أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 10 - صـ 958

جلسة 30 من نوفمبر سنة 1959

برياسة السيد محمود محمد مجاهد المستشار, وبحضور السادة: فهيم يسى جندي, ومحمود حلمي خاطر, وعباس حلمي سلطان, وعادل يونس المستشارين.

(196)
الطعن رقم 1220 لسنة 29 القضائية

حكم.
متى يعتبر غيابيا؟ العبرة في ذلك هى بحقيقة الحال. لا يؤثر فيها أن يوصف الحكم خطأ على خلافها.
معارضة.
الأحكام التي تجوز فيها. الحكم الغيابي. إغفال الحكم ذكر الأسباب التي استند إليها في اعتباره حضوريا عملا بنص المادة 238/ 2 و240 أ. ج يجعله غيابيا محلا للمعارضة فيه.
تسبيب الحكم في جوازها استنفاذ سلطة المحكمة في وصف الحكم بالفصل في موضوع الدعوى. عدم جواز عودة محكمة المعارضة إلى مناقشة هذا الوصف.
العبرة في وصف الحكم بأنه حضوري أو غيابي هى بحقيقة الواقع في الدعوى لا بما تذكره المحكمة عنه - فإذا كان الثابت من الحكم الاستئنافي - موضوع المعارضة - أن الطاعن لم يحضر الجلسة الأولى, ولم يعلن بالجلسة التي تأجلت إليها الدعوى وسمعت فيها المرافعة, وقد جاء الحكم خلوا من أسباب اعتباره حضوريا بالنسبة للطاعن - عملا بنص المادتين 238/ 2, 240 من قانون الإجراءات الجنائية - فإن الطعن فيه بطريق المعارضة يكون جائزا, ولا يغير من هذا النظر ما خاض فيه حكم المعارضة - بشأن علم الطاعن بتاريخ الجلسة الأولى - لأن المعول عليه للقول بوجود خطأ في تطبيق القانون في هذا الشأن إنما هى الوقائع التي جاءت في الحكم المعارض فيه - فلا تملك محكمة المعارضة - وهى بسبيل نظر المعارضة - وبعد أن استنفذت سلطتها بالفصل في موضوع الاستئناف, أن تنشئ وضعا جديدا لم ير الحكم المعارض فيه - في حدود سلطته التقديرية - أن يأخذ به, فترتب عليه للطاعن حق المعارضة, ويكون الحكم في قضائه بعدم قبول المعارضة قد أخطأ في تطبيق القانون ويتعين نقضه.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة أمين حسن هاشم بأنه: أولا - تسبب بغير قصد ولا تعمد في قتل أحمد محمد أبو شقره وكان ذلك ناشئا عن إهماله وعدم احتياطه ومخالفته للوائح بأن قاد سيارته دون دراية بأصول القيادة فانحرف بها واصطدم بالمجني عليه فأحدث به إصاباته الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياته. وثانيا - تسبب من غير قصد ولا تعمد في إصابة كل من سعد مصطفى الحناوي ومحمد حسين سيد أحمد وكان ذلك ناشئا عن إهماله وعدم احتياطه ومخالفته للوائح بأن قاد سيارة دون دراية بأصول القيادة - فاصطدمت السيارة بالمجني عليهما وأحدث بهما إصاباتهما الموصوفة بالتقرير الطبي. وثالثا - قاد سيارة بدون رخصة قيادة. وطلبت معاقبته بالمواد 238 و244 من قانون العقوبات و84 و85 من القانون رقم 449 لسنة 1955. وادعت بحق مدني - أولا - فتحية غنيم الصماد عن نفسها وبصفتها وطلبت القضاء لها قبل المتهم بمبلغ 51 جنيها تعويضا مدنيا مؤقتا ثم عدلت طلباتها إلى أن يحكم لها قبل المتهم ووزارة الإرشاد القومي ومدير شركة صباغي البيضا بصفتهما مسئولين عن الحقوق المدنية متضامنين بمبلغ 2000 جنيه مع المصاريف والأتعاب وثانيا - صبيحه ابراهيم شلتوت بحق مدني قبل المتهم والمسئولين عن الحقوق المدنية المذكورين بمبلغ 500 جنيه تعويضا مدنيا. ومحكمة جنح بندر دمنهور الجزئية قضت حضوريا عملا بمواد الإتهام مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات. أولا - بتغريم المتهم عشرة جنيهات عن الثلاث تهم بلا مصاريف جنائية. وثانيا - بإلزامه بالتضامن مع وزير الارشاد القومي وشركة صباغي البيضا بأن يدفعوا إلى فتحية غنيم الصماد عن نفسها وبصفتها تعويضا قدره 600 ستمائة جنيه والمصروفات المدنية المناسبة ومقابل أتعاب المحاماه. وثالثا - بإلزامه بالتضامن مع وزارة الإرشاد القومي وشركة صباغي البيضا بأن يدفعوا إلى صبيحه ابراهيم شلتوت مبلغ مائة جنيه والمصروفات المدنية المناسبة ومقابل أتعاب المحاماه فاستأنف كل من المتهم والنيابة والمسئولين عن الحقوق المدنية والمدعية الأولى بالحق المدني هذا الحكم ومحكمة دمنهور الابتدائية بهيئة استئنافية قضت حضوريا بقبولها شكلا وفي الموضوع وبإجماع الآراء بتعديل الحكم المستأنف وبتغريم المتهم خمسين جنيها وإلزامه بالتضامن مع وزير الإرشاد القومي وشركة صباغي البيضا - بأن يدفعوا إلى فتحية غنيم الصماد عن نفسها وبصفتها تعويضا قدره 1200 جنيه بواقع مائتي جنيه لكل منهم وألزمت المدعى عليهم المصاريف المدنية المناسبة ومقابل أتعاب المحاماه عن الدرجتين وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك بلا مصاريف جنائية. فعارض المسئول عن الحقوق المدنية في هذا الحكم وقضى في معارضته بإجماع الآراء بعدم قبولها وألزمته بالمصروفات. فطعن المسئول عن الحقوق المدنية "وزير الإرشاد" في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه - أنه أخطأ في قضائه بعدم قبول المعارضة - إذ أن الحكم المعارض فيه - وإن وصف بأنه حكم حضوري - إلا أنه في حقيقته حكم غيابي قابل للمعارضة - ذلك لأن الطاعن لم يحضر أية جلسة من الجلسات التي نظرت فيها الدعوى - ولم تأمر المحكمة بإعادة إعلانه مع التنبيه إلى أنه سيترتب على تخلفه جواز اعتبار الحكم حضوريا في حقه طبقا لما تنص عليه المادة 240 من قانون الإجراءات الجنائية.
وحيث إن الدعوى العمومية رفعت على أمين حسن هاشم بأنه تسبب بغير قصد ولا تعمد في قتل محمد أبو شقره وإصابة كل من مسعد مصطفى الحناوي ومحمد حسن سيد أحمد وكان ذلك ناشئا عن إهماله وعدم احتياطه ومخالفته للوائح بأن قاد سيارته دون دراية بأصول القيادة فانحرف بها واصطدم بالمجني عليهم فأحدث بهم الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وأدت إلى وفاة المجني عليه الأول - وأدخل السيد وزير الإرشاد القومي بوصفه مسئولا عن الحقوق المدنية - كما أدخلت شركة صباغي البيضا - وقضت محكمة أول درجة بتغريم المتهم عشرة جنيهات عن التهم الثلاث - وإلزامه بالتضامن مع وزير الإرشاد القومي وشركة صباغي البيضا بأن يدفعوا إلى فتحية غنيم الصماد عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر محمد فتحي والسيد الشهير بالعربي وصلاح وحسانين وشادية الشهيرة ببدرية قصر المرحوم أحمد محمد أبو شقره تعويضا قدره 600 جنيه - ستمائة جنيه والمصروفات المدنية المناسبة و200 قرش مقابل أتعاب المحاماه وإلزام المتهم أيضا بالتضامن مع وزارة الإرشاد القومي وشركة صباغي البيضا بأن يدفعوا إلى صبيحة ابراهيم شلتوت مبلغ 100 جنيه والمصروفات المدنية المناسبة و100 قرش مقابل أتعاب المحاماه ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات - فاستأنف الخصوم جميعا هذا الحكم - وقضت محكمة ثاني درجة بتاريخ 10 من مارس سنة 1958 حضوريا بقبول الاستئنافات شكلا وفي الموضوع وبإجماع الآراء بتعديل الحكم المستأنف وتغريم المتهم خمسين جنيها وإلزامه بالتضامن مع وزارة الإرشاد القومي وشركة صباغي البيضا بأن يدفعوا إلى فتحية غنيم الصماد عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر محمد فتحي والسيد الشهير بالعربي وصلاح وحسانين وشادية الشهيرة ببدرية قصر المرحوم أحمد محمد أبو شقره تعويضا قدره 1200 جنيه بواقع مائتي جنيه لكل منهم وألزمت المدعى عليهم بالمصاريف ومبلغ 300 قرش مقابل أتعاب المحاماه عن الدرجتين ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك بلا مصاريف جنائية. فعارضت وزارة الإرشاد القومي كما عارضت شركة صباغي البيضا - وجاء في محضر جلسة المعارضة أن الحاضر عن الحكومة قال "إن الحكم وصف بأنه حضوري مع العلم بأنه لم يعلن بالجلسة وتمسك بالمادة 240 إجراءات جنائية - والحاضر عن شركة صباغي البيضا قال إنه لم يعلن بالجلسة" فقررت المحكمة حجز القضية للحكم لجلسة 19/ 5/ 1958 مع التصريح بتقديم مذكرة في أسبوع, وفي هذه الجلسة قضى بعدم قبول المعارضة شكلا وألزمت المعارض بالمصاريف - وعرض الحكم الاستئنافي - موضوع المعارضة - لما أثاره المعارضان في قوله "وحيث إنه بجلسة 3/ 2/ 1958 المحدد لنظر الاستئناف لم يحضر السيد وزير الإرشاد وكذلك لم يحضر مدير شركة صباغي البيضا وحضر المتهم كما حضرت المدعية بالحق المدني... وحيث إنه وقد تبين أن المسئول عن الحقوق المدنية (وزير الإرشاد القومي) قد وقع وكيله على ما يفيد علمه شخصيا بتاريخ الجلسة ولم يقدم عذرا مقبولا لغيابه فقد صدر الحكم حضوريا بتاريخ 10/ 3/ 1958 تطبيقا لنص المادة 238/ 2 أ - ج - وذلك لثبوت إعلان المسئول بتاريخ الجلسة لشخص وكيله - بقبول الاستئنافات شكلا وبتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به من عقوبة وتعويض - وحيث إن المسئول عن الحقوق المدنية قدم معارضة في الحكم الصادر بتاريخ 10/ 3/ 1958, وحيث إنه تطبيقا للفقرة الثانية من المادة 241 أ. ج. يتعين الحكم بعدم قبول المعارضة لعدم تقديمه عذرا لتخلفه عن حضور الجلسة التي صدر فيها الحكم المعارض فيه وإلزامه المصروفات المدنية" - وهذا هو الحكم المطعون فيه.
وحيث إنه وإن كان المقصود بالحضور في نظر المادة 238/ 1 من قانون الاجراءات هو وجود المتهم بالجلسة بشخصه أو بوكيل عنه - في الأحوال التي يجوز فيها ذلك - في الجلسة التي حصلت فيها المرافعة حتى تتاح له فرصة الدفاع عن نفسه - فإذا كان المتهم لم يحضر في أية جلسة من الجلسات أو كان قد حضر جلسة أو جلسات سابقة ثم تخلف عن الحضور في جلسة المرافعة أو كان قد حضر عند النداء عليه في الجلسة ثم انسحب قبل أن تنظر قضيته فحصلت المحاكمة والمرافعة في غيبته فإن الحكم يعتبر غيابيا - إلا أن الشارع - لاعتبارات سامية تتعلق بالعدالة في ذاتها - أدخل على هذه القاعدة - بالنسبة لمواد الجنح والمخالفات فقط - قيودا أريد بها التقليل من مساوئ المماطلة في الاجراءات - فاعتبر الحكم الصادر في الجنحة أو المخالفة في بعض الحالات حضوريا بقوة القانون - ولو أن المتهم لم يشهد جلسة المحاكمة - إذ نصت المادة 239 من قانون الإجراءات على أنه يعتبر الحكم حضوريا بالنسبة إلى كل من يحضر من الخصوم عند النداء على الدعوى ولو غادر الجلسة بعد ذلك أو تخلف عن الحضور في الجلسات التي تؤجل إليها الدعوى - بدون أن يقدم عذرا مقبولا - كما أجاز للمحكمة في حدود سلطتها التقديرية أن تقرر اعتبار الحكم حضوريا في حالتين أشارت إليهما المادتان 238/ 2 و240 من قانون الاجراءات بشرط أن تبين المحكمة في هاتين الحالتين الأسباب التي استندت إليها في ذلك - لما كان ذلك وكان يبين من مراجعة الأوراق وما ورد في الحكم المطعون فيه - أن الطاعن لم يحضر بالجلسة الأولى ولم يعلن بجلسة 3/ 3/ 1958 التي تأجلت إليها الدعوى وسمعت فيها المرافعة وقد جاء الحكم خلوا من أسباب اعتباره حضوريا بالنسبة للطاعن - فإن الحكم المطعون فيه يكون في الواقع بالنسبة له غيابيا - لأن العبرة في وصف الحكم بأنه حضوري أو غيابي هى بحقيقة الواقع في الدعوى لا بما تذكره المحكمة عنه - فإذا وصف الحكم خطأ بأنه حضوري وهو في حقيقته غيابي طبقا لنص المادة 238 من قانون الاجراءات - فإن الطعن فيه بطريق المعارضة يكون جائزا - ولا يغير من هذا النظر ما خاض فيه حكم المعارضة - بشأن علم الطاعن بتاريخ الجلسة الأولى - لأن المعوّل عليه للقول بوجود خطأ في تطبيق القانون في هذا الشأن إنما هو الوقائع التي جاءت في الحكم المعارض فيه - فلا تملك محكمة المعارضة وهى بسبيل نظر المعارضة وبعد أن استنفذت سلطتها بالفصل في موضوع الاستئناف - أن تنشئ وضعا جديدا لم ير الحكم المعارض فيه في حدود سلطته التقديرية أن يأخذ به - وقد ترتب عليه للطاعن حق المعارضة - ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه - في قضائه بعدم قبول المعارضة - قد أخطأ في تطبيق القانون ويتعين نقضه دون حاجة إلى بحث باقي وجوه الطعن الأخرى.