أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الأول - السنة 22 - صـ 139

جلسة 14 من فبراير سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ نصر الدين عزام، وعضوية السادة المستشارين: سعد الدين عطية، ومحمود عطيفة، والدكتور محمد حسنين، وطه دنانه.

(34)
الطعن رقم 1675 لسنة 40 القضائية

(أ، ب) تفتيش." إذن التفتيش. إصداره". بطلان. "بطلان التفتيش". إجراءات. حكم."تسبيبه. تسبيب معيب". إجراءات. محكمة الموضوع. "سلطها فى تقدير جدية التحريات".
( أ ) شروط صحة التفتيش الذى تجريه النيابة أو تأذن به؟
عدم إيجاب القانون تولى رجل الضبط بنفسه التحريات والأبحاث التى يؤسس عليها طلب الإذن بالتفتيش أو أن يكون على معرفة شخصية مسبقة بمن يطلب تفتيشه. له الاستعانة فيما يجريه من تحريات بمعاونيه من رجال السلطة وبالمرشدين السريين وبمن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم.
(ب) تقدير الظروف التى تبرر التفتيش. موضوعى. بشرط أن يكون سائغا.
شمول التحريات لأكثر من شخص فى بلاد مختلفة. وإجراء التفتيش أثناء حملة تفتيشية. لا يدلان بذاتهما على عدم جدية التحريات.
العبرة فى صحة الأعمال الإجرائية أو بطلانها. بالمقدمات.
(ج) حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
شروط خلو حكم البراءة من القصور؟
1 - من المقرر أن كل ما يشترط لصحة التفتيش الذى تجريه النيابة العامة أو تأذن بإجرائه فى مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه، هو أن يكون رجل الضبط القضائى قد علم من تحرياته واستدلالاته، أن جريمة معينة (جناية أو جنحة) قد وقعت من شخص معين، وأن يكون هناك من الدلائل والأمارات الكافية والشبهات المقبولة ضد هذا الشخص بقدر يبرر تعرض التحقيق لحريته أو لحرمة مسكنه فى سبيل كشف مبلغ اتصاله بتلك الجريمة، ولا يوجب القانون حتما، أن يتولى رجل الضبط القضائى بنفسه التحريات والأبحاث التى يؤسس عليها الطلب بالإذن له بتفتيش ذلك الشخص، أو أن يكون على معرفة شخصيه سابقه له، بل له أن يستعين فيما يجريه من تحريات أو أبحاث أو ما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم، ما دام أنه قد اقتنع شخصياً بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه عنهم من معلومات.
2 - لئن كان تقدير الظروف التى تبرر التفتيش من الأمور الموضوعية، التى يترك تقديرها لسلطة التحقيق الآمرة به، تحت رقابة وإشراف محكمة الموضوع، التى لها أن تعول على التحريات أو أن تطرحها جانبا، إلا أنه يشترط أن تكون الأسباب التى تستند إليها من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبته عليها. وإذ كان ذلك، وكان شمول التحريات لأكثر من شخص فى بلاد مختلفة، وإجراء التفتيش أثناء حملة تفتيشية، لا يكشف بذاته عن عدم جدية التحريات، لأنه لا يمس ذاتيتها، إذ الأعمال الإجرائية محكومة من جهة الصحة والبطلان بمقدماتها.
3 - يتعين على المحكمة، أن تورد فى حكمها ما يدل على أنها واجهت عناصر الدعوى، وألمت بها على وجه يفصح عن أنها فطنت إليها ووازنت بينها، وإذ لم يواجه الحكم المطعون فيه ما قام به الضابط بنفسه من تحريات، فإنه يكون مشوبا بالقصور.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه فى يوم 3 مايو سنة 1968 بدائرة مركز كفر صقر محافظة الشرقية: حاز بقصد الاتجار جواهر مخدرة (حشيش) فى غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بمواد الاتهام، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات الزقازيق قضت حضوريا عملا بالمادة 304 - 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم مما أسند إليه ومصادرة المخدر المضبوط. فطعنت النيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة إحراز المخدر قد شابه القصور وانطوى على الفساد فى الاستدلال، ذلك بأنه قضى ببطلان الأذن بالتفتيش لإبتنائه على تحريات غير جدية تأسيسا على أن الضابط عول فيها على المرشدين السريين مما حجب المحكمة عن تقدير مدى جديتها، وأن هذه التحريات شملت أشخاصا آخرين فى بلاد مختلفة، وتم تنفيذ الإذن أثناء حملة تفتيشة، فى حين أن الثابت من مدونات الحكم أن الضابط تحقق بنفسه من جدية التحريات التى استعان فيها بالمرشدين السريين، ويصح فى القانون أن - يستعين بهم رجل الضبط القضائى، فضلا عن أن شمول التحريات لأكثر من شخص وإجراء التفتيش فى حملة تفتيشية لا يؤدى إلى عدم جدية التحريات، مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الضابط شهد بأن تحرياته السرية والتى تأكدت من أقوال المرشدين السريين دلت على أن المطعون ضده وآخرين - يتجرون فى المواد المخدرة ويعملون على ترويجها، وإذ أذنت النيابة العامة بتفتيشهم وتفتيش منازلهم، قام الضابط أثناء حملة تفتيشية بضبط المخدر فى حيازة المطعون ضده، وانتهى الحكم إلى قبول الدفع ببطلان إذن النيابة لابتنائه على تحريات غير جدية تأسيسا على أن الضابط عول فى تحرياته على المرشدين السريين مما حجب المحكمة عن تقدير مدى جديتها وأن هذه التحريات شملت أشخاصا آخرين فى بلاد مختلفة وتم تنفيذ الإذن أثناء حملة تفتيشية ولم يواجه الحكم ما قام به الضابط بنفسه من تحريات. لما كان ذلك، وكان يتعين على المحكمة أن تورد فى حكمها ما يدل أنها واجهت عناصر الدعوى وألمت بها على وجه يفصح عن أنها فطنت إليها ووازنت بينها وإذ لم يواجه الحكم ما قام به الضابط بنفسه من تحريات، فإنه يكون مشوبا بالقصور، فضلا عن أنه من المقرر أن كل ما يشترط لصحة التفتيش الذى تجريه النيابة العامة أو تأذن بإجرائه فى مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه هو أن يكون رجل الضبط القضائى قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة (جناية أو جنحة) قد وقعت من شخص معين، وأن يكون هناك من الدلائل والأمارات الكافية والشبهات المقبولة ضد هذا الشخص بقدر يبرر تعرض التحقيق لحريته أو لحرمة مسكنه فى سبيل كشف مبلغ اتصاله بتلك الجريمة ولا يوجب القانون حتما أن يتولى رجل الضبط القضائى بنفسه التحريات والأبحاث التى يؤسس عليها الطلب بالإذن له بتفتيش ذلك الشخص أو أن يكون على معرفة شخصيه سابقه به، بل له أن يستعين فيما يجريه من تحريات أو أبحاث أو ما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرام ما دام أنه قد اقتنع شخصيا بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه من معلومات. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه وإن كان تقدير الظروف التى تبرر التفتيش من الأمور الموضوعية التى يترك تقديرها لسلطة التحقيق الآمرة به تحت رقابة وإشراف محكمة الموضوع التى لها ألا تعول على التحريات وأن تطرحها جانبا، إلا أنه يشترط أن تكون الأسباب التى تستند إليها. شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها، وكان شمول التحريات لأكثر من شخص فى بلاد مختلفة وإجراء التفتيش أثناء حملة تفتيشية، لا يكشف بذاته عن عدم جدية التحريات لأنه لا يمس ذاتيتها، إذ الأعمال الإجرائية محكومة من جهة الصحة والبطلان بمقدماتها، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوبا أيضا بالفساد فى الاستدلال مما يعيبه بما يوجب نقضه والإحالة.