مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثانى (من أول مارس سنة 2001 إلى آخر يونيه سنة 2001) - صـ 1143

(136)
جلسة 18 من مارس سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أحمد الحسينى مسلم - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ أحمد إبراهيم عبد العزيز تاج الدين، وأحمد عبد الحليم أحمد صقر، ود. محمد ماهر أبو العينين حسين، وأحمد محمد حامد محمد حامد نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 526 لسنة 42 القضائية

توجيه وتنظيم أعمال البناء - إختصاص - لا يجوز تفويض المحافظ فى إختصاصاته بإصدار قرارات الإزالة المنصوص عليها فى المادة (16) من القانون 106/ 1976 إلى مستشاره للشئون الفنية والهندسية وإلا ترتب عليه بطلان التفويض - أساس ذلك نص المادة (31) من قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979 بإعتبارها تمثل الشريعة العامة بالنسبة لتفويض المحافظين فى اختصاصاتهم - تطبيق.


إجراءات الطعن:

فى يوم الخميس الموافق 30/ 11/ 1995 أودع الأستاذ/ ...... المحامى نائباً عن الأستاذ/ .... المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارة العليا - تقرير الطعن الماثل - فى الحكم المشار إليه بعاليه والذى قضى بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعى المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب المبنية بتقرير الطعن الحكم بقبوله شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بإلغاء القرار رقم 179 لسنة 1978.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهم بصفاتهم فى مواجهة هيئة قضايا الدولة على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانون فى الطعن إرتأت فيه الحكم بقبوله شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 179 لسنة 1987 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة على النحو المبين بالمحاضر، حيث أودع الطاعن مذكرتى دفاع وحافظتى مستندات، كما أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن المطعون ضدهم بصفاتهم حافظة مستندات ومذكرة دفاع وبجلسة 28/ 11/ 2000 قررت إحالة الطعن إلى الدائرة الخامسة (موضوع) لنظره بجلسة 7/ 1/ 2000 والتى تظرته بهذه الجلسة وفيها قررت إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم، حيث أصدرت هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانوناً.
من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر فى 29/ 12/ 1994، وبتاريخ 13/ 2/ 1995 تقدم الطاعن بطلب الإعفاء رقم 100 لسنة 41 ق. ع والذى قضى برفضه بجلسة 1/ 10/ 1995 وفى 30/ 11/ 1995 أقام الطعن الماثل أمام المحكمة الإدارية العليا، وإذ إستوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية الأخرى، فمن ثم فإنه يكون مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذا النزاع تخلص حسبما يبين من الأوراق والمستندات والحكم المطعون فيه فى إنه بتاريخ 19/ 7/ 1988 أقام المدعى (الطاعن) إبتداء الدعوى رقم 10012 لسنة 88 مدنى - كلى وذلك بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة جنوب القاهرة الإبتدائية ضد المطعون ضدهم بصفاتهم طالباً فى ختامها الحكم بإلغاء القرار رقم 179 لسنة 1987 وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقال المدعى شرحاً لدعواه إنه صدر القرار المطعون فيه من المدعى عليه الثانى " رئيس حى جنوب القاهرة بصفته " ناسباً إليه إقامة مبان بدون ترخيص وطالباً إياه بالتصحيح، وينعى المدعى على هذا القرار مخالفته للقانون لسقوط المخالفة الصادر بناء عليها بالتقادم وذلك لإقامته المبانى فى أوائل عام 1983... وخلص المدعى إلى طلب الحكم له بطلباته سالفة الذكر، وبجلسة 6/ 4/ 1989 قضت المحكمة المذكورة بعدم إختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وأحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة، حيث قيدت بجدول المحكمة الأخيرة برقم 5503 لسنة 43 ق، والتى قامت بنظرها بجلساتها على النحو المبين بالمحاضر وبجلسة 29/ 12/ 1994 أصدرت المحكمة الحكم المطعون فيه والذى قضى بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعى المصروفات.. وشيدت قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن المدعى أقام الأدوار الأول والثانى والثالث بالأرضى بعقاره رقم (2) عطفة فاروز المتفرعة من شارع التونسى بالخليفة دون الحصول على ترخيص بذلك من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم بالإضافة إلى مخالفته لخط التنظيم، فيكون بذلك قد خالف أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 فى شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء، وإذ ثبت أن القرار المطعون فيه صدر من مستشار المحافظة للشئون الفنية والهندسية بناء على التفويض رقم 182 لسنة 1986 الصادر من محافظ القاهرة فمن ثم يكون القرار المطعون فيه قد صدر متفقاً مع صحيح القانون ويكون طلب الغاؤه والحالة هذه غير قائم على أساس صحيح من القانون ويتعين رفضه، ولم تعتد المحكمة بما دفع الطاعن من أن المخالفة مضى عليها أكثر من ثلاث سنوات ومن إن القرار لم يعرض على اللجنة المنصوص عليها بالمادة (16) من القانون رقم 106 لسنة 1976 على أساس أن القانون المشار إليه لم يتضمن نصا يقضى بسقوط المخالفات الواردة فيه بالتقادم. كما إن المخالفة التى بنى عليها القرار المطعون فيه من المخالفات التى يجوز فيها إصدار القرار بشأنها دون العرض على اللجنة المذكورة... وعليه خلصت المحكمة من ذلك إلى قضائها المتقدم.
ومن حيث إن الطعن الماثل يقوم على أساس إن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه ومشوباً بالفساد فى الإستدلال والإخلال بحق الدفاع للأسباب الأتية: 1 - فى شأن مخالفة القانون وبطلان الإجراءات ذلك أن القرار المطعون فيه صدر دون عرض المخالفة الصادر بشأنها على اللجنة المنصوص عليها فى المادة (16) من القانون رقم 106 لسنة 1976، مما يجعله باطلاً.
2 - فى شأن الخطأ فى تطبيق القانون والفساد فى الإستدلال، ذلك إن المخالفة المنسوبة إلى الطاعن والثابتة بالمحضر رقم 117 لسنة 1987 والصادر على أساسها القرار المطعون فيه هى بناء عقاره دون الإرتداد لمسافة 2.50 م عن المبانى القديمة وليس البناء على خط التنظيم كما ذهب إلى ذلك الحكم المطعون فيه، الأمر الذى يكون معه هذا الحكم مخالفاً للثابت بالأوراق.
3 - فى شأن الإخلال بحق الدفاع، ذلك إن الطاعن قد دفع بأن القرار المطعون فيه لم يوقع من المحافظ أو من ينيبه وإنه وقع من مستشار المحافظ للشئون الهندسية والفنية وأن الحكم المطعون فيه لم يقم بالرد على هذا الدفع، مما يجعله مخلاً بحق الطاعن فى الدفاع.
وعليه خلص الطاعن إلى طلب الحكم له بطلباته المسطرة بصدر هذا الحكم.
ومن حيث إن المادة (4) من القانون رقم 106 لسنة 1976 فى شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء مستبدلة بالقانون رقم 30 لسنة 1983 تنص على أنه "لا يجوز إنشاء مبان أو إقامة أعمال أو توسيعها أو تعديلها.... إلا بعد الحصول على ترخيص فى ذلك من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم".
وتنص المادة (15) من ذات القانون على أن " توقف الأعمال المخالفة بالطريق الإدارى ويصدر بالوقف قرار مسبب من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم ....".
وتنص المادة (16) من ذات القانون معدلة بالقانون رقم 30 لسنة 1983 قبل تعديلها بالقانون رقم 101 لسنة 1996 بمراعاة أن القرار المطعون فيه صدر قبل العمل بهذا القانون على أن " يصدر المحافظ المختص أو من ينيبه بعد أخذ رأى لجنة تشكل بقرار منه.... قرارا مسببا بإزالة أو تصحيح الأعمال التى تم وقفها... ومع عدم الإخلال بالمحاكمة الجنائية يجوز للمحافظ بعد أخذ رأى اللجنة المنصوص عليها فى الفقرة السابقة التجاوز عن الإزالة فى بعض المخالفات التى لا تؤثر على مقتضيات الصحة العامة أو أمن السكان أو المارة أو الجيران وذلك فى الحدود التى تبينها اللائحة التنفيذية.
وفى جميع الأحوال لا يجوز التجاوز عن المخالفات المتعلقة بعدم الإلتزام بقيود الإرتفاع المقررة طبقاً لهذا القانون أو لقانون الطيران المدنى الصادر بالقانون رقم 28 لسنة 1981 أو بخطوط التنظيم أو بتوفير أماكن لإيواء السيارات.
وللمحافظ المختص أن يصدر قراره فى هذه الأحوال دون الرجوع إلى اللجنة المشار إليها فى الفقرة الأولى ".
ومن حيث إن مفاد النصوص المتقدمة أن المشرع حظر على المخاطبين بأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 المشار إليه وتعديلاته إقامة المبانى والأعمال الأخرى المنصوص عليها فيه ولائحته التنفيذية دون الحصول على ترخيص فى ذلك من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم. وأناط المشرع بالمحافظ المختص أو من ينيبه فى حالة وقوع أى من المخالفات الواردة بالقانون المذكور أو لائحته التنفيذية إصدار قراراً مسبباً بإزالة أو تصحيح المخالفة شريطة أخذ رأى اللجنة المنصوص على تشكيلها فى المادة (16) المشار إليها، بيد أنه أوجب الإزالة بالنسبة للمخالفات المتعلقة بعدم الإلتزام بقيود الإرتفاع المقررة طبقاً لهذا القانون أو قانون الطيران المدنى أو بخطوط التنظيم أو بتوفير أماكن لإيواء السيارات، غير أنه حسبما جرى عليه قضاء هذه المحكمة يتعين صدور قرار الإزالة فى أى من هذه الحالات من المحافظ بنفسه ودون حاجة إلى عرض المخالفة على اللجنة الثلاثية المشار إليها فى الفقرة الأولى من القانون المذكور ". (الطعن رقم 871 لسنة 43 ق. ع جلسة 6/ 3/ 2000).
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على بطلان التفويض الصادر من محافظ القاهرة إلى مستشاره للشئون الفنية والهندسية بموجب القرار رقم 195 لسنة 1983 فى ممارسة إختصاصه بإصدار قرارات الإزالة المنصوص عليها فى المادة (16) من القانون رقم 106 لسنة 1976 تطبيقاً لنص المادة (31) من قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979 باعتبارها تمثل الشريعة العامة بالنسبة لتفويض المحافظين فى اختصاصاتهم .....".
(الطعن رقم 1330 لسنة 38 ق.ع جلسة 15/ 6/ 1997).
ومن حيث إنه على هدى ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق إنه نسب إلى الطاعن قيامه ببناء ثلاثة أدوار بالأرضى بدون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم ودون أن يرتد مسافة متران ونصف عن قديم المبانى أى مخالفاً لخط التنظيم بعقاره رقم (2) الكائن بعطفة فاروز بشارع التونسى - قسم الخليفة وتحرر عن ذلك ؛ محضر المخالفة 117 لسنة 1987 فى 11/ 8/ 1987، وبتاريخ 12/ 8/ 1987 أصدر مدير إدارة التنظيم بحى جنوب القاهرة القرار رقم 109 لسنة 1987 بايقاف الأعمال المخالفة وبتاريخ 10/12/1987 صدر القرار رقم 179 لسنة 1987 المطعون فيه من مدير عام منطقة الإسكان بحى جنوب القاهرة معتمدة من مستشار المحافظ للشئون الهندسية والفنية بإزالة الأعمال المخالفة المحرر بها المحضر رقم 117 لسنة 1987 دون عرض المخالفة على اللجنة الفنية المنصوص على تشكيلها فى المادة (16) من القانون رقم 106 لسنة 1976 المشار إليها. وبناء على قرار محافظ القاهرة رقم 195 لسنة 1983 بتفويض رؤساء الأحياء فى السلطات المخولة فى المادة (16) من القانون 106 لسنة 1976، ولما كان تفويض المستشار الهندسى للمحافظ صادراً إلى من لم يجز القانون تفويضه، فمن ثم يكون التفويض قد تم بالمخالفة لأحكام القانون ويكون تبعاً لذلك القرار المطعون فيه صادراً ممن لا يملك ولاية إصداره قانوناً، هذا فضلاً عن أن المخالفة محل القرار المطعون فيه لم تعرض على اللجنة الفنية المشار إلى تشكيلها فى المادة (16) المشار أليها قبل صدور هذا القرار بإزالتها، الأمر الذى يكون معه القرار المطعون فيه مخالفاً للقانون متعيناً القضاء بإلغائه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد صدر على خلاف ما تقدم، فمن ثم يكون مخالفاً لصحيح حكم القانون، مما يتعين معه الحكم بإلغائه والقضاء مجدداً بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المطعون ضدها المصروفات عن درجتى التقاضى تطبيقاً لنص المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات.