مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثانى (من أول مارس سنة 2001 إلى آخر يونيه سنة 2001) - صـ 1163

(139)
جلسة 25 من مارس سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عادل محمود ذكى فرغلى - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ على فكرى حسن صالح، وأسامة محمود عبد العزيز محرم، وأحمد محمد حامد محمد، وعبد المنعم أحمد عامر - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 4405 لسنة 43 القضائية

هيئة الشرطة - ضباط - إنهاء خدمة للانقطاع - العذر المرضى - السلطة التقديرية للإدارة ورقابة القضاء التى تتمتع بها جهة الإدارة فى هذا الشأن - رقابة القضاء الإدارى (رقابة مشروعية)
المادة (73) من قانون هيئة الشرطة الصادر بالقانون رقم 109 لسنة 1971 تعتبر خدمة الضابط منتهية للانقطاع عن العمل فى حالتين الأولى: -
إذا لم يقدم فيها الضابط أسباباً تبرر إنقطاعه عن العمل، والثانية: - إذا قدم فيها الضابط هذه الأسباب ورفضتها جهة الإدارة كعذر يبرر الانقطاع.
وإن كانت هذه القرينة القانونية مقررة لصالح جهة الإدارة التى لها أن تقدر الأسباب المبررة لانقطاع الضابط أو ترفضها - إلا أن سلطتها التقديرية فى ذلك تجد حدها الطبيعى فى ألا يشوبها إساءة فى الممارسة أو إنحراف بالغاية منها - أثر ذلك - خضوع تلك السلطة لرقابة المشروعية لاسيما إذا كانت طبيعة العذر الذى يبديه الضابط المنقطع مما تقدره جهة فنية ناط بها القانون سلطة البت فيه من النواحى الفنية الخاصة كالمرض - إذ لا يجوز لجهة الإدارة فى هذه الحالة أن تستقل وحدها بتحديد طبيعة العذر بل عليها عرض الأمر على الجهة الطبية المختصة لتقرر ما تراه بشأنه - إلا أنه يحول بينها وبين هذا الإجراء عدم استجابة الضابط للإحالة إلى تلك الجهة وامتناعه عمداً عن المثول أمامها - حينئذ لا تثريب على جهة الإدارة أن هى التفتت عن عذر المرض واعتبرت خدمته منتهية - تطبيق.


إجراءات الطعن:

بتاريخ 9/ 6/ 1997 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعن (بصفته) قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 4405 لسنة 43 ق. ع فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى " دائرة الترقيات " بجلسة 14/ 4/ 1997 فى الدعوى رقم 139 لسنة 50 ق والقاضى بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة المصاريف.
وطلب الطاعن (بصفته للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض الدعوى موضوع الطعن مع إلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتى التقاضى.
وقد تم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو المبين بالأوراق وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بصفته المصروفات.
وتدوول الطعن أمام الدائرتين الثانية والثالثة بالمحكمة الإدارية العليا على النحو الثابت بمحاضر جلساتهما فحصاً وموضوعاً ثم أحيل إلى هذه الدائرة تنفيذاً لقرار رئيس مجلس الدولة بتحديد إختصاصات دوائر المحكمة الإدارية العليا، وبجلسة 31/ 12/ 2000 قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد أقيم فى الميعاد المقرر قانوناً مستوفياً إجراءاته الشكلية ومن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - فى أن المطعون ضده كان قد أقام الدعوى 138 لسنة 50 ق بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإدراى " دائرة الترقيات " بتاريخ 3/ 10/ 1995 وطلب فى ختامها الحكم بإلغاء القرار رقم 739 لسنة 1995 فيما تضمنه من فصله من الخدمة اعتباراً من 29/ 4/ 1994 وما يترتب على ذلك من آثار.
وقال شرحاً لدعواه أنه يعمل مقدم شرطة بوزارة الداخلية وقد قامت الوزارة بنقله فى 25/ 12/ 1991 إلى مديرية أمن أسيوط، وبعد نقله اعترته حالة مرضية فى 29/ 4/ 1994 وأبلغ المديرية بالأجازات المرضية التى منحت له بمعرفة التأمين الصحى بعد توقيع الكشف عليه وتأكدت المديرية من جدية الأجازات المرضية الممنوحة له من واقع المكاتبة رقم 1103 فى 22/ 6/ 1995 المرفق بها ثمانى صور إخطارات أجازات مرضية صادرة من التأمين الصحى ومعتمدة بشعار الجمهورية وهذا يؤكد علم المديرية بحالته المرضية ورغم ذلك أصدرت الوزارة القرار رقم 739 فى 29/ 4/ 1994، ونعى على هذا القرار مخالفته لأحكام القانون رقم 109 لسنة 1971 فى شأن هيئة الشرطة لأن القرار صدر فاقدا لسببه لأنه أبلغ جهة عمله بواقعة مرضه فور تعرضه للمرض وقدم الشهادات الطبية الصادرة من التأمين الصحى وهى الجهة المختصة بتوقيع الكشف الطبى عليه، ولأن القرار صدر مخالفاً للمادة 73 من القانون المذكور لعدم إنذاره من مغبة الانقطاع عن العمل مدة خمسة عشر يوماً حال أن الإنذار شرط هام وضرورى لصحة قرار الفصل، كما نعى على القرار بالتعسف فى استخدام السلطة.
وبجلسة 14/ 4/ 1997 أصدرت محكمة القضاء الإدارى الحكم المطعون فيه ويقضى بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة المصاريف.
وأقامت المحكمة قضاءها - بعد استعراض نص المادة 73 من القانون رقم 109 لسنة 1971 فى شأن هيئة الشرطة - على أساس أن الثابت بالأوراق أن سبب إنهاء خدمة المدعى (المطعون ضده) هو الانقطاع عن العمل بغير إذن اعتباراً من 29/ 4/ 1994 وأن الثابت من الأوراق أنه أبلغ جهة عمله بأنه مريض وتقدم إلى عيادة مدينة نصر التابعة للهيئة العامة للتأمين الصحى ومنح أجازة مرضية من تلك العيادة لمدة ستين يوماً إعتباراً من 12/ 5/ 1994 وأن الإدارة المركزية للجان الطبية بالهيئة العامة للتأمين الصحى أرسلت إلى مدير أمن أسيوط وجهة عمل المدعى كتابها رقم 1858 فى 18/ 5/ 1995 ضمنته أن المدعى تقدم بخطاب من إدارة الخدمات الطبية بفرع القاهرة للعرض على أخصائى العظام بالعيادة المذكورة بناء على تقدمه إلى إدارة الخدمات الطبية بأنه مريض ولا يقوى على السفر إلى جهة عمله وطلب عرضه على أى عيادة تأمين صحى بالقاهرة، وأنه يتمتع بمظلة التأمين الصحى ويحمل بطاقة التأمين الصحى، كما تضمن الكتاب المذكور أن المسئولين بإدارة الخدمات الطبية بفرع القاهرة أفادوا أنه من حق المنتفع بمظلة التأمين الصحى والذى يحمل بطاقة التأمين الصحى أن يعرض على أى عيادة طبية تابعة للتأمين الصحى بالمحافظة التى أبلغ عنها بمرضه طالما أنه أبلغ جهة عمله بمرضه ولا يستطيع السفر إلى العيادة الطبية للتأمين بجهة عمله بمحافظة أخرى وانتهى الكتاب المذكور إلى أن عيادة مدينة نصر للتأمين الصحى لم تتجاوز السلطات الممنوحة لها عند مناظرة المدعى أو عند منحه أجازة مرضية، وأضافت المحكمة أن عدم استجابته لما أخطر به من عرض نفسه على المجلس الطبى لهيئة الشرطة للبت فى فترة إنقطاعه عن العمل لا ينفى عنه أنه كان مريضاً فى تلك الفترة وفقاً لما هو ثابت من المستندات أما عن واقعة إمتناعه المذكورة فإن محل إحالته إلى التحقيق لبيان مدى المخالفة الإدارية التى ارتكبها وليس اعتبار المدة المذكورة إنقطاع دون إذن وترتيب الأثر القانونى لها بإنهاء خدمته، بالاضافة إلى أن الثابت أن الإدارة قامت بإنهاء خدمته دون إنذاره وذلك بالمخالفة لنص المادة 73 من قانون هيئة الشرطة التى اشترطت انذار الضابط المنقطع إنذاراً محدداً وباتاً وواضحاً حتى يمكن ترتيب الأثر القانونى على هذا الانقطاع وهو إنهاء الخدمة.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل مخالفة الحكم المطعون فيه والخطأ فى تطبيقه وتأويله لأنه بتطبيق حكم المادة 73 من القانون رقم 109 لسنة 1971 المشار إليه على حالة المطعون ضده يبين أنه قد ثبت بالأوراق حيث أبلغ بتاريخ 29/ 4/ 1994 بمرضه على عنوانه بالقناطر الخيرية فقامت جهة عمله "مديرية أمن أسيوط" بمخاطبة مديرية أمن القليوبية لإحالته إلى اللجنة الطبية بالقليوبية إلا أنه لم يمثل أمام هذا اللجنة حيث ورد بالبريد إخطار أجازة صادرة من الهيئة العامة للتأمين الصحى بمدينة نصر يفيد منحه أجازة مرضية، رغم أن جهة عمله لم تقم بإحالته لتلك اللجنة، ثم قامت جهة عمله بمخاطبة الهيئة العامة للتأمين الصحى للتأكد من مدى صحة الأجازة المشار إليها حيث أفادت بأن تلك الأجازة مخالفة للتعليمات المنظمة لمنح الأجازات المرضية والتى تنص على وجود خطاب تحويل رسمى من جهة العمل.
وقضيت الجهة الطاعنة أنه بتاريخ 25/ 12/ 1994 قام المجلس الطبى المختص بهيئة الشرطة بتكليف الرائد طبيب ........ من قوة المجلس الطبى بالتوجه إلى محل المطعون ضده بالقناطر الخيرية حيث تبين عدم وجوده بمنزله رغم إنذاره فى شخصه عن ضرورة التوجه للمجلس الطبى المختص لهيئة الشرطة لتوقيع الكشف الطبى عليه، وبتاريخ 6/ 2/ 1995 قامت جهة عمل المطعون ضده بمخاطبة مديرية أمن القليوبية لإعلانه بضرورة التوجه للمجلس الطبى المختص لهيئة الشرطة لتوقيع الكشف الطبى عليه حيث أنها الجهة الطبية التى سوف يتم تحويله عليها وقد تم ذلك فى شخصه وشخص زوج عمته، ثم توالت الإنذارات للمطعون ضده بضرورة التوجه لتوقيع الكشف الطبى عليه وإلا سوف تقوم الجهة الإدارية بتطبيق نص المادة 73/ 2 من قانون هيئة الشرطة باعتباره مستقيلاً عن العمل إلا أنه لم يمتثل رغم علمه بهذه الإنذارات حيث قرر أنه أعلن بمضمون هذه الانذارات وأن المجلس الطبى غير مختص بالكشف عليه الأمر الذى حدا بالجهة الإدارية إلى إصدار القرار المطعون فيه بإنهاء خدمة المطعون ضده للانقطاع عن العمل بدون إذن ومن ثم فإن هذا القرار يكون قائماً على سبب صحيح يبرره.
ومن حيث إن المادة 73 من قانون هيئة الشرطة الصادر بالقانون رقم 109 لسنة 1971 تنص على أن " يعتبر الضابط مقدماً إستقالته فى الأحوال الآتية ":
1 - إذا إنقطع عن عمله بغير إذن أكثر من خمسة عشر يوماً متتالية ولو كان الإنقطاع عقب أجازة مرخص له بها مالم يقدم خلال الخمسة عشر يوماً التالية، ما يثبت أن إنقطاعه كان بعذر مقبول..... فإذا لم يقدم الضابط أسباباً تبرر الانقطاع أو قدم هذه الأسباب ورفضت أعتبرت خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه عن العمل ويتعين إنذار الضابط كتابه بعد انقطاعه لمدة خمسة أيام ويوجه إليه الانذار فى محل إقامته المعروف لرئاسته ........ "
والمستفاد من حكم هذا النص أن مجال إعماله باعتبار خدمة الضابط منتهية للانقطاع عن العمل إنما يكون فى حالتين الأولى: هى التى لم يقدم فيها الضابط أسباب تبرر إنقطاعه عن العمل والثانية إذا قدم فيها الضابط هذه الأسباب ورفضتها جهة الإدارة كعذر يبرر الانقطاع.
ومن حيث إن القرينة القانونية الواردة بالمادة المذكورة وإن كانت مقررة لصالح جهة الإدارة التى لها أن تقدر الأسباب المبررة لانقطاع الضابط أو ترفضها إلا أن سلطتها التقديرية فى ذلك تجد حدها الطبيعى، ولاية سلطة تقديرية فى ألا يشوبها إساءة فى الممارسة أو إنحراف بالغاية منها الأمر الذى من شأنه إخضاع تلك السلطة لرقابة المشروعية لا سيما إذا كانت طبيعة العذر الذى يبديه الضابط المنقطع مما تقدره جهة فنية ناط بها القانون سلطة البت فيه من النواحى الفنية الخاصة كالمرض إذ لا يجوز لجهة الإدارة - فى هذه الحالة - أن تستقل وحدها - بتحديد طبيعة هذا العذر بل عليها عرض الأمر على الجهة الطبية المختصة لتقرر ما تراه بشأنه إلا أنه يحول بينها وبين هذا الإجراء عدم إستجابة الضابط للإحالة إلى تلك الجهة وامتناعه عمداً عن المثول أمامها فلا تثريب على جهة الإدارة حينئذ إن هى التفتت عن عذر المرض الذى أبداه هذا الضابط واعتبرت خدمته منتهية طبقاً لنص المادة 73 سالفة الذكر.
وحيث إنه بإعمال مقتضى نص هذه المادة والمبادئ المتقدمة على واقعة المنازعة وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده صدر قرار بنقله إلى مديرية أمن أسيوط إعتباراً من 25/ 12/ 1991 إلا أنه لم يقم بتنفيذه وأبلغ بمرضه بتاريخ 31/ 12/ 1991 وحصل على أجازة مرضية حتى 14/ 4/ 1992 ثم نفذ النقل لمدة أربعة أيام، وصرح له بأجازة دورية لمدة 15 يوماً من 19/ 5/ 1992 حتى 2/ 6/ 1992 إلا أنه لم يعد لعمله يوم 3/ 6/ 1992 وأبلغ بمرضه وحصل على الأجازات المرضية الآتية: -
من 3/ 6/ 92 إلى 7/ 9/ 1992 (المرض) إرتشاح دموى بالركبة اليمنى من 8/ 9/ 92 إلى 6/ 11/ 1992 (المرض) تمزق بأربطة الركبة اليسرى وارتشاح دموى بها.
من 7/ 11/ 92 إلى 23/ 12/ 1992 (المرض) ورم على الزائدة الدودية نتيجة التهابها.
من 28/ 12/ 92 إلى 5/ 4/ 1993 (المرض) ورم على الزائدة الدودية نتيجة التهابها.
من 6/ 4/ 93 إلى 19/ 10/ 1993 (المرض) تمزق بالأربطة وارتشاح بالركبة اليمنى والتهاب الفقرات القطنية.
من 20/ 10/ 93 إلى 28/ 4/ 1994 (المرض) التهاب شديد بمفصل القدم اليمنى وتمزق بالأربطة وارتشاح بالركبة اليمنى مع التهاب بالفقرات القطنية.
وقد تخلل هذه الأجازات المرضية مدة إنقطاع من 24/ 12/ 92 إلى 27/ 12/ 1992 ثم أبلغ بمرضه من 29/ 4/ 1994 على عنوانه القناطر الخيرية قليوبية 31 شاليه 7 بالتقسيم السياحى ثم ورد إلى جهة عمله (مديرية أمن أسيوط) بالبريد إخطار محرر فى 6/ 7/ 94 من الهيئة العامة للتأمين الصحى بمدينة نصر يفيد منحه أجازة مرضية لمدة ستين يوماً اعتباراً من 12/ 5/ 1994 وعلى ذلك طلبت مديرية أمن أسيوط من إدارة اللجان الطبية الإفادة عن مدى صحة الأجازة المرضية الممنوحة للمطعون ضده فأجابت الأخيرة أنه طبقاً لقرار وزير الصحة رقم 179 لسنة 1985 بشأن قواعد تنفيذ تأمين المرض والإصابة وقرار رئيس مجلس الإدارة رقم 113 لسنة 1983 بشأن إنتفاع المؤمن عليهم بمزايا العلاج والرعاية الطبية خارج نطاق المدن والمحافظات التى يعملون بها لا تمنح الأجازة المرضية بأى حال من الأحوال إلا بناء على إخطار رسمى من جهة العمل وطبقاً للسلطات المخولة بناء على القرارات المنظمة وعلى ضوء ذلك تعتبر هذه الأجازة " الممنوحة للمطعون ضده " مخالفة للتعليمات المنظمة لمنح الأجازات المرضية والتى تنص على ضرورة وجود خطاب تحويل رسمى من جهة العمل ولذا فإنه يتم تحويل المذكور إلى اللجنة الطبية المختصة التى تقع فى دائرة محل إقامته بخطاب رسمى معتمد، وبتاريخ 6/ 2/ 1995 طلبت مديرية أمن أسيوط من مديرية أمن القليوبية إعلان الضابط المذكور بالتوجه للمجلس الطبى المتخصص للشرطة بالخليفه لتوقيع الكشف الطبى عليه من 29/ 4/ 1994 بإعتباره الجهة الطبية التى سوف يتم تحويله عليها دون غيرها وقد تم إعلانه بذلك وإنذاره فى شخصه بموجب محضر إجراءات مؤرخ 15/ 3/ 1995 كما تم إعلانه بذلك وإنذاره فى شخصه بموجب محضر إجراءات مؤرخ 15/ 3/ 1995 كما تم إعلانه وإنذاره فى شخص زوج عمته بموجب محضر مؤرخ 29/ 3/ 1995.
وفى 5/ 4/ 1995 قامت مديرية أمن أسيوط (جهة عمل المطعون ضده) بإخطاره بخطابات مسجلة على عنوانه المعروف لديها " القليوبية، الهرم، الظاهر " بالتوجه للمجلس الطبى المتخصص للشرطة لتوقيع الكشف الطبى عليه وإلا تطبق عليه المادة 73/ 1 من قانون هيئة الشرطة فكان رده على هذا الإخطار أن المجلس الطبى للشرطة غير مختص بتوقيع الكشف الطبى عليه لأنه مقيم حالياً بالقليوبية، وأنه لا تنطبق عليه المادة 73/ 1 حيث أنه ليس منقطعاً عن العمل وإنما قد أبلغ بمرضه.
ومن حيث إن الثابت بالأوراق أنه بتاريخ 25/ 12/ 1994 تم تكليف الرائد طبيب ....... من قوة المجلس الطبى للشرطة بالتوجه لمحل إقامة الضابط المذكور بالقناطر الخيرية حيث تبين عدم تواجده بالمنزل، وتم إبلاغ عمته المقيمة بنفس المنزل بإعلانه للتوجه للمجلس الطبى للشرطة وتكرر توجه الطبيب على ذات العنوان إلا أنه لم يجد الضابط ووجد زوج عمته وأبلغه بإعلان الضابط للتوجه للمجلس الطبى المذكور ونظراً لما أفاد به زوج عمته بأن الضابط متواجد بمنزل والده بالظاهر تم تكليف النقيب طبيب/ ....... من قوة المجلس الطبى بالتوجه إلى هذا العنوان إلا أنه لم يجد الضابط " المطعون ضده " ووجد شقيقه فأبلغه بإعلانه بالتوجه إلى المجلس الطبى، وفى 16/ 3/ 1995 توجه النقيب الطبيب المذكور لمحل إقامة الضابط بالقناطر الخيرية حيث التقى به إلا أنه رفض توقيع الكشف الطبى عليه بمقولة أن المجلس الطبى للشرطة غير مختص بتوقيع الكشف الطبى عليه وفقاً لما أثبته الطبيب بالمحضر المرفق ضمن المستندات المقدمة من هيئة قضايا الدولة بجلسة 1/ 4/ 1996 ولم يجحد المطعون ضده ما جاء بها أو ينكره.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن المطعون ضده قد أدار مع الجهة الإدارية معركة للهروب من عمله مع الاحتفاظ بوظيفته مبيتاً النية على التخلص من أعبائها أو الإضطلاع بمسئوليتها، مع الإبقاء على ثمارها المادية والأدبية مستغلاً الضمانات التى يقررها القانون للعامل إستغلالاً سيئاً لا يقبله المنطق أو العقل فانقطع عن عمله منذ 29/ 4/ 1994 ولم يستجب لطلب جهة عمله التوجه إلى المجلس الطبى المتخصص للشرطة لتوقيع الكشف الطبى عليه طوال عام تقريباً بحجة أنه يقيم بالقليوبية خارج نطاق إختصاص هذا المجلس (القاهرة، الجيزة) ومع ذلك توجه إليه طبيبان من المجلس إلى محل إقامته سواء بالقناطر أو بالظاهر فلم يجداه وحين وجده أحد هذين الطبيبين بمنزله بالقناطر رفض الضابط توقيع الكشف الطبى عليه متحججاً بعدم إختصاصه الأمر الذى يكون إدعاؤه المرض وتقديمه إخطاراً بذلك من الهيئة العامة للتأمين الصحى دون مراعاة التعليمات الواجب مراعاتها فى هذا الشأن - لا أساس له من الواقع ولا يعدو أن يكون حلقة فى سلسة بدأها منذ صدور قرار نقله إلى مديرية أمن أسيوط للتحايل لعدم تنفيذ هذا القرار إذ ثبت مما تقدم أنه عند صدور قرار النقل إعتباراً من 25/ 12/ 91 لم يقم بتنفيذه وأبلغ بمرضه بتاريخ 31/ 12/ 91 حيث حصل على أجازة مرضية حتى 14/ 4/ 92 ثم صرح له بأجازة من 19/ 5/ 92 واستمر هذا الوضع حتى أنه لم يمكث بعد تنفيذ قرار النقل سوى أربعة أيام تقريباً الأمر الذى يقطع بأنه منذ نقله إلى مديرية أمن أسيوط عقد عزمه واستقرت نيته فى واقع الأمر على هجر الوظيفة وتوالى إنقطاعه تحت ستار الأجازة المرضية لأسباب لا تتفق وطبيعة التشخيص من جهات غير مختصة، ومن ذلك حصوله على أجازة مرضية لمدة تزيد على ثلاثة أشهر من 28/ 12/ 92 حتى 5/ 4/ 1993 نتيجة التهاب الزائدة الدودية، وعدة أجازات أخرى بسبب تمزق الأربطة والارتشاح بالركبة والتهاب فى الفقرات فى الوقت الذى اختفى عن محل إقامته حتى لا يجده طبيب المجلس الطبى للشرطة الذى توجه إليه أكثر من مرة لتوقيع الكشف الطبى وحين التقى به رفض صراحة توقيع الكشف الطبى عليه ومن ثم فإن إدعاءه المرض لا يسوغ التعويل عليه بأى حال من الأحوال بحسبانه ستارا يخفى مع عزوفه عنصر الاضطلاع بأعباء الوظيفة ويكون للجهة الإدارية إذا لم تقبل هذا العذر والتفتت عنه واعتبرت المطعون ضده مقدماً استقالته وأصدرت قرارها بإنهاء خدمته على هذا الأساس قد أعملت صحيح القانون وما يخولها نص المادة 73/ 1 من سلطات فى هذا الخصوص.
ولا ينال من ذلك القول بأن إنذار المطعون ضده بتطبيق نص المادة 73/ 1 من القانون رقم 109 لسنة 1971 إذا لم يعد إلى عمله - لا يكفى إذ لم تبين له الجهة الإدارية المقصود بتطبيق هذا النص وتوضح له مغبة إنقطاعه وهو إعتباره مقدماً إستقالته فهذا القول مردود بأن إنذار الجهة الإدارية للمطعون ضده حقق المقصود من النص بدليل رده على خطابها المتضمن هذا الإنذار بقوله " أن الفقرة 1 من المادة 73 من قانون هيئة الشرطة إنطوى مضمونها على الانقطاع عن العمل بدون عذر مقبول ولما كنت قد أبلغت المديرية بمرضى فإن هذا يعد إبلاغاً بالمرض وليس إنقطاعاً عن العمل وعليه فلا يوجد مبرر لتطبيق نص المادة 73/ 1 على حالتى " أى أنه كان على علم تام بما يترتب على إنقطاعه - إذ لم تقبل جهة الإدارة عذره - وهو إعتباره مقدماً إستقالته وبذلك يكون قرار وزير الداخلية رقم 739 لسنة 1995 بإنهاء خدمة المطعون ضده اعتباراً من 19/ 4/ 94 " تاريخ إنقطاعه عن العمل - بإعتباره مقدماً إستقالته لإنقطاعه عن العمل بغير إذن - قائماً على سببه ومطابقاً لصحيح أحكام القانون ويضحى طلب إلغائه على غير سند خليقا بالرفض.
وإذ ذهب الحكم المطعون إلى خلاف ذلك وقضى بإلغاء هذا القرار فإنه يكون مخالفاً لأحكام القانون متعيناً إلغاؤه والقضاء برفض الدعوى.
وحيث إن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا وألزمت المطعون ضده المصروفات عن الدرجتين.