مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثانى (من أول مارس سنة 2001 إلى آخر يونيه سنة 2001) - صـ 1111

(132)
جلسة 20 من مارس سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جمال السيد دحروج - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: كمال زكى عبد الرحمن اللمعى، ومحمود إبراهيم عطا الله، وسالم عبد الهادى محروس، ومنير صدقى يوسف خليل - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 7984 لسنة 44 القضائية

(أ) تعويض - القضاء بالإلغاء ليس من مستلزمات القضاء بالتعويض - أركان مسئولية الإدارة المستقر عليه فى قضاء هذه المحكمة - لكل من قضاء الإلغاء وقضاء التعويض مجاله وأساسه الخاص الذى يقوم عليه - مؤدى ذلك - عدم قبول طلب إلغاء القرار الإدارى شكلاً لرفعه بعد الميعاد - لا يحول دون بحث مشروعيته بمناسبة طلب التعويض - أساس ذلك - كون القرار معيباً يمثل ركن الخطأ فى مسئولية الإدارة عن قرارتها غير المشروعة - أركان هذه المسئولية - خطأ وضرر يحيق بصاحب الشأن وعلاقة سببية بينهما - تطبيق.
(ب) موظف - عاملون مدنيون بالدولة - نقل - سلطة الإدارة فى إجرائه
المادة 54 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 - يجوز نقل العاملين بين الهيئات العامة والأجهزة الحكومية ذات الموازنة الخاصة بها - شرط ذلك حاجة العمل واستهداف الصالح العام - مؤدى ذلك حق جهة الإدارة فى إجراء هذا النقل دون معقب عليها ما دام خلا تصرفها من إساءة استعمال السلطة ولم يتضمن تنزيلاً لدرجة العامل الوظيفية أو تخفيضاً فى مرتبه أو تفويت دوره فى الترقية بالأقدمية وأن يتم النقل إلى وظيفة داخلة فى الهيكل التنظيمى للجهة المنقول إليها - تطبيق.


إجراءات الطعن:

فى يوم الأثنين الموافق 24/ 8/ 1998 أودع الأستاذ/ ......... المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن فى الطعن رقم 8075/ 44 ق. عليا تقرير الطعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا طعناً على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى دائرة التسويات والجزاءات بجلسة 29/ 6/ 1998 فى الدعوى رقم 3057 لسنة 43 ق. والذى قضى بقبول الدعوى شكلاً وإلزام المدعى عليه الثالث بأن يؤدى إلى المدعى مبلغ خمسة آلاف جنيه تعويضاً، وإلزام الجهة الإدارية المصاريف. وطلب الطاعن - للأسباب الواردة فى تقرير الطعن - الحكم أولاً: بقبول الطعن شكلاً وثانياً: فى الموضوع إلغاء القرار الجمهورى رقم 357 لسنة 1989 فيما تضمنه من نقله من وظيفة مدير عام التحقيقات بديوان عام رئاسة الجمهورية إلى غير وظيفة سواء فى المسمى أو التمويل برئاسة مجلس الوزراء، وبإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1189 لسنة 1989 فيما تضمنه من نقله من غير وظيفة مسماه أو مموله إلى غير وظيفة مسماه ومموله بوزارة الكهرباء والطاقة واعتبارهما كأن لم يكونا مع ما يترتب على ذلك من آثار أهمها إعادة الطاعن إلى وظيفته الأصلية كمدير عام للتحقيقات بديوان عام رئاسة الجمهورية، مع أحقيته فى صرف ما كان مقرراً لتلك الوظيفة من بدلات ومزايا بجميع أنواعها وثالثاً: إلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلزام المدعى عليه الثالث بأن يؤدى إلى المدعى مبلغ خمسة آلاف جنيه تعويضاً، والحكم بإلزام المطعون ضده الأول بصفته والمطعون ضده الثالث بصفته بأن يؤديا إلى الطاعن مبلغ مائتين وخمسين ألف جنيه تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية والمعنوية التى أصابته من جراء القرارين المتقدمين القرار رقم 357 لسنة 1989 والقرار رقم 1181 لسنة 1989 المطعون فيهما مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها المصاريف ومقابل تعاب المحاماة.
وفى يوم الخميس الموافق 27/ 8/ 1998 أودعت هيئة قضايا الدولة نائباً عن رئيس مجلس الوزراء بصفته تقرير الطعن 8075/ 44 ق. عليا - قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا طعناً على ذات الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بجلسة 29/ 6/ 1998 فى الدعوى رقم 3057 لسنة 43ق، وطلب الطاعن بصفته - فى ختام تقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات والأتعاب عن درجتى التقاضى.
وقد أعلن كل من الطعنين على النحو الثابت بالأوراق، وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم أولاً: بالنسبة للطعن رقم 7984 لسنة 44 ق. عليا بقبوله شكلاً وفى الموضوع: 1 - بالنسبة لطلب إلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 357 لسنة 1989 فيما تضمنه من نقل المدعى من رئاسة الجمهورية إلى رئاسة مجلس الوزراء وبالنسبة لطلب إلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1181 لسنة 1989 فيما تضمنه من نقل المدعى من رئاسة مجلس الوزراء للعمل مديراً عاماً بوزارة الكهرباء والطاقة:
أ - بصفة أصلية: بعدم اختصاص المحكمة الإدارية العليا بنظر هذين الطلبين والأمر بإحالتهما إلى محكمة القضاء الإدارى للاختصاص لنظر طلب الإلغاء والحكم فيها مع إبقاء الفصل فى المصروفات.
ب - بصفة إحتياطية: بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 357 لسنة 1989 فيما تضمنه من نقل المدعى من وظيفة مدير عام الإدارة العامة للتحقيقات برئاسة الجمهورية إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء وبإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1181 لسنة 1989 فيما تضمنه من نقل المدعى إلى وزارة الكهرباء والطاقة مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات.
2 - برفض الطعن فيما عدا ذلك من طلبات، وإلزام الطاعن مصروفات تلك الطلبات.
ثانياً: بالنسبة للطعن 8075 لسنة 44 ق. عليا بقبوله شكلاً، ورفضه موضوعاً، وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة بالمصروفات.
وقد تدوول نظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون بالدائرة الثانية إلى أن قررت إحالة الطعنين إلى الدائرة الثالثة فحص طعون وبجلسة 1/ 11/ 2000 قررت تلك الدائرة إحالة الطعنين إلى الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا وحددت لنظرهما جلسة 9/ 1/ 2000 وتم تداول الطعنين أمام هذه المحكمة بالجلسة المشار إليها والجلسات التالية وبجلسة 9/ 1/ 2001 قررت المحكمة ضم الطعنين ليصدر فيهما حكم واحد بجلسة اليوم 20/ 3/ 2001، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الأيضاحات، وبعد المداولة قانونا.
من حيث إن الطعنين قد استوفيا سائر أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 19/ 2/ 1989 أقام/ ...... الدعوى رقم 3057 لسنة 43ق. أمام محكمة القضاء الإدارى طالبا الحكم بإلغاء القرار رقم 8 لسنة 1989 فيما تضمنه من إغفال تعيينه بإحدى وظائف مديرى العموم وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصاريف، وأثناء نظر الدعوى أمام المحكمة قرر المدعى أنه قد صدر القرار رقم 256 لسنة 1989 بتعيينه بوظيفة مدير عام برئاسة الجمهورية ثم نقل إلى مجلس الوزراء بالقرار رقم 257 لسنة 1989 ثم نقل إلى وزارة الكهرباء بالقرار رقم 1181 لسنة 1989، وبجلسة 26/ 6/ 1995 أودع الحاضر عن المدعى صحيفة معلنة لكل من رئيس مجلس الوزراء ووزير الكهرباء والطاقة وإلى رئيس الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة طلب فى ختامها الحكم بإلغاء قرار رئيس الجمهورية 357 لسنة 89 وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1181 لسنة 89 فيما تضمناه من نقله وتعيينه بوزارة الكهرباء والطاقة بدون تحديد مسمى الوظيفة المنقول إليها وبطلان قرار رئيس الوزراء رقم 1227 لسنة 1992 فيما تضمنه من عدم تعيينه بإحدى الوظائف القيادية طبقاً لأحكام القانون 5 لسنة 1991 وقرار رئيس الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة رقم 236 لسنة 1993 بشأن اعتماد وإعادة التقييم الشامل فى جدول ديوان عام وزارة الكهرباء والطاقة فيما تضمنه من استحداث مسميات وظيفية دون استحداث مسمى وظيفى للدرجة المالية التى نقل إليها من رئاسة الجمهورية جهة عمله الأصلية وقرار وزير الكهرباء والطاقة رقم 731 لسنة 93 باعتماد الهيكل التنظيمى بديوان عام الوزارة، وما يترتب على ذلك من اثار مع إلزام جهة الإدارة - رئاسة الجمهورية - بصرف التعويض المالى المناسب والجابر للأضرار المادية والأدبية التى لحقت به من جراء صدور تلك القرارات المتتابعة غير المشروعة وإلزامها بالمصاريف، وقررت المحكمة إحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير تكميلى فى الطلبات المعدلة وأثناء تحضير الدعوى بهيئة مفوضى الدولة أودع الحاضر عن المدعى مذكرة قرر فيها أنه يقصر طلباته فى طلب الحكم بإلغاء القرارين رقمى 357 لسنة 1989، 1181 لسنة 1989 وتعويضه عن الأضرار التى لحقت به من جراء صدورهما بمبلغ 250 ألف جنيه، وبعد إيداع تقرير هيئة مفوضى الدولة وتدول الدعوى أمام المحكمة أودع الحاضر عن المدعى حافظة مستندات ومذكرة دفاع طلب فى ختامها الحكم بإلزام جهة الإدارة بتعويض المدعى بمبلغ 250 ألف جنيه عن الأضرار المادية والأدبية التى لحقت به من جراء صدور القرار الجمهورى رقم 357 لسنة 89 وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1181 لسنة 89، وأودع الحاضر عن الدولة مذكرة طلب فى ختامها الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى شكلاً بالنسبة لطلب الغاء القرار المطعون فيه لرفعها بعد الميعاد وإحتياطياً رفض طلب التعويض ورفض الدعوى وإلزام المدعى المصاريف.
وبجلسة 29/ 6/ 1998 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وبإلزام المدعى عليه الثالث بأن يؤدى إلى المدعى مبلغ خمسة آلاف جنيه تعويضاً وإلزام الجهة الإدارية المصاريف، وأسست قضاءها - بعد أن حددت طلبات المدعى الختامية فى طلب الحكم بإلزام الجهة الإدارية بأن تدفع مبلغ مائتين وخمسين ألف جنيه مصرى تعويضاً له عن الأضرار المادية والمعنوية التى لحقت به من جراء صدور وتنفيذ القرار الجمهورى رقم 357 لسنة 1989 وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1181 لسنة 89، واستعراض نص المادة 54 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة - على أن الثابت من الأوراق أن القرار الجمهورى رقم 357 لسنة 1989 بنقل المدعى إلى درجة مدير عام بمجموعة وظائف الإدارة العليا بالأمانة العامة لمجلس الوزراء نقلاً من رئاسة الجمهورية مع احتفاظه بأقدميته وما يتقاضاه من مرتب وبدل تمثيل ثم أعقبت ذلك بصدور قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1181 فى 28/ 9/ 89 بنقله من رئاسة مجلس الوزراء للعمل مديراًً عاماً بوزارة الكهرباء والطاقة دون تحديد الوظيفة المنقول إليها ولم تحدد له الجهة الإدارية التى نقل إليها أية وظيفة ليشغلها كذلك لم تتخذ تلك الجهة إجراءات تمويل تلك الوظيفة بل أن جداول تقييم وتوصيف وظائف تلك الجهة قد خلت من وظيفة يمكن للمدعى شغلها الأمر الذى يكشف بجلاء مخالفة القرارين سالفى الذكر لصحيح القانون، وبذلك يكون قد توافر ركن الخطأ فى جانب جهة الإدارة، ومما لا شك فيه أنه ترتب على هذا الخطأ الإضرار بالمدعى وما فاته من مزايا ممارسة العمل الوظيفى بصفة فعلية وهو ما يستتبعه دون ريب التقليل من شأنه وظيفياً والحط من قدرته على أداء مهام أية وظيفة توكل إليه بالرغم من سبق عمله برئاسة الجمهورية الأمر الذى يتعين معه الحكم بتعويضه بمبلغ خمسة آلاف جنيه عما أصابه من أضرار نفسية ومعنوية دون ما يطالب به من أضرار مادية يدعى أنها ترتبت على نقله إذ الثابت أنه كان يتقاضى مرتبه كاملاً وبدل التمثيل ولم يقدم المدعى ما يثبت أن هناك مبالغ قد انقصت من مرتبه وملحقاته من جراء النقل.
وإذ لم يرتض الطاعن فى الطعن 7984 لسنة 44 ق. عليا القضاء السابق أقام طعنه الماثل على أسباب حاصلها مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون وتأسيسه على خلاف الثابت بالأوراق، وعدم إختصاص دائرة التسويات والجزاءات بالفصل فى طلب التعويض المستقل عن دعوى الإلغاء، وذلك لكون طلبات المدعى هى إلغاء القرارين 357 لسنة 1989، 1181 لسنة 1989 الذين صدرا منعدمين لإنعدام السبب المبرر للنقل، ولكون الطاعن قد أصابته أضرار مادية تتمثل فى الحوافز بواقع 60% من الأجر الأساسى، بدل طبيعة العمل بواقع 40% من الأجر الأساسى، والجهود غير العادية الثابتة بنسبة 150% من الأجر الأساسى بسبب قرار النقل بالإضافة إلى بدل الضيافة بواقع مائة جنيه شهرياً والمنح والمكافآت وقدرها خمسمائة جنيه سنوياً والمزايا العينية المقرره للعاملين برئاسة الجمهورية ومنها السيارة التى تخصص بكل ما يلزمها من وقود ومصاريف صيانة وتقدر بمبلغ أربعمائة جنيه شهرياًٍ، والمصاريف بقصر المنتزة بالأسكندرية وتقدر هذه الميزة بمبلغ ألف وخمسمائة جنيه سنوياً، كما فات على الطاعن ما كان ينتظره من كسب عند إحالته إلى المعاش وهو مبلغ خمسون ألف جنيه من صندوق التكافل الإجتماعى وحرمت أسرة الطاعن من الحصول على مبلغ 4000 آلاف جنيه من صندوق الزمالة فى حالة وفاة العضو كما حرم من صرف مكافأة نهاية الخدمة لشاغلى وظائف الإدارة العليا وقدرها خمسون ألف جنيه وحرم من الخدمات الطبية المتميزة والرعاية الصحية الكاملة نظير اشتراك رمزى للغاية بصندوق الخدمات الطبية المخصص للعاملين برئاسة الجمهورية، كما حرم من المزايا المقررة لصندوق الرعاية الإجتماعية فضلاً عن الأضرار الأدبية والآلام النفسية التى ألمت به من جراء تركه دون عمل ودون أى وضع وظيفى يتناسب مع ما كان يتمتع به من وضع وظيفى متميز برئاسة الجمهورية. وذلك على التفصيل الوارد بتقرير الطعن.
كما أقامت الجهة الإدارية طعنها رقم 8075 لسنة 44 ق عليا على أسباب حاصلها مخالفة الحكم المطعون فيه لأحكام القانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله وذلك لكون علاقة العامل بالحكومة هى علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح، وإن النقل هو سلطة خولها المشرع للجهة الإدارية تجريها وفقاً لمقتضيات الصالح العام والقرارين المطلوب التعويض عنهما بنقل الطاعن (المطعون ضده) من رئاسة الجمهورية إلى رئاسة إلى رئاسة مجلس الوزراء ثم إلى وزارة الكهرباء والطاقة صدرا من السلطة المختصة ومتفقين مع صحيح حكم القانون ويهدف تحقيق الصالح العام ولم يتضمنا تخفيضاً فى درجة أو مرتبه أو تفويت دوره فى الترقية الأمر الذى ينتفى معه الخطأ فى جانب الإدارة ويفقد طلب التعويض مقومات الحكم به فضلا عن أن دعوى المطعون ضده بإلغاء القرارين المطعون فيهما غير مقبولة شكلاً لرفعها بعد الميعاد وهو ما دعاه إلى تعديل طلباته إلى الحكم بطلب التعويض فقط.
ومن حيث إن مقطع النزاع فى الطعن الماثل ينحصر فى طلب الطاعن إلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 357 لسنة 1989 بنقل الطاعن إلى مجلس الوزراء، وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1181 لسنة 1989 بنقله إلى وزارة الكهرباء والطاقة، ومدى احقية الطاعن فى التعويض عن الأضرار المادية والأدبية التى أصابته من جراء ذلك.
ومن حيث إنه عن طلب إلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 357 لسنة 1989 بنقل الطاعن من رئاسة الجمهورية إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء والقرار رقم 1181 لسنة 1989 بنقل الطاعن إلى وزارة الكهرباء والطاقة فإن الثابت من الاطلاع على القرارين المشار إليهما أن القرار الأول صدر فى 12/ 6/ 1989 والقرار الثانى صدر فى 28/ 9/ 1989، ولم يطلب المدعى إلغاء القرارين المشار إليهما إلا بتاريخ 26/ 6/ 1995 أى بعد ما يجاوز الست سنوات على صدور القرارين المطعون فيهما وعلمه اليقينى بالقرار الأول وذلك على النحو الثابت من التظلم المقدم منه إلى رئيس الجمهورية بتاريخ 20/ 8/ 1989 وعلمه اليقينى بالقرار الثانى بتاريخ 27/ 12/ 1989 وذلك على النحو الثابت من الطلب المقدم من الطاعن إلى وزير الكهرباء والطاقة فى ذلك التاريخ والذى يشير فيه إلى القرارين 357 لسنة 1989، رقم 1181 لسنة 1989 محل الطعن الماثل ويطلب فيه إلحاقه بأحد وظائف الإدارة العليا - شئون قانونية - بديوان عام الوزراة أو بإحدى الجهات التابعة للوزارة ومن ثم يكون طلب إلغاء القرارين غير مقبول شكلاً لتقديمه بعد الميعاد المنصوص عليه فى المادة 24 من قانون مجلس الدولة الصادر برقم 47 لسنة 1972م.
ومن حيث إنه عن طلب التعويض عن القرارين محل الطعن فإنه من المستقر عليه فى قضاء هذه المحكمة أن لكل من قضاء الإلغاء وقضاء التعويض مجاله وأساسه الخاص الذى يقوم عليه، وإن عدم قبول طلب إلغاء القرار الإدارى شكلاً لرفعه بعد الميعاد القانونى لا يحول دون البحث فى مشروعية القرار بمناسبة طلب التعويض بإعتبار ذلك أن كون القرار معيباً بأحد العيوب المنصوص عليها فى قانون مجلس الدولة يمثل ركن الخطأ فى مسئولية الإدارة عن قرارتها غير المشروعة.
ومن حيث إنه من المسلم أيضاً أن مناط مسئولية الإدارة عن القرارات الإدارية التى تصدرها هو قيام خطأ من جانبها بأن يكون القرار الإدارى غير مشروع لعيب من العيوب المنصوص عليها فى قانون مجلس الدولة وأن يحيق بصاحب الشأن ضرر وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر فإذا برأت من هذه العيوب كانت سليمة مشروعة مطابقة لا تسأل الإدارة عن نتائجها.
ومن حيث إن الثابت من أوراق الطعن الماثل أنه بتاريخ 12/ 6/ 1989 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 256 لسنة 1989 بتعيين الطاعن بوظيفة من درجة مدير عام بمجموعة الوظائف العليا برئاسة الجمهورية، وتنفيذاً لهذا القرار صدر قرار رئيس ديوان رئيس الجمهورية رقم 46 لسنة 1989 فى 24/ 6/ 1989 بتحديد وظيفته وهى مدير الإدارة العامة للتحقيقات، وبتاريخ 28/ 9/ 1989 صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1181 لسنة 1989 بتعيين الطاعن فى وظيفة من درجة مدير عام بوزارة الكهرباء والطاقة مع إحتفاظه بأقدميته وما يتقاضاه من مرتب وبدل تمثيل، وقامت وزارة الكهرباء والطاقة بمخاطبة الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة لإنشاء هذه الدرجة للعام المالى 89/ 90 وأخطرت وزارة المالية بكتابه رقم 3461 فى 5/ 12/ 1989 لتمويل الدرجة والإرتباط المالى، بتاريخ 16/ 12/ 1989 قامت وزارة الكهرباء بإرسال كتابها إلى وزير المالية متضمناً نقل الدرجة المالية لهيئة تنمية وإستخدام الطاقة الجديدة والمتجددة، ولم يصدر من الوزارة قرار تنفيذى بشغله لهذه الوظيفة سواء بديوان عام الوزارة أو بهيئة تنمية وإستخدام الطاقة الجديدة والمتجددة وظل الوضع على ذلك بعد اعتماد وإعادة التقييم الشامل لوظائف ديوان عام وزارة الكهرباء والطاقة الذى خلا من إستحداث وظيفة للدرجة المالية التى نقل بها من رئاسة الجمهورية؛ وقرار وزير الكهرباء والطاقة رقم 731/ 1993 بإعتماد الهيكل التنظيمى بديوان عام الوزارة.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى إعمالاً لنص المادة 54 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 على أنه يجوز نقل العاملين بين الهيئات العامة والأجهزة الحكومية ذات الموازنة الخاصة بها، وذلك كلما دعت إلى ذلك حاجة العمل وطالما استهدفت من النقل وجه الصالح العام - وحق جهات الإدارة فى نقل العاملين وفقاً لمقتضيات العمل وتبعاً لما تقضى به المصلحة العامة هو أمر تترخص فيه جهة الإدارة ولا معقب عليها فى ذلك طالما أن قرارها قد خلا من إساءة استعمال السلطة ولم يتضمن تنزيلاً لدرجة العامل الوظيفية أو تخفيضاً فى مرتبه أو تفويت دوره فى الترقية بالأقدمية، وأن يتم النقل إلى وظيفة داخلة فى الهيكل التنظيمى للجهة المنقول إليها - وكان الثابت من أوراق الطعن الماثل أن نقل الطاعن إلى وزارة الكهرباء والطاقة قد أتخذ صورة التعيين فى وظيفة من درجة مدير عام بوزارة الكهرباء والطاقة مع احتفاظه بأقدميته وما يتقاضاه من مرتب وبدل تمثيل إلا أن ديوان عام وزارة الكهرباء والطاقة قد خلا من وظيفة محددة لدرجته المالية حتى يمكنه ممارسة عمله فيها وممارسة اختصاصاته الأمر الذى يكشف عن مخالفة قرار النقل لأحكام القانون ويشكل ركن الخطأ فى جانب جهة الإدارة، خاصة وأن الطاعن قد تم إسناد وظيفة إليه ودون أن يؤدى أى عمل وهو ما يقلل من شأنه الوظيفى والحط من قدره بين أقرانه من الموظفين ويضر بسمعته الوظيفية، وخاصة مع توالى قرارات نقله من جهة إلى أخرى خلال مدة وجيزة لا تجاوز ستة أشهر وحرمانه من ممارسة وظيفته التى رقى إليها برئاسة الجمهورية فى 12/ 6/ 1989 وما سببه ذلك من آلام نفسية وأضرار أدبية - وهو ما يتوافر معه أركان مسئولية الإدارة عما أصاب الطاعن من أضرار تستوجب تعويضه عنها خاصة وقد استغلق باب الطعن على تلك القرارات - ولم يعد من الممكن إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل صدور القرارات محل الطعن لتحصن هذه القرارات من الإلغاء، ولبلوغ الطاعن سن الإحالة إلى المعاش أثناء نظر الطعن لكونه من مواليد 28/ 9/ 1940 - وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى تعويضه بمبلغ خمسة آلاف جنيه عما أصابه من أضرار نفسية ومعنوية من جراء القرارين المشار إليهما فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون ويكون الطعن المقام من الجهة الإدارية العليا برقم 8075/ 44 ق عليا غير قائم على سند يبرره مستوجباً رفضه وتأييد الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إنه عن طلب الطاعن تعويضه عن الأضرار المادية التى أصابته من جراء القرارات المطعون فيها بمبلغ 250 ألف جنيه فإن الثابت من القرارين محل الطعن الماثل أن الطاعن عين بمجلس الوزراء ثم بوزارة الكهرباء فى وظيفة من درجة مدير عام وهى ذات درجة وظيفته واحتفظ بأقدميته ومرتبه وبدل التمثيل الذى كان يتقاضاه ومن ثم لم يقدم دليل على تخفيض مرتبه أو ملحقاته من جراء قرار النقل أما ما يطالب به من مكافأة صندوق الزمالة وغير ذلك من المزايا العينية التى يطالب بها فإن هذه المزايا مرتبطة بعضويته فى تلك الصناديق الخاصة، وتسديده للاشتراكات المحددة ويتوقف تمتعه بهذه الامتيازات على الشروط التى تضعها تلك الصناديق ولا دخل للجهة الإدارية فيما تمنحه تلك الصناديق لأعضائها من مزايا فضلا عن أن الطاعن لم يقدم دليل على المبالغ التى ذكرها وعما إذا كان اشتراكه بها مرتبط بالوظيفة ويعتبر من مميزاتها أم الاشتراك فيها اختيارياً ومن ثم يكون ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من رفض التعويض عن الأضرار المادية متفقاً مع صحيح القانون ويكون الطعن رقم 7984 لسنة 44 ق غير قائم على سند يبرره مستوجباً الحكم برفضه.
ومن حيث إنه من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً، وبرفضهما موضوعاً، وألزمت كل طاعن فى الطعنين مصروفات طعنه.