أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الأول - السنة 22 - صـ 98

جلسة 24 من يناير سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ نصر الدين عزام، وعضوية السادة المستشارين/ سعد الدين عطية، ومحمود عطيفة، والدكتور محمد محمد حسنين، وطه الصديق دنانة.

(23)
الطعن رقم 1632 لسنة 40 القضائية

( أ ) طعن. "المصلحة فى الطعن". نقض. "المصلحة فى الطعن". إجراءات المحاكمة. بطلان. حكم. "بطلانه".
حق النيابة فى الطعن فى الحكم لصالح المتهم. ولو قضى بإدانته. حتى تبنى الأحكام على إجراءات صحيحة وتطبيق قانونى خال مما يشوبه من أسباب الخطأ والبطلان.
(ب) حكم. "وصف الحكم". "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل". معارضة. "نظرها والحكم فيها".
إيراد الحكم فى ديباجته. قبوله المعارضة شكلا. إنهاؤه فى منطوقة خطأ بقبول الاستئناف شكلا. ذلة قلم لا تخفى.
(ج) إرتباط. عقوبة. "تطبيقها". نقض. "أحوال الطعن بالنقض. الخطأ فى تطبيق القانون. تموين".
عدم جواز إعمال المادة 32 عقوبات عن تهمتى قضى فى إحداهما بالبراءة وفى الثانية بالإدانة. وجوب إنزال عقوبة التهمة الثانية وحدها فى هذه الحالة. مخالفة ما تقدم. خطأ فى القانون.
1 - من المقرر أن النيابة العامة - وهى تمثل الصالح العام وتسعى فى تحقيق موجبات القانون من جهة الدعوة العمومية - هى خصم عام تختص بمركز قانونى خاص، يجيز لها أن تطعن فى الحكم - وإن لم يكن لها كسلطة اتهام مصلحة خاصة فى الطعن - بل كانت المصلحة هى للمحكوم عليه من المتهمين. وإذ كان ذلك، وكانت مصلحة المجتمع تقتضى أن تكون الإجراءات فى كل مراحل الدعوى صحيحة، وأن تبنى الأحكام فيها على تطبيق قانونى صحيح خال مما يشوبه من أسباب الخطأ والبطلان، ومن ثم فإن مصلحة النيابة فى الطعن تكون قائمة لهذا السبب، ولو أن الحكم قد قضى بمعاقبة المطعون ضده.
2 - متى كان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه أورد فى ديباجته "أن المعارضة قد أقيمت فى الميعاد عن حكم قابل لها مستوفية كافة شروطها القانونية، ومن ثم يتعين قبولها شكلا" فإن ما انتهى إليه الحكم فى منطوقه - من قبول الاستئناف شكلا - لا يعدو أن يكون مجرد خطأ فى الكتابة وذلة قلم، ولم يكن نتيجة خطأ من المحكمة فى فهمها واقع الدعوى، إذ لا يخفى هذا الخطأ على من يراجع الحكم كله.
3 - إن القضاء ببراءة المطعون ضده من إحدى التهمتين يقتضى عدم إعمال الحكم المادة 32 من قانون العقوبات، ويستتبع حتما توقيع عقوبة التهمة الثانية وحدها. وإذ كان ذلك، وكانت هذه العقوبة على ما جرى به نص الفقرة الثانية من المادة 38 من قرار وزير التموين رقم 90 لسنة 1957 المعدل بالقرار رقم 109 لسنة 1959 هى الغرامة التى لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد عن مائة وخمسين جنيه، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى فى التهمة الثانية بتأييد الحكم المستأنف الذى قضى بالحبس والغرامة، يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون، مما يستوجب نقضه نقضا جزئيا وتصحيحه بتغريم المطعون ضده مائة جنيه عن التهمة الثانية.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر. بأنهما فى يوم 5 ديسمبر سنة 1966 قسم محرم بك: أولا: أنتجا خبزا أفرنجيا عاديا صغيرا ينقص متوسط وزن الرغيف منه عن الوزن المقرر قانونا. ثانيا: الأول لم يمسك سجلا منظما مدونا به حركة الدقيق يوميا بالكيفية المقررة قانونا - وطلبت معاقبتهما بالمواد 1 و8 و56 و57 و58 من المرسوم بقانون 95 لسنة 1945 المعدل و20 و24 مكرر أ/ ب، 34 مكرر ب من قرار وزير التموين رقم 90 لسنة 1957 المعدل. ومحكمة محرم بك المستعجلة قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بحبس كل من المتهمين ستة أشهر مع الشغل وكفالة خمسمائة قرش لوقف التنفيذ وتغريم كل منهما مائة جنيه عما أسند إليهما بلا مصاريف جنائية. فاستأنف المتهمان هذا الحكم. ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابيا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف بلا مصاريف. فعارض المتهمان فى هذا الحكم وقضى فى معارضتهما حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به عن التهمة الأولى وبراءة المتهمين منها وبالنسبة للثانية برفضه وتأييد الحكم المستأنف بلا مصاريف جنائية. فطعنت النيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه إذ قضى فى المعارضة المرفوعة من المطعون ضده - وأخر - فى الحكم الغيابى الاستئنافى بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به عن التهمة الأولى وبراءة المطعون ضده - المتهم الآخر - منها وتأييده بالنسبة للتهمة الثانية المسندة إلى المطعون ضده وحده، قد أخطأ فى وصف الحكم كما أخطأ فى تطبيق القانون، ذلك بأنه قضى بقبول الاستئناف شكلا فى حين أن الحكم صادر فى المعارضة فى الحكم الغيابى الاستئنافى، هذا فضلا عن أن الحكم الابتدائى صدر بمعاقبة المطعون ضده بالحبس والغرامة مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات عن تهمتى إنتاج خبز أفرنكى صغير يقل عن الوزن المقرر وعدم إمساك سجل حركة الدقيق، ومقتضى ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه هو تأييد ما قضت به محكمة أول درجة من عقوبتى الحبس والغرامة، مع أنه لا مجال لتطبيقهما معا لانتفاء محلهما ببراءة المطعون ضده من التهمة الأولى، ولا يبقى بعد ذلك إلا وجوب تطبيق العقوبة المقررة للتهمة الثانية الخاصة بعدم إمساك سجل حركة الدقيق وهى الغرامة فقط نزولا على حكم الفقرة الثانية من المادة 38 من قرار وزير التموين رقم 90 لسنة 1957، مما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إنه من المقرر أن النيابة العامة - وهى تمثل الصالح العام وتسعى فى تحقيق موجبات القانون من جهة الدعوى العمومية - هى خصم عام تختص بمركز قانونى خاص يجيز لها أن تطعن فى الحكم - وإن لم يكن لها كسلطة اتهام مصلحة خاصة فى الطعن - بل كانت المصلحة هى للمحكوم عليه من المتهمين، ولما كانت مصلحة المجتمع تقتضى أن تكون الإجراءات فى كل مراحل الدعوى صحيحة وأن تبنى الأحكام فيها على تطبيق قانونى صحيح خال مما يشوبه من أسباب الخطأ والبطلان، فإن مصلحة النيابة العامة فى هذا الطعن تكون قائمة ولو أن الحكم قد قضى بمعاقبة المطعون ضده. لما كان ذلك، وكان البين من الإطلاع على الأوراق أن النيابة العامة أسندت إلى المطعون ضده وآخر تهمة إنتاج خبز أفرنكى صغير يقل عن الوزن المقرر كما أسندت إلى المطعون ضده تهمة عدم امساك سجل حركة الدقيق أيض، وقضت محكمة أول درجة بحبس كلا منهما ستة أشهر وغرامة 100 جنيه مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بالنسبة للمطعون ضده، فطعنا عليه بالاستئناف وقضت محكمة ثانى درجة غيابيا بقبول الاستئناف شكلا ورفضه موضوعا وتأييد الحكم المستأنف، ولما عارض قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به عن التهمة الأولى وبرءة المتهمين منها وتأييده بالنسبة للتهمة الثانية المنسوبة للمتهم الأول - المطعون ضده - وحده. ويبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه أورد فى ديباجته أن المعارضة قد أقيمت فى الميعاد عن حكم قابل لها مستوفية كافة شروطها القانونية، ومن ثم يتعين الحكم بقبولها شكلا. لما كان ذلك، وكان هذا التناقض بين ما أورده الحكم فى ديباجته وما انتهى إليه منطوقه - من قبول الاستئناف شكلا - لا يعدوا أن يكون مجرد خطأ فى الكتابة وذلة قلم ولم يكن نتيجة خطأ من المحكمة فى فهمها واقع الدعوى إذ لا يخفى هذا الخطأ على من يراجع الحكم كله، ومن ثم فهو لا يقدح فى سلامته. لما كان ذلك، وكان القضاء ببراءة المطعون ضده من التهمة الأولى يقتضى عدم إعمال حكم المادة 32 من قانون العقوبات ويستتبع حتما توقيع عقوبة التهمة الثانية وحده، وكانت هذه العقوبة على ما جرى به نص الفقرة الثانية من المادة 38 من قرار وزير التموين رقم 90 لسنة 1957 المعدل بالقرار رقم 190 لسنة 1959 هى الغرامة التى لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد عن مائة وخمسين جنيه، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى فى التهمة الثانية بتأييد الحكم المستأنف الذى قضى بالحبس والغرامة - يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون، مما يستوجب نقضه نقضا جزئيا وتصحيحه وفق القانون بتغريم المطعون ضده مائة جنيه عن التهمة الثانية.