أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثالث - السنة 10 - صـ 834

جلسة 2 من نوفمبر سنة 1959

برياسة السيد محمود محمد مجاهد المستشار, وبحضور السادة: فهيم يسى جندي, ومحمود حلمي خاطر, وعباس حلمي سلطان, وعادل يونس المستشارين.

(178)
الطعن رقم 726 سنة 29 القضائية

(أ) نقض
ممن يجوز؟ متى تتوافر صفة المدعي بالحقوق المدنية في الطعن على الحكم بأوجه متعلقة بالدعوى الجنائية؟
عند تجاوز طلباته النصاب الذي يفصل فيه القاضي الجزئي نهائيا ومساس العيب الذي شاب الحكم بحقوقه المدنية.
(ب, ج) فعل فاضح غير علني
عناصر الواقعة الإجرامية. وقوع الفعل بغير رضاء المجني عليها.
الفصل في قيام هذا العنصر أو انتفائه أمر موضوعي ما دام الاستخلاص سائغا. تدليل سليم على حصول الفعل برضاء المجني عليها.
1 - لا يكون للمدعي بالحقوق المدنية صفة في الطعن على الحكم بأوجه متعلقة بالدعوى الجنائية إلا إذا كانت التعويضات المطلوبة تزيد على النصاب الذي يحكم فيه القاضي الجزئي نهائيا وانطوى العيب الذي شاب الحكم على مساس بالدعوى المدنية - فإذا كان استئناف المتهم للحكم الصادر في الدعوى المدنية قد بنى على أن التعويضات المطلوبة تزيد عن النصاب الذي يحكم فيه القاضي الجزئي نهائيا, فلا صفة للمدعي بالحقوق المدنية فيما يثيره في طعنه بشأن عدم جواز استئناف الحكم الصادر في الدعوى الجنائية.
2 - يشترط لتوافر جريمة الفعل الفاضح غير العلني المنصوص عليها في المادة 279 من قانون العقوبات أن تتم بغير رضاء المجني عليها - حماية لشعورها وصيانة لكرامتها مما قد يقع على جسمها أو بحضورها من أمور مخلة بالحياء على الرغم منها.
3 - مسألة رضاء المجني عليها أو عدم رضائها - في جريمة المادة 279 من قانون العقوبات - مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع فصلا نهائيا, وليس لمحكمة النقض بعد ذلك حق مراقبتها في هذا الشأن طالما أن الأدلة والاعتبارات التي ذكرتها من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم - فإذا استند الحكم في براءة المتهم إلى قوله: "... إن الثابت من وقائع الدعوى أن ركن انعدام رضاء المجني عليها غير متوافر, ذلك أن الظاهر للمتهم هو أن المجني عليها راضية عن الواقعة, فضلا عن أنها سمحت له برضائها الدخول لمسكنها والجلوس بصحبتها... ومن ناحية أخرى فإن المحكمة تستخلص رضاء المجني عليها من قولها بمحضر جمع الاستدلالات أن زوجها قد لفق الواقعة للإيقاع بالمتهم, أي أنها كانت راضية عن الفعل الذي قام به المتهم وذلك حتى توقع به لكي يستفيد زوجها حسب الخطة التي كان يرمي إليها..." فإن ما أثبته الحكم ينطوي على رضاء المجني عليها بجميع مظاهره وكامل معالمه.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة المتهم بأنه ارتكب مع السيدة...... فعلا فاضحا مخلا بالحياء في غير علانية بأن خلع سرواله بمسكنها بدائرة قسم الرمل. وطلبت عقابه بالمادة 279 من قانون العقوبات. وادعى............ (زوج المجني عليها) بحق مدني قبل المتهم بقرش صاغ تعويضا مؤقتا. ثم عدل طلباته إلى 51 جنيها على سبيل التعويض المدني المؤقت. ومحكمة جنح الرمل الجزئية قضت حضوريا عملا بمادة الاتهام بتغريم المتهم خمسة جنيهات وإلزامه بأن يدفع للمدعي بالحق المدني مبلغ 51 جنيها على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماه. فاستأنف المتهم هذا الحكم ومحكمة الاسكندرية الابتدائية قضت حضوريا بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية وألزمت رافعها بالمصروفات المدنية بلا مصاريف جنائية. فطعن المدعي المدني في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الطعن هو الخطأ في تطبيق القانون - والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول الطاعن - إن الحكم المطعون فيه - أخطأ في قبول الاستئناف من المتهم (المطعون ضده) وفي القضاء في موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة - في حين أن حكم محكمة أول درجة لم يقض إلا بتغريمه خمسة جنيهات وهو على هذا الاعتبار لا يجوز استئنافه إلا لخطأ في تطبيق القانون وهو ما لم تستند إليه المحكمة الاستئنافية - هذا وقد قضى الحكم المطعون فيه ببراءة المتهم بمقولة أن ما حصل منه في حضرة زوجة الطاعن كان برضاء وقبول منها مع أن ما اتخذته الزوجة من اجراءات يكشف عن انعدام رضائها بما حصل - ولم يدلل الحكم تدليلا كافيا على قيام هذا لرضاء من جانبها.
وحيث إن الدعوى الجنائية رفعت على المتهم بأنه في يوم 19/ 6/ 1957 أرتكب مع...... "زوجة الطاعن" فعلا فاضحا مخلا بالحياء في غير علانية بأن خلع سرواله في مسكنها - وطلبت النيابة عقابه بالمادة 279 عقوبات - فادعى الطاعن مدنيا قبل المطعون ضده بمبلغ 51 جنيها على سبيل التعويض - ومحكمة أول درجة قضت بتغريم المتهم خمسة جنيهات وبمبلغ 51 جنيها على سبيل التعويض والمصاريف المدنية - فاستأنف المتهم الحكم, وقضت المحكمة الاستئنافية بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية قبله وألزمت رافعها المصروفات, وقالت في بيان الواقعة "إنها تخلص فيما أبلغ به وقرره زوج المجني عليها بمحضر جمع الاستدلالات من أنه يعمل عاملا بشركة النحاس وأن المتهم رئيسه في العمل حضر لزيارته بمنزله أثناء مرضه منذ عدة أشهر مضت وأن زوجته صنعت له قدحا من القهوة - وعندما انصرفت زوجته هم هو الآخر بالانصراف خلفها حيث طلب منها أن تتقابل معه وقد أخبرته الزوجة بذلك كما أخبرته أنه تقابل معها في الطريق وطلب منها نفس الطلب فأخبرها بأن توافقه على ما يطلب للوقوف على قصده وأضاف أنه حضر لمسكنه أثناء تغيبه عن العمل واستعلم من زوجته عنه فأخبرته بذلك وأنه سوف يبيت بالخارج عند زوجته الثانية فطلب منها المتهم أن تسمح له بقضاء هذه الليلة بصحبتها فلم توافقه وعرضت الأمر عليه (يقصد الطاعن) وانتهى إلى القول أنه قد تم الاتفاق على أن يتوجه المتهم لزوجته ليلة الواقعة ومن أجل ذلك قام بإبلاغ الأمر للبوليس... وأنه بتاريخ 20/ 6/ 1957 أثبت الملازم محمد مسعود الهواري أنه توجه لمسكن المجني عليها حسب الموعد المتفق عليه وهناك كمن بغرفة نوم المجني عليها تحت منضدة وأضاف أن المتهم حضر واصطحبته المجني عليها إلى داخل الغرفة وسمع المتهم يوجه إليها علامات الاستحسان والهيام بها كما استعلم منها عما إذا كانت خلعت سروالها وتهيأ هو الآخر لارتكاب الفحشاء معها بأن خلع ملابسه وسرواله وعندما هم للإتجاه نحو المجني عليها خرج من مكمنه وضبط الواقعة" - واستند الحكم في براءة المطعون ضده إلى قوله "وحيث إنه لما كان الثابت من وقائع الدعوى أن ركن إنعدام رضاء المجني عليها غير متوافر ذلك أن الظاهر للمتهم هو أن المجني عليها راضية عن الواقعة فضلا عن أنها سمحت له برضائها الدخول لمسكنها والجلوس بصحبتها وتبادل الهيام بها والإمساك بها وفي هذا كله ما يكفي لإقناع المتهم برضاء المجني عليها ذلك أن العبرة بالنية الظاهرة أمام المتهم ولا يجوز مساءلته عما تنطوي نفس المجني عليها من نية لم يكن في وسع المتهم أن يستخلصها, هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن المحكمة تستخلص رضاء المجني عليها من قولها بمحضر جمع الاستدلالات أن زوجها قد لفق الواقعة للإيقاع بالمتهم, أي أنها كانت راضية عن الفعل الذي قام به المتهم وذلك حتى توقع به لكي يستفيد زوجها حسب الخطة التي كان يرمي إليها. وحيث أنه وقد ثبت مما تقدم أن ركنا من أركان الواقعة قد انتفى فإن الجريمة تكون قد فقدت ركنا من أركانها وتكون بالتالي الواقعة لا عقاب عليها ويتعين إلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم عملا بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات. وحيث إنه عن الدعوى المدنية فلا أساس لها ويتعين بالتالي رفضها مع إلزام المدعي المدني بالمصروفات المدنية عملا بالمادة 320 إجراءات جنائية". لما كان ذلك, وكانت المادة 420 من قانون الإجراءات الجنائية صريحة في أن طعن المدعي بالحقوق المدنية قاصر على حقوقه المدنية - فإنه لا يكون له صفة في الطعن على الحكم بأوجه متعلقة بالدعوى الجنائية إلا إذا كانت التعويضات المطلوبة تزيد على النصاب الذي يحكم فيه القاضي الجزئي نهائيا - وانطوى العيب الذي شاب الحكم على مساس بالدعوى المدنية - ولما كان استئناف المتهم للحكم الصادر في الدعوى المدنية قد بنى على أن التعويضات المطلوبة تزيد عن النصاب الذي يحكم فيه القاضي الجزئي نهائيا (51 جنيها) فإن الطاعن لا تكون له صفة فيما يثيره في طعنه بشأن عدم جواز استئناف الحكم الصادر في الدعوى الجنائية - ومع ذلك فإنه يشترط لتوافر جريمة الفعل الفاضح غير العلني المنصوص عليها في المادة 279 من قانون العقوبات أن تتم بغير رضاء المجني عليها - حماية لشعورها وصيانة لكرامتها مما قد يقع على جسمها أو بحضورها من أمور مخلة بالحياء على الرغم منها - لما كان ذلك وكانت مسألة رضاء المجني عليها أو عدم رضائها مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع فصلا نهائيا وليس لمحكمة النقض بعد ذلك حق مراقبتها في هذا الشأن طالما أن الأدلة والاعتبارات التي ذكرتها من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم - وكان ما أثبته الحكم من وقائع وإقرارات ينطوي على رضاء المجني عليها بجميع مظاهره وكامل معالمه, فما قاله الحكم في شأن الدعويين الجنائية والمدنية في محله, والطعن برمته لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.