أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثالث - السنة 10 - صـ 820

جلسة 26 من أكتوبر سنة 1959

برياسة السيد محمود ابراهيم اسماعيل المستشار, وبحضور السادة: أحمد زكي كامل, والسيد أحمد عفيفي, ومحمود حلمي خاطر, وعادل يونس المستشارين.

(176)
الطعن رقم 1092 سنة 29 القضائية

(أ, ب) نقض. طعن. إجراءاته. التقرير والأسباب. ماهية كل منهما وآثار ذلك. قانون. تطبيقه من حيث الزمان. فورية أثر قوانين الإجراءات. مجال العمل بها.
التقرير بالطعن هو مناط اتصال محكمة النقض بالطعن. أسباب الطعن هى من شروط قبوله. علة ذلك.
أسباب الطعن تلحق التقرير به. هما وحدة إجرائية. عدم إعمال الأثر الفوري للمادة 34 من قانون 57 لسنة 1959 بالنسبة للطعون التي قرر بها في ظل المادة 424 أ. ج.
نقض. إجراءاته. متى تتصل المحكمة بالطعن؟
تكليف الطاعن بالحضور أمام محكمة النقض ليس شرطا لازما لاتصال المحكمة بالطعن. كفاية التقرير في ذلك.
(جـ) شيك. دعوى مدنية. الشروط الواجب توافرها في الفعل الذي يبيح الادعاء المدني. السببية المباشرة بين الجريمة والضرر. أثر انتفائها.
إنتفاء ولاية المحاكم الجنائية في الحكم بالتعويض عن الأفعال غير المحمولة على الجريمة ولو كانت متصلة بالواقعة محل المحاكمة. مثال. جريمة المادة 337 ع. التفرقة بين قيمة الشيك والضرر الفعلي الناشئ عن الجريمة.
(د) شيك. جريمة المادة 337 ع. القصد الجنائي. متى يتحقق؟
بصدور أمر بعدم دفع قيمة الشيك ولو توافر السبب المشروع. علة ذلك.
1 - الأصل أن الطعن بطريق النقض إن هو إلا عمل إجرائي لم يشترط القانون لرفعه سوى إفصاح الطاعن عن رغبته في الاعتراض على الحكم بالشكل الذي ارتآه القانون, وقد أباح القانون هذا الاعتراض ورسم له التقرير به في قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم المراد الطعن عليه في خلال الميعاد الذي حدده, ويترتب على هذا الإجراء الشكلي دخول الطعن في حوزة محكمة النقض واتصالها به بناء على إعلان ذي الشأن عن رغبته فيه, أما تقرير الأسباب التي يبني عليها الطعن فما هو إلا شرط لقبول الطعن ولتمكين محكمة النقض من النظر في موضوعه, فالأسباب ليست إلا تبعا لهذا التقرير لاحقة به فهما يكونان وحدة إجرائية تحكمها القواعد التي كانت سارية على إجراءات الطعن عند بدء التقرير به ما دام هذا التقرير هو مناط اتصال المحكمة بالطعن واعتباره مرفوعا إليها - فإذا كان الطعن قد رفع إلى محكمة النقض قبل العمل بالقانون رقم 57 لسنة 1959 - لحصول التقرير به في قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه - في ظل المادة 424 من قانون الإجراءات الجنائية وطبقا للأوضاع التي كانت سارية حينذاك, فإنه يظل - طبقا لنص الفقرة الأولى من المادة الخامسة من القرار الصادر بإصدار القانون رقم 57 لسنة 1959 - محكوما بالشكل الذي تم في ظلها دون إعمال الأثر الفوري للمادة 34 من القانون المذكور التي تتطلب التوقيع على الأسباب الواجب تقديمها في الميعاد القانوني من محام مقبول أمام محكمة النقض.
2 - لا يلزم لاعتبار الطعن مرفوعا لمحكمة النقض تكليف الطاعن بالحضور أمامها, ذلك بأن محكمة النقض ليست درجة استئنافية تعيد عمل قاضي الموضوع وإنما هى درجة استثنائية ميدان عملها مقصور على الرقابة على عدم مخالفة القانون, ومتى تقرر ذلك فإن التقرير بالطعن في قلم الكتاب تصبح به محكمة النقض متصلة بالطعن إتصالا قانونيا صحيحا متى قدم التقرير في الميعاد.
3 - الأصل أن ولاية المحاكم الجنائية بالنسبة إلى الحكم بالتعويضات المدنية هى ولاية استثنائية تقتصر على تعويض الضرر الناشئ مباشرة عن الفعل المكون للجريمة المرفوعة بها الدعوى الجنائية ولا تتعداها إلى الأفعال الأخرى غير المحمولة على الجريمة - ولو كانت متصلة بالواقعة التي تجري المحاكمة عنها - لانتفاء علة التبعية التي تربط الدعوى المدنية بالدعوى الجنائية - ولما كانت قيمة الشيك ليست تعويضا عن جريمة - إصدار أمر بعدم دفع قيمته - التي دين المتهم بها, بل هى عبارة عن دين سابق على وقوعها غير مترتب عليها - مما تنتفي معه ولاية المحاكم الجنائية في الحكم به - فإنه لا تعارض بين استبعاد قيمة الشيك من مبلغ التعويض وبين القضاء للمدعي بالحق المدني بما لحقه من ضرر فعلي نشأ مباشرة عن الجريمة.
4 - تتحقق جريمة المادة 237 من قانون العقوبات بمجرد صدور الأمر من الساحب إلى المسحوب عليه بعدم الدفع حتى ولو كان هناك سبب مشروع, ذلك بأن مراد الشارع من العقاب هو حماية الشيك في التداول وقبوله في المعاملات على أساس أنه يجري فيها مجرى النقود.


الوقائع

أقام المدعي بالحق المدني دعواه مباشرة بعريضة طلب فيها إحالة الدعوى العمومية ضد كل من 1 - محمد عثمان كمون و2 - السيد محمود عبد الكريم خالد لأنهما أعطياه بسوء القصد شيكا على بنك مصر فرع سوهاج لا يقابله رصيد قابل للسحب. وطلب عقابهما بالمادتين 336 و337 من قانون العقوبات مع إلزامهما متضامنين مع الثالث (إبراهيم عبد الحميد الجوهري) بصفته نائبا عن بنك مصر بدفع مبلغ 21 ج و 200 م والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وشمول الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة, وأمام محكمة أخميم الجزئية دفع الحاضر مع المتهم الأول بعدم قبول الدعوى المدنية المرفوعة من الثالث, وقضت المحكمة حضوريا للأول والثالث وحضوريا إعتباريا للثاني أولا - ببراءة المتهم الأول مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية المقامة ضده. وثانيا - عدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى المدنية المرفوعة ضد الثالث بصفته. ثالثا. بحبس المتهم الثاني شهرين مع الشغل وكفالة مائة قرش لوقف التنفيذ وإلزامه بأن يدفع للمدعي بالحق المدني مبلغ ثمانية جنيهات والمصاريف المدنية المناسبة ومبلغ مائة قرش مقابل أتعاب المحاماة ورفض ما عدا ذلك من الطلبات وذلك عملا بالمادة 337 من قانون العقوبات. استأنف المحكوم عليه هذا الحكم. وأمام محكمة سوهاج الابتدائية بهيئة استئنافية دفع الحاضر مع المتهم بدفعين أولهما عدم قبول الدعوى المدنية وثانيهما: انتفاء القصد الجنائي والمحكمة قضت حضوريا بتأييد الحكم المستأنف مع إلزام المستأنف بالمصروفات المدنية وقالت في أسباب حكمها إن الدفعين في غير محلهما. فقرر محامي الطاعن بالطعن بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... من حيث إنه بالنسبة إلى شكل الطعن فإنه يبين من الأوراق أن الحكم المطعون فيه صدر حضوريا من محكمة سوهاج الابتدائية بتاريخ 26 من يناير سنة 1959 وحصل الطالب على شهادة من قلم الكتاب دالة على عدم إيداع الحكم مختوما بالقلم المذكور في 8 من فبراير سنة 1959 وقرر الطعن بطريق النقض بواساطة محاميه بتوكيل خاص مصرح له فيه بذلك في 10 من فبراير سنة 1959, ولما أخطر بإيداع الحكم قلم الكتاب في 23 من فبراير سنة 1959, قدم الأستاذ لبيب أحمد أبو ستيت المحامي تقريرا بأسباب الطعن بتاريخ 2 من مارس سنة 1959. ولما كان القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض المعمول به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية بالعدد 33 مكرر ب غير اعتيادي في 21 من فبراير سنة 1959 قد استلزم في الفقرة الأخيرة من المادة 34 منه في حالة رفع الطعن من غير النيابة العامة أن يوقع أسبابه محام مقبول أمام محكمة النقض وذلك خلافا لما كان متبعا في ظل المادة 424 من قانون الإجراءات الجنائية التي حصل التقرير بالطعن قبل إلغائها بالقانون رقم57 لسنة 1959, وكان المحامي الذي وقع أسباب الطعن وهو الأستاذ لبيب أحمد أبو ستيت غير مقبول أمام محكمة النقض كما جاء بمذكرة النيابة العامة, وقد قدم الأسباب المذكورة في ظل سريان القانون رقم 57 لسنة 1959. وكانت الفقرة الأولى من المادة الخامسة من القرار الصادر بإصدار القانون الأخير تنص على أن الطعون المرفوعة أمام محكمة النقض ومحكمة التمييز عند العمل بهذا القانون تسري في شأنها النصوص التي كانت سارية قبل العمل به. لما كان ذلك, وكان الطعن قد رفع إلى محكمة النقض قبل العمل بالقانون رقم 57 لسنة 1959 لحصول التقرير به في قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه في ظل المادة 424 من قانون الإجراءات الجنائية وطبقا للأوضاع التي كانت سارية حينذاك فإنه يظل طبقا لنص الفقرة الأولى من المادة الخامسة سالفة البيان - محكوما بالشكل الذي تم في ظلها دون إعمال الأثر الفوري للمادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 التي تتطلب التوقيع على الأسباب الواجب تقديمها في الميعاد القانوني من محام مقبول أمام محكمة النقض, ذلك بأن الأصل أن الطعن بطريق النقض إن هو إلا عمل إجرائي لم يشترط القانون لرفعه سوى افصاح الطاعن عن رغبته في الاعتراض على الحكم بالشكل الذي ارتآه, وقد أباح القانون هذا الاعتراض ورسم له التقرير به في قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم المراد الطعن عليه في خلال الميعاد الذي حدده, ويترتب عليه هذا الإجراء الشكلي دخول الطعن في حوزة محكمة النقض واتصالها به بناء على اعلان ذي الشأن عن رغبته فيه, أما تقرير الأسباب التي يبني عليها الطعن فما هو إلا شرط لقبول الطعن ولتمكين محكمة النقض من النظر في موضوعه, فالأسباب التي يبني عليها الطعن ليست إلا تبعا لهذا التقرير لاحقة به فهما يكونان وحدة إجرائية تحكمها القواعد التي كانت سارية على إجراءات الطعن عند بدء التقرير به ما دام هذا التقرير هو مناط اتصال المحكمة بالطعن واعتباره مرفوعا إليها كما سبق القول, وقد كان قانون تحقيق الجنايات أمام المحاكم الأهلية الصادر بالأمر العالي المؤرخ 13 نوفمبر سنة 1883 مطابقا للتشريع الفرنسي في خصوص عدم تطلبه في المادة 221 منه لرفع الطعن بالنقض سوى التقرير به في قلم الكتاب دون أن يحتم بيان الأسباب التي بنى عليها الطعن, وكان الميعاد ثلاثة أيام, ثم صدر ديكريتو 24 يناير سنة 1895 معدلا المادة المذكورة بأن أوجب بيان أسباب الطعن في الميعاد وإلا سقط الحق في الطعن, ونص على عدم جواز إبداء أسباب أخرى بعد الميعاد, وفي مقابل هذا أطال الميعاد إلى ثمانية عشر يوما ثم جاء قانون تحقيق الجنايات الصادر بالقانون رقم 4 لسنة 1905 وتبني هذا التعديل في المادة 231 منه, وكذلك فعل قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950 في المادة 424 منه, كما أن القانون حين اشترط الوفاء بالتزام مالي في الأحوال المبينة بالمادة 427 من قانون الاجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 305 لسنة 1956 والتي حلت محلها المادة 36 من القانون رقم 57 لسنة 1959 ناط بقلم الكتاب عدم قبول التقرير بالطعن إذا لم يصحب بما يثبت هذا الوفاء أو بشهادة تدل على إعفائه منه مما يؤكد مراد الشارع من أن العبرة في اتصال محكمة النقض بالطعن هى بمجرد التقرير به في قلم الكتاب, ولا يلزم لاعتبار الطعن مرفوعا لمحكمة النقض تكليف الطاعن بالحضور أمامها, ذلك بأن محكمة النقض ليست درجة استئنافية تعيد عمل قاضي الموضوع, وإنما هى درجة استثنائية ميدان عملها مقصور على الرقابة على عدم مخالفة القانون, ومتى تقرر ذلك فإن التقرير بالطعن في قلم الكتاب تصبح هذه المحكمة متصلة به إتصالا قانونيا صحيحا متى قدم التقرير في ميعاده القانوني كما هو حال هذا الطعن لما كان ما تقدم فإن الطعن يكون قد حاز الشكل المقرر بالقانون.
وحيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه انطوى على خطأ في تطبيق القانون, ذلك أنه دان الطاعن بجريمة إصدار شيط بدون رصيد وإلزامه بالتعويض على الرغم من رفض الدعوى المدنية لعدم توافر شرائطها, وهى الأساس الذي بنيت عليه الجنحة المباشرة التي أقيمت من المدعي بالحقوق المدنية وتحركت بها الدعوى الجنائية, وقد أثار الطاعن هذا الدفاع أمام محكمة ثاني درجة, غير أنها التفتت عنه بدعوى سلامة استخلاص الحكم المستأنف لوقائع الدعوى وصحة تطبيق القانون عليها وهو مالا يصلح ردا على هذا الدفع, إذ لا يستقيم القضاء برفض الدعوى المدنية والحكم في الوقت نفسه بالتعويض وبالعقوبة الجنائية, نظرا إلى انهيار الأساس القانوني لهما, وكان يتعين على المحكمة أن تعلل سند أخذها بالحكم الابتدائي في هذا الشأن, أما وهى لم تفعل, فإن الحكم يكون مخطئا في تطبيق القانون.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة إعطاء شيك وإصدار أمر بعدم دفعة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها أدلة لها أصلها في الأوراق وتؤدي إلى ما رتبه عليها. وعرض الحكم إلى موضوع دعوى الجنحة المباشرة التي أقامها المدعي بالحق المدني فقال: "ومن حيث إن المدعي بالحق المدني قد بين بصحيفة الدعوى إنه يطلب تعويضا قدره 30 جنيها, من ذلك مبلغ 21 جنيها و200 مليم قيمة الشيك والباقي تعويضا له عن الضرر الذي أصابه. ومن حيث إنه عن طلب الحكم له بقيمة الشيك, فهو أمر مدني يخرج عن نطاق هذه الدعوى ولا تختص هذه المحكمة بالفصل فيه. وحيث إنه عن التعويض فترى المحكمة أن المدعي المدني قد ناله ضرر مادي وأدبي نتيجة لرد الشيك إليه وعدم صرف قيمته له وتقدر هذا الضرر بمبلغ ثمانية جنيهات ومن ثم يتعين الحكم للمدعي المدني به". لما كان ذلك, وكان ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه صحيحا في القانون, ذلك أن الأصل أن ولاية المحاكم الجنائية بالنسبة إلى الحكم بالتعويضات المدنية هى ولاية استثنائية تقتصر على تعويض الضرر الناشئ مباشرة عن الفعل المكون للجريمة المرفوعة بها الدعوى الجنائية ولا تتعداها إلى الأفعال الأخرى غير المحمول على الجريمة ولو كانت متصلة بالواقعة التي تجري المحاكمة عنها لانتفاء علة التبعية التي تربط الدعوى المدنية بالدعوى الجنائية ولما كانت قيمة الشيك ليست تعويضا عن الجريمة التي دين الطاعن بها, بل هى عبارة عن دين سابق على وقوعها غير مترتب عليها مما تنتفي معه ولاية المحاكم الجنائية في الحكم به, ومن ثم فلا تعارض بين استبعاد قيمة الشيك من مبلغ التعويض وبين القضاء للمدعي بالحق المدني بما لحقه من ضرر فعلي نشأ مباشرة عن الجريمة, لما كان ما تقدم, فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه لا يكون له محل.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه انطوى على خطأ في تطبيق القانون وشابه فساد في الاستدلال حين دان الطاعن على الرغم من إنتفاء سوء القصد لديه لقيام سبب مشروع يبرر إخطاره البنك المسحوب عليه بعدم دفع قيمة الشيك إلى المستفيد بسبب اضطراره إلى تسديد دين على هذا الأخير يتجاوز قيمة الشيك موضوع الدعوى المطروحة, وذلك حين مطالبته من الدائن لأنه كان ضامنا للمستفيد قبل حلول ميعاد استحقاق الشيك وفي الوقت الذي اتخذت فيه إجراءات إشهار إفلاس المستفيد المذكور وصدور حكم محكمة سوهاج الكلية بإشهار إفلاسه فعلا, وقد طلب الطاعن من البنك تعلية قيمة الشيك بالأمانات وأنهى ذلك إلى المستفيد مطالبا إياه بتسديد دينه مما كان يتعين معه رد الشيك إلى الطاعن وتوفيته بما دفعه عنه إلى الدائن, غير أن المستفيد حول الشيك إلى المدعي بالحق المدني الذي لا علاقة للطاعن به, وما انتهى إليه الحكم من أن سوء القصد يتوافر بمجرد إصدار الشيك مع علم الساحب أنه ليس له رصيد قائم وقابل للسحب يخالف الثابت بالأوراق من أن الطاعن كان له رصيد يربو على قيمة الشيك, مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه استظهر سوء القصد لدى الطاعن في قوله "ومن حيث إنه وإن كان الثابت مما قرره الحاضر عن بنك مصر من أن قيمة الشيك قد أدرجت بحساب الأمانات الأمر الذي يتضمن أن للساحب رصيدا لدى البنك يفي بقيمة الشيك, إلا أن المدعي عليه (الطاعن) إذ أمر البنك بعدم صرف قيمة هذا الشيك, فقد جعل الرصيد القائم غير قابل للسحب فمن ثم يعتبر كما لو لم يكن له رصيد إطلاقا بعدم صرف قيمة الشيك إذ يعتبر بذاته دليلا على ثبوت سوء القصد ونية الإضرار بالغير". لما كان ذلك وكان ما أورده الحكم في صدد توافر سوء القصد لدى الطاعن سائغا ويؤدي إلى ما رتبه الحكم عليه من مساءلة الطاعن, ذلك أن الجريمة المنصوص عليها في المادة 337 من قانون العقوبات تتحقق بمجرد صدور الأمر من الساحب إلى المسحوب عليه بعدم الدفع حتى ولو كان هناك سبب مشروع إذ أن مراد الشارع من العقاب هو حماية الشيك في التداول وقبوله في المعاملات على أساس أنه يجري فيها مجرى النقود, وكان لا يعيب الحكم المطعون فيه بعد أن استوفى دليل الإدانة بما أورده من اعتبارات صحيحة دالة على توافر سوء القصد لدى الطاعن أن يتزيد فيخطئ في ذكر بعض تقريرات قانونية مستمدة من وقائع خاطئة لم يكن لها أثر في منطقه, كقوله إن سوء القصد في جريمة إصدار الشيك بغير رصيد يتوافر بمجرد إصدار الشيك مع علم الساحب أنه ليس له رصيد قائم وقابل للسحب, في حين أن الطاعن وقت أن أصدر الشيك كان له رصيد قائم يربو على قيمة الشيك وهو ما تكفلت ببيانه أسباب الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه. لما كان ذلك, وكان باقي ما يثيره الطاعن في طعنه لا يعدو أن يكون جدلا في موضوع الدعوى لا تقبل إثارته أمام هذه المحكمة - لما كان ما تقدم, فإن هذا الوجه يكون غير سديد ويكون الطعن برمته على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.