مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثانى (امن أول مارس سنة 2001 إلى آخر يونيه سنة 2001) - صـ 1209

(144)
جلسة 28 من مارس سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جودة عبد المقصود فرحات - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: السيد محمد السيد الطحان، وسامى أحمد محمد الصباغ، ومصطفى محمد عبد المعطى، وأحمد حلمى محمد أحمد - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 3927 لسنة 44 القضائية

تراخيص - سلطة الإدارة فى إلغاء ترخيص ممنوح للأفراد - تنازل الفرد عن الترخيص الممنوح له.
المادة 1، المادة 2، المادة 41، المادة 8، المادة 9، المادة 13 من القانون رقم 140 لسنة 1956 فى شأن إشغال الطرق العامة.
أبرز وسائل تقييد النشاط الفردى هو وجوب الترخيص بمزاولته - هذا الترخيص يختلف عما إذا كان إستعمال المال إستعمالاً عاماً وإستعمال المال العام فى غير الغرض الذى أعد له - فى الحالة الأخيرة يكون الترخيص للأفراد بإستعمال جزء من المال العام من قبيل الأعمال الإدارية وتتمتع الإدارة فى منح هذا الترخيص بسلطة تقديرية واسعة ويكون لها إلغاء هذا الترخيص فى أى وقت وفقاً لما تراه محققاً للصالح العامة وذلك بإعتبار أن هذا الترخيص عارض وموقوت بطبيعته وقابل للإلغاء أو التعديل فى أى وقت لدواعى المصلحة العامة كما أن هذا الترخيص شخصى ينتهى بوفاة المرخص له فلا يجوز التنازل عنه إلا بموافقة السلطة المختصة كما لا يسرى الترخيص إلا بنوع النشاط المرخص به - تطبيق.


إجراءات الطعن:

فى يوم الخميس الموافق 26/ 3/ 1998 أودع الحاضر عن هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة - الدائرة الثالثة - فى الدعوى رقم 5794 لسنة 45 ق بجلسة 27/ 1/ 1998 والذى قضى بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إزالة الفترينة الخاصة بكل من المدعين الأول والثانى والرابعة وبرفض طلب المدعى الثالث وإلزام الجهة الإدراية المصروفات، وطلب فى ختام تقرير الطعن للأسباب الواردة به الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه مجدداً برفض الدعوى وإلزام المطعون ضدهم المصروفات عن درجتى التقاضى.
وقد أعلن تقرير الطعن وفقاً للثابت بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى الطعن إنتهت فيه للأسباب الواردة إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الطاعنين المصروفات ونظرت الدائرة الأولى فحص طعون بالمحكمة الإدارية العليا الطعن على النحو المبين بمحاضر جلساتها وبجلستها المنعقدة بتاريخ 17/ 1/ 2000 قررت إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى موضوع بالمحكمة لنظره بجلسة 26/ 3/ 2000، ونفاذاً لذلك ورد الطعن إلى الدائرة المحال إليها ونظرته بعدة جلسات وبصدور قرار السيد الأستاذ المستشار رئيس مجلس الدولة بإنشاء دوائر جديدة بالمحكمة الإدارية العليا وإعادة توزيع الإختصاص بين تلك الدوائر ورد الطعن إلى هذه الدوائر ونظرته بجلسة 20/ 12/ 2000 وبجلستها المنعقدة بتاريخ 10/ 1/ 2001 قررت حجز الطعن للحكم بجلسة 14/ 2/ 2001 ثم مد أجل النطق بالحكم إلى جلسة 28.21/ 3/ 2001 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص فى أنه بتاريخ 1/ 6/ 1991 أودع المطعون ضدهم عريضة الدعوى رقم 5794 لسنة 45 ق قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة طلبوا فى ختامها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار الإزالة رقم 38 لسنة 1991 المتضمن الفترينات المقامة تحت عمارة متاتيا بميدان العتبة وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات وذلك على سند من القول بأنهم يستأجرون مساحات مختلفة أسفل بواكى عمارة متاتيا بميدان العتبة والكائنة رقم 2 شارع حمدى سيف النصر 4 ميدان العتبة من ملاك هذه العمارة وأقاموا بها فترينات للتجارة كما أستخرجوا التراخيص الخاصة بكل منهم فحصل المدعى الأول على الترخيص رقم 71/ 3/ 172 وهو سارى المفعول حتى 28/ 2/ 1992 وحصل الثانى على الترخيص رقم 71/ 3/ 169 سارى المفعول حتى 16/ 3/ 1992 وحصل المدعى الثالث على الترخيص رقم 71/ 3/ 6388 سارى المفعول حتى 16/ 3/ 1992 وحصل مورث المدعية الرابعة على الترخيص رقم 71/ 3/ 650 سارى المفعول حتى 29/ 7/ 1991 ويقومون بسداد الرسوم المستحقة على هذه الفترينات سنويا ثم علموا بإصدار رئيس حى عابدين القرار المطعون فيه بمقولة أن الفتارين المذكورة مقامة من غير تراخيص أو مخالفة للتراخيص، وهذا القرار مخالف للقانون لصدوره من غير مختص لأن الفترينات فى ملكية الأوقاف ولا تعوق حركة المرور وصادر بشأنها تراخيص لم يتم إلغاؤها، كما أنهم يباشرون النشاط قبل صدور قرار محافظ القاهرة رقم 202 لسنة 1978.
ونظرت المحكمة المذكورة الدعوى وفقاً لما هو موضح بمحاضر جلساتها وبجلستها المنعقدة بتاريخ 27/ 1/ 1998 أصدرت حكمها المطعون فيه وأقامت قضاءها بعد إستعراض بعض نصوص القانون رقم 140 لسنة 1956 فى شأن أشغال الطرق العامة على أنه من المقرر أن لجهة الإدارة سلطة تقديرية واسعة فى إلغاء التراخيص الممنوحة للأفراد بإستعمال جزء من المال العام فى غير الغرض الأصلى الذى خصص له المال العام لم يخصص أصلاً لمثل هذا النوع من الإنتفاع، وأن الترخيص بإستعماله على خلاف هذا الأصل هو عارض وموقوت، إلا أنه وإن كان ذلك فإنه لا يجوز لجهة الإدارة إستعمال هذه السلطة إلا إذا توافرت لذلك دواعى من المصلحة العامة وفقاً لمقتضيات التنظيم والأمن العام الصحة العامة وحركة المرور والأداب العامة أو جمال تنسيق المدينة، وفى ضوء ذلك ولما كان الثابت أن القرار المطعون فيه صدر بتاريخ 25/ 5/ 1991 بإزالة الفترينات الكائنة أسفل بواكى عمارة متاتيا بميدان العتبة بقسم الموسكى ومنها الفترينات الخاصة بالمدعين المقامة بدون ترخيص وكان الثابت أن المدعين الأول والثانى والرابعة قد صدر لهم تراخيص إشغال من حى عابدين فحصل الأول على ترخيص رقم 71/ 3/ 72 بمزاولة نشاط بيع سندوتشات وظل هذا الترخيص يجدد سنوياً حتى 2/ 7/ 1991 كما حصل المدعى الثانى على الترخيص رقم 71/ 3/ 169 بمزاولة نشاط بيع سجاير وظل هذا الترخيص يتجدد سنوياً حتى 16/ 3/ 1992 كما حصل مورث المدعية الرابعة ....... على الترخيص رقم 71/ 3/ 650 بمزاولة نشاط بيع خردوات وظل هذا الترخيص يتجدد حتى 29/ 7/ 1991 وبذلك تكون التراخيص الخاصة بالمدعين الثلاثة سالفى الذكر سارية المفعول حتى تاريخ صدور القرار المطعون فيه بتاريخ 20/ 5/ 1991 ويكون ذلك القرار بإزالة الفترينات لأنها مقامة بدون ترخيص قد صدر على غير أصول تنتجه ووقع مخالفاً للقانون مما يجعله حقيقاً بالإلغاء.
ولم يصادف هذا القضاء قبولاً لدى جهة الإدارة فأقامت هذا الطعن ناعية على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله لأنه لا يجوز طبقاً لأحكام القانون رقم 140 لسنة 1956 إشغال الطريق العام بدون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة، كما أنه لا يجوز لها وفقاً لمقتضيات التنظيم والأمن العام والصحة وتنظيم حركة المرور والأداب العامة أو جمال تنسيق المدينة إلغاء الترخيص أو الإنتقاص من مدته أو المساحة المرخص بها، كما أن لها سلطة إزالة إشغالات الطريق التى تتم بدون ترخيص، وفى الحالة المعروضة يتعارض بقاء الفترينات موضوع وقرار الإزالة مع خطة تطوير ميدان العتبة وجمال تنسيق المنطقة الواقعة بها تلك الفترينات وتكون إزالتها موافقة صحيح القانون.
ومن حيث إن المادة 1 من القانون رقم 140 لسنة 1956 فى شأن إشغال الطرق العامة تنص على أن " تسرى أحكام هذا القانون على الميادين والطرق العامة على إختلاف أنواعها وأرصفتها الداخلية فى حدود البلاد التى لها مجالس بلدية " وتنص المادة 2 من هذا القانون على أنه " لا يجوز بغير ترخيص من السلطة المختصة إشغال الطريق العام فى إتجاه أفقى أو رأسى وعلى الأخص ما يأتى:
1 - ............ 2 - ............ 3 - ..............
4 - وضع بضائع ومهمات وفترينات ومقاعد ومناضد وصناديق وأكشاك وتخاشيب وما شابه ذلك. و " وتنص المادة 4 من ذلك القانون على أن يكون الترخيص فى أشغال الطريق العام طبقاً للشروط والأوضاع المنصوص عليها فى هذا القانون والقرارات المنفذة له وتحدد بقرار من وزير الشئون البلدية والقروية أنواع الأشغال التى يجوز الترخيص فيها، وتنص المادة 8 من القانون المذكور على أن يبين فى الترخيص مدته والشروط التى يجب على المرخص له إتباعها والرسم المستحق والتأمين، ولا يسرى الترخيص إلا بالنسبة إلى نوع الإشغال الذى أعطى من أجله.
وهذا الترخيص شخصى وينتهى بوفاة المرخص له ولا يجوز التنازل عنه إلا بموافقة السلطة المختصة بعد تقديم طلب من المتنازل إليه وسداد رسم النظر، وكل مخالفة لأحكام الفقرة الثانية والثالثة يترتب عليها إعتبار الترخيص لاغياً.
ويجوز للمرخص له أن يطلب تجديد الترخيص قبل إنتهاء مدته وتتبع فى شأن هذا الطلب أحكام المواد 5، 6، 7 وتنص المادة 9 من القانون المشار إليه على أن للسلطة المختصة وفقاً لمقتضيات التنظيم والأمن العام والصحة أوحركة المرور أو الآداب العامة أو جمال تنسيق المدينة أن تصدر قراراً بإلغاء الترخيص أو بإنقاص مدته أو المساحة المرخص فى إشغالها على أن ترد رسم الإشغال كله أو جزء منه بنسبة ما انقص من مدة الترخيص أو مساحة الإشغال حسب الأحوال وتنص المادة 13 من القانون المذكور على أنه " إذ حدث إشغال بغير ترخيص جاز للسلطة المختصة إزالته بالطريق الإدارى على نفقة المخالف إذا كان هذا الإشغال مخلاً بمقتضيات التنظيم أو الأمن العام أو الصحة أو حركة المرور أو الآداب العامة أو جمال تنسيق المدينة أو إذا كان المخالف قد سبق الحكم عليه خلال سنة لمخالفة أحكام هذا القانون أو القرارات المنفذة له ..... "
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الأصل فى النشاط الفردى الذى يعتبر ممارسة للحرية أو مكان تغير هذا النشاط دون حظره، وأبرز وسائل تقييد ذلك النشاط هو وجوب الترخيص بمزاولته، وهذا الترخيص يختلف عما إذا كان إستعمال المال استعمالا عاما وذلك بإستعمال المال العام فيما أعد له مثل الأسواق العامة وغيرها وإستعمال المال العام فى غير الغرض الذى أعد له مثل شغل الطرق العامة بالأدوات والمهمات والأكشاك، ففى الحالة الأخيرة يكون الترخيص للأفراد بإستعمال جزء من المال العام من قبيل الأعمال الإدارية وتتمتع الإدارة فى منح هذا الترخيص بسلطة تقديرية واسعة ويكون لها إلغاء هذا الترخيص فى أى وقت وفقاً لما تراه محققاً للصالح العامة وذلك بإعتبار أن هذا الترخيص عارض وموقوت بطبيعته وقابلٌ للإلغاء أو التعديل فى أى وقت لدواعى المصلحة العامة، كما أن هذا الترخيص شخصى ينتهى بوفاة المرخص له فلا يجوز التنازل عنه إلا بموافقة السلطة المختصة، كما لا يسرى الترخيص إلا بنوع النشاط المرخص به.
ومن حيث إنه وفقاً لما سلف ولما كان الثابت من الاطلاع على الأوراق أن المطعون ضده الأول حصل على الترخيص رقم 71/ 3/ 1972 لتشغيل فترينة لبيع السندوتشات ببواكى عمارة متاتيا بميدان العتبة وظل هذا الترخيص يجدد سنوياً حتى 2/ 7/ 1991 كما حصل المطعون ضده الثانى على الترخيص رقم 71/ 3/ 169 لشغل فترينة لبيع السجائر بنفس المكان وظل هذا الترخيص يجدد سنوياً حتى 16/ 3/ 1992 ومن ثم فإنه وقت صدور القرار رقم 38 بتاريخ 25/ 5/ 1991 كان ترخيص كل من المطعون ضدهما الأول والثانى سارياً ويكون ذلك بالنسبة لهما قد صدر بإزالة محلات مرخص لها بمزاولة النشاط، وكان على جهة الإدارة إذا ما رأت أن وجود تلك الفترينات يتعارض مع خطة تطوير ميدان العتبة وجمال تنسيق المنطقة كما ذكر فى أسباب الطعن أن تصدر قراراً بإلغاء الترخيص وإذا مارس المرخص لها النشاط بعد ذلك كان لها طبقاً لسلطتها المقررة فى هذا الشأن أن تصدر قراراً بإزالة تلك الفترينات لوجودها بدون ترخيص بذلك وإذ لم تسلك جهة الإدارة الإجراءات المقررة لتصفية الأوضاع والمراكز القانونية القائمة المشروعة قبل صدور قرار الإزالة المطعون فيه بالنسبة للمطعون ضدهما الأول والثانى فإن قرارها المطعون فيه يكون بالنسبة لهما وقت صدوره غير قائم على أساس سليم من صحيح القانون.
ومن حيث إن المطعون ضدها الثالثة وإن كان مورثها المرحوم ....... كان قد حصل على الترخيص رقم 71/ 3/ 650 لتشغيل الخردوات بعمارة متاتيا بميدان العتبة بالقاهرة وظل هذا الترخيص يجدد حتى 29/ 7/ 1991 إلا أنه أنتقل إلى رحمة الله المرخص له ولم يتم نقل الترخيص باسم مورثته المطعون ضدها الثالثة/ ... ومن ثم فإن تشغليها للفترينة المذكورة بدون ترخيص لأن الترخيص الصادر لمورثها شخصى وينتهى بوفاة المرخص له طبقاً لحكم المادة الثامنة من القانون رقم 140 لسنة 1956 سالفة الذكر، ويكون قرار الإزالة بالنسبة لها موافقاً صحيح القانون وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بالنسبة للمطعون ضدهما الأول والثانى بما سبق ولم يأخذ به بالنسبة إلى المطعون ضدها الثالثة فإنه يكون قد أصاب صحيح حكم القانون بالنسبة لهما وخالف بالنسبة للمطعون ضدها الثالثة من المتعين تعديله وإلزام جهة الإدارة المطعون ضدها الثالثة المصروفات طبقاً لحكم المادة (186) مرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفض الطعن بالنسبة للمطعون ضدهما الأول والثانى وبرفض الدعوى بالنسبة للمطعون ضدها الثالثة وألزمتها وجهة الإدارة المصروفات مناصفة.