه هو ضبطهما والجريمة متلبس بها. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتها إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضوريا عملا بالمواد 45 و46 و314/ 1 - 2 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة مدة خمس سنوات. فطعن الطاعنان فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن الأول وإن قرر بالطعن فى الميعاد إلا أنه لم يقدم أسبابا فيكون طعنه غير مقبول شكلا.
حيث إن الطعن المقدم من الطاعن الثانى قد استوفى الشكل المقرر فى القانون.
وحيث إن مبنى هذا الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الشروع فى السرقة باكراه قد ران عليه القصور فى التسبيب وانطوى على خطأ فى الإسناد وفى تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقول الطاعن أن القصور مرجعه أن الحكم المطعون فيه لم يعن ببيان سبب ما عول عليه من أقوال المجنى عليه فى شأن الأعمال التى نسبها إليه والحالة التى كان عليها وقت أن ألقى بنفسه فى النيل مع اختلاف أقواله بالتحقيقات عنها بجلسة المحاكمة، وأما الخطأ فى الإسناد فيراه فى أن الحكم أسند إليه أنه غافل الشرطى وهرب منه وألقى بنفسه فى النيل فى حين أن الثابت فى الأوراق أنه هرب بعد أن تركه الشرطى بدعوى الإبلاغ عن الحادث ويضيف الطاعن إلى ما تقدم أن الخطأ فى القانون يتمثل فى أن الحكم دانه على أنه فاعل أصلى فى حين أن الأفعال التى نسبت إليه كانت لاحقه لتمام وقوع جريمة السرقة من المتهم الأول داخل الأتوبيس ولا تتصل بالركن المادى لها وبذلك يكون الحكم معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أنه أثناء وقوف المجنى عليه بالدرجة الثانية "بالأتوبيس" شعر بيد المتهم الأول الذى كان يقف إلى يساره تخرج من ملابسه وبها حافظة نقوده وفر هاربا من السلم الخلفى للسيارة فبادر المجنى عليه إلى متابعته وكان أن عمد المتهم الثانى (الطاعن) الذى كان يقف خلفه إلى أن يعوقه ولكنه تمكن من الهبوط واللحاق بالمتهم الأول وأمسك بالحافظة فى جيبه وحينئذ ضربه الأول بالحذاء فى صدره وبالرأس فى وجهه كما ضربه المتهم الثانى (الطاعن) باليد فى أنفه يريدان الفرار بالحافظة لولا أن أدركهما الشرطى السرى وأمسك بهما، وبعد أن أورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذا النحو أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها، خلص إلى إدانة الطاعن وزميله بوصفهما فاعلين أصليين فى جناية الشروع فى السرقة باكراه. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن فى شأن ما عول عليه الحكم من أقوال المجنى عليه رغم معارضة أقواله بالتحقيقات عنها بجلسة المحاكمة فمردود بأن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفه من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق. ومن المقرر أن المحكمة لا تلتزم بأن تورد فى حكمها من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها وفى عدم تعرضها للأقوال الأخرى ما يفيد إطراحها لها اطمئنانا منها لأدلة الثبوت التى بينها الحكم. لما كان ما تقدم، وكان الحكم قد أقام الدليل على اقتراف الطاعن لما نسب إليه مستندا فى ذلك إلى أدلة سائغة تؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها الحكم، فإن ما يثيره الطاعن من قيام تناقض فى أقوال المجنى عليه ينحل إلى جدل موضوعى فى سلطة المحكمة فى وزن عناصر الدعوى مما تستقل بتقديره دون رقابة لمحكمة النقض. لما كان ذلك، وكان خطأ الحكم فى تحصيل الحالة التى كان عليها الشرطى عندما ألقى الطاعن بنفسه فى النيل - بفرض صحته - لا ينال من سلامته إذ لم يكن له أثر فى عقيدة المحكمة أو النتيجة التى انتهى إليها. ومن ثم فإن دعوى الخطأ فى الإسناد لا يكون لها من وجه. لما كان ذلك، وكان لا يلزم فى الاعتداء الذى تتوافر به جريمة الشروع فى السرقة بالإكراه التى دين بها الطاعن أن يكون الاعتداء سابقا أو مقارنا لفعل الاختلاس، بل يكفى أن يكون كذلك ولو أعقب فعل الاختلاس، متى كان قد تلاه مباشرة وكان الغرض منه النجاة بالشىء المختلس، وكان لا يشترط لاعتبار المتهمين فاعلين أصليين فى جناية السرقة بالإكراه أن يقع من كل منهم فعل الإكراه وفعل الاختلاس - بل يكفى فى عدهم كذلك أن يرتكب كل منهم أى الفعلين متى كان ذلك فى سبيل تنفيذ السرقة المتفق عليها بينهم جميعا، وكان الثابت من مدونات الحكم أن الطاعن اعترض المجنى عليه عند ملاحقته للمتهم الأول الذى سرق حافظته ثم تبعه وضربه باليد فى أنفه بقصد تمكين زميله السارق من الفرار بالمسروقات، فإن ما أثبته الحكم يجعله فاعلا أصليا فى جناية الشروع فى السرقة بإكراه. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعينا رفضه.