أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الأول - السنة 22 - صـ 178

جلسة أول مارس سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ أنور أحمد خلف، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم الديوانى، ومحمد السيد الرفاعى، ومصطفى الأسيوطى، وحسن المغربى.

(43)
الطعن رقم 1683 لسنة 40 القضائية

(أ، ب) دعوى جنائية. "تحريكها". دعوى مباشرة. "تحريكها". دعوى مدنية. "تحريكها". نيابة عامة. "القيود التى ترد على حقها فى رفع الدعوى". بطلان. حكم. "بطلانه". نظام عام. محكمة استئنافية. "الإجراءات أمامها". إجراءات المحاكمة. نقض "أسباب النقض. ما يقبل منها".
( أ ) عدم جواز تحريك الدعوى الجنائية بالطريق المباشر عن الجرائم التى يرتكبها الموظف أو المستخدم العام أو أحد رجال الضبط أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها. قصر حق إقامة الدعوى الجنائية فى هذه الحالة على النائب العام أو المحامى العام أو رئيس النيابة.
(ب) إقامة الدعوى على المتهم ممن لا يملك رفعها قانونا. اتصال المحكمة فى هذه الحالة بالدعوى يكون معدوما. ليس لها أن تتعرض لموضوعها وإلا كان حكمها وما بنى عليه من إجراءات معدوم الأثر. ليس للمحكمة الاستئنافيه عند رفع الأمر إليها أن تتصدى لموضوع الدعوى بل يتعين عليها أن تقتصر حكمها على القضاء ببطلان الحكم المستأنف وعدم قبول الدعوى. بطلان الحكم لهذا السبب متعلق بالنظام العام. جواز إبدائه فى أى مرحلة من مراحل الدعوى وعلى المحكمة القضاء به من تلقاء نفسها.
جواز إبدائه لأول مرة أمام محكمة النقض.
1 - تنص المادة 232 من قانون الإجراءات الجنائية على أن تحال الدعوى إلى محكمة الجنح والمخالفات بناء على تكليف المتهم مباشرة بالحضور من قبل أحد أعضاء النيابة العامة أو المدعى بالحقوق المدنية، ولا يجوز للمدعى بالحقوق المدنية أن يرفع الدعوى إلى المحكمة بتكليف خصمه مباشرة بالحضور أمامها إذا كانت الدعوى موجهة ضد موظف أو مستخدم عام أو أحد رجال الضبط لجريمة وقعت منه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها. ويبين من ذلك أن المدعى المدنى لا يملك الحق فى تحريك الدعوى الجنائية بالطريق المباشر فى الجنح والمخالفات بالنسبة لما يرتكبه الموظف ومن فى حكمة من جرائم أثناء تأدية وظيفته أو بسببها وأن المشرع قد قصر حق تحريك الدعوى الجنائية فى هذه الحالة على النيابة العامة وحدها بشرط صدور إذن من السيد النائب العام أو رئيس النيابة وفقا لأحكام المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية.
2 - من المقرر أنه إذا كانت الدعوى قد أقيمت على المتهم ممن لا يملك رفعها قانونا وعلى خلاف ما تقضى له المادتان 63، 232 من قانون الإجراءات الجنائية فإن اتصال المحكمة فى هذه الدعوى يكون معدوما قانونا ولا يحق لها أن تتعرض لموضوعها فإن هى فعلت كان حكمها وما بنى عليه من إجراءات معدوم الأثر ولا تملك المحكمة الاستئنافيه عند رفع الأمر إليها أن تتصدى لموضوع الدعوى وتفصل فيه بل يتعين عليها أن تقصر حكمها على القضاء ببطلان الحكم المستأنف وعدم قبول الدعوى باعتبار أن باب المحاكمة موصود دونها إلى أن تتوافر لها الشروط التى فرضها الشارع لقبولها وبطلان الحكم لهذا السبب متعلق بالنظام العام لاتصاله بشرط أصيل لازم لتحريك الدعوى الجنائية ولصحة اتصال المحكمة بالواقعة فيجوز إبداؤه فى أى مرحلة من مراحل الدعوى بل يتعين على المحكمة القضاء به من تلقاء نفسها ومن ثم يكون وجه النعى الذى أثاره الطاعن لأول مرة أمام هذه المحكمة بعدم جواز رفع الدعوى مقبولا.


الوقائع

أقام المدعى بالحق المدنى دعواه بالطريق المباشر ضد الطاعن وآخرين متهما إياهم فى يوم 30 أكتوبر سنة 1966 بدائرة مركز البلينا محافظة سوهاج أبلغوا كذبا مع سوء القصد الحكام القضائيين والإداريين ضده بأمر يستوجب عقوبة فاعلة وكان ذلك مع سوء القصد رغم علمهم بواقعة التلفيق. وطلب عقابهم بالمادتين 303 و305 من قانون العقوبات مع إلزامهم بأن يدفعوا مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بمادتى الاتهام بتغريم كل من المتهمين عشرين جنيها وألزمتهم بالتضامن بأن يدفعوا للمدعى بالحق المدنى مبلغ قرش صاغ واحد تعويضا مؤقتا. فاستأنف المحكوم عليهم هذا الحكم ومحكمة سوهاج الابتدائية - بهيئة استئنافيه - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا ورفضه موضوعا وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة البلاغ الكاذب قد شابة البطلان ذلك بأن المدعى بالحق المدنى هو الذى حرك إجراءات الدعوى بطريق الادعاء المباشر مع أن الدعوى قد وجهت ضد الطاعن بوصفه عمدة ناحية برديس مركز البلينا لجريمة وقعت منه أثناء تأدية وظيفته وبسببها فلا يجوز رفع الدعوى بهذا الطريق عملا بأحكام الفقرة الثالثة من المادة 232 من قانون الإجراءات الجنائية.
وحيث إن الثابت من مدونات الحكم الابتدائى - المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - أنه دان الطاعن على أساس ارتكاب جريمة البلاغ الكاذب مع سوء القصد ضد المدعى بالحق المدنى وذلك أثناء وبسبب تأدية وظيفته بأن حرض اثنين من أتباعه بتقديم بلاغ يتهمان فيه المدعى بالحق المدنى بالسرقة ثم قام بوصفه عمدة الناحية بإخطار الجهات المختصة بمضمون ذلك البلاغ مدفوعا برغبة الإيقاع بالأخير انتقاما منه بسبب تقديم والده عديدا من الشكاوى ضده وبعد أن بوشر التحقيق قررت النيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية بالنسبة لواقعة السرقة وعلى أثر ذلك رفع المدعى بالحق المدنى دعوى جنحة البلاغ الكاذب بالطريق المباشر ضد الطاعن وآخرين يطالبهم متضامنين بقرش واحد على سبيل التعويض المؤقت وبعد أن خلصت المحكمة إلى ثبوت الواقعة فى حقهم قضت بتغريم كل منهم عشرين جنيها وألزمتهم جميعا متضامنين بالتعويض المطلوب. لما كان ذلك، وكانت المادة 232 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه تحال الدعوى إلى محكمة الجنح والمخالفات بناء على تكليف المتهم مباشرة بالحضور من قبل أحد أعضاء النيابة العامة أو المدعى بالحقوق المدنية... ولا يجوز للمدعى بالحقوق المدنية أن يرفع الدعوى إلى المحكمة بتكليف خصمه مباشرة بالحضور أمامها إذا كانت الدعوى موجهة ضد موظف أو مستخدم عام أو أحد رجال الضبط لجريمة وقعت منه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها. ويبين من ذلك أن المدعى بالحق المدنى لا يملك الحق فى تحريك الدعوى الجنائية بالطريق المباشر فى الجنح والمخالفات بالنسبة لما يرتكبه الموظف ومن فى حكمه من جرائم أثناء تأدية وظيفته أو بسببها وأن المشرع قد قصر حق تحريك الدعوى الجنائية فى هذه الحالة على النيابة العامة وحدها بشرط صدور إذن من السيد النائب العام أو المحامى العام أو رئيس النيابة وفقا لأحكام المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية. وإذ كان البين بجلاء من مطالعة الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه أعتبر الجريمة التى دان الطاعن بها وقعت منه أثناء تأدية وظيفته العامة ورغم ذلك فقد أجاز رفع الدعوى بطريق الادعاء المباشر مخالفا أحكام الفقرتين الأولى والثالثة من المادة 232 والمادة 63 سالفتى الذكر. وكان من المقرر أنه إذا كانت الدعوى قد أقيمت على المتهم مما لا يملك رفعها قانونا وعلى خلاف ما تقضى به المادتان 63، 232 من قانون الإجراءات الجنائية فإن اتصال المحكمة فى هذه الحالة بالدعوى يكون معدوما قانونا ولا يحق لها أن تتعرض لموضوعها فإن هى فعلت كان حكمها وما بنى عليه من إجراءات معدوم الأثر ولا تملك المحكمة الاستئنافيه عند رفع الأمر إليها أن تتصدى لموضوع الدعوى وتفصل فيه بل يتعين عليها أن تقصر حكمها على القضاء ببطلان الحكم المستأنف وعدم قبول الدعوى باعتبار أن باب المحاكمة موصود دونها إلى أن تتوفر لها الشروط التى فرضها الشارع لقبولها وبطلان الحكم لهذا السبب يتعلق بالنظام العام لاتصاله بشرط أصيل لازم لتحريك الدعوى الجنائية ولصحة اتصال المحكمة بالواقعة فيجوز إبداءه فى أى مرحلة من مراحل الدعوى بل يتعين على المحكمة القضاء به من تلقاء نفسها ومن ثم يكون وجه النعى الذى أثاره الطاعن لأول مرة أمام هذه المحكمة بعدم جواز رفع الدعوى مقبولا ويكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون مما يتعين نقضه وتصحيحه بالقضاء بعدم قبول الدعوى قبل الطاعن وبإلزام المدعى بالحق المدنى المصاريف المدنية وذلك بغير حاجة إلى بحث باقى أوجه الطعن الأخرى.