أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الأول - السنة 22 - صـ 230

جلسة 8 من مارس سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ محمود العمراوى، وعضوية السادة المستشارين: أنور خلف، وإبراهيم الديوانى، ومصطفى الأسيوطى، ومحمود السيد المصرى.

(56)
الطعن رقم 48 لسنة 41 القضائية

(، ب) تموين. كسب. جريمة. "أركانها". قصد جنائى. إثبات. "بوجه عام". "قرائن". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب" دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
( أ ) مجرد حيازة الكسب أو مواد العلف المصنوعة. لا جريمة فيه.
تحقق جريمة المادة الأولى من القانون رقم 21 لسنة 1957 المعدل. بحيازة الكسب أو مواد العلف المصنوع بقصد الاتجار أو البيع. أو طرحها للبيع فعلا.
دفاع المتهم أن الكسب لغذاء ماشيته. جوهرى. ثبوت هذا الدفاع. انتفاء الركن المعنوى لجريمة حيازة الكسب بقصد الاتجار.
الدفاع الجوهرى. يوجب على المحكمة تحقيقه. أو الرد عليه.
(ب) وجوب بناء الأحكام على الأدلة التى يقتنع بها القاضى، صادرا فى ذلك عن عقيدة يحصلها بنفسه. عدم صحة إدخاله فى تكوين عقيدته حكما لسواه.
1 - إن القانون لا يعاقب على مجرد الحيازة المادية للكسب أو مواد العلف المصنوع، وإنما يتعين للإدانة أن يثبت أن الحيازة كانت بقصد الاتجار أو البيع. أو طرح هذه المواد للبيع فعل، وإذ كان ذلك وكان الطاعن قد دفع أمام محكمة أول درجة بأن الكسب المضبوط خاص لغذاء مواشيه، وكان هذا الدفاع من شأنه لو ثبت، انتفاء الركن المعنوى لجريمة الاتجار فى الكسب بدون ترخيص، وكان الحكم المطعون فيه لم يلتفت إلى هذا الدفاع الجوهرى، فلم يعن بتحقيقه أو الرد عليه، رغم أنه متعلق بركن أساسى من أركان الجريمة، فإن الحكم يكون معيبا بالقصور.
2 - إن الأحكام يجب أن تبنى على الأدلة التى يقتنع منها القاضى بإدانة المتهم أو ببراءته، صادرا فى ذلك عن عقيدته يحصلها هو مما يجريه من التحقيق، مستقلا فى تحصيل هذه العقيدة بنفسه، لا يشاركه فيها غيره، ولا يصح فى القانون أن يدخل فى تكوين عقيدته بصحة الواقعة التى أقام قضاءه عليه، وبعدم صحته، حكما لسواه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 15 - 3 - 1967 بدائرة مركز محافظة قنا: أولا: اتجر فى الكسب بغير ترخيص من وزارة الزراعة على النحو المبين بالمحضر. ثانياً: حاز المكاييل المبينة بالمحضر دون أن تكون قانونية. وطلبت عقابه بالمواد 1 - 1 و6 من القانون رقم 21 لسنة 1957 المعدل بالقانون رقم 72 لسنة 1957 و260 لسنة 1958 و192 لسنة 1959 و3 و6 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 و1 و4 و14 من القانون رقم 229 لسنة 1951 المعدل بالقانون رقم 346 لسنة 1953 و225 لسنة 1955. ومحكمة إسنا الجزئية قضت فى الدعوى حضوريا بمواد الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة 500 قرش لوقف التنفيذ وتغريمه 100 جنيه والمصادرة وشهر ملخص الحكم بحروف كبيرة على واجهة محله لمدة تعادل مدة الحبس عن التهمة الأولى وتغريمه خمسة جنيهات والمصادرة عن التهمة الثانية. فاستأنف المحكوم عليه الحكم. ومحكمة قنا الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت فى الاستئناف حضوريا بقبوله شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الأستاذ المحامى عن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاتجار فى الكسب بغير ترخيص قد عاره القصور فى التسبيب - والفساد فى الاستدلال ذلك بأن الحكم لم يدلل على أن حيازته كانت بقصد الاتجار وسكت عن الرد على دفاعه الجوهرى من انتفاء هذا القصد لديه لأن الكسب مخصص لمواشيه مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مفاده أن معاون المباحث علم من تحرياته السرية أن المتهم يتجر فى الكسب دون ترخيص وأنه بناء على الإذن الصادر من النيابة العامة بتفتيش مسكنه قد أسفر التفتيش عن ضبط اثنى عشر جوالا من الكسب المطحون زنة الواحد 75 كيلوا جراما وبعض أجولة أخرى بها كميات مختلفة منه وأنه بسؤال هذا المتهم قرر أن هذا الكسب خاص بمواشيه. ثم انتهى الحكم إلى القول "بأن الواقعة ثابتة ويتعين عقاب الطاعن عملا بمواد الاتهام. لما كان ذلك وكانت المادة الأولى من القانون رقم 21 لسنة 1957 والمعدل بالقوانين 72 سنة 1957 و192 لسنة 1959 تنص على أنه لا يجوز الاتجار فى الكسب أو فى مواد العلف المصنوع أو طرحها للبيع أو التداول أو حيازتها بقصد البيع بغير ترخيص من وزارة الزراعة ...." ومؤدى صريح عبارة هذا النص أن القانون لا يعاقب على مجرد الحيازة المادية لهذه المواد وإنما يتعين للإدانة أن يثبت أن الحيازة كانت بقصد الاتجار أو البيع أو طرح هذه المواد للبيع فعلا. لما كان ذلك، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أمام محكمة أول درجة أن الطاعن دفع بأن الكسب المضبوط خاص باستعمال مواشيه وحصل الحكم الابتدائى هذا الدفاع الذى من شأنه لو ثبت انتفاء الركن المعنوى لجريمة الاتجار فى الكسب بدون ترخيص وكان الحكم المطعون فيه لم يلتفت إلى هذا الدفاع الجوهرى فلم يعن بتحقيقه أو الرد عليه رغم أنه ركن أساسى من أركان الجريمة وكان لا يكفى لاطراحه ما جاء بالحكم فى صدد تحصيله لواقعة الدعوى من أن محرر المحضر علم من تحرياته أن الطاعن يتجر فى الكسب دون ترخيص ذلك أن الأحكام يجب أن تبنى على الأدلة التى يقتنع منها القاضى بإدانة المتهم أو ببراءته صادراً فى ذلك عن عقيدة يحصلها هو مما يجريه من التحقيق مستقلا فى تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره ولا يصح فى القانون أن يدخل فى تكوين عقيدته بصحة الواقعة التى أقام قضاءه عليها أو بعدم صحتها حكما لسواه. وأنه وإن كان - الأصل أن للمحكمة أن تعول فى تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة طالما أنها كانت مطروحة على بساط البحث، إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلا أساسيا على ثبوت التهمة ولما كان الثابت أن محرر المحضر لم يبين للمحكمة مصدر تحرياته لمعرفة ما إذا كان من شأنها أن تؤدى إلى صحة ما انتهى إليه من أن الطاعن يتجر فى الكسب - بدون ترخيص، فإنها بهذه المثابة لا تعدو أن تكون مجرد رأى لصاحبها يخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب إلى أن يعرف مصدره ويتحدد كنهه ويتحقق القاضى منه بنفسه حتى يستطيع أن يبسط رقابته على الدليل ويقدر قيمتة من حيث صحته أو فساده وإنتاجه فى الدعوى أو عدم إنتاجه وإذ كانت المحكمة قد جعلت أساس اقتناعها رأى محرر المحضر، فإن حكمها يكون قد بنى على عقيدة حصلها الشاهد من تحريه لأعلى عقيدة إستقلت المحكمة بتحصيلها بنفسه، وكان الحكم المطعون فيه قد خلا من قيام الدليل على توافر ركن الاتجار فى الكسب بدون ترخيص لدى الطاعن، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بالقصور المستوجب النقض والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقى ما يثيره الطاعن فى طعنه، وذلك بالنسبة للتهمتين المسندتين له رغم قصر طعنه على الحكم فيما قضى به على التهمة الأولى (اتجار فى الكسب بدون ترخيص) دون التهمة الثانية (حيازة مكاييل بغير ترخيص) وذلك نظرا لوحدة الواقعة واقتضاء لحسن سير العدالة.