مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثانى (من أول مارس سنة 2001 إلى آخر يونيه سنة 2001) - صـ 1131

(134)
جلسة 21 من مارس سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جودة عبد المقصود فرحات - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: سامى أحمد محمد الصباغ، وأحمد عبد العزيز أو العزم، ومصطفى محمد عبد المعطى، وأحمد حلمى محمد أحمد - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 7988 لسنة 45 القضائية

تفويض - الحاكم العسكرى - التفويض فى الاختصاص - تفويض المحافظين فى الاختصاصات المفوضة لوزير الزراعة.
المادة الثانية من أمر رئيس الجمهورية رقم 1 لسنة 1996 بتعيين نائب الحاكم العسكرى العام المادة الأولى، المادة الثانية من أمر نائب الحاكم العسكرى رقم 1 لسنة 1996 بحظر تبوير وتجريف الأراضى الزراعية وإقامة مبانى أو منشآت عليها.
المادة الأولى - المادة الثانية من أمر نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة واستصلاح الأراضى رقم 572 لسنة 1996.
فوض نائب الحاكم العسكرى وزير الزراعة بالأمر بوقف الأعمال المخالفة المبينة بالأمر المذكور وبإعادة الحال إلى ما كانت عليه بالطريق الإدارى على نفقة المخالف لحين صدور حكم فى الدعوى - أيا ما كان وجهة الرأى فى مدى سلامة التفويض الممنوح لوزير الزراعة ما كان يجوز لوزير الزراعة على النحو الوارد بقراره رقم 572 لسنة 1996 أن يفوض المحافظين فى مباشرة الاختصاصات المفوضة إليه لمخالفة ذلك للمبدأ المستقر عليه فقها وقضاء بان التفويض الجائز وفقاً للقواعد العامة. انما ينصرف إلى الاختصاصات الأصلية التى يستمدها المفوض من القوانين واللوائح مباشرة أما الاختصاصات المستمدة من سلطة عليا بناء على قواعد التفويض فإنه لا يجوز أن يفوض فيها بل عليه أن يمارس تلك الاختصاصات بنفسه. تطبيق.


إجراءات الطعن:

فى يوم الإثنين الموافق 13/ 8/ 1999 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 7988 لسنة 45 ق عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة فى الدعوى رقم 9009 لسنة 52 ق بجلسة 29/ 6/ 1999 والقاضى بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه بالنسبة للمدعى وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنون - للأسباب الواردة بتقرير الطعن بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتى التقاضى.
وقدم تم إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق، وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 17/ 10/ 2000، وبجلسة 19/ 12/ 2000 قررت إحالته إلى هذه المحكمة والتى نظرته بجلسة 3/ 1/ 2001 وفيها قررت إصدار الحكم من الطعن بجلسة اليوم، وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه المقررة.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق - فى انه بتاريخ 19/ 8/ 1998 أودع المطعون ضده صحيفة الدعوى رقم 9018/ 52 ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة طلب فى ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر بإزالة المبنى المملوك له مع إلزام المدعى عليهم بان يؤدوا له متضامنين مبلغ مائة ألف جنيه تعويضاً عما لحقه من أضرار من جراء القرار المطعون فيه، وقال شرحاً للدعوى أنه بتاريخ 13/ 8/ 1998 فوجئ بحملة من الإدارة الزراعية بالبدرشين تقوم بإزالة مبنى يمتلكه بشارع متفرع من شارع عمر بن العاص بالبدرشين بالجيزة استناداً إلى صدور قرار بإزالته فقام بتحرير محضر إدارى رقم 2940 لسنة 98 إدارى البدرشين بتاريخ 14/ 8/ 98 أثبت فيه التلفيات التى حدثت به بناء على محاولة إزالته، وينعى المدعى على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون لأن البناء قرار محل الإزالة المطعون فيه صادر له رخصة من مجلس مدينة البدرشين برقم 56/ 97 بناء على قرار محافظ الجيزة بالتصريح بالبناء على الأراضى الزراعية المتخللة للكتلة السكنية والمودع بملف الترخيص فضلاً عن وجود إفادة صادرة من مسئول حماية الأراضى الزراعية تفيد بان الأراضى محل القرار المطعون فيه لا تصلح للزراعة وغير محرر لها محضر مخالفة وتلك الإفادة مودعة بملف ترخيص البناء وإذ أن الإزالة يترتب عليها نتائج يتعذر تداركها مما يحق له طلب وقف تنفيذه.
وعن طلب التعويض أوضح المدعى فى دعواه أن قيام الإدارة بمنحه رخصة بناء ثم إزالة البناء فيما بعد يؤدى إلى توافر ركن الخطأ فى مسلك الجدية الإدارية وقد ترتب على هذا الخطأ العديد من الأضرار المادية والأدبية المتمثلة فى حرمانه من الانتفاع بملكه وتكبده نفقات باهظة لاعادته إلى ما كان يحق له معه طلب التعويض عن القرار المطعون فيه.
وبجلسة 29/ 2/ 1999 صدر الحكم المطعون فيه، وأقامت المحكمة قضاءها على أن البادى من ظاهر الأوراق أن جهة الإدارة نسبت للمدعى قيامه بتبوير مساحة نصف قيراط - بناحية البدرشين وحررت ضده محضر المخالفة رقم 19/ 1/ 101 ثم أصدرت القرار رقم 1238 لسنة 1998 بوقف أسباب المخالفة وإزالتها على نفقة المدعى، وحيث إن جهة الإدارة لم تقدم محضر المخالفة المشار إليه لتستشف منه المحكمة اوجه مخالفة المدعى لحكم المادة (151) من قانون الزراعة، كما أن القرار المطعون فيه قد صدر مقتضياً فى أسبابه بعدم بيان اوجه التبوير التى نسبت للمدعى ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد صدر مفتقدا لركن السبب المبرر له وبالتالى يتوافر ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذه فضلا عن توافر ركن الاستعجال يترتب عليه تنفيذ القرار المطعون فيه نتائج يتعذر تداركها تتمثل فى إزالة منزل المدعى وعلى نفقته دون سند مشروع.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه لان القرار المطعون فيه صدر إعمالاً لأحكام الأمر العسكرى رقم 1 لسنة 1996 والذى أوجب فى نصوصه وقف الأعمال المخالفة ثم إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل المخالفة، وإذ قام المطعون ضده بارتكاب أفعال من شأنها تبوير الأرض الزراعية الأمر الذى حدا بالجهة الإدارية لإصدار قرارها المطعون فيه ولا تثريب عليها فى ذلك فضلاً عن إنها ستقوم بتقديم محضر المخالفة والمستندات القاطعة فى الدعوى عند نظر الطعن أمام المحكمة مما تنهار معه القرينة المؤقتة التى قام عليها الحكم المطعون فيه ويتعين معه والحال كذلك القضاء بإلغائه ورفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
ومن حيث إنه صدر أمر رئيس الجمهورية رقم 1 لسنة 1996 بتعيين نائب الحاكم العسكرى العام ونص فى مادته الثانية على أن " يفوض السيد الدكتور/ ........ رئيس مجلس الوزراء ووزير التخطيط ونائب الحاكم العسكرى العام فى كافة اختصاصاته رئيس الجمهورية المنصوص عليها فى القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ. ثم صدر أمر نائب الحاكم العسكرى العام رقم 1 لسنة 1996 بحظر تبوير وتجريف الأراضى الزراعية وإقامة مبانى أو منشآت عليها ونص فى مادته الأولى على أن " يحظر على مالك الأرض الزراعية أو حائزها أياً كانت صفته ما يلى:
1 - ارتكاب أى فعل أو الامتناع عن أى عمل من شأنه الأرض الزراعية أو المساس بخصوبتها.
2 - تجريف الأرض الزراعية أو نقل الأتربة منها لغير أغراض تحسينها زراعياً أو المحافظة على خصوبتها.
3 - إقامة أية مبانى أو منشآت على الأرض الزراعية أو اتخاذ أى إجراءات بشأن تقسيمها لهذه الأغراض ....... ".
وتنص المادة الثانية على انه: " مع عدم الإخلال بأية عقوبة اشد ينص عليها قانون العقوبات أو أى قانون آخر يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنوات كل من يخالف أى حكم من أحكام المواد السابقة، ويحكم فضلاً على العقوبة بمصادرة جميع وسائل النقل والآلات والمعدات المستخدمة فى ارتكاب الجريمة والمواد المستخلصة فيها وفى جميع الأحوال لوزير الزرعة أن يأمر بوقف الأعمال المخالفة وبإعادة الحال إلى ما كانت عليه بالطريق الإدارى على نفقة المخالف لحين صدور حكم فى الدعوى ".
ومن حيث إنه صدر قرار نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة واستصلاح الأراضى رقم 572 لسنة 1996 ونص فى مادته الأولى على أن يفوض السادة المحافظون كل فى دائرة اختصاصه المخولة له بالامر العسكرى رقم 1 لسنة 1996 المشار إليه ووقف الأعمال المخالفة ووقف أسبابها وإعادة الحال إلى ما كانت عليه بالطريق الإدارى على نفقة المخالف وذلك فى جميع المخالفات المنصوص عليها فى المادة الأولى من هذا الأمر.
ونص فى مادته الثانية على أن " يلقى كل حكم آخر يخالف أحكام هذا القرار.
ومن حيث إن مفاد ما سبق أن الحاكم العسكرى العام قد فوض بمقتضى قراره رقم 1 لسنة 1996 رئيس مجلس الوزراء ونائب الحاكم العسكرى فى مباشرة كافة اختصاصات رئيس الجمهورية المنصوص عليها فى قانون الطوارئ رقم 162 لسنة 1998 واستنادا لهذا القانون واستمدادا من هذا التفويض اصدر نائب الحاكم العسكرى العام أمره رقم 1 لسنة 1996 - وفوض فيه وزير الزراعة بالأمر بوقف الأعمال المخالفة المبينة بالأمر المذكور الحال إلى ما كانت عليه بالطريق الإدارى على نفقة المخالف لحين صدور حكم فى الدعوى، وأيا ما كان وجه الرأى فى مدى سلامة التفويض الممنوح لوزير الزراعة مما كان يجوز لوزير الزراعة على النحو الوارد بقراره رقم 572 لسنة 1996 - أن يفوض المحافظين فى مباشرة الاختصاصات المفوضة إليه لمخالفة ذلك للمبدأ المستقر عليه فقها وقضاء بأن التفويض الجائز وفقاً للقواعد العامة إنما ينصرف إلى الاختصاصات الأصلية التى يستمدها المفوض من القوانين واللوائح مباشرة، أما الاختصاصات التى يستمدها الركن الإدارى من سلطة عليا بناء على قواعد التفويض فإنه لا يجوز أن يفوض فيها، بل عليه أن يمارس تلك الاختصاصات المعترضه بنفسه.
ومن حيث إن البين من ظاهر الأوراق أن القرار المطعون فيه صدر من محافظ الجيزة طبقاً لقرار وزير الزراعة رقم 572 لسنة 1996 المشار إليه - وذلك بإزالة مخالفة البناء على الأرض الزراعية التى قام بها المطعون ضده فإنه يكون بحسب الظاهر من الأوراق صدر بالمخالفة للقانون مما يتوافر معه ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذه فضلاً عن توافر ركن الاستعجال لما فى تنفيذ القرار المطعون فيه من تشريد للمطعون ضده وأسرته مما يتعين معه وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب وإن كان لغير ذلك من الأسباب فإنه يكون متفقاً وأحكام القانون ويكون الطعن عليه على غير أساس جديرا بالرفض مع إلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.