مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثانى (من أول مارس سنة 2001 إلى آخر يونيه سنة 2001) - صـ 1075

(128)
جلسة 18 من مارس سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أحمد الحسينى مسلم - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: أحمد إبراهيم عبد العزيز تاج الدين، وممدوح حسن يوسف محمود، وأحمد عبد الحليم أحمد صقر، وأحمد محمد حامد محمد حامد - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 425 لسنة 42 القضائية

- دعوى - الحكم فى الدعوى - مسودة الحكم التوقيعات المدونة على ورقة الجلسة تعتبر مكملة لمسودة الحكم متى تضمنت منطوقه.
- إذا تضمنت ورقة الجلسة منطوق الحكم ووقع على هذه الورقة جميع القضاة الذين أصدروا الحكم كان الحكم سليماً - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الأحد الموافق 19/ 11/ 1995 أودع الأستاذ/ ........ المحامى الوكيل عن الطاعن - قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراًَ بالطعن قيد برقم 425 لسنة 42 ق. ع وذلك فى القرار الصادر من مجلس تأديب أعضاء هيئة البحوث فى الدعوى التأديبية رقم 8 لسنة 5 ق بجلسة 28/ 9/ 1995 والقاضى فى منطوقه بمجازاة الدكتور/ ....... (الطاعن) باللوم مع تأخير تعيينه فى الوظيفة الأعلى لمدة سنتين، وطلب الطاعن وللأسباب المبينة تفصيلاً بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع ببطلان القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار واحتياطياً إلغاء القرار المطعون فيه.
وقد جرى إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق كما أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
نظرت دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة الطعن بجلسة 12/ 10/ 1999 والجلسات التالية وقررت بجلسة 28/ 3/ 2000 إحالة الطعن إلى الدائرة الخامسة عليا موضوع لنظره بجلسة 28/ 5/ 2000 ونظرت هذه المحكمة الطعن بتلك الجلسة وما تلاها من جلسات إلى أن قررت إصدار الحكم بجلسة 5/ 11/ 2000 غير أنه تقرر تأجيل النطق بالحكم لجلسة اليوم حيث صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن قد تم تقديمه فى المواعيد القانونية واستوفى أوضاعه الشكلية الأخرى ومن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن وقائع المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق فى أن رئيس المركز القومى للبحوث أصدر بتاريخ 9/ 7/ 1994 القرار رقم 278 بإحالة الدكتور/ .......... الباحث المساعد بقسم الكمياء الضوئية بالمركز القومى للبحوث إلى مجلس تأديب أعضاء هيئة البحوث لمساءلته تأديبياً عما نسب إليه من أنه خلال عام 1992 خرج على مقتضى الواجب الوظيفى بأن تقدم للترقية إلى وظيفة أستاذ باحث بقسم الكيمياء الضوئية بإنتاج علمى متضمناً البحث رقم (27) الذى احتوى على النقل من بحث منشور لآخرين دون الإشارة إليهم على النحو الوارد تفصيلاً بالأوراق، وقد تم قيد الموضوع بالدعوى التأديبية رقم 5/ 4 ق وتدول مجلس التأديب بالمركز القومى للبحوث نظرها على النحو المبين بمحاضر الجلسات إلى أن أصدر قراره المطعون فيه بمجازاة الطاعن باللوم مع تأخير تعيينه فى الوظيفة الأعلى لمدة سنتين واستند فيما انتهى إليه إلى ثبوت المخالفة فى حقه من واقع الأوراق والتحقيقات وما جاء بتقرير اللجنة التى شكلت من الدكتور/ ......... والدكتورة/ .......... والدكتور/ ........... للمقارنة بين بحث المتهم رقم 27 محل التحقيق وبين بحث الدكتور/ .......... المنشور عام 1985 والتى انتهت إلى أن المحتوى العلمى للبحث رقم (27) لا يختلف عما جاء ببحث الدكتور/ ......... المنشور عام 1985 ومن اعتراف المتهم أمام المجلس من حصوله على موضوع البحث من أستاذة بالدانمارك إلا أنه لم يشترك فى إجراء التجارب الخاصة بهذا البحث واحتفظ به لدى عودته للقاهرة ولم يتقدم به لنيل درجة أستاذ باحث مساعد بالمركز القومى للبحوث إذ أن البحوث التى تقدم بها فى ذلك الوقت كانت تكفى لنيل درجة أستاذ مساعد بالمركز ولذلك احتفظ بذلك البحث وتقدم به لدرجة أستاذ باحث بالمركز القومى كذلك فقد ثبتت المخالفة من اعترافه أمام المحقق من سفره إلى الدانمارك واتفاقه مع الدكتور/ ........ بقيام الطاعن بعمل بحث يستفيد منه دانماركى مقابل سماح الدكتور/ ...... له بالإشارة إلى بعض النتائج العلمية التى توصل إليها فى بحث ينشر استقلالاً باسم المتهم على سبيل التعويض له عن البحث الذى قدمه المتهم للباحث الدانماركى وأن التجارب التى أشار إليها فى بحثه مختلفة عن تلك المتضمنة فى البحث المنشور عام 1985 بواسطة باحثين آخرين، وأيضاً فقد اعترف المتهم أمام مجلس التأديب بأن البحث الذى حصل عليه من الدكتور/ ....... والذي أشترك المتهم معه في إجرائه بنسبة ثلاثة أرباع التجارب الخاصة به - هذا البحث قام بنشره عام 1989 باسمه الشخص دون أن يعلم أن الدكتور/ ........ سبق له أن نشره عام 1985 باسمه وباسم د./ ........ وآخرين وفضلاً عما تقدم فقد عجز المتهم عن تقديم الدليل المادى أو المنحنيات والكشاكيل العملية التى تدل على إجرائه أية تجربة خاصة بالبحث رقم (27) محل التحقيق.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل مخالفة القرار المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه والقصور فى التسبيب للأسباب الآتية:
أولاً: صدور القرار المطعون فيه مجهلاً من أسماء أعضاء مجلس التأديب الذين أصدروه ومن تاريخ صدوره وبالتالى فقد وقع باطلاً طبقاً لحكم المادة (178) من قانون المرافعات وما استقر عليه قضاء محكمة النقض.
ثانياً: الغلو فى تقدير الجزاء ذلك أن البين من الإجراءات المتلاحقة بشأن الطلب المقدم من الطاعن فى 3/ 4/ 1992 بإنتاجه العلمى للترقية لشغل وظيفة أستاذ باحث أن الطاعن قد تأخر فى الترقية لتلك الوظيفة حوالى ثلاث سنوات ونصف دونما ذنب جناه فإذا ما ذهب قرار مجلس التأديب إلى مجازاة الطاعن باللوم مع تأخير تعيينه فى الوظيفة الأعلى لمدة سنتين فإن مؤدى ذلك أن يكون قد مضى عليه ما يزيد على خمس سنوات ونصف من تاريخ تقديمه بإنتاجه العلمى وهو ما يتناقض مع العدالة المجردة.
ثالثاً: الخطأ فى تطبيق القانون ذلك أن الفصل فى الموضوع كان يتعين أن يكون للجنة العلمية الدائمة المختصة طبقاً لقانون تنظيم الجامعات وهو مالم تلجأ إليه جهة الإدارة التى حجبت إنتاج الطاعن العلمى ولم تعرضه على هذه اللجنة اكتفاء بإحالة الطاعن إلى مجلس التأديب والذى سايرها فيما انتهت إليه رغم أنه ليس هيئة علمية مختصصة حتى يستطيع أن يقرر ما إذا كان هناك نقل فيما يختص بالبحث محل التحقيق من عدمه.
رابعاً: القصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع فقد إختلفت الآراء العلمية لكبار الأساتذة العلميين بالمركز فى تقييم البحث المقدم من الطاعن وأخذ مجلس التأديب ببعض هذا الأقوال وأثبت التهمة فى حق الطاعن دون تفنيد أو تمحيص على الرغم من أنه ليس هيئة علمية متخصصة، فضلاً عن أن الطاعن قد دفع إلى كتابة إقرار يعترف فيه بخطئة وهو مكره تحت ضغط نفسى كبير إضافة إلى أن مجلس التأديب التفت عن الأخذ بدفاع الطاعن الذى أبداه فى مذكراته والتى تتضمن دفوعاً جوهرية ودون أن يفندها أو يرد عليها.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول من الطعن فإن المادة (191) من قانون المرافعات المدنية والتجارية تنص على أن " تتولى المحكمة تصحيح ما يقع فى حكمها من أخطاء مادية بحتة كتابية أو حسابية وذلك بقرار تصدره من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم من غير مرافعة ويجرى كاتب المحكمة هذا التصحيح على نسخة الحكم الأصلية ويوقعه هو ورئيس الجلسة " ومفاد ذلك أن تصحيح الخطأ المادى فى نسخة الحكم الأصلية تتولاه المحكمة التى أصدرت هذا الحكم إما من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم، وإنه وإن كان الثابت من مطالعة صدر النسخة الأصلية لقرار مجلس التأديب المطعون عليه خلوه من بيان أسماء أعضاء مجلس التأديب الذى أصدره فإن البين إجراء محضر تصحيح خطأ مادى بظهر الصفحة الأخيرة من القرار الطعين متضمناً أسماء تشكيل أعضاء المجلس وموقعاً عليه من رئيس وسكرتير مجلس التأديب وبالتالى فإن إغفال الإشارة إلى أسماء أعضاء مجلس التأديب بالقرار الطعين لا يعدو مجرد الخطأ المادى الذى تم تصحيحه وفقاً لحكم القانون وبالإجراءات المقررة قانوناً. أما فيما يتعلق بإغفال بيان تاريخ صدور قرار مجلس التأديب فإن المستقر عليه فى قضاء المحكمة الإدارية العليا إن ورقة الجلسة تعتبر مكملة لمسودة الحكم الحكم متى تضمنت منطوقه وإنه إذا ما وقع هذه الورقة جميع القضاة الذين أصدروا الحكم كان الحكم سليماً لا مطعن عليه، ومتى كان الثابت أن من محاضر مجلس التأديب اجتماع مجلس التأديب بجلسة 28/ 9/ 1995 وأثبت فيها مضمون قراره الطعين وحضور الطاعن لتلك الجلسة فمن ثم فإن محضر الجلسة الأخيرة يعد مكملاً للحكم ويتحقق بذلك الغاية من الإجراء بما تضمنه المحضر المذكور بتاريخ إصدار القرار الطعين بما يضحى معه هذا الوجه من الطعن غير قائم على سنده القانونى السليم متعين الرفض.
ومن حيث إنه فيما نعاه الطاعن من عدم عرض البحث موضوع الاتهام المسند إليه على اللجنة العلمية الدائمة المتخصصة طبقاً لقانون تنظيم الجامعات فهو قول غير سديد ذلك أن اختصاص اللجان العلمية الدائمة طبقاً للمادة (73) من قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 يتعلق بفحص الإنتاج العلمى للمتقدمين لشغل وظائف الأساتذة المساعدين أو للحصول على ألقابها العلمية وطبقاً للتقرير المقدم منها لتقييم ذلك الإنتاج وما إذا كان يؤهلهم لشغل الوظيفة أو اللقب وهو ما يختلف كلية عن الاتهام المعروض على مجلس التأديب والمسند إلى الطاعن من إختلاله بواجبات وظيفته كعضو بهيئة التدريس وعدم إلتزامه بما تفرضه عليه هذه الوظيفة من أمانة علمية بشأن البحث المشار إليه والمسلم به ان القضاء التأديبى غير ملزم بطرق معينة للإثبات فهو الذى يحدد طرق الإثبات التى يتبعها وأدلته وفقاً لظروف كل دعوى وله أن يستند إلى ما يرى أهميته ويبنى عليه اقتناعه ويهدر ما يرى التشكك فى أمره ويطرحه ومن ثم فإن استناد مجلس التأديب فى إدانته إلى تقرير اللجنة العلمية المشكلة بالمركز القومى للبحوث لفحص البحث رقم 27 محل الاتهام ومقارنته بالبحث السابق نشره باسم الدكتور/ ......... وآخرين قد قام على صحيح حكم القانون بما لا مطعن عليه بشأن تقييم الإنتاج العلمى من عدمه.
ومن حيث إنه عن النعى على القرار الطعين من القصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع لاختلاف الآراء العلمية لكبار الأساتذة العلميين بالمركز فى تقييم البحث المقدم من الطاعن فإن الثابت قيام الاتهام المسند إلى الطاعن على وجه القطع واليقين طبقاً للأسباب التى استند إليها القرار المطعون فيه والتى تأخذ بها هذه المحكمة ودون أن ينال من ذلك ما قرره الدكتور/ ........ رئيس اللجنة التى شكلت بالمركز لفحص البحث رقم 27 ومقارنته بالبحث المنشور عام 1985 أمام مجلس التأديب من تشابه البحثين فى الأفكار العلمية والنتائج برغم اختلاف طريقة العرض واستخدام الطاعن لأحد المواد التى لم يستخدمها الدكتور/ .......... وزمن التفاعل فى كلا البحثين بين (9) أيام فى بحث الدكتور/ ........، (9) ساعات فى البحث المقدم من الطاعن، إذ أن ما قرره فى هذا الشأن لا يفيد التضارب مع أقوال الأساتذة العلميين الذين سئلوا بالتحقيق وأمام مجلس التأديب خاصة على ضوء ما قرره المذكور أمام المجلس بأنه طالما كانت ذات المواد المستخدمة ذات النتائج واحدة فى التحقيق فلابد أن يكون زمن التفاعل فى كل منهما واحد وقد أقر الطاعن أمام المجلس بأن ما ورد ببحثه من أن زمن التفاعل تسع ساعات ليس إلا مجرد خطأ مادى والمرجع أن يكون تسعة أيام، كذلك فلا ينال من إدانة الطاعن ما تمسك به من تعرضه لإكراه دفعه إلى الاعتراف بخطئة وذلك لعدم تقديمه الدليل على حدوث الإكراه المشار إليه ومن الذى قام به والغرض الذى يهدف إليه ومن ثم لا يخلو ذلك الدفاع من قول مرسل لا دليل عليه.
ومن حيث إنه فيما نعاه الطاعن من الغلو فى تقدير الجزاء فإن البين من الأوراق أن المخالفة المسندة إلى الطاعن والتى ثبتت فى حقه على النحو السالف تمثل إخلالاً جسيماً بواجباته الوظيفية وتنال من كرامة الوظيفة والأمانة العلمية التى يجب أن يحرص عليها ومن ثم فقد جاء الجزاء المطعون عليه متناسباً مع خطورة الذنب المرتكب دونما غلو أو إسراف فى تقدير الجزاء.
ومن حيث إنه وفقاً لما تقدم جميعه فإن الطعن يفتقر إلى سنده القانونى السليم ويتعين من ثم الحكم برفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.