مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثانى (من أول مارس سنة 2001 إلى آخر يونيه سنة 2001) - صـ 1083

(129)
جلسة 18 من مارس سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عادل محمود ذكى فرغلى - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: على فكرى حسن صالح، وأسامة محمود عبد العزيز محرم، وأحمد محمد حامد محمد، وعبد المنعم أحمد عامر - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 2429 لسنة 42 القضائية

تأمينات - إلتزام المؤمن عليه بسداد الإشتراكات المستحقة عليه عن مدة الإعارة أو الأجازة - غرامة التأخير - مناط الإعفاء من الغرامة.
المادة الخامسة من قرار وزير التأمينات الاجتماعية رقم 104 لسنة 1985 والقرار رقم 15 لسنة 1990.
المستفاد من القرار رقم 15 لسنة 1990 والمتضمن منح مهلة إضافية للإعفاء من الغرامة بواقع 50% - أنه حدد المخاطبين بأحكامه بأنهم جميع المؤمن عليهم الذين يسددون الإشتراكات حتى موعد ينتهى فى 30/ 6/ 1991 - مؤدى ذلك - أنه يسرى بطبيعته على جميع المراكز القانونية للمؤمن عليهم الذين قاموا أو يقومون بالسداد حتى 30/ 6/ 1991 - آية ذلك - لو قصد مصدر القرار قصره على العاملين الذين لم يقوموا بالسداد حتى تاريخ صدوره تشجيعاً لهم على الإقدام على السداد لكان ذلك أمراً ميسراً إذ يكفى أن ينص صراحة على سريان القرار فى شأن المؤمن عليهم الذين لم يقوموا بالسداد - إلا أنه نص صراحة على أن حكم الإعفاء يسرى فى شأن المؤمن عليه الذى يؤدى الاشتراكات المستحقة عليه...... فى ميعاد ينتهى فى 30/ 6/ 1991 - مقتضى ذلك - أن القرار فيما تضمنه من أحكام الإعفاء يسرى على جيمع العاملين الذين سددوا إشتراكاتهم بطريقة متميزة أو منتظمة حتى ذلك التاريخ والذى يبدأ بفواته سريان أحكام الغرامة والقول بغير هذا التفسير فضلاً عن أنه لا يتفق وصراحة النص أو دلالته - فإنه يهدر مبدأ المساواة بين العاملين ويشجعهم على عدم الإلتزام بأحكام القانون ويجعل المتراخى عن تنفيذه فى وضع أفضل ممن يسعى إلى الإلتزام به - الأمر الذى يجب أن تتنزه عنه القواعد القانونية فى شتى مجالاتها وعلى إختلاف درجاتها - تطبيق.


إجراءات الطعن:

فى يوم الخميس الموافق 29/ 2/ 1996 أودعت الأستاذة/ ......... المحامية بصفتها وكيلا عن الطاعنة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن قيد برقم 2429 لسنة 42 ق. ع فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى (دائرة التسويات والجزاءات) فى الدعوى رقم 5442/ 46 ق بجلسة 1/ 1/ 96 فيما قضى به إلزام المدعى عليها الثانية بأن تؤدى للمدعى المبلغ المدفوع منه بواقع 50% من قيمة الإشتراكات المستحقة عليه على أن يتم الرد بالعملة المصرية مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وطلبت الطاعنة فى ختام تقرير الطعن الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه.
وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى إرتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
ونظر الطعن أمام الدائرة الثانية (فحص طعون) التى قررت بجلسة 22/ 5/ 2000 إحالته إلى الدائرة الثانية (موضوع) وحددت لنظره أمامها جلسة 17/ 6/ 2000 وتدوول أمامها على النحو المثبت بمحاضر الجلسات إلى أن قررت إحالته إلى هذه الدائرة للاختصاص وتدوول أمامها إلى أن قررت بجلسة 14/ 1/ 2001 إصدار الحكم بجلسة اليوم وبها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن إستوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص فى أن المدعى (المطعون ضده) أقام الدعوى رقم 150/ 91 ق عمال جنوب القاهرة الابتدائية بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة جنوب القاهرة الإبتدائية بتاريخ 5/ 2/ 91 طالباً فى ختامها الحكم بإلزام كل من وزيرة التأمينات الإجتماعية بصفتها ورئيس الهيئة القومية للتأمين والمعاشات بصفته بأن يؤديا له مبلغاً مقداره 734 دولاراً أو ما يعادله بالجنيه المصرى قيمة غرامة التأخير بواقع 50% المدفوعة بتاريخ 21/ 10/ 89 وقال شرحا لدعواه أنه يعمل ضابط شرطة وقد أعير للعمل بالمكتب الاقليمى لمنطقة الخليج التابع لهيئة الأمم المتحدة لمدة أربع سنوات وخمسة أشهر عاد بعدها إلى العمل بتاريخ 1/ 1/ 89 بعد أن قام بسداد كامل مبلغ التأمين والمعاش المستحق عن فترة الإعارة جملة واحدة وبالعملة الأجنبية غير أن الهيئة القومية للتأمين والمعاشات طالبته بعد ذلك بسداد غرامة تأخير بواقع 50% بالعملة الأجنبية حيث قام بسداد مبلغ 734 دولاراً أمريكياً بتاريخ 21/ 10/ 89 وبتاريخ 11/ 3/ 90 صدر قرار وزارى برقم 15/ 90 يعطيه الحق فى سدده من غرامة تأخير غير أن الهيئة المدعى عليها رفضت ذلك رغم مطالبتها أكثر من مرة فأقام دعواه للحكم له بطلباته سالفة البيان، وبجلسة 27/ 1/ 92 قضت المحكمة بعدم إختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى ووردت الدعوى إلى المحكمة الأخيرة وقيدت تحت رقم 5442/ 46 ق وبجلسة 1/ 1/ 96 أصدرت حكمها بعدم قبول الدعوى شكلاً بالنسبة للمدعى عليها الأولى وبقبولها شكلاً وبإلزام المدعى عليها الثانى بأن تؤدى للمدعى المدفوع منه بواقع50% من قيمة الإشتراكات والأقساط المستحقة عليه على أن يتم الرد بالعملة المصرية مع ما يترتب على ذلك من آثار، وشيدت المحكمة قضاءها على أن المدعى قدم تظلما للهيئة المدعى عليها مطالباً بالمبلغ محل الدعوى وفقاً لحكم المادة 157 من القانون رقم 79/ 75 وإذ لم تجبه الهيئة إلى طلبه فقد أقام دعواه للحكم له بطلباته وأضافت المحكمة أن المدعى قام بسداد غرامة التأخير المشار إليها بتاريخ 21/ 10/ 89 بالعملة الأجنبية ومن ثم فإنه يحق له استرداد مبلغ الغرامة إعمالاً لحكم القرار الوزارى رقم 15/ 90 وذلك بالعملة المصرية والإكتفاء بتحصيل قيمة الإشتراكات والأقساط وكذا بنسبة 1% منها عملاً بالقرار رقم 104/ 1985.
وإذ لم يصادف الحكم المطعون فيه قبول الهيئة الطاعنة فقد أقامت طعنها الماثل ناعية على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون ذلك أن المطعون ضده أقام دعواه دون التقدم بطلب إلى لجنة فحص المنازعات المشكلة طبقاً للمادة 157 من القانون 79/ 75 كما أن الهيئة ألزمت المطعون ضده بسداد المبالغ الإضافية المشار إليها فى المادة 5 من القرار الوزارى رقم 104/ 85 بواقع 1% و 50% من رصيد الإشتراكات بالعملة الأجنبية وهى مبالغ لا يجوز ردها وفقاً للقرار الوزارى رقم 15/ 90 والذى ينطبق فقط على السداد الذى تم بالتقسيط من أجر المؤمن عليه بالعملة المصرية ومن ثم فإنه لا يجوز رد ما سبق سداده من مبالغ إضافية بالعملة الأجنبية بالإضافة إلى أن القرار الوزارى رقم 15/ 90 يعمل به من تاريخ صدوره فى 11/ 3/ 90 وبالتالى فإنه لا يجوز تطبيقه على حالة المطعون ضده الذى قام بسداد غرامة التأخير المستحقة عليه بالعملة الأجنبية فى ظل أحكام القرار الوزارى رقم 104/ 1985.
ومن حيث إن المادة الخامسة من قرار وزيرة التأمينات الإجتماعية رقم 104/ 85 تنص على أن " يلتزم المؤمن عليه بأداء الإشتراكات والأقساط المستحقة عليه عن مدة الإعارة أو الأجازة فى المواعيد الدورية المحددة لأداء الاشتراكات عن الأجر الأساسى بافتراض عدم قيامه بالإعارة أو الأجازة.
ويلتزم المؤمن عليه فى حالة تأخره فى السداد بأداء المبالغ الاضافية الآتية:
أ - 1% شهرياً من مجموع الإشتراكات والأقساط المستحقة عليه وذلك عن المدة من تاريخ وجوب الأداء حتى نهاية شهر السداد.
ب - 50% من رصيد الاشتراكات التى لم يؤدها خلال سنة الإعارة أو الإجازة ......" ثم صدر قرار وزيرة التأمينات الإجتماعية رقم 15/ 90 بتاريخ 11/ 3/ 90 بمنح مهلة للإعفاء من المبلغ الإضافى المحدد بواقع 50% ونص على ماته الأولى على أنه " لا تسرى الأحكام الخاصة باستحقاق مبلغ إضافى بواقع 50% من الاشتراكات المستحقة عن مدد الإعارة الخارجية والأجازات الخاصة للعمل بالخارج المنصوص عليها فى القرار رقم 104/ 85 المشار إليه فى شأن المؤمن عليه الذى يؤدى الاشتراكات المستحقة عليه والمبالغ الإضافية بواقع 1% بالعملة الأجنبية فى ميعاد ينتهى فى 30/ 6/ 91 وفى هذه الحالة يرد إليه ما يكون قد تم سداده من أقساط مقابل الإشتراكات ومبالغها الإضافية بالعملة المصرية " ونصت المادة الثانية من هذا القرار على أن " ينشر هذا القرار فى الوقائع المصرية ويعمل به من تاريخ صدوره ".
ومن حيث إنه يبين من مطالعة النص المتقدم أن القرار رقم 15/ 90 والمتضمن منح مهلة إضافية للإعفاء من الغرامة بواقع 50% قد حدد المخاطبين بأحكامه بأنهم جميع المؤمن عليهم الذين يسددون الاشتراكات حتى موعد ينتهى فى 30/ 6/ 91 ومن ثم يسرى بطبيعة الحال على جميع المراكز القانونية للمؤمن عليهم الذين قاموا أو يقومون بالسداد حتى 30/ 6/ 91 ولو قصد مصدر القرار إلى قصره على العاملين الذين لم يقوموا بالسداد حتى تاريخ صدوره تشجيعا لهم على الإقدام على السداد لكان ذلك أمراً ميسراً إذ يكفى أن ينص صراحة على سريان القرار فى شأن المؤمن عليهم " الذين لم يقوموا بالسداد " إلا أنه نص صراحة على أن حكم الإعفاء يسرى فى شأن المؤمن عليه الذى يؤدى الاشتراكات المستحقة عليه...... فى ميعاد ينتهى فى 30/ 6/ 1991 " مقتضى ذلك أن القرار فيما تضمنه من أحكام الإعفاء يسرى على جيمع العاملين الذين سددوا اشتراكاتهم بطريقة متميزة أو منتظمة حتى ذلك التاريخ المشار إليه فى النص والذى تبدأ بفواته سريان أحكام الغرامة والقول بغير هذا التفسير فضلاً عن أنه لا يتفق وصراحة النص أو دلالته فإنه يهدر مبدأ المساواة بين العاملين ويشجعهم على عدم الإلتزام بأحكام القانون ويجعل المتراخى عن تنفيذه فى موقف أفضل ممن يسعى إلى الإلتزام به الأمر الذى يجب أن تتنزه عنه القواعد القانونية فى شتى مجالاتها وعلى إختلاف درجاتها.
وعلى هدى الأصول المتقدمة فإن القرار الوزارى رقم 15/ 90 الصادر بمنح مهلة للإعفاء من المبلغ الإضافى المحدد بواقع 50% فى حالة قيام المؤمن عليه بسداد الإشتراكات المستحقة عليه والمبالغ الإضافية بواقع 1% بالعملة الأجنبية فى ميعاد ينتهى فى 30/ 6/ 91 يكون قد أعفى جميع المؤمن عليهم الذين يقومون بالسداد حتى ذلك التاريخ من الغرامة المحددة بالقرار الأسبق، فإذا قام المؤمن عليه بالسداد على النحو المشار إليه وفى ميعاد المهلة المحددة فإنه يرد إليه ما يكون قد تم سداده من أقساط مقابل الإشتراكات ومبالغها الإضافية ويكون هذا الرد بالعملة المصرية.
ولما كان المطعون ضده قد أعير للعمل فى الخارج لمدة أربع سنوات وخمسة أشهر ثم عاد وتسلم عملة بتاريخ 1/ 1/ 89 بعد أن قام بسداد الاشتراكات والأقساط المستحقة عليه من فترة الإعارة على مبلغ إضافى بواقع 1% شهرياً ثم قام بتاريخ 21/ 10/ 89 بسداد مبلغ إضافى بواقع 50% بلغت قيمته 734 دولار أمريكياً وذلك بناء على مطالبة الهيئة الطاعنة ووفقاً لأحكام القرار الوزارى رقم 104/ 85 وبذلك يكون المطعون ضده قد قام بسداد الاشتراكات المستحقة عليه والمبالغ الاضافية بواقع 1% بالعملة الأجنبية قبل 30/ 6/ 91 الأمر الذى يتعين معه إعفاؤه من المبلغ الإضافى بنسبة 50% من رصيد الاشتراكات التى لم يؤدها خلال سنة الإعارة وذلك إعمالاً لأحكام القرار الوزارى رقم 15/ 90 المشار إليه وبذلك يحق له استرداد هذا المبلغ ولا يغير من ذلك ما ساقته الهيئة الطاعنة من أن المطعون ضده لم يسبق دعواه بالتقدم بطلب إلى لجنة فحص المنازعات المشكلة طبقاً للمادة 15 من قانون التأمين الاجتماعى رقم 79/ 75 إذ الثابت من الأوراق أن المطعون ضده تقدم بهذا الطلب قبل إقامة دعواه وقد أخطرته الهيئة بكتابها المؤرخ .........
ومن لا وجه لمسايرة الهيئة فيما ذهبت إليه فى تقدير طعنها من عدم إنطباق القرار الوزارى رقم 15/ 90 إلا على المؤمن عليه الذى يقوم بالسداد بالتقسيط بالعملة المحلية إذ أنه فضلا عن أن هذا القول يقيد من إطلاق النص دون سند فإنه ينطوى على إخلال بمبدأ المساواة بين ذوى المراكز القانونية المتماثلة وهو أمر غير جائز قانونا ومن ناحية أخرى فإن أحكام القرار الوزارى رقم 15/ 90 على حالة المطعون ضده لا ينطوى على تطبيق هذا القرار بأثر رجعى بمقولة أن المطعون ضده سبق أن سدد المبلغ الإضافى بنسبة 50% قبل العمل بالقرار المشار إليه ذلك أن هذا القرار صدر لمعالجة جميع الحالات من سدد منها ومن لم يسدد وذلك تشجيعاً لمن لم يسدد حتى يسارع بالسداد كما يسترد الذى قام بالسداد للمبالغ التى قام بسدادها على خلاف القرار وإلا كان العامل الملتزم أسوأ حالاً من العامل الممتنع عن تنفيذ القانون خلاف مبدأ المساواة بين العاملين الذى كفله الدستور ويكون القرار فى ذاته متضمنا النصوص التى تشجع على عصيانه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أخذ بهذا المذهب متفقاً بذلك مع التطبيق الصحيح لأحكام القانون ومن ثم فإن الطعن عليه يكون فى غير محله الأمر الذى يتعين معه القضاء برفضه.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.