أحكام النقض - المكتب الفني- جنائى
العدد الثالث - السنة 10 - صـ 839

جلسة 2 من نوفمبر سنة 1959

برياسة السيد محمود ابراهيم اسماعيل المستشار, وبحضور السادة: أحمد زكي كامل, والسيد أحمد عفيفي, ومحمد عطيه اسماعيل, وعادل يونس المستشارين.

(179)
الطعن رقم 739 لسنة 29 القضائية

(أ) إثبات.
شهادة. ما لا يعيب تسبيب الحكم في خصوصها.
الإحالة في إيراد أقوال أحد الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر عند اتفاق أقوالهما فيما استند إليه منها.
(ب) استدلال. محكمة الموضوع.
تلبس. تحديد الفترة التي تنقضي بها هذه الحالة.
تحديد هذه الفترة أمر موضوعي بشرط الاستناد إلى ما له أصل في الأوراق ولأسباب مؤدية.
1 - لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال أحد الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهما متفقة فيها استند إليه الحكم منها.
2 - تقدير الظروف المحيطة بالجريمة والمدة التي مضت من وقت وقوعها إلى وقت اكتشافها للفصل فيما إذا كانت الجريمة متلبسا بها أو غير متلبس بها موكول إلى محكمة الموضوع ولا معقب عليها في خصوصه, ما دامت الأسباب التي استندت إليها لها أصولها في الأوراق وتؤدي قانونا إلى النتيجة التي انتهت إليها.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة كلا من: 1 - محمود حسن أحمد (الطاعن) و2 - شعيب عبد السميع محمود بأنهما: المتهم الأول - أحرز السلاح الناري المبين بالمحضر (بندقية مششخنة) بدون ترخيص - المتهم الثاني - حاز البندقية سالفة الذكر بدون ترخيص. وطلبت النيابة العامة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمواد 1 و26/ 2 و30 من القانون رقم 394 سنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 سنة 1954 والجدول 3 الملحق والقسم الأول ب, فقررت بذلك, ومحكمة جنايات قنا قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام والمادة 17 من قانون العقوبات - بمعاقبة كل من المتهمين بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة والمصادرة.
فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الوجه الأول هو القصور في البيان, ذلك أن الحكم المطعون فيه أورد مؤدي شهادة معاون المباحث شفيق حسن, وحين عرض لأقوال الضابط على صلاح خليفه - والمخبرين أحمد عبد العاطي حسن ونور الدين يوسف قال إنهم شهدوا بمضمون شهادة الشاهد السابق دون أن يبين مؤدي شهادتهم حتى تستطيع محكمة النقض أن تعمل رقابتها على الحكم. هذا فضلا عن اختلاف أقوال المخبر نور الدين يوسف في التحقيقات عن أقوال معاون المباحث, إذ ذكر المخبر المذكور أنه لم يتبين هو ومن كان معه من أفراد القوة أشخاص المتهمين ولم يشاهدوا معهما أسلحة وأنه عند اقتراب المركب من المكان الذي كانت تكمن فيه القوة كان إطلاق الأعيرة ما يزال مستمرا مما ينبئ بسبب عودة المركب إلى جزيرة الفيل, وقال المخبر المذكور أنه لا يعرف كيف عثر رجال القوة على الأسلحة المضبوطة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به جميع العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال معاون المباحث والضابط والمخبرين ومما جاء بالمعاينة وتقرير فحص السلاح ومن اعتراف المتهم الثاني بالتحقيقات وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي خلص إليها - لما كان ذلك, وكان الحكم بعد أن أورد أقوال معاون المباحث الشاهد الأول قد عقب عليها بما يأتي "وشهد الضابط على صلاح خليفه بالتحقيقات بمضمون أقوال الشاهد السابق وشهد المخبران أحمد عبد العاطي حسانين ونور الدين يوسف بالتحقيقات وبالجلسة بمضمون أقوال الشاهد الأول" - لما كان ذلك, وكان لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال أحد الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهما متفقة فيما استند إليه الحكم منها, لما كان ذلك, وكان يبين من الاطلاع على أقوال المخبر نور الدين يوسف بالجلسة أنه شهد برؤيته الطاعن وآخر في مركب وكان كل منهما يحمل سلاحا, وأضاف أنه يعرف الطاعن من قبل, ومن ثم يكون الحكم إذ عوّل على شهادة هذا الشاهد في إدانة الطاعن قد استند إلى ما له أصل في التحقيق النهائي الذي باشرته المحكمة, وبالتالي يكون الإدعاء بقيام خلاف بين شهادته وشهادة الشاهد الأول في غير محله.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني هو الخطأ في تأويل القانون, ذلك أن الحكم أخطأ الرد على ما دفع به الطاعن من بطلان القبض تأسيسا على انعدام حالة التلبس لمضي وقت طويل بين مشاهدة رجال القوة الطاعن والمتهم الآخر يحملان الأسلحة - بفرض صحته - وبين حصول القبض فعلا, ولتعذر رؤية المتهمين والسلاح على مسافة 150متر, يؤيد ذلك أنهم لم يشاهدوا السلاح معهما عند اقتراب الضارب من الشاطئ, ولأن الطاعن خفير نظامي يحمل السلاح بحكم عمله.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد تعرض لما جاء بهذا الوجه ورد عليه في قوله "إن الدفع ببطلان القبض غير مستساغ, ذلك لأن المتهمين شوهدا في حالة تلبس بجريمة إحراز السلاح وهما بالمركب عند نزولهما بجزيرة الفيل الأمر الذي يبيح لرجال الضبطية القضائية القبض عليهما دون إذن من جهة الاختصاص" ولما كان تقدير الظروف المحيطة بالجريمة والمدة التي مضت من وقت وقوعها إلى وقت اكتشافها للفصل فيما إذا كانت الجريمة متلبسا بها أو غير متلبس بها موكول إلى محكمة الموضوع ولا معقب عليها في خصوصه ما دامت الأسباب التي استند إليها لها أصولها في الأوراق وتؤدي قانونا إلى النتيجة التي انتهت إليها لما كان ذلك, فإن ما جاء بهذا الوجه لا يكون مقبولا.
وحيث إن محصل الوجه الثالث هو الفساد في الاستدلال, فقد دفع الطاعن بأن التهمة ملفقة عليه من معاون المباحث لما بينهما من خصومة بسبب شكوى سبق أن قدمها ضده بأنه اعتدى عليه بالضرب, وعلى الرغم من تسليم الحكم بقيام هذه الخصومة فقد رد على هذا الدفاع ردا يتجافى مع المنطق اعتمد فيه على أن تلك الشكوى حفظتها النيابة في حين أن تسليم الحكم بتقديم الشكوى ضد المعاون وإجراء تحقيق فيها, فإن حفظها لإنتفاء وقوع الإعتداء ولثبوت أنها كيدية يكون حافزا للمعاون على الانتقام من الطاعن بسبب هذا الاتهام المبنى على الكذب. هذا فضلا عن أن المخبر نور الدين لم يؤيد شهادة المعاون كما سبق القول.
وحيث إن الحكم رد على ما أثاره الطاعن في هذا الوجه فقال "وحيث إن ما دفع الاتهام من أن التهمة ملفقة على المتهم الأول (الطاعن) مردود عليه بما يلي: أولا - أنه لم يثبت أن معاون المباحث قد اعتدى في الحادث السابق على المتهم الأول (الطاعن) وأن الشكوى الخاصة بذلك قد حفظت بإقرار الدفاع عن المتهم المذكور المؤيد بما قرره الشاهد الأول من أن تلك الشكوى حفظت. ثانيا - أن الاتهام في الدعوى الموجهة للمتهم الأول لم يكن الدليل القائم عليه هو أقوال الشاهد الأول وحده وإنما شهد ضد المتهم بإحرازه السلاح باقي شهود الإثبات ولم يجرح المتهم الأول أقوالهم فيما شهدوا به عليه. ثالثا - أن المتهم الثاني وهو من عائلة المتهم الأول قد اعترف اعترافا صريحا بأنه والمتهم الأول (الطاعن) قد حازا السلاح ووضعاه بالمركب ثم نقلاه سويا وأخفياه بزراعة قصب بجزيرة الفيل, ولم يعترض المتهم الأول (الطاعن) على ذلك الاعتراف المؤيد لثبوت التهمة قبل المتهم الأول". ولما كان ما أورده الحكم في هذا الرد يفيد أن المحكمة قد اطمأنت إلى صحة أقوال معاون المباحث وأنها رأت أن ليس من شأن هذه الأقوال أن تؤدي إلى البراءة أو تنفي القوة التدليلية للأدلة الأخرى القائمة في الدعوى, ومن ثم يكون ما جاء بهذا الوجه غير سديد.
وحيث إنه لذلك يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.