مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثانى (من أول مارس سنة 2001 إلى آخر يونيه سنة 2001) - صـ 1123

(133)
جلسة 21 من مارس سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جودة عبد المقصود فرحات - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: السيد محمد السيد الطحان، وسامى احمد محمد الصباغ، مصطفى محمد عبد المعطى، احمد حلمى محمد احمد - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 34 لسنة 42 القضائية

أملاك الدولة العامة - الاملاك ذات الصلة بالرى - إزالة التعدى عليه
المادة (1، 4، 5، 9، 98) من قانون الرى والصرف الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1984.
اعتبر المشرع مجرى النيل وجسوره من الأملاك العامة ذات الصلة بالرى والصرف ولا يجوز التعدى عليها بإقامة أى عمل خاص أو إحداث تعديل فيها إلا بترخيص من وزارة الرى وطبقاً للشروط التى تحددها - فى حالة التعدى على منافع الرى دون الحصول على ترخيص فإن لمدير عام الرى المختص بعد انذار المخالف، إصدار قرار بإزالة التعدى أو المخالفة وإعادة الشئ إلى أصله على نفقة المخالف - هذا الاختصاص محدد لا يجوز ممارسته ضمن الأصل العام المقرر للوزير المختص بمقتضى حكم المادة 970 من القانون المدنى أو طبقاً للمادة (26) من قانون نظام الإدارة المحلية. الا اذا عهدت وزارة الرى باعتبارها صاحبة الاختصاص الأصيل فى الاشراف على هذه الأراضى والى جهة معينة من الجهات المنصوص عليها بالمادة (4) من قانون الرى والصرف بذلك الاشراف. تطبيق.


إجراءات الطعن:

فى يوم الأحد الموافق 8/ 10/ 1995 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 34/ 42 ق. ع فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالاسكندرية فى الدعوى رقم 1779/ 48 بجلسة 31/ 7/ 1995 القاضى بقبول الدعوى شكلا وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الوحدة المحلية لمركز ومدينة دمنهور المصروفات.
وطلب الطاعنون للأسباب الواردة بتقرير الطعن وقف تنفيذ الحكم بصفة مستعجلة وفى الموضوع بإلغائه والقضاء مجدداً برفض طلب وقف تنفيذ القرار وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وجرى اعلان عريضة الطعن إلى المطعون ضده على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأرت فيه قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وتحددت جلسة 21/ 12/ 1998 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا وتداولت نظره على النحو الثابت بمحاضرها إلى أن قررت إحالته إلى دائرة الموضوع لنظره بجلسة 12/ 12/ 1999، وقد نظرته هذه المحكمة بجلساتها المتتالية ثم قررت حجزه ليصدر فيه الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عن النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانوناً.
ومن حيث إن عناصر هذا النزاع تخلص حسبما يبين من الأوراق أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 1779 لسنة 48 ق أمام محكمة القضاء الإدارى بالاسكندرية طالباً الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 57/ 1994 الصادر من الوحدة المحلية لمركز ومدينة دمنور فيما تضمنه من إزالة التعديات الواقعة على امتداد جانبى ترعة المحمودية فى المسافة ما بين كوبرى اقلاقه حتى المستشفى العام بمدينة دمنهور المنسوبة إليه مع آخرين.
ونعى المدعى على القرار بمخالفته لحكم القانون وذلك لصدوره من غير مختص لان الارض الواقعة على جانبى ترعة المحمودية تخضع لاشراف مباشر من وزارة الرى وانه يقوم بسداد مقابل انتفاع لها بموجب ايصالات سنوية صادرة منها وأدرج اسمه كواضع يد على الارض بالكشوف الصادرة من مصلحة الضرائب العقارية بعد اجراء الجرد الفعلى لها، كما أدخلت المرافق للمبانى المقامة من مياه وكهرباء منذ اقامتها من أمد بعيد ولم يطرأ على الجهة الإدارية ما يفصح عن رغبة منها فى إنهاء هذه العلاقة الى أن فوجئ وغيره بصدور القرار المطعون فيه.
وبجلسة 31/ 8/ 1995 أصدرت المحكمة حكمها بوقف تنفيذ القرار والزمت الوحدة المحلية بمصروفاته واقامت المحكمة قضاءها على أساس ما استظهرته من الأوراق من أن الإدارة الهندسية بالوحدة المحلية لمركز ومدينة دمنهور قامت فى يناير 1994 بحصر الاشغالات والتعديات الواقعة على جانبى ترعة المحمودية ثم عرضت مذكرة بهذا الشأن على محافظ البحيرة الذى أشر بإرسال البيان بالتعديات لمصلحة الرى وموافاة المحافظة بما يتم، وعلى ذلك فقد تم اخطار مديرية الرى بالبحيرة، الا ان الإدارة الهندسية بالوحدة المحلية لمدينة ومركز دمنهور أعدت من جانبها مذكرة فى 5/ 2/ 1994 بشأن التعديات الواقعة على جانبى الترعة وما تسببه من تلوث للمياه وإشغال للطريق وقامت بعرضها على رئيس الوحدة الذى وافق عليها واصدر قراره رقم 57/ 1994 المطعون فيه متضمناً إزالة هذه التعديات وأضافت المحكمة بأن الاختصاص فى الازالة بالنسبة للحالة القائمة معقود لمدير عام الرى المختص، وعلى ذلك يكون قرار الازالة المذكور صدر من غير مختص مما يجعله مخالفاً للقانون مرجع الإلغاء ومن ثم يتوافر ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذه إلى جانب تحقق ركن الاستعجال لما يترتب على هذا التنفيذ من نتائج قد يتعذر تداركها بحرمان المدعى من الانتفاع بالبناء الذى اقامه.
وخلصت المحكمة من ذلك لقضائها السابق.
ومن حيث إن هذا القضاء لم يلق قبولاً من جانب الجهة الإدارية فقد أقامت عليه طعنها ناعية على الحكم مخالفته للقانون والخطأ فى تطبيقه تأسيساً على أن السند الذى قام عليه الحكم هو صدور القرار من سلطة غير مختصة بينما ان حق إزالة التعديات والمخالفات المتعلقة بالرى والصرف وتجريف التربة هى من الامور التى تختص بها المحافظة فى اطار السياسة العامة والقواعد التى تضعها وزارة الرى وذلك حسبما نصت عليه المادة (12) من اللائحة التنفيذية لقانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43/ 1979 والذى ناطت المادة (26) منه للمحافظ ان يتخذ الاجراءات الكفيلة بحماية املاك الدولة العامة والخاصة وازالة ما يقع عليها من تعديات بالطريق الإدارى ولما كانت الارض الواقعة على جانبى ترعة المحمودية مخصصة للمنفعة العامة فمن ثم يكون البناء عليها يعد صورة من صور التعدى على املاك الدولة الخاصة، وينبغى ازالته بالطريق الإدارى.
وخلصت الهيئة الطاعنة من تقرير طعنها إلى طلباتها السابقة.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن سلطة وقف تنفيذ القرارات الإدرية مشتقة من سلطة الإلغاء وفرع منها مردهما الى الرقابة القانونية التى يسلطها القضاء الإدارى على القرار على أساس وزنه بميزان القانون وزناً مناطه مبدأ المشروعية، فوجب على القضاء الإدارى ألا يوقف قراراً إدارياً الا إذا تبين له على حسب الظاهر من الأوراق ومع عدم المساس بأصل طلب الإلغاء عند الفصل فيه أن طلب وقف التفيذ يقوم على ركنين الأول: قيام الاستعجال بأن كان يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها والثانى: يتصل بمبدأ المشروعية بأن كان ادعاء الطالب فى هذا الشأن قائما بحسب الظاهر على أسباب جدية، وكلا الركنين من الحدود القانونية التى تحد سلطة القضاء الإدارى وتخضع لرقابة المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث انه فيما يتعلق بركن الجدية فإن المادة الأولى من قانون الرى والصرف الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1984 تنص على ان الاملاك العامة ذات الصلة بالرى والصرف هى: أ - مجرى النيل وجسوره وتدخل فى مجرى النيل جميع الاراضى الواقعة بين الجسور ويستثنى من ذلك كل أرض أو منشأة تكون مملوكة ملكية خاصة للدولة أو لغيرها.
ب - الرياحات والترع العامة المصارف العامة وجسورها - وتدخل فيها الاراضى والمنشآت الواقعة بين تلك الجسور مالم تكن مملوكة ملكية خاصة للدولة أو لغيرها.
وتنص المادة (4) على أن تشرف وزارة الرى على الاملاك العامة المنصوص عليها فى المادة (1) من هذا القانون، ومع ذلك يجوز للوزارة أن تعهد بالاشراف على أى جزء من هذه الاملاك الى احدى الوزارات أو المصالح العامة أو وحدات الإدارة المحلية أو الهيئات العامة ولا يجوز لهذه الجهات أن تقيم منشآت أو تغرس أشجاراً فى هذه الأملاك أو أن ترخص فى ذلك الا بعد موافقة وزارة الرى.
كما تنص المادة (5) على أن " تحمل بالقيود الآتية لخدمة الاغراض العامة للرى والصرف الاراضى المملوكة ملكية خاصة للدولة أو لغيرها من الاشخاص الاعتبارية العامة أو الخاصة أو المملوكة للأفراد والمحصورة بين جسور النيل أو الترع أو المصارف العامة وكذلك الاراضى الواقعة خارج جسور النيل لمسافة ثلاثين متراً وخارج منافع الترع والمصارف لمسافة عشرين متراً ولو كان عهد بالاشراف عليها إلى احدى الجهات المشار إليها فى المادة السابقة.
أ - ........... ب - ............ ج - لا يجوز بغير ترخيص من وزارة الرى اجراء عمل بالاراضى المذكورة أو إحداث حفر بها من شأنه تعريض سلامة الجسور للخطر أو التأثير فى التيار تأثيراً يضر بهذه الجسور أو بأراضى أو منشآت أخرى.
وتنص المادة (9) على أنه " لا يجوز اجراء أى عمل خاص داخل حدود الاملاك العامة ذات الصلة بالرى والصرف أو أحداث تعديل فيها الا بترخيص من وزارة الرى.
وتقضى المادة (98) بأن لمهندس الرى المختص عند وقوع تعد على منافع الرى والصرف أن يكلف من استفاد من هذا التعدى بإعادة الشئ لأصله فى ميعاد يحدده، فإذا لم يقم المستفيد بإعادة الشئ لأصله فى الموعد المحدد يكون لمدير عام الرى المختص اصدار قرار بازالة التعدى ادارياً وذلك مع عدم الاخلال بالعقوبات المقررة فى هذا القانون.
ومن حيث إن مفاد هذه النصوص ان المشرع اعتبر مجرى النيل وجسوره من الاملاك العامة ذات الصلة بالرى والصرف وانه لا يجوز التعدى عليها باقامة أى عمل خاص أو أحداث تعديل فيها الا بترخيص من وزارة الرى وطبقاً للشروط التى تحددها سواء كان ذلك بالنسبة لما هو محصور فيها بين جسور النيل أو الترع العامة أو المصارف العامة، وكذلك الاراضى الواقعة خارج جسور النيل لمسافة ثلاثين متراً أو خارج منافع الترع والمصارف لمسافة عشرين متراً، وفى حالة التعدى على منافع الرى دون الحصول على ترخيص فإن لمدير عام الرى المختص بعد انذار المخالف اصدار قرار بازالة التعدى أو المخالفة وإعادة الشئ الى أصله على نفقة المخالف. وهذا الاختصاص محدد لا يجوز ممارسته ضمن الأصل العام المقرر للوزير المختص بمقتضى حكم المادة 970 من القانون المدنى أو طبقاً للمادة (26) من قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43/ 1979 الا اذا عهدت وزارة الرى باعتبارها صاحبة الاختصاص الأصيل فى الاشراف على هذه الأراضى وإلى جهة معينة من الجهات المنصوص عليها بالمادة (4) من قانون الرى والصرف بذلك الاشراف، ومن ثم يكون لها فى هذه الحالة ممارسة ذلك الاختصاص وحيث انه لم يثبت ذلك من الأوراق فإنه لا يجوز لجهة أخرى مباشرة هذا الاختصاص لما فى ذلك من اهدار لإعمال حكم القانون وافتئات على اختصاص محدد فيه معقود لمدير عام الرى المختص مما يجعل قرار رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة دمنهور الصادر فى هذا الشأن غير صحيح ومرجع الإلغاء عند الفصل فى موضوع الدعوى وهو ما يتوافر معه ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذ القرار إلى جانب تحقق ركن الاستعجال لما يترتب على التنفيذ به من تفويت لحق الانتفاع بالمبنى.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وقد أخذا بهذا النظر فإنه يكون أصاب وجه الحق وجاء متفقاً وصحيح حكم القانون مما يجعل الطعن عليه غير قائم على سند صحيح حقيقا بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.