أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الأول - السنة 22 - صـ 199

جلسة 7 من مارس سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ نصر الدين عزام، وعضوية السادة المستشارين/ سعد الدين عطية، ومحمود عطيفة، والدكتور محمد محمد حسنين، وطه الصديق دنانة.

(48)
الطعن رقم 1863 لسنة 40 القضائية

(أ، ب، ج) إثبات. "بوجه عام". "شهادة". عاهة عقلية. حكم "تسبيبه . تسبيب معيب". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". هتك عرض.
( أ ) توافر التمييز فى الشاهد. شرط للأخذ بشهادته. ولو كانت على سبيل الاستدلال. أساس ذلك. المادتان 287 إجراءات و82 من قانون الإثبات.
فطعن بأن الشاهد غير مميز. وجوب تحقيقه.
(ب) تحقق عاهة العقل. بفقد المصاب أيا من التمييز أو الإدراك.
(ج) تساند الأدلة فى المواد الجنائية. نطاقه؟
1 - مفاد نص المادة 82 من قانون الإثبات فى المواد المدنية رقم 25 لسنة 1968 التى أحالت إليها المادة 287 من قانون الإجراءات الجنائية، أنه يجب للأخذ بشهادة الشاهد، أن يكون مميزا، فإن كان غير مميز لأى سبب، فلا يقبل شهادته ولو على سبيل الاستدلال، إذ لا ينفى عن الأقوال التى يدلى بها الشاهد بغير حلف يمين، إنها شهادة، وعلى المحكمة متى طعن على الشاهد بأنه غير مميز أن تحقق هذا الطعن، بلوغا إلى غاية الأمر فيه.
2 - لا يتطلب القانون فى عاهة العقل أن يفقد المصاب الإدراك والتمييز معا، وإنما تتوافر بفقد أحدهما.
3 - إن الأدلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا، بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذى كان للدليل الباطل فى الرأى الذى انتهت إليه المحكمة، أو التعرف على ما كانت تنتهى إليه من نتيجة لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدائرة مركز ههيا محافظة الشرقية واقع ...... بغير رضاها بأن أمسك بها وأرقدها أرضا ورفع عنها ملابسها وأولج قضيبه فى مكان العفة منها حالة كونها معدومة الادراك وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بمواد الاتهام فصدر قراره بذلك. ومحكمة جنايات الزقازيق قضت حضوريا عملا بالمادتين 267/ 1 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة وقاع أنثى بغير رضاها قد شابه فساد فى الاستدلال وخالف القانون، ذلك بأنه عول فى قضائه بالإدانة على أقوال المجنى عليها، فى حين أنها مصابة بضعف فى قواها العقلية فلا تقبل شهادتها، مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة سألت المجنى عليها - البالغة من العمر اثنتين وأربعين سنة - على سبيل الاستدلال بغير حلف يمين، ولاحظت المحكمة من حركاتها وأسلوبها وكلامها أنها قليلة الإدراك، وقال المدافع عن الطاعن أن المجنى عليها مصابة باختلال عقلى ولا تعى ما تقول. ويبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه بعد أن بين واقعة الدعوى، عول فى قضائه بالإدانة - من بين ما عول عليه - على أقوال المجنى عليها فى التحقيقات وبالجلسة، وأورد فى مدوناته أنه "ثبت من التقرير الطبى الشرعى أن المجنى عليها تعانى من حالة ضعف عقلى خلقى متقدم ينقص من إدراكها ويؤثر على سلامة تصرفاتها وإرادتها" لما كان ذلك، وكانت المادة 82 من قانون الإثبات فى المواد المدنية والتجارية التى أحالت إليها المادة 287 من قانون الإجراءات الجنائية، قد جرى نصها على أنه لا يجوز رد الشاهد ولو كان قريبا أو صهرا لأحد الخصوم إلا أن يكون غير قادر على التمييز بسبب هرم أو حداثة أو مرض أو لأى سبب آخر، مما مفاده أنه يجب للأخذ بشهادة الشاهد أن يكون مميزا فإن كان غير مميز فلا تقبل شهادته ولو على سبيل الاستدلال إذ لا ينفى عن الأقوال التى يدلى بها الشاهد بغير حلف يمين أنها شهادة، وعلى المحكمة متى طعن على الشاهد بأنه غير مميز أن تحقق هذا الطعن بلوغا إلى غاية الأمر فيه. ولما كان القانون لا يتطلب فى عاهة العقل أن يفقد المصاب الإدراك والتمييز معا، وإنما تتوافر بفقد أحداهما. وإذ ما كان الطاعن قد طعن على شهادة المجنى عليها بأنها مصابة بعاهة فى العقل، وأورد الحكم ما يظاهر هذا الدفع بما نقله من تقرير الطبيب الشرعى - على ما سلف بيانه - وقعدت المحكمة عن تحقيق قدرتها على التمييز أو بحث خصائص إرادتها وإدراكها العام استيثاقا من تكامل أهليتها لأداء الشهادة، ومع ذلك عول على شهادتها فى قضائه بالإدانة، فإنه يكون مشوبا بالفساد فى الاستدلال ومخالفة القانون ولا يغنى عن ذلك ما أورده الحكم من أدلة أخرى، إذ الأدلة فى المواد الجنائية مساندة يكمل بعضها بعضا، بحيث إذا سقط إحداها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذى كان للدليل الباطل فى الرأى الذى انتهت إليه المحكمة، أو التعرف على ما كانت تنتهى إليه من نتيجة لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم، بما يتعين معه إعادة النظر فى كفاية باقى الأدلة لدعم الاتهام. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والاحالة، بغير حاجة إلى بحث سائر ما يثيره الطاعن فى تقرير أسباب طعنه.