مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثانى (من أول مارس سنة 2001 إلى آخر يونيه سنة 2001) - صـ 1253

(149)
جلسة 4 من إبريل سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جودة عبد المقصود فرحات نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ السيد محمد السيد الطحان، وسامى أحمد محمد الصباغ، أحمد عبد العزيز أبو العزم، مصطفى محمد عبد المعطى نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 3583 لسنة 38 القضائية

جامعة - التحويل من الجامعات الخاصة
قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 809 لسنة 1975.
من المسلم به أن التعليم العالى بجميع كلياته - ومعاهده - بحسبانه الركيزة الأساسية لتزويد المجتمع بالمتخصصين والفنيين والخبراء الذين تقع على عواتقهم مسئولية العمل فى مختلف مجالاته، يرتبط فى أهدافه، وأسس تنظيمه بحاجات هذا المجتمع وإنتاجه، وهو ما تطلبه الدستور وقانون تنظيم الجامعات - الدولة مسئولية دستورية عن كفالة هذا التعليم الذى يخضع لإشرافها فى حدود الفرص المتاحة للراغبين فى الإلتحاق بالتعليم العالى والتى قد لا تستوعب جميعا فى كلياته ومعاهده، فالسبيل إلى رفض هذا التزاحم والتنافس على هذه الفرص المحدودة يكون فى إطار مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة أمام القانون بما يكشف عن وجه الأحقية والتفضيل بين المتزاحمين فى الإنتفاع بهذه الفرص - نظم ذلك قانون تنظيم الجامعات ولائحته التنفيذية فى إطار الفرص المتاحة للإلتحاق بالتعليم العالى وفقاً لخطة الجامعة فى الوفاء بحاجات المجتمع من المتخصصين والفنيين والخبراء، على أن يكون معيار التفضيل طبقاً لترتيب درجات النجاح بين الحاصلين على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها وهو القائم على الجدارة والتفوق، وهذا المعيار الموضوعى هو الواجب التطبيق عند تحويل الطلاب من جامعات لا تخضع لأحكام قانون تنظيم الجامعات إلى الجامعات الخاضعة لأحكام هذا القانون - تطبيق.


إجراءات الطعن:

فى يوم الأربعاء الموافق 1/ 8/ 1992 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 3583 لسنة 38 ق وذلك فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة بجلسة 14/ 7/ 1992 فى الدعوى رقم 5330 لسنة 46 ق. والقاضى بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية مصروفاته.
وطلب الطاعنان - للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام المطعون ضدهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقد أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى إرتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة الفحص جلسة 20/ 12/ 1999 حيث نظر الطعن أمامها بالجلسة المذكورة وتم حجزه للحكم بجلسة 30/ 1/ 2000 حيث قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا وقد تم تداول الطعن ومناقشة أدلته التفصيلية على النحو المبين بمحاضر الجلسات حتى قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم بعد أن أودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن إستوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - فى أنه بتاريخ 29/ 4/ 1992 أقام المطعون ضدهما الدعوى رقم 5330/ 46 ق طالبين فى ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبى بتحويل إبنتيهما إلى جامعة القاهرة وذلك تأسيساً على انهما التحقتا بكلية التجارة جامعة بيروت بالأسكندرية بعد حصولهما على الثانوية العامة ونجحتا فى إمتحان السنة الأولى عام 1991، ثم تقدما إلى جامعة القاهرة طالبين تحويلهما إلى كلية التجارة، بها إلا أن الجامعة التزمت الصمت، ولما كان هذا المسلك يشكل قراراً ضمنياً بالرفض وكان هذا القرار مخالفاً لم سبق وأن درجت عليه الجامعة من قبول تحويل الطلاب المصريين الناجحين فى جامعة بيروت دون أية شروط الأمر الذى يجعله واجب الإلغاء، ولا يجوز الإستناد فى هذا الخصوص إلى القرار الجمهورى رقم 354 لسنة 1991 الذى يشترط حصول طالب التحويل فى الثانوية العامة على مجموع يؤهله للالتحاق بالكلية التى يرغب التحويل إليها، وذلك لعدم شرعية تطبيق هذا القرار بأثر رجعى، كما أن القرار المذكور ينحصر تطبيقه فى الطلاب المحولين من جامعات أجنبية، كما استثنى القرار من تطبيقه حالات الضرورة القصوى.
وبجلسة 14/ 7/ 1992 قضت محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة فى الشق المستعجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وأقامت قضاءها على ما بدا لها من مطالعة أحكام المادة 78 من اللائحة التنفيذية لقانون الجامعات المعدلة بالقرار الجمهورى رقم 354 لسنة 1991 يبين أن مناط تطبيق الحظر الوارد بها بعدم جواز تحويل ونقل قيد الطلاب غير الحاصلين على الحد الأدنى للمجموع الذى قبلته الكلية المطلوب التحويل إليها هو الجامعات غير الخاضعة لقانون تنظيم الجامعات، على ما يبين من عبارات النص الذى لم يستعمل عبارة الجامعات الأجنبية بالمقابلة للجامعات المصرية، وبالتالى لم يجعل مناط إعمال الضوابط الواردة بالنص هو التحويل من كليات أجنبية بصفة عامة، وإنما جعل المناط أن تكون الكليات والمعاهد المشار إليها غير تابعة لجامعات خاضعة لقانون تنظيم الجامعات ومن ثم فإذا كان الظاهر من الأوراق أن جامعة بيروت وإن كانت مؤسسة لبنانية خاصة إلا أنه يبين من مطالعة نظامها الأساسى أن الدور الذى أسند إلى جامعة الإسكندرية إزاء جامعة بيروت من حيث الإشراف العلمى والإدارى واللوائح الداخلية لكلياتها ومعاهدها والمحتوى العلمى لمقرراتها بل وصدور النظام الأساسى لها بقرار من وزير التعليم العالى المصرى لها، ليؤكد خضوع الجامعة المذكورة لقانون تنظيم الجامعات المصرية مما يجعلها بمثابة جامعة مصرية فى تطبيق أحكام المادة 87 من اللائحة التنفيذية ومقتضى ذلك ولازمه عدم خضوع تحويل الطلاب ونقل قيدهم من كليات تابعة لجامعة بيروت للأحكام والضوابط المنصوص عليها فى المادة المشار إليها بعد تعديلها بقرار من رئيس الجمهورية رقم 354 لسنة 1991، وإنما يكون تحويل هؤلاء الطلاب ونقل قيدهم خاضعا لأحكام المادة 86 من ذات اللائحة التى تجيز تحويل الطالب من كلية إلى نظيرتها فى ذات الجامعة أو جامعة أخرى، بموافقة مجلس الكليتين المختصين، الأمر الذى يجعل القرار المطعون فيه - فيما تضمنه من الإمتناع عن قيد الطلاب غير قائم على أساس سليم من القانون.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم الطعين قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله للأسباب الآتية:
1) إن وجود إرتباط أكاديمى بين جامعة بيروت وجامعة الاسكندرية ليس من شأنه أن يغير من جنسية جامعة بيروت اللبنانية ويحولها إلى جامعة خاضعة لقانون تنظيم الجامعات، فالخضوع لقانون لا ينظر فيه لإرادة الشخص المعنوى أو الطبيعى وإنما شرطه أن يكون جبراً عن المخاطب لأحكامه.
2) إن المشرع حدد في المادة الثانية من قانون تنظيم الجامعات وعلى سبيل الحصر الجامعات التى يسرى عليها ذلك القانون وليس من بينها جامعة بيروت العربية.
3) ان الحكم المطعون فيه قد أكد إستقلال جامعة بيروت العربية عن جامعة الاسكندرية باعتبارها جامعة أجنبية غير خاضعة لأحكام قانون تنظيم الجامعات المصرى، بيد أن الحكم المطعون فيه خالف هذا المعنى وانتهى إلى النتيجة التى تتناقض مع أسبابه.
ومن حيث انه قد أضحى مسلماً أن التعليم العالى - بجميع كلياته ومعاهده - بحسبانه الركيزه الأساسية لتزويد المجتمع بالمتخصصين والفنيين والخبراء الذين تقع على عواتقهم مسئولية العمل فى مختلف مجالاته، يرتبط فى أهدافه، وأسس تنظيمه بحاجات هذا المجتمع وإنتاجه، وهو ما تطلبه صراحة المادة 18 من الدستور بالنص على أن التعليم حق تكفلة الدولة... وتكفل إستقلال الجامعات ومراكز البحث العلمى بما يحقق الربط بينه وبين حاجات المجتمع والإنتاج، وأكدته المادة الأولى من قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972 عند تحديدها لرسالة الجامعات، بأن يكون التعليم فيها وجهاً لخدمة المجتمع والإرتقاء به حضارياً... وإعداد الإنسان المزود بأصول المعرفة وطرائق البحث المتقدم والقيم الرفيعة لضمان تقدم الوطن وتنمية الموارد البشرية والعمل على بعث الحضارة العربية والتراث التاريخى للشعب المصرى وتقاليده الأصلية بما يحقق الربط بين التعليم الجامعى وحاجات المجتمع والإنتاج، ولما كان ذلك كانت الدولة مسئولة دستورياً عن كفالة هذا التعليم الذى يخضع لإشرافها، وكانت الفرص التى تلتزم الدولة بإتاحتها للراغبين فى الإلتحاق بالتعليم العالى بإمكاناتها الفعلية التى قد تقتصر على إستيعابهم جميعاً فى كلياته ومعاهده المختلفة، فإن السبيل إلى فض تزاحمهم وتنافسهم على هذه الفرص المحدودة لا يتأتى إلا بتحديد مستحقيها وترتيبهم فيما بينهم وفق شروط موضوعية ترتد فى أساسها إلى طبيعة هذا التعليم وأهدافه ومتطلبات الدراسة، ويتحقق بها ومن خلالها مبدأ التكافؤ فى الفرص والمساواة أمام القانون والتى حرص الدستور على الزام الدولة بكفالة تحقيقه بما يتولد عن تلك الشروط فى ذاتها من مراكز قانونية متماثلة تكشف عن وجه الأحقية والتفضيل بين المتزاحمين فى الإنتفاع بهذه الفرص إذا ما استقر لأى منهم الحق فى الإلتحاق بإحدى الكليات أو المعاهد العالية وفق هذه الشروط فلا يخل من بعد أن يفضل عليه من لم تتوافر فيه تلك الشروط وإلا كان ذلك مساساً بحقه المقرر بالدستور ومن هذا المنطق صاغ المشرع أحكام قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972 المشار إليه ولائحته التنفيذية فنصت المادة 14 منه على أن تتولى المجالس والقيادات المبينة فيما بعد، كل فى دائرة إختصاصه مسئولية تسيير العمل الجامعى وانطلاقه بما يحقق أهداف الجامعة فى حدود القوانين واللوائح والنظم المقررة ..... ".
ونصت المادة 19 على أن يختص المجلس الأعلى للجامعات بالمسائل الآتية:
رسم السياسة العامة للتعليم الجامعى والبحث العلمى فى الجامعات والعمل على توجيهها وتنسيقها بما يتفق مع حاجات البلاد وتيسير تحقيق الأهداف القومية والإجتماعية.
...... (2)...... (3)...... (4)....... (5)........
(6) تنظيم قبول الطلاب بالجامعات وتحديد أعدادهم.
كما نصت المادة 196 من القانون المذكور على أن تصدر اللائحة التنفيذية بهذا القانون بقرار من رئيس الجمهورية بناء على عرض من وزير التعليم العالى وتنظم هذه اللائحة المسائل الآتية بصفة خاصة..... 4) شروط قبول الطلاب وقيدهم ورسوم الخدمات التى تؤدى إليهم.
ومن حيث إنه تنفيذاً للقانون المشار إليه صدرت اللائحة التنفيذية بمقتضى قرار من رئيس الجمهورية رقم 809 لسنة 1975 ونصت المادة 74 منه على أن " يحدد المجلس الأعلى للجامعات فى نهاية كل عام جامعى بناء على إقتراح مجالس الجامعات.... عدد الطلاب من أبناء جمهورية مصر العربية الذين يقبلون فى كل كلية أو معهد فى العام الجامعى التالى من بين الحاصلين على شهادة الثانوية العامة أو على الشهادات المعادلة، كما نصت المادة 87 من اللائحة قبل تعديلها بمقتضى قرار رئيس الجمهورية رقم 354 لسنة 1991 على انه " يضع المجلس الأعلى للجامعات القواعد المنظمة لقبول تحويل ونقل الطلاب من كليات أو معاهد غير تابعة للجامعة الخاضعة لقانون تنظيم الجامعات " ومقتضى النصوص المتقدمة أن فرص الإلتحاق بالتعليم الجامعى الذى يمثل الجانب الرئيسى للتعليم العالى لا تتهيأ لجميع الناجحين فى شهادة الثانوية العامة وما يعادلها، وإنما تتوافر هذه الصفة لأعداد محددة منهم يقدرها المجلس الأعلى للجامعات فى نهاية كل عام جامعى طبقاً لخطة الجامعة فى الوفاء بحاجات المجتمع من المختصين والفنين والخبراء، الأمر الذى من شأنه تزاحم الطلاب على المقاعد المتاحة بكليات الجامعة سواء من الحاصلين على الثانوية الذين يطلبون الإلتحاق لأول مرة بالجامعة، أو أولئك الذين التحقوا فى البداية بكليات لا تخضع لأحكام قانون تنظيم الجامعات، وقد تكفلت المادة 75 من اللائحة المشار إليها ببيان ما إرتأته من شروط موضوعية محققة لتكافؤ الفرص بين الحاصلين على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها حين ربطت القبول بالتعليم الجامعى بترتيب درجات النجاح فى إمتحان تلك الشهادة بحسبان هذا الإمتحان الذى يتم فى إطار مسابقة عامة تجريها الدولة وتضمن فيها لجميع المتقدمين فرصاً متكافئة للحصول على تلك الشهادة، هو المعيار الوحيد للمفاضلة بينهم عند تقدمهم للإلتحاق بالتعليم الجامعى لتعلقه بالتفوق والجدارة التى يمتاز بها بعضهم على بعض ومدى النتيجة الحتمية المقبولة للتفاوت القائم بينهم فى الملكات المقدرات الذهنية، ومن ثم كان طبيعياً أن تقضى المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية أى نص يتعارض مع هذه المبادئ الدستورية التى تجعل من التفوق والجدارة المعيار المعتمد لشغل مقاعد كليات الجامعة ومعاهدها وتستبعد أى معيار يقوم على القدرة المادية أو الرفعة الإجتماعية أو غير ذلك من عناصر التمييز بين الطلاب فى شغل هذه المقاعد وإذا كان معيار التفوق والجدارة وهو المعيار الموضوعى الواجب التطبيق عند تزاحم طلاب الثانوية العامة على مقاعد الجامعة فإن هذا المعيار أولى بالتطبيق، وأقوى فى الدلالة وأمعن فى الحجج، وأمنع على الإختراق عند تحويل الطلاب الذين يشغلون أصلاً مقاعد فى كليات تتبع جامعات غير خاضعة لأحكام قانون الجامعات بل يظل هذا المعيار هو وحده المعيار الواجب التطبيق فى شغل مقاعد الجامعات الخاضعة لأحكام القانون رقم 49 لسنة 1972 عند التحويل من أية فرقة من الفرق الدراسية سواء أكان الألتحاق عن طريق مكتب التنسيق - أو كان ذلك ومن باب أولى - عن طريق نقل الطالب من احدى الكليات التابعة لجامعة غير تابعة للقانون المذكور إلى احدى كليات الجامعة الخاضعة له، والقول بغير ذلك يعطى لكل من يملك القدرة المادية على الإلتحاق بالكليات التابعة لجامعات أجنبية أو غير خاضعة لقانون الجامعات حقاً ثابتاً فى الإنقضاض على مبدأ التكافؤ والتغول على مبدأ مساواة المصريين أمام أهم المرافق العامة وهو مرفق التعليم بما يملكه من عناصر لا تصلح أساساً موضوعياً للتمييز بين المواطنين.
ومن حيث انه تأكيد للمبادئ المتقدمة وتداركاً لبعض الأوضاع الشاذة التى درجت عليها بعض الجامعات عند قبول الطلاب المحولين من جامعات أخرى غير خاضعة لقانون الجامعات فقد أصدر المجلس الأعلى للجامعات فى 18 مارس سنة 1991 قراراً نص فيه صراحة على انه تحقيقاً لمبدأ تكافؤ الفرص بين الطلاب المصريين وعدم السماح بأية إستثناءات يحظر تحويل الطلاب المصريين من الجامعات الأجنبية إلى الجامعات المصرية إلا إذا كان الطالب حاصلاً على الحد الأدنى فى شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها بالكلية المعنية التى يرغب فى التحويل أو نقل القيد إليها على أن يتم التحويل مركزياً عن طريق مكتب تنسيق القبول بالجامعات، وإمعاناً فى تأكيد هذا الشرط صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 354 لسنة 1991 بتعديل المادة 87 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات متضمناً حظر تحويل الطلاب أو نقل قيدهم إلا إذا كان الطالب حاصلاً فى الثانوية العامة على مجموع لا يقل عن الحد الأدنى للقبول فى الكلية التى يرغب فى التحويل أو نقل قيده إليها.
ومقتضى المبادئ المتقدمة أن النظام القانونى للجامعات المصرية الخاضعة للقانون رقم 49 لسنة 1972 المشار إليها - سواء قبل تدخل المجلس الأعلى أو بعد تدخل رئيس الجمهورية بتعديل اللائحة التنفيذية لم يكن يسمح بأى حال من الأحوال بالاستثناء من شرط المجموع الكلى للدرجات فى الثانوية العامة بحسبانه المعيار الموضوعى الوحيد للتمييز بين الطلاب فى شغلهم لمقاعد كليات الجامعة، سواء تم ذلك بعد حصولهم على الثانوية العامة مباشرة أو عند تحويلهم أو نقلهم من كليات جامعية لا تخضع للقانون المذكور وقد حرص الشارع على ضبط هذا المعيار بتوسيع دائرة الحظر وتحديد الجامعات التى لا تقبل فيها التحويل أو النقل إلا بعد تطبيق شرط المجموع الكلى للدرجات فى الثانوية العامة فنص صراحة على تطبيقه عند النقل أو التحويل من كليات ومعاهد غير تابعة للجامعات الخاضعة لقانون تنظيم الجامعات فتتسع دائرة تطبيق هذا الشرط لتسمح للطلاب المقيدين بجامعات أجنبية بحسبانها غير خاضعة لأحكام قانون تنظيم الجامعات تطبيقاً لمبدأ إقليمية القانون المصرى كما تشمل الطلاب المقيدين بكليات تابعة لجامعات مصرية غير خاضعة لأحكام قانون تنظيم الجامعات المشار إليها كجامعة الأزهر، وحكمة ذلك واضحة جلية فطلاب الجامعة المذكورة فى الحالتين المشار إليهما لم يخضعوا لمعيار المجموع الكلى لدرجات الثانوية العامة عند التحاقهم بالجامعة، فالتحقوا بكلياتهم دون التقيد بشرط المجموع، ومن ثم يتعين عند انتقالهم من النظام القانونى لجامعاتهم إلى النظام القانونى الذى إعتمده المشرع فى قانون تنظيم الجامعات لأول مرة أن تطبق عليهم المعايير التى طبقت على زملائهم عند إلتحاقهم بالجامعة وأهمها حصول الطالب فى الثانوية العامة على الحد الأدنى لمجموع الدرجات الذى قبلته الكلية والتى يرغب فى تحويله أو نقل قيده إليها فى تاريخ حصوله على الثانوية العامة، والقول بغير ذلك يفض مبدأ تكافؤ الفرص عن معناه ويجعل المصريين غير متساوين أمام القانون.
ومن حيث إن البادى من الأوراق أن جامعة بيروت العربية هى على ما يبين من وثيقة إنشائها مؤسسة تعليمية لبنانية إنشأتها جمعية الصبر والإحسان عام 1960 - وتضمنت هذه الوثيقة أحكاماً تقتضى إرتباط الجامعة المذكورة بجامعة الأسكندرية من الناحية العلمية والثقافية وحرصاً منها على رفع المستوى العلمى للجامعة المذكورة أوجبت الوثيقة أن يصدر النظام الأساسى لها بقرار من وزير التعليم العالى وأن تصدر اللوائح من جامعة الإسكندرية وأن توافق الجامعة المذكورة على إنشاء الكليات والأقسام بها وأن تعتمد الدرجات العلمية والدبلومات المؤهلة للإلتحاق أو التعيين بها ولا يعد فى هذا الارتباط الوثبق الذى أقامته الوثيقة بين جامعة بيروت وجامعة الأسكندرية أن يكون نوعاً من الإتحاد العلمى والثقافى والإدارى بين جامعة لها خبرتها السابقة وجامعة وليدة مثل جامعة بيروت العربية،فإن هذه الجامعة الأخيرة لا تخضع لأحكام قانون تنظيم الجامعات بالمعنى الذى عناه الشارع فى المادة 78 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات ومن ثم يخضع الطلاب المقيدين بها والراغبين فى الإلتحاق بإحدى الكليات التابعة لقانون تنظيم الجامعات - للضوابط والمعايير التى أوجبها القانون ونصت عليها صراحة المادة 87 المشار إليها بعد تعديلها بمقتضى قرار رئيس الجمهورية رقم 354 لسنة 1991 التى تجيز نقل الطلاب المشار اليهم إلى إحدى الكليات أو المعاهد التابعة للجامعات الخاضعة للقانون مالم يكن حاصلاً فى المجموع الكلى لدرجات الثانوية العامة على الحد الأدنى على الأقل الذى قبلته الكلية التى يرغب فى الإلتحاق بها أو نقل قيده إليها. فإذا كان الظاهر من الأوراق أن المطعون ضدهما قد حصلت نجلتيهما على شهادة إتمام الثانوية العامة فى العام الدراسى 89/ 1990 ولم يبلغ المجموع الكلى لدرجاتهما فى هذه الشهادة الحد الأدنى الذى قبلته كلية التجارة بجامعة القاهرة، فالتحقتا بالفرقة الأولى بكلية التجارة بجامعة بيروت العربية واجتازتا امتحان نهاية العام الدراسى سنة 1991، فتقدمتا إلى جامعة القاهرة طالبتين تحويلهما إليها وقيدهما بالسنة الثانية بكلية التجارة بها إلا أن الجامعة إمتنعت عن قبول طلبيهما لعدم توافر شرط الحد الأدنى لمجموع الدرجات الذى قبلته كلية التجارة بالجامعة المذكورة فإن قرارها فى هذا الشأن يكون قد قام - بحسب الظاهر من الأوراق - على أساس سليم من القانون وإذ إنتهجت المحكمة فى حكمها الطعين غير هذا النهج واعتبرت جامعة بيروت العربية بمثابة جامعة من الجامعات الخاضعة إلى قانون تنظيم الجامعات إستناداً الى وثيقة إنشائها وهى وثيقة أجنبية خاصة لا يسوغ الإستناد إليها فى تحديد الجامعات الخاضعة لقانون تنظيم الجامعات المشار إليه.. فإنها تكون قد أخطأت فى تطبيق القانون وتأويله وأضحى حكمها خليقاً بالإلغاء الأمر الذى يتعين معه - والحال هذه - القضاء بإلغائه ورفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه لعدم قيامه - بحسب الظاهر - على أسباب جدية.
ومن حيث إن المطعون ضدهما قد خسرا الطعن فيلتزما بمصروفاته عملاً بنص المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المطعون ضدهما المصروفات.