أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الأول - السنة 22 - صـ 194

جلسة 7 من مارس سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ نصر الدين عزام، وعضوية السادة المستشارين/ سعد الدين عطية، ومحمود عطيفة، ومحمد السيد الرفاعى، وطه الصديق دنانة.

(47)
الطعن رقم 1861 لسنة 40 القضائية

( أ ) وصف التهمة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
تعديل المحكمة وصف التهمة من استعمال التهديد مع موظفين عموميين لحملهم بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهم بإشهار سكين مهددا من يقترب منه بالإيذاء، إلى إهانة هؤلاء الموظفين بالقول والتهديد. لا إخلال بحق الدفاع.
(ب) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
سكوت الحكم عن ذكر مصدر الدليل أو الخطأ فيه لا يضيع أثره. ما دام له أصل ثابت فى الأوراق.
(ج. د) تحقيق. "التحقيق بمعرفة النيابة". دفوع. "الدفع ببطلان تحقيق النيابة". بطلان. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
(ج) للنيابة إجراء التحقيق فى غيبة المتهم إذا لم يتيسر حضوره. مجرد غياب المتهم عند سؤال الشاهد ليس من شأنه أن يبطل أقواله.
(د) الدفع ببطلان تحقيق النيابة. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
1 - من المقرر قانونا أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانونى الذى تسبغه النيابة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائيا بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف الذى ترى أنه الوصف السليم وذلك بشرط أن تكون الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتى كانت مطروحة بالجلسة هى بذاتها التى أخذتها المحكمة أساسا للوصف الجديد، ومتى كانت الواقعة التى اتخذها الحكم المطعون فيه أساسا للوصف الجديد هى أن الطاعن أهان بالقول والتهديد موظفين عامين أثناء تواجدهم بمخبرة للتفتيش عليه ولذلك السبب وهى ذات الواقعة التى تضمنها أمر الإحالة إذ أسند فيه إلى الطاعن المذكور أنه استعمل التهديد مع هؤلاء الموظفين بأن أشهر سكينا مهددا من يقترب منه بالإيذاء - فهذا التهديد - الذى أسبغت عليه النيابة العامة أن الطاعن استعمله لحمل الموظفين المذكورين بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهم ينطوى على اهانة لهؤلاء المجنى عليهم، لأن الإهانة طبقا لنص الفقرة الأولى من المادة 133 من قانون العقوبات تكون بالإشارة أو القول أو التهديد. ومن ثم يبين أن جوهر الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة هو بذاته جوهر الواقعة التى اتخذتها المحكمة أساسا للوصف الجديد. ومن ثم فإن هذا التعديل لا يعطى الطاعن حقا فى إثارة دعوى الإخلال بحق الدفاع.
2 - إن سكوت الحكم عن ذكر مصدر الدليل أو الخطأ فيه لا يضيع أثره، ما دام له أصل ثابت فى الأوراق.
3 - يجوز للنيابة العامة إجراء التحقيق فى غيبة المتهم إذا لم يتيسر حضوره، وكل ما يكون للمتهم هو أن يتمسك لدى المحكمة بما يراه من عيب فيقع تقدير ذلك فى سلطة المحكمة بوصف أن تحقيق النيابة دليل من أدلة الدعوى التى تستقل المحكمة بتقديره، ومجرد غياب المتهم عند سؤال الشاهد ليس من شانه أن يبطل أقواله.
4 - لا يصح إثارة الدفع ببطلان تحقيق النيابة لأول مرة أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 27/ 5/ 1968 بدائرة قسم دمياط محافظتها: استعمل التهديد مع موظفين عامين هم كمال الدين السيد عبد الهادى وعثمان فرج أبو الوفا والسيد رضوان رمضان ومحمد حامد النجار وفوزى محمد عبد العال المفتشين بمنطقة وجه بحرى التموينية والشرطيين الإمام الإمام محمد الإمام وسعد محمد هلال من قوة قسم دمياط لحملهم بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهم هو مراجعة أوزان الخبز المنتج بمخبزه للاستيثاق من قانونيتها بأن أشهر سكينا مهددا من يقترب منه بالإيذاء وتمكن تحت تأثير الخشية من ذلك من إلقاء الخبز المنتج داخل الفرن وحرقه فبلغ بذلك مقصده. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمادة 137/ 1 مكررا ( أ ) فقرة أولى من قانون العقوبات فقرر بذلك. ومحكمة جنايات دمياط قضت حضوريا عملا بالمادة 133 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس ستة شهور وذلك على اعتبار أن التهمة هى إهانة بالقول والتهديد. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إهانة موظفين عامين بالقول والتهديد قد شابه إخلال بحق الدفاع، وقصور فى التسبيب، وفساد فى الاستدلال، ذلك أن المحكمة دانته بجريمة غير تلك التى وردت بأمر الإحالة دون أن تلفت نظره إلى هذا التعديل، كما لم يعن الحكم المطعون فيه بالحديث عن أن الاعتداء وقع على المجنى عليهم أثناء وبسبب تأديتهم وظائفهم مع أن ذلك ركن يشترط توافره لقيام الجريمة، ولم يعن الحكم أيضا ببيان مصدر الأدلة التى عول عليها فى إدانة الطاعن ومؤدى الدليل المستمد من أقوال كل شاهد إذ أورد مؤدى أقوال أحد الشهود ثم أحال عليها بيانا لأقوال باقى الشهود، هذا فضلا عن أن الحكم عول على أقوال أحد الشهود التى أبداها فى تحقيق النيابة فى غيبة الطاعن مع أنه لا يصح الاعتماد على تلك الأقوال كدليل قبله، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه. وحيث إنه من المقرر قانونا أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانونى الذى تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائيا بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف الذى ترى أنه الوصف السليم وذلك بشرط أن تكون الواقعة المادية المبنية بأمر الإحالة والتى كانت مطروحة بالجلسة هى بذاتها الواقعة التى أخذتها المحكمة أساسا للوصف الجديد، ومتى كانت الواقعة التى اتخذها الحكم المطعون فيه أساسا للوصف الجديد هى أن الطاعن أهان بالقول والتهديد موظفين عامين أثناء تواجدهم بمخبزه للتفتيش عليه ولذلك السبب وهى ذات الواقعة التى تضمنها أمر الإحالة إذ أسند فيه إلى الطاعن المذكور أنه استعمل التهديد مع هؤلاء الموظفين بأن أشهر سكينا مهددا من يقترب منه بالإيذاء - فهذا التهديد - الذى أسبغت عليه النيابة العامة أن الطاعن استعمله لحمل الموظفين المذكورين بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهم - ينطوى على إهانة لهؤلاء المجنى عليهم لأن الإهانة طبقا لنص الفقرة الأولى من المادة 133 من قانون العقوبات تكون بالإشارة أو القول أو التهديد ومن ثم يبين أن جوهر الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة هو بذاته جوهر الواقعة التى اتخذتها المحكمة أساسا للوصف الجديد. لما كان ذلك، فإن هذا التعديل لا يعطى الطاعن حقا فى إثارة دعوى الإخلال بحق الدفاع. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد فى بيانه لواقعة الدعوى وفى رده على دفاع الطاعن أن المجنى عليهم حضروا إلى مخبز الطاعن المذكور للتفتيش عليه. ومن ثم لم يكن ملزما من بعد بالتحدث عن وقوع الاعتداء أثناء وبسبب تأدية وظائفهم. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى أورد الأدلة على ثبوتها مستمدة من أقوال مفتش التموين ....... فى محضر ضبط الواقعة وبالجلسة - أى أن الحكم لم يغفل ذكر مصدر الدليل - خلافا لما يثيره. هذا فضلا عن أن السكوت عن ذكر هذا المصدر أو الخطأ فيه لا يضيع أثر الدليل الذى استند إليه الحكم فى قضائه بإدانة الطاعن ما دامت أقوال الشاهد لها أصل ثابت فى الأوراق، لما كان ذلك، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الدليل الذى أورده على ثبوت الواقعة فى حق الطاعن مستمد فقط من أقوال عثمان فرج أبو الوفا مفتش التموين دون ذكر سواه فإن ما يثيره الطاعن فى شأن الإحالة فى بيان مودى الأدلة يكون غير سديد، أما ما ينعاه الطاعن على الحكم من تعويله على أقوال أحد الشهود التى أدلى بها فى تحقيق النيابة فى غيبته فمردود بأنه يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أنه لم يثر لدى محكمة الموضوع شيئا عن بطلان تحقيق النيابة ولا يصح إثارة هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض، هذا فضلا عن أنه يجوز للنيابة العامة إجراء التحقيق فى غيبة المتهم إذا لم يتيسر حضوره وكل ما يكون للمتهم هو أن يتمسك لدى المحكمة بما يراه من عيب فيقع تقدير ذلك فى سلطة المحكمة بوصف تحقيق النيابة دليلا من أدلة الدعوى التى تستقل المحكمة بتقديرها ومجرد غياب المتهم عند سؤال الشاهد ليس من شأنه أن يبطل أقواله. لما كان ما تقدم جميعه، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.