مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثانى (من أول مارس سنة 2001 إلى آخر يونيه سنة 2001) - صـ 1265

(150)
جلسة 4 من إبريل سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جودة عبد المقصود فرحات - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: السيد محمد السيد الطحان، وسامى احمد محمد الصباغ، واحمد عبد العزيز أبو العزم، ومصطفى محمد عبد المعطى - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 4231 لسنة 42 القضائية

أملاك الدولة الخاصة - ازالة التعدى - وضع اليد
القوانين ارقام 100 لسنة 1964 بتنظيم تأجير العقارات المملوكة ملكية خاصة والتصرف فيها و 43 لسنة 1979 بنظام الإدارة المحلية و 143 لسنة 1981 فى شأن الأراضى الصحراوية، و 7 لسنة 1991 فى شأن بعض الأحكام المتعلقة بأملاك الدولة الخاصة - لوقف تنفيذ القرار الإدارى يلزم توافر ركن الجدية والاستعجال، مقتضى ذلك فى مجال بحث مشروعية القرار الإدارى الصادر بإزالة ما يقع من تعدٍ على أملاك الدولة الخاصة بالطريق الإدارى منوط بتوافر أسباب ذلك من إعتداء ظاهر على ملك الدولة أو غصبه، فإذا إستند واضع اليد فى وضع يده على إدعاء له ما يبرره من مستندات تؤيده أو كانت الحالة الظاهرة تدل على جدية ما ينسبه صاحب الشأن إلى نفسه من مركز قانون بالنسبة للعقار فلا يكون ثمة غصب أو إعتداء وقع على ملك الدولة وفى هذه الحالة لا يسوغ لجهة الادارة أن تتدخل بسلطتها العامة لإزالة وضع اليد لأنها حينئذ لا تكون فى مناسبة إزالة إعتداء على ملكها وإنما تكون فى معرض إنتزاع ما تدعيه من حق وهو أمر غير جائز قانوناً بحسب الأصل العام الذى يجعل الفصل فى حقوق الطرفين وحسم النزاع فيه لسلطة القضاء المختص بحكم ولايته الدستورية، ومؤدى ذلك إرتباط واضع اليد بعلاقة إيجارية للمساحات وضع يده مع إدارة أملاك الدولة الخاصة يكون له ما يبرره بما يجعل قرار جهة الإدارة بإزالة وضع اليد مخالفاً للقانون - تطبيق.


إجراءات الطعن:

فى يوم الأحد الموافق 26/ 5/ 1996 أودع الحاضر عن هيئة قضى الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة تقريراً بالطعن على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة فى الدعوى رقم 896 لسنة 17 ق بجلسة 30/ 3/ 1996 والذى قضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائى بنظر الدعوى وباختصاصها بنظرها، وبقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية مصروفات هذا الطلب. وطلب فى ختام تقرير الطعن للأسباب الواردة به الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن وفقاً للثابت بالأوراق.
ونظرت الدائرة الأولى فحص طعون بالمحكمة الإدارية العلى الطعن وفقاً لما هو مبين بمحاضر جلساتها وبجلستها المنعقدة بتاريخ 3/ 5/ 1999 احالت الطعن الى الدائرة الاولى موضوع بالمحكمة الإدارية العلى لنظره بجلسة 13/ 6/ 1999 وفقاً لذلك ورد الطعن إلى الدائرة المحال إليها ونظرته وفقاً لما هو موضح بمحاضر جلساها وبجلستها المنعقدة بتاريخ 29/ 10/ 2000 قررت المحكمة إحالتها إلى هذه الدائرة للاختصاص فورد الطعن الى هذه الدائرة ونظرته بجلستها المنعقدة بتاريخ 28/ 11/ 2000 و بجلستها المنعقدة بتاريخ 3/ 1/ 2001 قررت حجز الطعن للحكم بجلسة 21/ 2/ 2001 ثم مد أجل النطق بالحكم لجلسة 4/ 4/ 2001 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونا.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص فى أنه بتاريخ 7/ 3/ 1995 أودع المطعون ضدهم عريضة الدعوى رقم 896 لسنة 17 ق قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة طالبين فى ختامها الحكم بوقف تنفيذ القرار رقم 204 لسنة 1995 الصادر من محافظ الدقهلية بتاريخ 11/ 2/ 1995 وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار وما يترتب على ذلك من آثار والزام جهة الإدارة بالتعويض المناسب عما أصابهم من أضرار والمصاريف، وذلك على سند من القول أن القرار المطعون فيه صدر بإزالة تعديهم على قطعة أرض كائنة بناحية جمصة بمدخل مدينة جمصة بحرى الطريق الدولى مركز بلقاس مساحتها 15 ط 15 ف بدعوى أنهم متعدين على أملاك الدولة الخاصة فى حين أنهم يضعون يدهم عليها من أربعين عاماً امتدادا لوضع يد سلفهم وأنهم يستأجرون تلك الأرض من أملاك الدولة الخاصة ويقومون بسداد القيمة الإيجارية إلى الإصلاح الزراعى الذى أبرم تلك العقود معهم، هذا بالإضافة إلى عدم وجود سبب للقرار واساءة استعمال الإدارة لسلطتها المقررة فى هذا الشأن.
ونظرت المحكمة المذكورة الدعوى وفقاً لما هو موضح بمحاضر جلساتها وبجلستها المنعقدة بتاريخ 30/ 3/ 1996 أصدرت قرارها المطعون فيه وأقامت قضاءها على أنه يلزم لوقف تنفيذ القرار الإدارى توافر ركنى الجدية والاستعجال بأن يكون القرار غير مشروع وأن يترتب على التنفيذ نتائج يتعذر تداركها، وفى مجال الجدية فى بحث مشروعية القرار الادارى وازالة ما يقع من تعد على أملاك الدولة الخاصة بالطريق الإدارى منوط بتوافر أسباب ذلك من إعتداء ظاهر على ملك الدولة أو محاولة غصبه، فاذا استند واضع اليد فى موضوع يده إلى إدعاء له يبرره من مستندات تؤيده أو كانت الحالة الظاهرة تدل على جدية ما ينسبه صاحب الشأن الى نفسه من مركز قانونى بالنسبة للعقار فلا يكون ثمة غصب أو إعتداء وقع على ملك الدولة وفى هذه الحالة لا يسوغ للادارة أن تتدخل بسلطتها العامة لازالة وضع اليد لأنها حينئذ لا تكون فى مناسبة إزالة اعتداء على ملكها وإنما تكون فى معرض انتزاع ما تدعيه من حق وهو أمر غير جائز قانوناً بحسب الأصل العام الذى يجعل الفصل فى حقوق الطرفين وحسم النزاع فيه لسلطة القضاء المختص بحكم ولايته الدستورية، وفى الحالة المعروضة فإن المدعين تربطهم بادارة أملاك الدولة الخاصة علاقة إيجارية للمساحات وضع يدهم وبذلك يكون لوضع يدهم على الاراضى الزراعية المحصورة عليهم خفية من املاك الدولة الخاصة بالناحية المذكورة سالفة الذكر ما يبرره وكان يتعين على الجهة الإدارية فسخ عقود الإيجار أو عدم تجديدها قبل الازالة، واذا يتم ذلك فإن قرار الازالة المطعون فيه يكون مخالفاً صحيح القانون ويتوافر ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذ ذلك القرار بازالة المزروعات الموجودة بالارض وطرد المدعين لاصابتهم باضرار يتعذر تداركها، ويكون طلب وقف التنفيذ بحسب الظاهر من الأوراق موافقاً صحيح القانون.
ولم يصادف هذا القضاء قبولاً لدى الجهة الإدارية الطاعنة فأقامت هذا الطعن ناعية على الحكم المطعون فيه المخالفة لأحكام القانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله لأن حكم المادة 79 مدنى وأحكام القانون رقم 43 لسنة 1979 بشأن الإدارة المحلية تخول الجهة الإدارية إصدار قرارات بإزالة التعديات التى تقع على أملاك الدولة الخاصة وأن أرض النزاع تدخل فى أملاك محافظة الدقهلية بموجب قرار محافظ الدقهلية رقم 519 لسنة 66 وعلى ذلك فإن الجهة الإدارية صاحبة التصرف فى الأرض هى محافظة الدقهلية وليست إدارة أملاك الدولة الخاصة، والعقود المحررة بين أملاك الدولة والمدعين لا يعتد بها فضلاً أن هذه العقود انتهت فى 31/ 10/ 1995 قبل صدور الحكم المطعون فيه ولم يثبت أن الإدارة جددت هذه العقود لمدة أو مدد أخرى.
ومن حيث إن المادة (2) من القانون رقم (100) لسنة 1964 بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها تنص على أن " تنقسم الأراضى المملوكة للدولة ملكية خاصة إلى ما يأتى:
( أ ) الاراضى الزراعية - وهى الاراضى الواقعة داخل الزمام والأراضى المتضامة الممتدة خارج حد الزمام إلى مسافة كيلو متران التى تكون مزروعة بالفعل وكذا أراضى طرح النهر وهى الأراضى الواقعة بين جسرى نهر النيل وفرعيه التى يحولها النهر من مكانها او ينكشف عنها والجزر التى تتكون فى مجراه.
(ب) الأراضى البور....... ج - الأراضى الصحراوية...... " ثم صدر القانون رقم 43 لسنة 1979 بنظام الادارة المحلية وبين الأراضى المملوكة للدولة والتى كانت خاضعة للقانون رقم 100 لسنة 1964 وآل الاختصاص فيها للادارة المحلية من الأراضى البور والقابلة للاستصلاح والاستزراع وصدر القانون رقم 143 لسنة 1981 بشأن الأراضى الصحراوية وبين الجهة التى آل الاختصاص لها بتلك الأراضى، وأخيراً صدر القانون رقم 7 لسنة 1991 فى شأن بعض الأحكام المتعلقة بأملاك الدولة الخاصة ونص فى المادة الثانية منه على أن تكون ادارة واستغلال والتصرف فى الأراضى الصحراوية الخاضعة لأحكام القانون رقم 143 لسنة 1981 فى شأن الأراضى السباحات وفقاً للأوضاع والإجراءات الآتية: أ - ...... ب - ....... " وتنص المادة الثالثة من هذا القانون على أن اراضى البحيرات والسياحات التى يتم تجفيفها واراضى الطرح تتولى الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية استغلالها والتصرف فيها ونصت المادة (4) من القانون المذكور على أن " تتولى وحدات الادارة المحلية كل فى نطاق اختصاصها ادارة واستغلال والتصرف فى الأراضى المعدة للبناء المملوكة لها وللدولة والأراضى القابلة للاستزراع داخل الزمام ويضع المحافظ بعد موافقة المجلس الشعبى المحلى للمحافظة طبقاً للقواعد التى يقررها مجلس الوزراء قواعد التصرف فى هذه الأراضى.... وفيما يتعلق بالاراضى المتاخمة والممتدة خارج الزمام إلى مسافة كيلو متر فيكون استصلاحها وفق خطة قومية تضعها وزارة استصلاح الأراضى وتتولى تنفيذها أو عن طريق الجهات التى تحددها بالتنسيق مع المحافظة المختصة، وتتولى الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعيه إدارة هذه الأراضى واستغلالها والتصرف فيها..... " وتنص المادة (5) من القانون 7 لسنة 1991 المشار إليه على أن " يحظر استخدام الأراضى الخاضعة لأحكام هذا القانون فى غير الأغراض المخصصة من أجلها.....، عند الخلاف بين الوزارات والهيئات العامة ووحدات الادارة المحلية أو بين هذه الجهات وبعضها البعض حول تحديد الجهة المختصة بادارة واستغلال والتصرف فى أية أراضى أو عقارات من المشار إليها يعرض الأمر على مجلس الوزراء ويكون قراره فى هذا الشأن ملزماً للجميع ويسرى هذا الحكم على الخلافات القائمة بين الجهات؛ المذكورة عن العمل بهذا القانون..
ومن حيث إنه وفقاً لما سلف ولما كان البادى من الاطلاع على الأوراق أن المطعون ضدهم متعاقدين مع الهيئة العامة للاصلاح الزراعى - الإدارة العامة لأملاك الدولة الخاصة عن الأراضى الزراعية الموضح مساحتها بعقد تم بينهم والواردة أيضا بكتاب الإدارة العامة لاملاك الدولة الخاصة - منطقة أملاك كفر الاطرش المؤرخ 26/ 4/ 1995 بناحية زراعية الوكالة منطقة جمصة محافظة الدقهلية وأن هذه المساحة محرر عنها عقود إيجار منذ فترة طويلة ويقومون بسداد الإيجار سنوياً، وفقاً لما جاء بالكتاب المشار إليه وعززه من كتب أخرى من الإدارة المذكورة وهذه العقود سارية حتى 31/ 10/ 1995 ومن ثم فإن المدعين وقت صدور القرار المطعون فيه رقم 204 لسنة 1995 بتاريخ 11/ 2/ 1995 تربطهم باملاك الدولة الخاصة علاقة إيجارية عن أرض زراعية تفيد بحسب الظاهر أنها مالكة لهذه الأرض ولم يثبت من الأوراق أنه ثار نزاع حول تبعتها لأى من المحافظة والادارة المذكورة قبل صدور القرار المطعون فيه ومن ثم يكون القرار الصادر بازالة تعديهم غير قائم بحسب الظاهر من الأوراق على أساس صحيح من القانون ويتوافر ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذه، فضلاً عن توافر ركن الاستعجال لانه يترتب على تنفيذه اصابتهم باضرار يتعذر تداركها وبالتالى يكون طلب وقف التنفيذ قائما على سنده المبرر له قانونا، واذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى ذلك فإنه يكون قد صادف صواب القانون مما يتعين معه رفض هذا الطعن والزام جهة الإدارة المصروفات طبقاً لحكم المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً والزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.