مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثانى (من أول مارس سنة 2001 إلى آخر يونيه سنة 2001) - صـ 1091

(130)
جلسة 18 من مارس سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أحمد الحسينى مسلم - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: أحمد إبراهيم عبد العزيز تاج الدين، وأحمد عبد الحليم أحمد صقر، محمد ماهر أبو العينين حسين، أحمد محمد حامد - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 4904 لسنة 42 القضائية

توجيه وتنظيم أعمال البناء - مخالفات البناء - وقف الأعمال المخالفة
(أ) قرار إيقاف الأعمال المخالفة هو قرار مستقل عن قرار التصحيح أو الإزالة وقائماً بذاته، إلا أنه إجراء من شأنه الاحتفاظ بالأمر الواقع وعدم السماح للمخالف بالتمادى فى المخالفة مما قد يتعذر معه تدارك آثارها وهو كإجراء تحفظى سلبى يستمر العمل به حتى صدور قرار الإزالة أو تصحيح الأعمال التى تم وقفها أى أن قرار الوقف ينتهى مفعوله بصدور قرار الإزالة صحيحاً كان أو باطلاً - تطبيق.
(ب) دعوى - الحكم فى الدعوى - القضاء الحائز قوة الأمر المقضى لا يجوز إثارته مرة أخرى
الحكم الحائز لقوة الأمر المقضى يمنع الخصوم من العودة إلى مناقشة المسألة التى فصل فيها هذا الحكم فى أى دعوى تالية تكون فيها هذه المسألة هى بذاتها الأساس فيما يدعيه أى من الطرفين قبل الآخر من حقوق مترتبة عليها - أساس ذلك: وحدة المسألة فى الدعويين بأن تكون هذه المسألة تناولها الطرفان فى الدعوى الأولى وتعرضت لها المحكمة فى الدعوى وحسمتها فى منطوق حكمها أو فى أسبابه المرتبطة به إرتباطاً وثيقاً فاستقرت حقيقتها بينهما بهذا الحكم، فإن هذا الحكم بعد إستنفاذ طرق الطعن فيه يحوز قوة الأمر المقضى فيه فى تلك المسألة بين الخصوم أنفسهم ويمنعهم عن إعادة المجادلة فيها فى أى دعوى تالية محلها أى حقوق متفرعة من هذه المسألة أو مترتبة عليها - تطبيق.


إجراءات الطعن:

فى يوم الأحد الموافق 22/ 6/ 1996 أودع الأستاذ/ ....... نائباً عن الأستاذ/ ....... المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل - فى الحكم المشار إليه بعاليه والذى قضى برفض الدعويين موضوعاً وإلزام المدعى المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن إحالته إلى دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا لتأمر بوقف الحكم والقرار المطعون فيه بصفة مستعجلة حتى يقضى فى موضوع الطعن وبإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بقبوله شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بالطلبات الواردة بصحيفتى الدعويين رقمى 1231، 1629 لسنة 12 ق مع إلزام المطعون ضدهم بصفاتهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهم بصفاتهم فى مواجهة هيئة قضايا الدولة على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبعدم قبول الدعوى رقم 1629 لسنة 12 ق لانتفاء المصلحة، وبعدم جواز نظر الدعوى رقم 1231 لسنة 12 ق لسابقة الفصل فيها وإلزام الطاعن والجهة الإدارية المصروفات مناصفة.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات وبجلسة 13/ 6/ 2000 قررت هذه الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الخامسة (موضوع) لنظره بجلسة 21/ 9/ 2000 والتى نظرته بهذه الجلسة والجلسات التالية لها وبجلسة 21/ 12/ 2000 قررت إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم، حيث أصدرت هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن قد إستوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانوناً فمن ثم فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث ان عناصر هذا النزاع، تتحصل حسبما يبين من الأوراق والمستندات فى إنه بتاريخ 17/ 1/ 1990 أقام المدعى (الطاعن) الدعوى رقم 1231 لسنة 12 ق وذلك بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة ضد المدعى عليهم (المطعون ضدهم) بصفاتهم وطلب فى ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار محافظ الدقهلية الصادر بإزالة الحائط المقام بالشقة الكائنة بالدور الثانى بعقاره الكائن بشارع الجمهورية ببلقاس والذى قسم الشقة إلى شقتين مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وبتاريخ 25/ 2/ 1990 أقام الطاعن الدعوى رقم 1629 لسنة 12 ق وذلك بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة ضد المطعون ضدهما الأول والثانى بصفتيهما وطلب فى ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 56 لسنة 1990 بإيقاف أعمال البناء المخالفة بذات العقار المشار إليه آنفاً مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقال المدعى (الطاعن) شرحاً لدعوييه إنه نما إلى علمه أن مجلس مدينة بلقاس أصدر القرار رقم 56 لسنة 1990 بتاريخ 9/ 1/ 1990 بإيقاف أعمال البناء المخالفة بعقاره الكائن بشارع الجمهورية بمدينة بلقاس والمتمثلة فى إقامة حائط بالشقة الكائنة بالدور الثانى العلوى من هذا العقار مما ترتب عليه قسم هذه الشقة إلى وحدتين بالمخالفة لشروط الترخيص، وأعقب ذلك صدور قرار محافظ الدقهلية رقم 458 لسنة 1990 بإزالة هذا الحائط، وينعى المدعى على هذين القرارين صدورهما مشوبين بعدم المشروعية لصدور قرار الإيقاف فى 9/ 1/ 1990 بعد أن تحرر ضده جنحة مخالفة مبان بتاريخ 15/ 11/ 1989، كما أن قرار الإزالة صدر دون أن يكون مسبوقاً بقرار الإيقاف بالمخالفة لحكم المادة (16) من القانون 106 لسنة 1976 فى شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء، كما أن المحافظ أصدر هذا القرار دون أخذ رأى اللجنة المنصوص عليها فى المادة المشار إليها، فضلاً عن أن هذين القرارين قد صدرا مشوبين بالتعسف فى إستعمال السلطة، وخلص المدعى من ذلك إلى طلب الحكم له بطلباته المشار إليها، ونظرت المحكمة المذكورة الشق المستعجل من كلا الدعويين حيث قامت بضم الدعوى رقم 1629 لسنة 12 إلى الدعوى رقم 1231 لسنة 13 ق ليصدر فيهما حكماً واحداً وبجلسة 18/ 12/ 1991 أصدرت حكمها فى الشق المستعجل من الدعويين والذى قضى بقبولهما شكلاً وبرفض طلب وقف التنفيذ فيهما مع إحالتهما إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيرهما وإعداد تقرير بالرأى القانونى فى موضوعهما، حيث أعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى ارتأت فيه الحكم برفض طلب إلغاء القرارين المطعون فيهما مع إلزام المدعى المصروفات، وبجلسة 4/ 5/ 1996 أصدرت المحكمة المذكورة الحكم المطعون فيه برفض الدعويين موضوعاً وإلزام المدعى المصروفات، وشيدت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن المدعى قام ببناء حائط بالشقة المذكورة قسم به هذه الشقة إلى وحدتين إحداهما بمنافع والأخرى بدون منافع بالمخالفة لشروط الترخيص، فأصدرت الإدارة الهندسية برئاسة مركز بلقاس المختصة بشئون التنظيم قرارها رقم 56 لسنة 1990 بتاريخ 9/ 1/ 1990 بإيقاف الأعمال المخالفة بهذا العقار والمتمثلة فى إقامة هذا الحائط، ثم أصدر محافظ الدقهلية بتاريخ 5/ 6/ 1990 القرار رقم 458 لسنة 1990 بإزالة هذا الحائط للسبب المذكور وبعد أخذ رأى اللجنة المنصوص عليها بالمادة (16) من القانون 106 لسنة 1976 المشار إليه، الأمر الذى يكون معه القرارين المطعون فيهما قد صدرا سليمين ومتفقين مع حكم القانون وتكون الدعويين الماثلتين على غير أساس صحيح جديرين بالرفض.... وعليه خلصت المحكمة إلى قضائها المتقدم.
ومن حيث إن هذا القضاء لم يلق قبولاً لدى الطاعن فإنه يطعن عليه للأسباب التالية:
1 - إن المدعى هو الذى يحدد نطاق دعواه وطلباته أمام القضاء ولا يجوز للمحكمة من تلقاء نفسها أن تعدل هذه الطلبات، ولما كان الطاعن قد حصر طلباته فى الدعوى رقم 1231 لسنة 12 ق بإلغاء قرار محافظ الدقهلية الصادر فى 20/ 12/ 1989 الموجه إلى رئيس مركز ومدينة بلقاس بإزالة الحائط، كما طلب فى دعواه رقم 1629 لسنة 12 ق إلغاء قرار الإيقاف رقم 56 الصادر فى 9/ 1/ 1990، إلا أن المحكمة خلطت الوقائع وذكرت بأن محل الدعوى رقم 1231 لسنة 12 ق هو طلب إلغاء قرار الإزالة رقم 458 لسنة 1990 الصادر فى 5/ 6/ 1990 والذى كان محلا للدعوى رقم 2773 لسنة 12 ق وتم إلغاؤه بموجب الحكم الصادر فى هذه الدعوى والذى إكتسب الحجية القضائية لعدم الطعن عليه، الأمر الذى يكون معه الحكم المطعون فيه قد قضى بغير ما طلبه الخصوم متعيناً الحكم بإلغائه.
2 - مخالفة قوة الشئ المقضى به، ذلك أن الطاعن حصل على حكم فى الدعوى رقم 2773 لسنة 12 ق والذى قضى بإلغاء قرار محافظ الدقهلية رقم 458 الصادر فى 5/ 6/ 1990 بكامل مشتملاته وأصبح هذا الحكم نهائياً وباتاً، فمن ثم يكون الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض طلب إلغاء القرار رقم 458 لسنة 1990 قد خالف قوة الشئ المقضى به متعيناً إلغائه.
3 - إن الحكم المطعون فيه التفت عن الحكم الجنائى الصادر فى الجنحة رقم 1811 لسنة 1990 جنح بلقاس القاضى ببراءة الطاعن والذى تأيد إستئنافياً بالإستئناف رقم 4518 لسنة 1994 جنح مستأنف المنصورة عن ذات المخالفة محل القرار من المطعون فيهما والذى على أساسه صدر حكم محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة فى الدعوى رقم 2773 لسنة 12 ق بإلغاء القرار رقم 458 لسنة 1990، الأمر الذى يجعل الحكم المطعون فيه مخالفاًً لحجية الحكم الجنائى متعيناً إلغائه... وعليه خلص الطاعن إلى طلب الحكم له بطلباته المسطرة بصدر هذا الحكم.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن، فإن الثابت من الأوراق أن الطاعن قام بعمل حائط بشقته بالدور الثانى العلوى الكائنة بعقاره الكائن بشارع الجمهورية بمدينة بلقاس الذى قسم الشقة إلى شقتين إحداهما بمنافع والثانية بدون منافع بالمخالفة لترخيص البناء الصادر لهذا العقار، فأصدرت الإدارة المختصة بشئون التنظيم بمركز بلقاس القرار رقم (56) فى 9/ 1/ 1990 بإيقاف الأعمال المخالفة ثم أصدر محافظ الدقهلية القرار رقم 854 لسنة 1990 فى 5/ 6/ 1990 بإزالة الحائط المشار إليه، فأقام الطاعن الدعوى رقم 1231 لسنة 12 ق بطلب وقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر بالإزالة، والدعوى رقم 1629 لسنة 12 ق بطلب وقف تنفيذ وإلغاء قرار الإيقاف المشار إليه.
ومن حيث إنه عن موضوع الدعوى رقم 1629 لسنة 12 ق بشأن طلب الطاعن إلغاء القرار رقم (56) الصادر فى 9/ 1/ 1990 بإيقاف الأعمال المخالفة بعقاره، فإن المادة (4) من القانون 106 لسنة 1976 فى شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء مستبدلة بالقانون رقم 30 لسنة 1983 تنص على أنه " لا يجوز إنشاء مبان أو إقامة أعمال أو توسيعها أو تعليتها أو تعديلها أو تدعيمها أو هدمها "...... إلا بعد الحصول على ترخيص فى ذلك من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم ".
وتنص المادة (11) من ذات القانون على إنه " يجب أن يتم تنفيذ البناء أو الأعمال وفقاً للأصول الفنية وطبقاً للرسومات والبيانات والمستندات التى منح الترخيص على أساسها..... ولا يجوز إدخال أى تعديل أو تغيير جوهرى فى الرسومات المعتمدة، إلا بعد الحصول على ترخيص فى ذلك من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم ".
وتنص المادة (15) من ذات القانون على أن " توقف الأعمال المخالفة بالطريق الإدارى ويصدر بالوقف قرار مسبب من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم يتضمن بياناً بهذه الأعمال، ويعلن إلى ذوى الشأن بالطريق الإدارى........ ".
وتنص المادة (16) من ذات القانون معدلة بالقانون رقم 30 لسنة 1983 قبل تعديلها بالقانون 101 لسنة 1996 بمراعاة أن القرار المطعون قبل العمل بهذا القانون على أن " يصدر المحافظ المختص أو من ينيبه بعد أخذ رأى لجنة تشكل بقرار من ثلاثة من المهندسين... قراراً مسبباً بإزالة أو تصحيح الأعمال التى تم وقفها....... ".
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على إنه ولئن كان قرار إيقاف الأعمال المخالفة هو قرار مستقل عن قرار التصحيح أو الإزالة وقائماً بذاته، إلا أنه إجراء من شأنه الإحتفاظ بالأمر الواقع وعدم السماح للمخالف بالتمادى فى المخالفة مما قد يتعذر معه تدارك آثارها وهو كإجراء تحفظى سلبى يستمر العمل به حتى صدور قرار الإزالة أو تصحيح الأعمال التى تم وقفها أى أن قرار الوقف ينتهى مفعوله ويزول أثره بصدور قرار الإزالة صحيحاً كان أو باطلاً.
(الطعن رقم 1018 لسنة 41 ق. عليا جلسة 23/ 4/ 2000)
ومن حيث إنه ترتيباً على ما تقدم، ولما كان الثابت فى الحالة المعروضة صدور قرار بإزلة الأعمال المخالفة التى قام بها الطعن برقم 458 لسنة 1990 فى 5/ 6/ 1990 والتى تم إيقافها بالقرار المطعون فيه السالف وأن قرار الإزالة المشار إليه قد قضى بإلغائه بموجب الحكم الصادر فى الدعوى رقم 2773 لسنة 10 ق بجلسة 18/ 8/ 1994 من محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة، ومن ثم لا يكون للطاعن ثمة مصلحة بشأن طلب إلغاء قرار الإيقاف رقم 56 لسنة 1990 المطعون فيه، ولما كان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى رفض الدعوى رقم 1629 لسنة 16 ق فإنه يكون مخالفاً للقانون متعيناً الحكم بإلغائه والقضاء مجدداً بعدم قبول هذه الدعوى لإنتفاء المصلحة مع إلزام الطاعن المصروفات تطبيقاً لنص المادة 184 من قانون المرافعات.
ومن حيث إنه عن موضوع الدعوى رقم 1231 لسنة 12 ق بشأن طلب الطاعن إلغاء قرار إزالة الأعمال المخالفة التى تم إيقافها رقم 458 لسنة 1990 فى 5/ 6/ 1990.
ومن حيث إن المادة (101) من قانون الإثبات تنص على أن " الأحكام التى حازت قوة الأمر المقضى تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق، ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية، ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا فى نزاع قائم بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتتعلق بذات الحق محلاً وسبباً، وتقضى المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها ".
كما تنص المادة (23) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 على أنه " يجوز الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا فى الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإدارى أو من المحاكم التأديبية وذلك فى الأحوال الآتية:
1)............. 2)..............
3 - إذا صدر الحكم على خلاف حكم سابق حاز قوة الشئ المحكوم فيه سواء دفع بهذا الدفع أو لم يدفع ".
ومن حيث إنه من المبادئ المقررة إن الحكم الحائز لقوة الأمر المقضى يمنع الخصوم من العودة إلى مناقشة المسألة التى فصل فيها هذا الحكم فى أى دعوى تالية تكون فيها هذه المسألة هى بذاتها الأساس فيما يدعيه أى من الطرفين قبل الآخر من حقوق مترتبة عليها، والمنع من إعادة النزاع فى المسألة المقضى فيها فى هذا الصدد قوامه وحدة المسألة فى الدعويين بأن تكون هذه المسألة تناولها الطرفان فى الدعوى الأولى وتعرضت لها المحكمة فى الدعوى وحسمتها فى منطوق حكمها أو فى أسبابه المرتبطة به إرتباطاً وثيقاً فاستقرت حقيقتها بينهما بهذا الحكم، فإن هذا الحكم بعد إستنفاذ طرق الطعن فيه يحوز قوة الأمر المقضى فيه فى تلك المسألة الأساسية بين الخصوم أنفسهم ويمنعهم عن إعادة المجادلة فيها فى أى دعوى تالية محلها أى حقوق متفرعة من هذه المسألة أو مترتبة عليها.
ومن حيث إنه من المبادئ المقررة أيضاً إنه متى حاز الحكم قوة الأمر المقضى فإنه يكون حجة فيما فصل فيه من مسائل ويعتبر عنواناً للحقيقة، فقوة الأمر المقضى للحكم تسمو على قواعد النظام العام... " الطعن رقم 3284 لسنة 33 ق عليا جلسة 13/ 1/ 1991 ".
ومن حيث إنه على هدى ما تقدم ولما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن قد سبق له إقامة الدعوى رقم 2773 لسنة 10 ق أمام محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة ضد المطعون ضدهم بصفاتهم طالباً فى ختامها الحكم بقبولها شكلاً وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ قرار محاظ الدقهلية رقم 458 المؤرخ 5/6/1990 فيما تضمنه من إزالة الحائط الذى أقامه بشقته الكائنة بالدور الثانى العلوى بملكة بشارع الجمهورية بمدينة بلقاس وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات، وبجلسة 18/ 8/ 1994 قضت المحكمة المذكورة بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، ولما كان هذا الحكم والحائز لقوة الأمر المقضى فيه قد حسم النزاع بين الطرفين بشأن إزالة الحائط التى أقامها الطاعن بشقته المشار إليها وانتهى إلى إلغاء قرار محافظ الدقهلية بإزالتها، ومن ثم فإن الفصل فى هذا الموضوع بالحكم المشار إليه يمنع من إعادة المجادلة فيه فى الدعوى الماثلة والمتعلقة بطلب الطاعن إلغاء قرار محافظ الدقهلية بإزالة الحائط المذكور يستوى فى ذلك أن يكون هذا القرار قد صدر فى 20/ 12/ 1989 أو فى 5/ 6/ 1990 للفصل فى هذا النزاع بالحكم الصادر فى الدعوى رقم 2773 لسنة 12 ق والحائز لقوة الأمر المقضى فيه.
ومن حيث إن هناك إتحاداً فى الخصوم والمحل والسبب بين الدعويين رقمى 2773 لسنة 12 ق و 1231 لسنة 12 ق، الأمر الذى كان يتعين معه على الحكم المطعون فيه الصادر فى الدعوى الأخيرة القضاء بعدم جواز نظرها لسابقة الفصل فيها وليس رفضها، مما يتعين معه الحكم بإلغائه لمخالفة ذلك الحكم لقوة الأمر المقضى فيه والقضاء مجدداً بعدم جواز نظر الدعوى رقم 1231 لسنة 12 ق لسابقة الفصل فيها مع إلزام الطاعن المصروفات تطبيقا لنص المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بعدم قبول الدعوى رقم 1629 لسنة 12 ق لانتفاء المصلحة، وبعدم جواز نظر الدعوى رقم 1231 لسنة 12 ق لسابقة الفصل فيها وألزمت الطاعن المصروفات.