مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثانى (من أول مارس سنة 2001 إلى آخر يونيه سنة 2001) - صـ 1231

(146)
جلسة 31 من مارس سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ إسماعيل صديق راشد - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: فريد نزيه تناغو، ومحمد عادل حسيب، ويسرى هاشم الشيخ، ود. عبد الفتاح عبد الحليم عبد البر - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 630 لسنة 43 القضائية

عاملون مدنيون - تأديب - انقطاع المكلف عن العمل يوجب مجازاته تأديبياً.
القانون رقم 29 لسنة 1974 بشأن تكيلف الأطباء والصيادلة وغيرهم من ذوى المهن الطبية والفنيين الصحيين - أجاز المشرع لوزير الصحة أن يكلف خريجى كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان للعمل بالحكومة لمدة سنتين قابلة للتجديد لمدة أخرى، ويجب على المكلف القيام بأعمال وظيفته ويحظر عليه الامتناع عن القيام بالعمل وذلك اعتباراً من تاريخ تسلمه العمل ويشكل انقطاع المكلف عن العمل خلال هذه المدة وكذا عدم تسلمه العمل خروجاً على مقتضى الواجب الوظيفى مما يوجب مجازاته تأديبياً لان ذلك يعد امتناعاً بإرادته عن أداء واجب التكليف على عكس ما يقضى به نص القانون الصادر بناء على قرار التكليف وبالتناقض مع الطبيعة القانونية للتكليف بالوظائف العامة وعلى خلاف غايات المشرع من تقرير التكليف لبعض الطوائف والتى من بينها إسهامهم خلال مدة محددة بأداء الأعمال والوظائف التى يكلفون بها مشاركة منهم فى خدمة الوطن، وإن التكليف هو طريق استثنائى لشغل الوظائف فإذا ما تم شغل المكلف للوظيفة يصبح ملزماً بالقيام بأعبائها دون اعتداد برضائه أو عدم رضائه فإن امتنع عن تأديتها طبقت عليه العقوبات التأديبية - تطبيق.


إجراءات الطعن:

فى يوم الأحد الموافق 3/ 11/ 1996 أودعت هيئة النيابة الإدارية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 630 لسنة 43 ق فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بطنطا فى الدعوى رقم 790 لسنة 24 ق والذى قضى بجلسة 19/ 10/ 1996 ببراءة ....... ما أسند إليه.
وطلب الطاعن لما ورد فى طعنه من أسباب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من براءة المطعون ضده ومعاقبته بالعقوبة المناسبة عما أسند إليه.
وبعد أن تم إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
قدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ومجازاة المطعون ضده بخصم خمسة عشر يوماً من راتبه.
وقد حدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 24/ 11/ 1999 وبجلسة 22/ 12/ 1999 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا " الدائرة الرابعة " لنظره وبجلسة 12/ 2/ 2000، وبتلك الجلسة استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً للاستماع إليه من إيضاحات ذوى الشأن، وتدوول الطعن بالجلسات، ثم قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى سائر أجراءاته الشكلية فمن ثم يعد مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - فى انه بتاريخ 11/ 9/ 1996 أقامت النيابة الإدارية الدعوى التأديبية رقم 790 لسنة 24 ق بإيداع أوراقها قلم كتاب المحكمة التأديبية بطنطا مشتملة على ملف القضية رقم 18 لسنة 1996 " شبرا الخيمة وتقرير اتهام ضد المطعون ضده الصيدلى المكلف بالعمل بالهيئة العامة للتأمين الصحى فرع شرق الدلتا بموجب القرار رقم 694 لسنة 1995 الصادر بتاريخ 21/ 6/ 1995 " بالدرجة الثالثة " وذلك لانه اعتباراً من 21/ 6/ 1995 خرج على مقتضى الواجب الوظيفى ولم ينفذ ما صدر إليه من أوامر وخالف أحكام القانون بأن امتنع عن استلام العمل المكلف به بالهيئة العامة للتأمين الصحى على النحو المبين بالأوراق. وارتأت النيابة الإدارية أن المتهم يكون بذلك قد ارتكب المخالفة الإدارية المنصوص عليها فى المواد 1، 2، 76/ 8، 77/ 1، 78/ 1، من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 المعدل بالقانون رقم 115 لسنة 1983، وطلبت محاكمته تأديبياً طبقاً للمواد المشار إليها والمواد الأخرى الواردة تفصيلاً بتقرير الاتهام.
وبجلسة 19/ 10/ 1996 قضت المحكمة التأديبية بحكمها المطعون عليه وشيدت قضاءها على أساس أن الثابت من المستندات المقدمة من المتهم أنه كان مجنداً اعتباراً من 10/ 4/ 1995 وحتى 1/ 6/ 1996 مما ينتفى بحقه تهمة الامتناع عن تنفيذ أمر التكليف الصادر له بالعمل بالهيئة العامة للتأمين الصحى فرع شرق الدلتا مما يتعين معه الحكم ببراءته مما أسند إليه. ومن حيث إن مبنى الطعن فى الحكم المطعون فيه هو الخطأ فى تطبيق القانون وتأويله حيث إن مدة تجنيد المطعون ضده التى انتهت فى 1/ 6/ 1996 لم تستغرق مدة تكليفه مما كان يوجب عليه استلام عمله اعتبارا من هذا التاريخ تاريخ تسريحه من القوات المسلحة، كما أن الحكم قضى على خلاف الثابت من الأوراق بان النيابة الإدارية انتهت إلى أن المطعون ضده خلال المدة من 21/ 6/ 1995 حتى 1/ 6/ 1996 امتنع عن استلام العمل المكلف به وذلك على خلاف الوارد بتقرير الإتهام الذى لم يتضمن تحديداً لنهاية المخالفة.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 29 لسنة 1974 بشأن تكليف الأطباء والصيادلة وغيرهم من ذوى المهن الطبية والفنيين الصحيين تنص على أنه " لوزير الصحة " تكليف خريجى كليات الطب والصيدلة وأطباء الأسنان المتمتعين بجنسية جمهورية مصر العربية للعمل بالحكومة أو فى وحدات الإدارة المحلية أو الهيئات العامة والوحدات التابعة لها أو المؤسيسات العامة والوحدات التابعة لها أو القطاع الخاص لمدة سنتين ويجوز تجديد التكليف لمدة أخرى مماثلة..... "
كما تنص المادة السادسة من ذات القانون على أنه " على المكلف أن يقوم بأعمال وظيفته ما بقى التكليف وفى جميع الأحوال يصدر قرار إلغاء التكليف أو إنهاء الخدمة أثناءه من وزير الصحة.... "
ومن حيث إن المستفاد من النصوص السابقة أن المشرع أجاز لوزير الصحة أن يكلف خريجى كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان للعمل بالحكومة لمدة سنتين قابلة للتجديد لمدة أخرى، وأنه يجب على المكلف القيام بأعمال وظيفته ويحظر عليه الامتناع عن القيام بالعمل وذلك اعتباراً من تاريخ تسلمه العمل ويشكل وأن انقطاع المكلف عن العمل خلال هذه المدة وكذا عم تسلمه العمل خروجاً على مقتضى الواجب الوظيفى مما يوجب مجازاته تأديبيا لان ذلك يعد تحريرا له بإرادته عن أداء واجب التكليف على عكس ما يقضى به نص القانون الصادر بناء على قرار التكليف وبالتناقض مع الطبيعة القانونية للتكليف بالوظائف العامة وعلى خلاف غايات المشرع من تقرير التكليف لبعض الطوائف والتى من بينها إسهامهم خلال مدة محددة بأداء الأعمال والوظائف التى يكلفون بها مشاركة منهم فى خدمة الوطن، وأن التكليف هو طريق استثنائى لشغل الوظائف فإذا ما تم شغل المكلف للوظيفة يصبح ملزماً بالقيام بأعبائها دون اعتداد برضائه أو عدم رضائه فإن امتنع عن تأديتها طبقت عليه العقوبات التأديبية.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن تحسب فى مدة التكليف المدة التى يمضيها المكلف فى الخدمة العسكرية والوظيفية إذا اتحدت مع مدة التكليف أو تداخلت معها.
ومن حيث إنه ترتيباً على ما تقدم فإنه وإن كان المطعون ضده قد جند بالقوات المسلحة اعتبارا من 10/ 4/ 1995 حتى 1/ 6/ 1996 إلا أن قرار التكليف صادر فى 21/ 6/ 1995 وأن المطعون ضده سرح من القوات المسلحة فى 1/ 6/ 1996 أى قبل انتهاء قرار التكليف لسنة كاملة إلا أنه لم يقم باستلام العمل المكلف به فور انتهاء مدة تجنيده على الرغم من علمه بالقرار بل إنه أقر فى التحققات إنه لا يرغب فى استلام العمل المكلف به مما يشكل فى حقه ذنبا تأديبيا.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد نحى جانباً آخر وحكم ببراءة المطعون ضده مما نسب إليه فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله مما يتعين معه إلغاؤه، والقضاء بمجازاة المطعون ضده بخصم عشرة أيام من راتبه لما ثبت فى حقه أخذاً فى الاعتبار المدة التى امتنع عن استلام العمل فيها بعد تسريحه من القوات المسلحة.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ومجازاة المطعون ضده بخصم عشرة أيام من راتبه.