أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثالث - السنة 10 - صـ 849

جلسة 3 من نوفمبر سنة 1959

برياسة السيد محمود ابراهيم اسماعيل المستشار, وبحضور السادة: أحمد زكي كامل, والسيد أحمد عفيفي, ومحمود حلمي خاطر, وعادل يونس المستشارين.

(181)
الطعن رقم 1086 لسنة 29 القضائية

دعوى مدنية. مباشرتها أمام القضاء الجنائي. تبعيتها للدعوى الجنائية. مستثنيات القاعدة.
وجوب الفصل في الدعوى المدنية رغم القضاء بالبراءة في الدعوى الجنائية. الم 309 أ. ج. مثال. في قتل خطأ.
الحكم بالتعويض غير مرتبط حتما بالحكم بالعقوبة في الدعوى الجنائية, إذ أن الشارع أوجب على المحكمة أن تفصل في الدعوى المدنية - فالفعل ولو لم يكن جريمة معاقبا عليها قانونا إلا أنه مع ذلك قد يكون جنحة أو شبه جنحة مدنية يصح لمن ناله ضرر منه أن يطالب بتعويضه - فإذا كانت الدعوى المدنية قد رفعت على وجهها الصحيح وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لأدلة الدعوى الجنائية واستظهر عدم توافر ركن الخطأ الذي تنتسب إليه وفاة المجني عليه, فإنه كان متعينا على المحكمة أن تفصل في الدعوى المدنية في الحكم الذي أصدرته, أما وقد قضت بعدم اختصاصها بنظر تلك الدعوى فإن حكمها يكون مخالفا للقانون ويتعين لذلك نقضه.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة محمد عبد الجواد علي. بأنه: تسبب من غير قصد ولا تعمد في قتل باشا ابراهيم عطيه وكان ذلك ناشئا عن إهماله وعدم احتياطه بأن قاد السيارة بطريقة ينجم عنها الخطر على حياة المارين ولم يستعمل آلة التنبيه فاصطدمت بالمجني عليه وأصابته بالإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أدت إلى وفاته, وطلبت عقابه بالمادة 238 من قانون العقوبات. وادعت بحق مدني حميده عوض شهدان عن نفسها وبصفتها وصية على نجلها محمد باشا ابراهيم عطيه باعتبارهما ورثة المرحوم باشا ابراهيم عطيه وطلبا أن يحكم لهما قبل المتهم ووزارة الحربية بصفتها مسئولة عن الحقوق المدنية متضامنين بمبلغ ألفي جنيه على سبيل التعويض, ومحكمة جنح الوايلي الجزئية قضت حضوريا - عملا بمادة الاتهام - أولا - بحبس المتهم سنة مع الشغل وكفالة 50 جنيه - وثانيا - بإلزام المتهم والمسئولة عن الحقوق المدنية بأن يدفعا للمدعين بالحقوق المدنية بصفتهما متضامنين مبلغ 500 جنيه, خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماه وألزمتهما بالمصاريف. فاستأنفت كل من المدعية بالحق المدني والمسئولة عن الحقوق المدنية هذا الحكم, ومحكمة مصر الابتدائية بهيئة استئنافية قضت غيابيا للمتهم وحضوريا للمسئولة عن الحقوق المدنية, وفي الدعوى المدنية, بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص محكمة الجنح بنظر هذه الدعوى وألزمت المدعية بالحق المدني المصاريف المدنية عن الدرجتين ومبلغ مائة قرش مقابل أتعاب المحاماة.
فقررت المدعية بالحقوق المدنية الطعن في الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن محصل وجه الطعن هو أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في القانون إذ قضى بعدم إختصاص المحكمة بنظر الدعوى المدنية خلافا لما تقضي به المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن أورد واقعة الدعوى انتهى إلى قوله "ولما كان الواضح من استعراض الوقائع المتقدمة أن المتهم فوجئ بالمجني عليه يعبر الطريق وأن محمود أبو العلا شهد بأن المجني عليه لم يلتفت ناحية اليسار - عند عبوره الطريق حتى يمكنه مشاهدة السيارة الآتية وأن الطبيب الشرعي أثبت في تقريره أن قوة الإبصار لدى المجني عليه ضعيفة إلى حد كبير - لما كان ذلك - فإنه يتعين القضاء بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به بالنسبة للدعوى المدنية وبعدم اختصاص محكمة الجنح بنظرها". ولما كانت المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية تنص في صراحة على أن كل حكم يصدر في موضوع الدعوى الجنائية يجب أن يفصل في التعويضات التي يطلبها المدعي بالحقوق المدنية أو المتهم وذلك ما لم تر المحكمة أن الفصل في هذه التعويضات يستلزم إجراء تحقيق خاص ينبني عليه إرجاء الفصل في الدعوى الجنائية فعندئذ تحيل المحكمة الدعوى إلى المحكمة المدنية بلا مصاريف - لما كان ذلك, وكانت الدعوى المدنية قد رفعت على وجهها الصحيح, وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لأدلة الدعوى الجنائية واستظهر عدم توافر ركن الخطأ الذي تنتسب إليه وفاة المجني عليه, وكان الحكم بالتعويض غير مرتبط حتما بالحكم بالعقوبة في الدعوى الجنائية إذ أن الشارع أوجب على المحكمة أن تفصل في الدعوى المدنية, فالفعل ولو لم يكن جريمة معاقبا عليها قانونا إلا أنه مع ذلك قد يكون جنحة أو شبه جنحة مدنية يصح لمن ناله ضرر منه أن يطالب بتعويضه - لما كان ذلك, فإنه كان متعينا على المحكمة أن تفصل في موضوع الدعوى المدنية في الحكم الذي أصدرته - أما وقد قضت بعدم اختصاصها بنظر تلك الدعوى فإن حكمها يكون مخالفا للقانون - ويتعين لذلك نقضه وإعادة القضية للفصل فيها مجددا من هيئة أخرى.