مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثانى (من أول مارس سنة 2001 إلى آخر يونيه سنة 2001) - صـ 1217

(145)
جلسة 28 من مارس سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جودة عبد المقصود فرحات - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: السيد محمد السيد الطحان، أحمد عبد العزيز أبو العزم، مصطفى محمد عبد المعطى، وأحمد حلمى محمد أحمد - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 7414 لسنة 44 القضائية

تعليم - تعليم عالى - تحديد مستحقى الالتحاق بالتعليم العالى
القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات
لما كانت الدولة مسئولة دستورياً عن كفالة التعليم العالى الذى يخضع لإشرافها وكانت الفرص التى تلتزم الدولة بإقامتها للراغبين فى الالتحاق بالتعليم العالى مقيدة بإمكانياتها الفعلية التى قد تقتصر على استيعابهم جميعاً فى كلياته ومعاهده المختلفة فإن السبيل إلى فض تزاحمهم وتنافسهم على هذه الفرص المحددة لا يتأتى إلا بتحديد مستحقيها وترتيبهم فيما بينهم وفق شروط موضوعية ترتد فى أساسها إلى طبيعة هذا التعليم وأهدافه ومتطلبات الدراسة فيه ويتحقق بها ومن خلالها مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة أمام القانون - تطبيق.


إجراءات الطعن:

إنه فى يوم الأثنين الموافق 3/ 8/ 1998 أودع الأستاذ ....... المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى تقريرا ً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 7414/ 44 ق، ع. فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بأسيوط فى الدعوى رقم 265/ 3 ق بجلسة 3/ 6/ 1998 والقاضى بأحقية المدعية فى تعويض قدره ألف جنيه واسترداد مبلغ ثلاثة آلاف جنيه والفوائد القانونية عن المبلغ الأخير على النحو المبين بالأسباب وإلزام الجامعة المدعى عليها المصروفات.
وطلبت الجامعة الطاعنة - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - قبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الطلبات المقامة بها الدعوى والقضاء مجدداً بعدم قبوله شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام المطعون ضدها المصروفات ومقابل الأتعاب، وقد تم إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى وإلزام المطعون ضدها المصروفات.
تحدد لنظر الطعن أمام الدائرة الأولى (فحص الطعون) جلسة 21/ 2/ 2000 وبجلسة 19/ 6/ 2000 قررت إحالته إلى الدائرة الأولى موضوع والتى أحالته إلى هذه الدائرة حيث نظرته بجلساتها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حتى قررت إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم، وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه المقررة قانوناً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - فى أنه بتاريخ 10/ 12/ 1991 أقامت المطعون ضدها الدعوى رقم 265 لسنة 3 ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بأسيوط طلبت فى ختامها الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام المدعى عليهما الأول والثانى بأن يدفعا لها مبلغ عشرة آلاف جنيه تعويضاً عن الأضرار التى أصابتها والمصروفات.
وقالت شرحاً للدعوى أنها حصلت على شهادة إتمام الدراسة الثانوية فى العام الدراسى 1989 بمجموع 203 درجة بنسبة 50.75% ثم التحقت بكلية الحقوق جامعة بيروت واجتازت السنة الأولى ونقلت إلى الفرقة الثانية بمادتى تخلف وتقدم ولى أمرها بطلب إلى مجلس جامعة أسيوط بقبول قيدها وتحويلها من جامعة بيروت إلى الفرقة الثانية بكلية الحقوق جامعة أسيوط وبجلسة 30/ 12/ 1990 قرر مجلس الجامعة الموافقة على تحويلها إلى كلية الحقوق جامعة أسيوط على أن يدفع ولى أمرها تبرعاً مقداره 5000 جنيه للجامعة، وبجلسة 10/ 2/ 1991 قرر مجلس الجامعة الموافقة على قبول تحويل جميع الطلاب الراغبين فى التحويل المقيدين بكليات نظرية والمنقولين إلى فرقة أعلى بجامعة بيروت العربية، كما قرر أن يتم تحصيل مبلغ 3000 جنيه من كل طالب كتبرع لتنمية موارد صندوق الخدمات الطلابية بالجامعة، وإلغاء قرار مجلس الجامعة الذى حدد التبرع بمبلغ 5000 جنيه، وبتاريخ 29/ 1/ 1991 قامت المدعية بدفع قيمة التبرع والرسوم الدراسية وانتظمت فى الدراسة وأدت امتحان دور مايو سنة 1991 وأعلنت النتيجة برسوبها فى جميع المواد عدا مادتين، وبتاريخ 5/ 10/ 1991 تقرر إلغاء قيدها بكلية الحقوق جامعة أسيوط نفاذاً لقرار مجلس الجامعة فى 15/ 9/ 1991 لأن مجموع درجاتها فى الثانوية العامة لم يكن يؤهلها للقبول بكلية الحقوق جامعة أسيوط وفق المجموع المقرر للقبول فى هذه الكلية عند قبول تحويلها من جامعة بيروت، فتظلمت من هذا القرار بتاريخ 25/ 10/ 1991، ودفعت المدعية على القرار مخالفة القانون للأسباب الآتية:
أولاً: إنه طبقاً للمواد 26، 41 من قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 ولائحته التنفيذية الصادرة بالقرار الجمهورى رقم 809 لسنة 1975 بأن مجالس الكليات بعد اعتماد رئيس الجامعة تختص بقرارات تحويل الطلاب من الكليات الجامعية الأجنبية إلى كليات الجامعة الخاضعة للقانون رقم 49 لسنة 1972 وما للمجلس الأعلى للجامعات سوى رسم السياسة العامة للتعليم الجامعى بما يتضمنه وضع الإطار التنظيمى للتحويل ونقل القيد من الجامعات الأجنبية إلى الجامعة المصرية. وقد باشر المجلس الأعلى للجامعات هذه السلطات فأصدر فى 8/ 3/ 1989 شروط التحويل التى تتحصل فى ألا يقل مجموع الطالب فى شهادة إتمام الدراسة الثانوية عن نسبة5 % فقط من المجموع الذى قبل فى الكلية المراد التحويل إليها، وأن يكون الطالب منقولا من الفرقة الأولى أو الإعدادية فى الجامعات الأجنبية التى التحق الطالب بإحدى جامعاتها، ورغم تلك الشروط اعتادت الجامعات المصرية قبول العديد من الطلاب المحولين من جامعات أجنبية إلى جامعات مصرية دون التقيد بالشروط الواردة بقرارات المجلس الأعلى للجامعات.
ثانياً: إن قرار رئيس جامعة أسيوط باعتماده قرارات مجلس كلية الحقوق بأسيوط والذى قرر قبول تحويل المدعية من جامعة بيروت فى 30/ 12/ 1990 هو قرار إدارى صحيح صادر ممن يملكه قانوناً لا يجوز سحبه مما يجعل القرار المطعون فيه بسحب ذلك القرار مشوباً بعيب إساءة استعمال السلطة. ثالثاً: إن المدعية قد التحقت بكلية الحقوق جامعة أسيوط وأدت امتحان الفرقة الثانية وأعلنت النتيجة النهائية برسوبها فى جميع المواد عدا مادتين مما يجعل قرار قبولها قد تحصن ضد الإلغاء ولا يجوز المساس به، وقد ألحق بها القرار أضراراً مادية تمثلت فى أنه فوت عليها فرصة النجاح فى السنة الثانية وذلك بقبولها تحويلها لجامعة أسيوط فى 30/ 12/ 1990 فى حين لو استمرت فى جامعة بيروت لواتتها فرصة النجاح، كما تحملت مصرفات ورسوم وشهادات وانتقالات من الاسكندرية إلى أسيوط لتجهيز أوراق قبولها وأيضاً مصاريف عودتها مرة أخرى إلى جامعة بيروت والتى بلغت 1800 جنيه فضلاً عن ثمن الكتب التى بلغت 500 جنيه ومصاريف الإقامة بالإسكندرية.
ثم قدمت المدعية مذكرة وصحيفة طلبت فيها قصر طلباتها على الشق الخاص بالتعويض ورد مبلغ 3000 جنيه فى ضوء قرار الجامعة الصادر فى 25/ 5/ 1992 بسحب القرار المطعون فيه وإعادة قيدها بالحالة التى كانت عليها قبل الإلغاء والترخيص لها بدخول امتحانات دور مايو سنة 1992.
وبجلسة 3/ 6/ 1998 صدر الحكم المطعون فيه، وأقامت المحكمة قضاءها على أن القرار المطعون فيه بسحب قرار قبول المدعية بكلية الحقوق جامعة أسيوط والذى كان قد تحصن ولم تبادر الجامعة إلى سحبه خلال المواعيد المقررة واستمرت المدعية فى الدراسة وأدت امتحان العام الدراسى 90/ 1991 فإن قيام الجامعة بسحب هذا القرار بعد مرور ما يناهز تسعة أشهر على صدوره وتحصنه يترتب عليه بطلان القرار السابق الأمر الذى يتوافر معه ركن الخطأ لدى جهة الإدارة، ولا ينال من ذلك ما سلكته جهة الإدارة من إعادة قيد المدعية مرة أخرى بعد ذلك بحقوق أسيوط إذ تم ذلك بتاريخ 15/ 5/ 1992 وتم إخطار المدعية فى 20/ 5/ 1992 أى بعد أن أوشك العام الدراسى 91/ 1992 ان ينتهى وبدأت الامتحانات وبالتالى ليس ثمة فائدة ترجى منه للمدعية بعد أن عادت إلى كلية الحقوق جامعة بيروت وانتظمت بها وأصبح من المتعذر عليها استيعاب المناهج المقررة بكلية الحقوق جامعة أسيوط مما حدا بها إلى عدم تنفيذ هذا القرار والاستمرار بكلية الحقوق جامعة بيروت، وإذ ترتب على قرار الإلغاء قيد المدعية بكلية الحقوق جامعة أسيوط أضرار لا تتمثل فى نقل قيدها مرة أخرى إلى جامعة بيروت وبالتالى تدفع مصروفات دراسية تزيد أضعاف مضاعفة عن مصروفات الدراسة التى كان يتعين دفعها بجامعة أسيوط، كذا بالنسبة لثمن الكتب الدراسية فضلاً عن مصروفات الانتقال من أسيوط إلى الاسكندرية والإقامة بها والأضرار النفسية والأدبية المترتبة على الاغتراب خاصة وإنها طالبة ومن ثم فقد توافرت أركان المسئولية لدى الجامعة المدعى عليها ومن ثم فإن المحكمة تلزم الجامعة بأن تؤدى للمدعية تعويضاً قدره ألف جنيه.
وقالت المحكمة عن طلب رد مبلغ التبرع إنه لما كان الثابت من أوراق الدعوى أن والد المدعية وهو فى ذات الوقت محامى الذى أقام الدعوى الراهنة سبق أن تبرع للجامعة بمبلغ 3000 جنيه وإنه لا خلاف بين المدعية والجامعة إن هذا التبرع كان بعوض وهو التزام الجامعة بقبول طلب نقل المدعية إلى كلية الحقوق جامعة أسيوط - ثم نفذت الجامعة التزامها فى البداية بأن وافقت على هذا الطلب إلا أنها عادت وقررت إلغاء قيدها وهو بمثابة جحود كبير من الجامعة بإخلال الجامعة بالتزامها ومن ثم يكون من حق المدعية استرداد هذا المبلغ خاصة وأن الجامعة لم تقدم ما يفيد استرداد المدعية هذا المبلغ ولم تدفع بأى دفع فى هذا الشأن وأن مذكرات الجامعة ودفاعها تضمن اقراراً ضمنياً بعدم استرداد المدعية المبلغ المشار إليه من ثم يتعين القضاء بأحقية المدعية فى إسترداد هذا المبلغ.
ولا ينال من ذلك ما أثارته الجامعة من صدور قرار فى 15/ 5/ 1992 بإعادة قيد المدعية بكلية الحقوق وذلك إنه كان يتعذر على المدعية تنفيذ هذا القرار على ما سلف بيانه.
وعن طلب الفوائد القانونية عن المبلغ المشار إليه قالت المحكمة إنه لما كان المبلغ معلوم المقدار وقت الطلب وحال الأداء فإنه يتعين القضاء بأحقية المدعية فى الفوائد القانونية بواقع 4% عنه اعتباراً من تاريخ المطالبة القضائية بالمبلغ فى 18/ 2/ 1995 وحتى تاريخ السداد عملاً بالمادة 226 من القانون المدنى.
ومن حيث إن مبنى الطعن يقوم على خطأ الحكم المطعون فيه فى تطبيق القانون والفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب ذلك إن الطلب العارض من المطعون ضدها قدم أثناء حجز الدعوى للحكم وكان الواجب بحسب ما قضت به المادة 122 من قانون المرافعات أن يقدم هذا الطلب قبل يوم الجلسة أو أثناء نظرها شفاهة وهو ما لم يحدث فإذا خالف الحكم ذلك النظر فإنه يكون قد شابه الخطأ مما يستوجب القضاء برفضه كما أنه يشترط لقبول الدعوى وجود المصلحة واستمرارها حتى يحكم فيها نهائيا والثابت أن المطعون ضدها قد أعيد قيدها ورخصت لها جامعة أسيوط بدخول امتحانات دور مايو سنة 1991 بحقوق أسيوط وذلك قبل بدء الامتحانات وهو ما تنتفى معه مصلحة المطعون ضدها فى السير فى الدعوى لعدم توافر شرط المصلحة.
كما أخطأ الحكم المطعون فيه حين أثبت خطأ الجامعة مما ترتب عليه إصابة المطعون ضدها بأضرار ذلك إن قرار التحويل منعدماً إذ لم يتقيد بالمجموع فى الثانوية العامة مما يجعله مخالفاً لحق المساواة المقرر فى الدستور كما خالف قرارات المجلس الأعلى للجامعات الذى أناط به القانون تنظيم قبول الطلاب بالجامعات وتحديد أعدادهم - كما شاب الحكم المطعون فيه فساد فى الاستدلال إذ لم يكن ثمة خطأ من الجامعة فضلاً عن استمرار المطعون ضدها برغبتها فى الاستمرار بكلية الحقوق جامعة بيروت بعد إعادة قيدها بكلية الحقوق بأسيوط وعليه تنتفى المسئولية التى ترتب التعويض وعليه يكون الحكم الطعين قد جاء متناقضاً مع نفسه، كما إن الحكم قد أصابه قصور فى التسبيب حين قضى بأن التبرع كان بعوض وهو إلزام الجامع بقبول طلب نقل المدعية إلى كلية الحقوق جامعة أسيوط ثم نفذت الجامعة التزامها فى البداية بأن وافقت على هذا الطلب إلا إنها عادت وقررت إلغاء قيدها وهو بمثابة جحود كبير من الجامعة بإخلالها بالتزامها ومن ثم يكون من حق المدعية استرداد هذا المبلغ هذا وفى حين أن الجامعة طلبت من المطعون ضدها الحضور لأداء امتحانات دور مايو 1992 بعد أن أعادت قيدها وعليه فلم يكن هناك جحود من الجامعة تجاه المتبرعة فإذا خالف الحكم هذا النظر فإنه يكون قد أصابه القصور فى التسبيب..
وعما قضى به الحكم الطعين من أحقية المطعون ضدها فى الفوائد القانونية فإن ذلك يعد مخالف لأحكام الدستور والقانون لمخالفته لمبادئ الشريعة الإسلامية التى هى المصدر الرئيسى للتشريع.
ومن حيث إنه عما دفعت به الجامعة الطاعنة من مخالفة الطلب العارض المقدم من المطعون ضدها للإجراءات المقررة فى المادة 123 مرافعات ولعدم وجود مصلحة للمطعون ضدها فى الدعوى.
ولما كان مفاد نصوص المواد 143، 124 من قانون المرافعات إن للمدعى أن يقدم من الطلبات العارضة ما يكون مكملاً للطلب الأصلى أو مزايداً عليه أو متصلاً به بصلة لا تقبل التجزئة، وهذه الطلبات تقدم إلى المحكمة إما بإيداع عريضة الطلب سكرتارية المحكمة أو التقدم بالطلب شفاهة إلى هيئة المحكمة مباشرة فى حضور الخصم ويثبت فى المحضر ولا تقبل الطلبات العارضة بعد إقفال باب المرافعة ولا يتم إقفال باب المرافعة إلا بانتهاء الأجل المحدد لتقديم المذكرات فى حالة ما إذا كانت المحكمة قد حجزت الدعوى للحكم مع مذكرات خلال أجل معين.
ولما كان الثابت من الأوراق أن تعديل الطلبات فى الدعوى قم تم بمذكرة مقدمة خلال الأجل الذى صرحت فيه المحكمة بجلسة 23/ 1/ 1995 بتقديم مذكرات عند حجز الدعوى للحكم بجلسة 26/ 4/ 1995 حيث صرحت المحكمة بمذكرات خلال شهرين وأعلنت بها هيئة قضايا الدولة وتسلمت الجامعة صورة منها وقدمت مذكرة تعديل الطلبات خلال فترة الأجل المشار إليه ومن ثم يكون طلب المدعية المعدل قد قدم وتمت إجراءاته فى الحدود التى رسمها القانون، وكذلك فإن مصلحة المدعية بالنسبة لطلب التعويض ورد المبلغ المتبرع به مازال قائماً ومن ثم يتعين الدفوع المبداة من الجامعة فى هذا الشأن.
ومن حيث إنه عن التعويض الذى تطلبه المطعون ضدها عن إلغاء قرار قيدها بكلية الحقوق جامعة أسيوط والذى ينظر استقلالاً بعد قيام الجامعة الطاعنة بإعادة قيدها وإذ تنظر المحكمة فى قرار إلغاء القيد تبين ركن الخطأ فى طلب التعويض وتبين ما إذا كان هذا القرار قد صدر متفقاً وأحكام القانون من عدمه وبعيداً عن تحصن القرار من عدمه والذى يغدو قائماً حين النظر فى إلغاء القرار أما فى طلب التعويض فالعبرة بمدى مطابقة القرار الطعين للقانون من عدمه.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى واضطرد على أن التعلم العالى بجميع كلياته ومعاهده بحسبانه الركيزة الأساسية لتزويد المجتمع بالمتخصصين والفنيين والخبراء يتعين ان يرتبط فى أهدافه وأسس تنظيمه بحاجات هذا المجتمع وانتاجه وهو ما تطلبته صراحة المادة 18 من الدستور ولما كان ذلك وكانت الدولة مسئولة دستورياً عن كفالة هذا التعليم الذى يخضع لإشرافها وكانت الفرص التى تلتزم الدولة بإقامتها للراغبين فى الالتحاق بالتعليم العالى مقيدة بإمكانياتها الفعلية التى قد تقتصر على استيعابهم جميعاً فى كلياته ومعاهده المختلفة، فإن السبيل إلى فض تزاحمهم وتنافسهم على هذه الفرص المحددة لا يتأتى إلا بتحديد مستحقيها وترتيبهم فيما بينهم وفق شروط موضوعية ترتد فى أساسها إلى طبيعة هذا التعليم وأهدافه ومتطلبات الدراسة فيه، ويتحقق بها ومن خلالها مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة أمام القانون الذى حرص الدستور على إلزام الدولة بكفالة تحقيقه، ومن هذا المنطق صاغ المشرع أحكام المادة (19) من القانون على أن يختص المجلس الأعلى للجامعات بالمسائل الآتية:
1) رسم السياسة العامة للتعليم الجامعى والبحث العلمى فى الجامعات والعمل على توجهها وتنسيقها بما يتحقق معه حاجات البلاد وتيسير تحقيق الأهداف القومية والاجتماعية والاقتصادية والعلمية للدولة. 2 - ..... 3 - ..... 4 - ....... 5 - ......
6 - تنظيم قبول الطلاب فى الجامعات وتحديد أعدادهم.
وقد تكلفت المادة 75 من اللائحة التنفيذية ببيان ما ارتأته من شروط موضوعية محققة لتكافؤ الفرص بين الحاصلين على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها حيث ربطت القبول بالتعليم الجامى بترتيب درجات النجاح فى امتحان تلك الشهادة بحسبان هذا الامتحان الذى يتم فى إطار مسابقة عامة تجريها الدولة وتضمن فيها لجميع المتقدمين فرصة متكافئة للحصول على تلك؛ الشهادة وهو الميعاد الموضوعى الوحيد للمفاضلة بينهم عند تقدمهم للالتحاق بالتعليم الجامعى وهذه المبادئ أولى بالتطبيق عند تحويل الطلاب الذين يشغلون أصلاً مقاعد فى كليات تتبع جامعات غير خاضعة لأحكام قانون الجامعات - ومن ثم فقد كان طبيعياً أن تقضى المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية أى نص يتعارض مع هذه المبادئ الدستورية التى تجعل من التفوق والجدارة المعيار المعتمدة لشغل مقاعد كليات الجامعة ومعاهدها وتستبعد أى معيار يقوم على القدرة المادية أو غيرها من عناصر التمييز بين الطلاب فى شغل هذه المقاعد ويظل هذا المعيار هو وحده المعيار الواجب التطبيق فى كل مقاعد الجامعات الخاضعة للقرار بقانون رقم 49 لسنة 1972 المشار إليه فى أية فرقة من الفرق الدراسية وسواء كان الالتحاق بها عن طريق مكتب تنسيق قبول الطلبة الحاصلين على الثانوية العامة، أو كان ذلك من باب أولى عن طريق نقل الطالب من إحدى الكليات التابعة لجامعة غير خاضعة للقانون المذكور إلى إحدى كليات الجامعة الخاضعة له.
ومن حيث إن المجلس الأعلى للجامعات أصدر فى 18 من مارس سنة 1991 قراره الذى تضمنه بأنه " تحقيقاً لمبدأ تكافؤ الفرص بين الطلاب المصريين وعدم السماح بأية استثناءات، يحظر تحويل الطلاب المصريين من الجامعات الأجنبية إلى الجامعات المصرية إلا إذا كان الطالب حاصلاً على الحد الأدنى فى شهادة الثانوية أو ما يعادلها للقبول بالكلية المعنية التى يرغب فى تحويله أو نقل قيده إليها على أن يتم التحويل مركزياً عن طريق مكتب تنسيق القبول بالجامعات، وإمعاناً فى تأكيد هذا الشرط صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 354 لسنة 1991 بتعديل نص المادة 87 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات متضمناً حظر تحويل الطلاب المشار إليهم إلا إذا كان الطالب حاصلاً فى الثانوية العامة على مجموع لا يقل عن الحد الأدنى للقبول فى الكلية التى يرغب فى التحويل إليها.
ومن حيث إنه ينطبق ما تقدم وإذ قامت الجامعة الطاعنة بقبول وقيد المطعون ضدها بكلية الحقوق جامعة أسيوط وذلك بالمخالفة لقاعدة المساواة التى نص عليها الدستور بالمخالفة للقواعد المقررة فى قانون الجامعات رقم 49 لسنة 1972 المشار إليه ولائحته التنفيذية التى تجعل الالتحاق بالكليات بحسب المجموع ولا تمايز بين الطلاب فى هذا الشأن وانساقت الجامعة كما انساقت غيرها من الجامعات إلى قبول المطعون ضدها وغيرها دون سند من نصوص القانون ومن ثم فإذا قامت بتصحيح هذا الوضع بإلغاء قيدها فإن قرارها فى هذا الشأن يغدو متفقاً وأحكام القانون وما استند عليه قضاء هذه المحكمة فى العديد من الأحكام المتعلقة بتحويل طلبة جامعة بيروت ومن ثم يتخلف ركن الخطأ الموجب للتعويض، ولا يغير من ذلك القول بتحص قبول وقيد المطعون ضدها ذلك وإن جاز القول بذلك الافتراض الجدلى فى مقام إلغاء القرار بتغليب تحص المراكز القانونية على المخالفة التى شابت القرار فإنه لا يصلح سنداً للحكم بخطأ جهة الإدارة الموجب التعويض ولا تقوم المسئولية إلا بمخالفة القانون، وبناء على ما تقدم يتعين الحكم برفض طلب التعويض المطالب به.
ومن حيث إنه عن طلب رد التبرع وقدره 3000 جنيه وفوائده القانونية، وإذ تنص المادة 486 من القانون المدنى على أن " 1 - الهبة عقد يتصرف بمقتضاه الواهب فى ماله دون عوض. 2 - ويجوز للواهب دون أن يتجرد عن نية التبرع أن يفرض على الموهب له القيام بالتزام معين "، وتنص المادة 497 من ذات القانون على أن " يلتزم الموهوب له بأداء ما اشترط عليه من عوض سواء اشترط هذا العوض لمصلحة الواهب أم لمصلحة أجنبى أم للمصلحة العامة "، وتنص المادة 500 على أن " (1) يجوز للواهب أن يرجع فى الهبة إذا قبل الموهوب ذلك (2) فإذا لم يقبل الموهوب له جاز للواهب أن يطلب من القضاء الترخيص له فى الرجوع متى كان يستند فى ذلك إلى عذر مقبول ولم يوجد مانع من الرجوع "، وتنص المادة 501 على أن "يعتبر بنوع خاص عذراً مقبولاً للرجوع فى الهبة: ( أ ) أن يخل الموهوب له بما يجب عليه نحو الواهب أو نحو أحد من أقاربه بحيث يكون هذا الإخلال جحوداً كبيراً من جانب الموهوب له. (ب) ....... (ج) ....... "، ولما كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها سبق أن تقدمت بالمبلغ المشار إليه بتاريخ 29/ 1/ 1991 بعد قرار مجلس جامعة أسيوط بجلسة 30/ 11/ 1990 بالموافقة على تحويلها إلى كلية الحقوق بأسيوط، ولما كانت الجامعة بتاريخ 5/ 10/ 1991 قررت إلغاء قيدها بالكلية الأخيرة ثم عادت بتاريخ 15/ 5/ 1992 بإعادة قيدها مرة أخرى بالحالة التى كانت عليها - وأياً ما كان الرأى حول مدى سلامة قرار الجامعة الأخيرة - فإنه بإعادة قيدها تكون قد أوفت بالتزامها تجاه الواهبة ولا يعد بالتالى جحوداً كبيراً على نحو ما تضمنته المادة 501 من القانون المدنى ومن ثم لا يقوم أية إلزام على الجامعة للطاعنة برد مبلغ التبرع المشار إليه ولا تستحق عليه بالتالى أية فوائد قانونية.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المطعون ضدها المصروفات.