أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الأول - السنة 22 - صـ 119

جلسة 31 من يناير سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ نصر الدين عزام، وعضوية السادة المستشارين/ سعد الدين عطية، ومحمود عطيفة، والدكتور محمد محمد حسنين، وطه الصديق دنانة.

(29)
الطعن رقم 1542 لسنة 40 القضائية

إثبات. "خبرة". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". قتل خطأ. ليس للمحكمة أن تستند فى دحض ما قال به الخبير الفنى إلى معلومات شخصية. عليها استجلاء الأمر بالاستعانة بغيره من أهل الخبرة. مثال لتسبب معيب فى جريمة قتل خطأ.
من المقرر أنه لا يسوغ للمحكمة أن تستند فى دحض ما قال به الخبير الفنى إلى معلومات شخصية، بل يتعين عليها إذا ما سارها الشك فيما قرره الخبير فى هذا الشأن أن تستجلى الأمر بالاستعانة بغيره من أهل الخبرة لكونه من المسائل الفنية البحت التى لا يصح للمحكمة أن تحل محل الخبير فيها. ولما كان يبين من الإطلاع على أوراق القضية أن ما استند إليه الحكم فى إثبات توافر ركن الخطأ فى حق الطاعنين من الجزم بأنه ثمة خللا سابقا قد ظهر فى البناء لم يبادر الطاعنون بإصلاحه يخالف ما شهد به مدير الأعمال الهندسية أمام المحكمة من أنه لا يستطيع نفى أو إثبات ظهور الخلل فى تاريخ سابق على الحادث، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوبا بالقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال مما يعيبه ويستوجب نقضه والإحالة.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما فى يوم 23/ 10/ 1967 بدائرة قسم شبرا: تسببا خطأ فى موت لندا جرجس حنا وإصابة فايزة وليم إبراهيم وكان ذلك ناشئا عن إهمالهما بأن لم يواليا منزلهما بالترميم فسقط جزء منه فوق المجنى عليهما فأحدث بهما الإصابات المبينة بالتقرير الطبى والتى أدت إلى موت الأولى. وطلبت عقابهما بالمادتين 238/ 1 و244/ 1 من قانون العقوبات. ومحكمة شبرا الجزئية قضت غيابيا ببراءة المتهمين مما أسند إليهما. فاستأنفت النيابة هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت عملا بمادتى الاتهام حضوريا وبإجماع الآراء بقبول استئناف النيابة شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وتغريم كل من المتهمين خمسين جنيها. فطعنت وكيلة المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث أن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمتى القتل الخطأ والإصابة الخطأ قد شابه قصور فى الاستدلال ذلك بأن دفاع الطاعنين قام على أن المسئول عن الحادث هو المقاول الذى قام بتشييد البناء إلا أن الحكم أطرح هذا الدفاع بمقولة أن سقوط حلية مدخل منزلهما فجأة الذى نجم عنه الحادث يرجع إلى خلل سابق فى البناء لم يقوما بإصلاحه. الأمر الذى لا يتفق مع ما شهد به مدير الأعمال الهندسية أمام محكمة أول درجة من أنه لا يستطيع الجزم بظهور خلل فى المبنى سابق على تاريخ الحادث.
وحيث أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما مؤداه أن الحلية المركبة بسقف منزل الطاعنين سقطت فجأة فوق المجنى عليهما أثناء خروجهما من المنزل وأدت إلى قتل أولتهما وإصابة الثانية، عرض لدفاع الطاعنين ورد عليه فى قوله: "وحيث أن الثابت من شهادة السيد مدير الأعمال أمام محكمة أول درجة أنه كان يتعين على مالكى المنزل أى المتهمين ترميم المبانى عند ظهور خلل فى البياض، ومن ثم ترى المحكمة أن سقوط الحلية على هذا النحو فجأة فوق المجنى عليهما لا يحدث فجأة إلا إذا كان هناك خلل سابق لم يقم المتهمون بإصلاحه..." لما كان ذلك، وكان يبين من الإطلاع على أوراق القضية أن ما استند إليه الحكم فى إثبات توافر ركن الخطأ فى حق الطاعنين من الجزم بأن ثمة خللا سابقا قد ظهر فى البناء لم يبادر الطاعنين بإصلاحه يخالف ما شهد به مدير الأعمال الهندسية أمام المحكمة من أنه لا يستطيع نفى أو إثبات ظهور الخلل فى تاريخ سابق على الحادث. وكان من المقرر أنه لا يسوغ للمحكمة أن تستند فى دحض ما قال به الخبير الفنى إلى معلومات شخصية، بل كان يتعين عليها إذا ما سارها الشك فيما قرره الخبير فى هذا الشأن أن تستجلى الأمر بالاستعانة بغيره من أهل الخبرة لكونه من المسائل الفنية البحتة التى لا يصح للمحكمة أن تحل محل الخبير فيها. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوبا بالقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال بما يعيبه ويستوجب نقضه والإحالة.