مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثانى (من أول مارس سنة 2001 إلى آخر يونيه سنة 2001) - صـ 1245

(148)
جلسة 3 من إبريل سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جمال السيد دحروج - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: كمال زكى عبد الرحمن اللمعى، ومحمود إبراهيم عطا الله، وسالم عبد الهادى محروس جمعة، ويحيى خضرى نوبى محمد - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 4431 لسنة 42 القضائية

إصلاح زراعى - الإستيلاء - الأصل فيه - وقوعه على أطيان مملوكة للخاضع - شرط ذلك - القانون رقم 50 سنة 1969 بتعيين حد أقصى لملكية الأسرة والفرد فى الأرض الزراعية وما فى حكمها - الأصل فى الإستيلاء أن ينصب على أطيان مملوكة للخاضع لأى من قوانين الإصلاح الزراعى شريطة أن تكون هذه الأطيان مملوكة له عند العمل بالقانون المطبق فى الإستيلاء - مؤدى ذلك - لا يمتد الإستيلاء إلى أراضى مملوكة لغير الخاضعين وإلا كان هذا الإجراء معدوماً ولا يتحصن بفوات الوقت - أساس ذلك - الإعتداء الصارخ على حق الملكية الخاصة التى كفلها الدستور والقانون - تطبيق(1).


إجراءات الطعن

فى يوم الاثنين الموافق 3/ 6/ 1996 أودع الأستاذ ...... المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل طالبين فى ختامه - للأسباب الواردة بالتقرير الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه بكافة أثاره وإستبعاد المساحة محل الطعن من الإستيلاء الحاصل عليها، مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الهيئة المطعون ضدها بالمصروفات عن درجتى التقاضى.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانون ارتأت فيه الحكم بقول الطعن شكلاً، وقبل الفصل فى شكل الإعتراض موضوعه بإحالة الطعن إلى مكتب خبراء وزارة العدل بالغربية لمباشرة المأمورية المبينة بأسباب التقرير مع ارجاء البت فى المصروفات لحين الفصل فى الموصوع.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة، وبجلسة 1/ 4/ 1998 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) وحددت لنظره أمامها جلسة 9/ 6/ 1998 ونظرته المحكمة بهذه الجلسة والجلسات التالية وذلك على النحو الثابت بالمحاضر.
وبجلسة 21/ 12/ 1999 قضت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وتمهيدياً وقبل الفصل فى الموضوع بندب مكتب خبراء وزارة العدل لمباشرة المأمورية المبينة بأسباب هذا الحكم، وأبقت الفصل فى المصروفات.
وقد باشر الخبير المأمورية المكلف بها وقدم عنها التقرير المرفق بالأوراق.
وبجلسة 30/ 1/ 2001 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 3/ 4/ 2001 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من القرار المطعون فيه وسائر الأوراق - فى أن الطاعنين أقاموا الإعتراض رقم 134 لسنة 1993 أمام اللجنة القضائية للإصلاح الزراعى بموجب صحيفة مودعة سكرتارية اللجنان القضائية بتاريخ 24/ 2/ 1993 طالبين القضاء بقبول الإعتراض شكلاً، وفى الموضوع بالإفراج عن مساحة 2 س 3 ط - ف والموضحة الحدود والمعالم بصحيفة الإعتراض على سند من القول أن الإصلاح الزراعى إستولى بتاريخ 20/ 12/ 1983 قبل الخاضع/ ........ للقانون رقم 50 لسنة 1969 على مساحة 21 س 3ط - ف الكائنة بحوض الجزاير ضمن القطعة 111 ضمن 24 بزمام قرية بطينه - مركز المحلة الكبرى فى حين أن هذه المساحة إشتراها مورثهم من ....... عن نفسه وبصفته وكيلا عن ابنه .... وهذه المساحة آلت للبائعين بطريق الميراث الشرعى عن المرحومة/ ........
وبجلسة 8/ 4/ 1996 قررت اللجنة عدم قبول الإعتراض شكلاً لتقديمه بعد الميعاد المقرر قانونا.
وشيدت اللجنة قرارها على أنه سبق علم المعترضين اليقينى بقرار الإستلاء على مساحة الأطيان محل النزاع بتاريخ 15/ 12/ 1991 - تاريخ الحكم بإنقطاع سير الخصومة فى الإعتراض رقم 60 لسنة 1986 المقام من مورثهم المرحوم ....... لوفاتة بعد أن حضر ابن المعترض بجلسة 4/ 11/ 1990 وأثبت وكالته عن باقى الورثة وقرر بوفاة والده. ولم يقم المعترضون إعتراضهم الماثل إلا بتاريخ 24/ 2/ 1993 وذلك بعد الميعاد المنصوص عليه فى المادة 13 مكرر من القانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعى والمادة 26 من لائحته التنفيذية.
وإذ لم يلق القرار المشار إليه قبولاً لدى الطاعنين فقد أقاموا عنه هذا الطعن المبنى على بطلان القرار والخطأ فى تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع للأسباب الآتية:
1 - إن القرار المطعون فيه قد جاء خلواً من أسماء المعترضين وصفاتهم وألقابهم وموطن كل منهم وكذلك حضورهم وغيابهم وذلك بالمخالفة لأحكام المادة 178 من قانون المرافعات، مما يكون معه مشوباً بالبطلان معدوم الأثر فى مواجهة الطاعنين.
2 - إن مساحة الأطيان محل الإعتراض لم تكن فى ملكية الخاضع المستولى قبله فى أى وقت من الأوقات، كما أن أياً من البائعين لمورثهم لم يكن خاضعاً لأى قانون من قوانين الإصلاح الزراعى، مما يعتبر معه الإستيلاء على هذه المساحة باطلاً لوقوعه على ملك الغير، ويفقد القرار الصادر فى هذا الشأن مشروعيته ولا يتحصن بميعاد معين لطلب إلغائه.
3 - إن المعترضين طلبوا ندب خبير فى الإعتراض إلا أن اللجنة القضائية لم تستجب لهذا الطلب، ولم تبين الأسباب الواقعية والقانونية التى إستندت إليها فى عدم إجابتهم إلى هذا الطلب مما يعتبر معه قرارها فى هذا الشأن - والحالة كذلك - مشوباً بالإخلال بحق الدفاع والقصور فى التسبيب وهو مبطل للقرار.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 50 لسنة 1969 بتعيين حد أقصى لملكية الأسرة والفرد فى الأراضى الزراعية وما فى حكمها - القانون المطبق فى الإستيلاء تنص على أنه: (لا يجوز لأى فرد أن يتملك من الأراضى الزراعية وما فى حكمها من الأراضى البور والصحراوية أكثر من خمسين فدانا..).
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الأصل فى الإستيلاء أن ينصب على أطيان مملوكة للخاضع لأى من قوانين الإصلاح الزراعى ولا يتحقق هذا الشرط إذا ثبت أن ملكية الأطيان موضوع الإستيلاء لم تكن مملوكة للخاضع المستولى قبله عند العمل بالقانون المطبق فى الإستيلاء، وإنه لذلك لا يجوز أن يمتد الإستيلاء إلى أراضى مملوكة لغير الخاضعين لقوانين الإصلاح الزراعى، مما لا يجوز معه الاستيلاء عليها، فإذا تم الاستيلاء على أطيان غير مملوكة للخاضع، كان هذا الإجراء معدوماً ولا أثر له ولا يتحصن بفوات الوقت لإعتدائه الصارخ على حق الملكية الخاصة التى كفلها الدستور والقانون.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم على واقعة النزاع، فإنه لما كان الثابت من مطالعة تقرير الخبير المنتدب فى الطعن المؤرخ 3/ 9/ 2000 م والذى تطمئن المحكمة إلى نتيجته لسلامة أبحاثه وقيامه على أسس سليمة لها أصول ثابتة بالأوراق - بأنه بتتبع تسلسل ملكية أطيان النزاع يبين أن المالك الأصلى لها هو المرحوم/ ...... ثم آلت بعد وفاته فى 30/ 8/ 1932 إلى ورثته ووردت فى تكليفهم ثم إنتقلت ميراثاً إلى إبنته المرحومة ..... وبعد وفاتها أنتقلت ملكيتها إلى زوجها/ ...... وأبنيهما/ ...... والذين قاموا ببيع أطيان النزاع ضمن أطيان أخرى لمورث المعترضين/ ....... وأخر يدعى/ ...... بموجب عقد بيع إبتدائى مؤرخ فى 10/ 1/ 1968.
وإذا ثبت إن الإصلاح الزراعى إستولى على أطيان النزاع إبتدائياً بتاريخ 20/ 12/ 1983 ضمن مساحة أكبر قبل الخاضع/ ...... طبقاً للقانون رقم 50 لسنة 1969 إستناداً إلى أبحاث الملكية المعتمدة فى 6/ 11/ 1982 التى أجرتها مديرية المساحة بطنطا - رغم أن هذه الأطيان غير مملوكة للخاضع المذكور ولم ترد فى اقراره المقدم للإصلاح الزراعى طبقاً للقانون رقم 50 لسنة 1969، كما أن البائعين لمورث المطعون ضدهم غير خاضعين للقانون رقم 50 لسنة 1969 ومن ثم يكون قرار الإستيلاء المطعون فيه انصب على أطيان غير أطيان مملوكة للخاضع وبذلك يكون هذا القرار فيما تضمنه من الإستيلاء على أطيان فى ملك الغير قد شابه مخالفة جسيمة تنحدر به إلى درجة الإنعدام ويصير مجرد عقبة مادية وبالتالى لا يتقيد الطعن على مثل هذا القرار بالمواعيد والإجراءات المنصوص عليها فى المادة 13 مكرراً من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 الخاص بالإصلاح الرزاعى والمادة 26 من لائحته التنفيذية.
ومن حيث إنه بالإضافة إلى ما تقدم فإن الثابت من الأوراق أن ورثة المرحوم/ ........ المشترى الآخر مع مورث الطاعنين بموجب ذات عقد البيع سالف الذكر سند الطاعنين فى الإعتراض محل الطعن الماثل - أقاموا الإعتراض رقم 13 ط لسنة 1984 وقضى فيه بجلسة 24/ 4/ 1998 بإلغاء الإستيلاء الإبتدائى على مساحة - س 14 ط - ف موضوع هذا الإعتراض وطعن الإصلاح الزراعى فى هذا القرار أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 2413 لسنة 34 ق. عليا حيث قضت فيه دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا بجلسة 18/ 8/ 1993 بإجماع الآراء برفض الطعن وإلزام الطاعنة المصروفات بذلك صار هذا القرار نهائياً حائزاً قوة الأمر المقضى، وقد ثبت بمقتضى هذا القرار النهائى أن الخاضع المذكور لا يمتلك بحوض الجزائر بزمام بطينة - مركز المحلة الكبرى - الكائن به أطيان النزاع الماثل - أية أطيان، كما أنه لم يثبت فى الإقرار المقدم منه أن له ملكية فى هذا الحوض.
ومن حيث إنه ترتياً على ما تقدم، يكون قرار الإستيلاء الإبتدائى على أطيان النزاع - مثار النزاع الماثل - قد قام على سند غير صحيح من الواقع والقانون، وبهذه المثابة يكون معدوماً لا يرتب ثمة أثر ولا تلحقه حصانة تعصمه من الإلغاء، ويحق الطعن عليه دون التقيد بالميعاد المقرر قانونا، لما كان ذلك، وكان القرار المطعون فيه قد أخذ بغير هذا المذهب، فإنه يكون قد جانب الصواب مما يتعين معه القضاء بإلغائه والحكم بقبول الإعتراض شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الإستيلاء الإبتدائى على أطيان النزاع البالغ مساحتها 21 س 3 ط - ف والكائنة بالقطعة 111 من 24 أصلية بحوض الجزائر نمرة 4 بزمام بطينه - مركز المحلة الكبرى - محافظة الغربية الموضحة الحدود والمعالم بصحيفة الإعتراض وتقرير الخبير، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة: بإلغاء القرار المطعون فيه وبقبول الإعتراض شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الإستيلاء على الأرض مثار الطعن البالغ مساحتها 21 س 3 ط - ف والكائنة بزمام بطينه - مركز المحلة الكبرى/ بحوض الجزائر/ 4، القطعة 111 من 24 أصلية، والمبينة الحدود والمعالم بتقرير الخبير، مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت المطعون ضده بصفته المصروفات.


(1) فى ذات المبدأ يراجع الطعن رقم 5014 لسنة 43 قضائية. عليا جلسة 24/ 4/ 2001