مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثانى (من أول مارس سنة 2001 إلى آخر يونيه سنة 2001) - صـ 1281

(152)
جلسة 7 من إبريل سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أمين المهدى - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: د. فاروق عبد البر، وأحمد عبد الفتاح حسن، وأحمد عبد الحميد عبود، وأحمد محمد حسين المقاول - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعون أرقام 4021 و 4082 لسنة 40 القضائية و 1107 لسنة 41 القضائية

(أ) دعوى - دعوى السقوط - الفرق بين دعوى السقوط ودعوى الإلغاء.
دعوى السقوط لا تعدو أن تكون منازعة إدارية تتميز عن دعوى الإلغاء بحسبان أن الأخيرة تتضمن نعياً على القرار بعيب يتعلق بعدم المشروعية، شاب هذا القرار من لحظة صدوره، وبالتالى يمكن أن يكون ثمة وجه للقول بتحصن القرار إذا لم يطعن فيه خلال المواعيد المقررة - أما بالنسبة إلى القرار المقرر للمنفعة العامة فقد يصدر سليماً مبرأ من كل عيب يتعلق بمشروعيته، ومع ذلك يرتب المشرع على حدوث وقائع مستقبله سقوط القرار وانتهاء أثره فلا يكون الأمر والحالة هذه متعلقاً بمشروعية القرار وقت صدوره، وإنما يكون وزنه وتقديره فى نطاق الحد الزمنى المحدد لنفاذه فى حالة تحقق تلك الوقائع - مؤدى ذلك أن دعوى السقوط تتميز عن دعوى الإلغاء فلا تتقيد بمواعيد الطعن بحسبان أن سقوط القرار أثر يرتبه المشرع قانوناً ويكون على المحكمة أن تكشف وحسب عن هذا السقوط - يجوز لصاحب الشأن أن يتمسك بالسقوط دون أن يكون مقيداً بمواعيد دعوى الإلغاء - تطبيق.
(ب) نزع ملكية - وسائل نزع الملكية - إجراءاتها - الأثر المترتب على عدم إيداع النماذج أو القرار.
القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة أو التحسين.
المشرع حرص على نقل ملكية العقارات التى يتقرر لزومها للمنفعة العامة لإقامة مشروعات ذات نفع عام عليها بالطريق الطبيعى كلما أمكن ذلك - إذا لم يعترض أصحاب الشأن على نقل ملكية عقاراتهم أو حقوقهم عليها أو على قيمة التعويض المقرر لهم عنها وقاموا بالتوقيع على النماذج الخاضعة بالبيع، وأودعت هذه النماذج مكتب الشهر العقارى فإن هذا الإيداع يقوم مقام عقد البيع، أما إذا امتنع أصحاب الشأن عن التوقيع فتنزع ملكية العقارات بمقتضى قرار يصدر من الوزير المختص ويودع هذا القرار مكتب الشهر العقارى ويرتب على إيداعه ما يترتب على شهر عقد البيع - فإذا لم تودع النماذج أو القرار مكتب الشهر العقارى المختص خلال سنتين من تاريخ نشر القرار أو تقاعست جهة الإدارة عن اتخاذ الإجراءات اللازمة لاتمام عملية نزع الملكية خلال مدة السنتين ولم تكن تلك العقارات قد ادخلت فعلاً فى مشروعات يتم تنفيذها سقط مفعول قرار نزع الملكية واعتبر كأن لم يكن - تطبيق.
(جـ) دعوى - الحكم فى الدعوى - حكم فى الشق العاجل - حجيته.
الحكم الصادر فى طلب وقف التنفيذ له مقومات الأحكام وخصائصها بالنسبة إلى وجوب تنفيذه، وجواز الطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا - وهو حكم وقتى بطبيعته يقف أثره من تاريخ صدور الحكم فى موضوع الدعوى أساس ذلك: أنه منذ هذا التاريخ تترتب آثار الحكم الأخير باعتباره فاصلاً فى موضوع الدعوى واجب التنفيذ من تاريخ صدوره - مؤدى ذلك: أن الحكم فى طلب وقف التنفيذ ينتهى أثره ويستنفد غرضه بصدور الحكم المتعلق بموضوع المنازعة وعليه يكون الاستمرار فى نظر الطعن فى هذا الحكم الوقتى غير ذى موضوع ولا جدوى منه - تطبيق.


إجراءات الطعن:

فى يوم السبت الموافق 16/ 8/ 1994 أودع الأستاذ ....... المحامى بصفته وكيلا عن الأستاذ ..... بصفته مفوضاً لإدارة شركة النيل العامة للنقل المائى قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 4021 لسنة 40 ق. ع فى الشق الأول من الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة فى الدعوى رقم 2601 لسنة 47 ق بجلسة 23/ 6/ 1994 والقاضى فى منطوقه " حكمت المحكمة أولاً: بعدم قبول الدعوى شكلاً بالنسبة لطلب وقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 1051 لسنة 1976 لرفعه بعد الميعاد، وألزمت الشركة المدعية المصروفات. ثانياً: بقبول الدعوى شكلاً بالنسبة للقرار رقم 1 لسنة 1990 وبوقف تنفيذه، وألزمت الإدارة مصروفات طلب وقف التنفيذ، وأمرت بإحالة الدعوى فى هذا الشق إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأى القانونى فى طلب الإلغاء ". وطلب الطاعن - للأسباب المبينة فى تقرير الطعن - تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون لتأمر بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى فى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فى شقه المتعلق بعدم القبول والقضاء مجدداً بقبوله لرفع الدعوى فى الميعاد المقرر قانوناً من تاريخ العلم اليقينى بالقرار رقم 1051 لسنة 1976 وليس فى تاريخ سابق على ذلك، وبوقف تنفيذ هذا القرار وإلغائه مع إلزام جهة الإدارة المصروفات عن الدرجتين.
وفى يوم الثلاثاء الموافق 30/ 8/ 1994 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائباً عن الطاعنين فى الطعن الثانى قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 4082 لسنة 40 ق. ع فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة فى الدعوى رقم 2601 لسنة 47 ق بجلسة 23/ 6/ 1994 سالف الذكر، طالبة تحديد أقرب جلسة لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة لتأمر أولاً: بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بصفة مستعجلة. ثانياً: بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بقبوله شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه رقم 1 لسنة 1990 مع إلزام الشركة المطعون ضدها المصروفات.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى الطعنين رقمى 4021، 4082 لسنة 40 ق. ع طلبت فى ختامه - للأسباب المبينة به - قبولهما شكلاً، وفى الموضوع أولاً: برفض الطعن رقم 4021 لسنة 40 ق. ع. ثانياً: بالنسبة للطعن رقم 4082 لسنة 40 ق. ع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من وقف تنفيذ القرار رقم 1 لسنة 1990 والقضاء برفض طلب وقف تنفيذ هذا القرار، وإلزام شركة النيل العامة للنقل المائى المصروفات.
وفى يوم الخميس الموافق 26/ 1/ 1995 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائباً عن الطاعنين فى الطعن الثالث قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1107 لسنة 41 ق فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة فى الدعوى رقم 5386 لسنة 48 ق بجلسة 15/ 12/ 1994 والقاضى فى منطوقه " برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها شكلاً، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيرها، وإعداد تقرير بالرأى القانونى فى طلب الإلغاء ". وطلبت الهيئة الطاعنة - للأسباب الواردة فى تقرير الطعن - أن تأمر دائرة فحص الطعون بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وبإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بقبوله شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً أصلياً: بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد، واحتياطياً: برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع إلزام المطعون ضده فى الحالتين المصروفات.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى الطعن رقم 1107 لسنة 41 ق. ع طلبت فى ختامه الحكم بقبول الطعن شكلاً - مع مراعاة إعلان المطعون ضده - ورفضه موضوعاً، مع إلزام الطاعنين المصروفات.
ونظرت دائرة فحص الطعون الطعنين رقمى 4021، 4082 لسنة 40 ق. ع بجلسة 4/ 5/ 1998 حيث تم ضم الطعنين ليصدر فيهما حكم واحد، وبجلسة 13/ 9/ 1998 قررت الدائرة إحالة الطعنين إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى - موضوع) لنظرهما بجلسة 8/ 11/ 1998. كما نظرت دائرة فحص الطعون الطعن رقم 1107 لسنة 41 ق. ع، وقررت بجلسة 3/ 11/ 1998 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى - موضوع) بهذه المحكمة لنظره بجلسة 27/ 12/ 1998.
وبجلسة 8/ 11/ 1998 نظر الطعنان رقما 4021 و 4082 لسنة 40 ق. ع أمام هذه الدائرة وتدوول نظرهما بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، كما نظر الطعن رقم 1107 لسنة 41 ق. ع بجلسة 27/ 12/ 1998، وتدوول نظره - أيضاً - على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 30/ 1/ 2000 تقرر ضم الطعن الأخير إلى الطعنين رقمى 4021 و 4082 سالفى الذكر، ثم تداولت هذه المحكمة نظر الطعون الثلاثة على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 6/ 1/ 2001 قررت حجز الطعون للحكم بجلسة اليوم، مع التصريح بمذكرات لمن يشاء خلال أربعة أسابيع. وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعون استوفت أوضاعها الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة فى الطعنين رقمى 4021 و 4082 لسنة 40 ق. ع تخلص - حسبما يبين من الأوراق - فى أن العضو المنتدب لشركة النيل العامة للنقل المائى كان قد أقام الدعوى رقم 2601 لسنة 47 ق أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة بتاريخ 13/ 1/ 1993 طالباً الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرارين رقمى 1051 لسنة 1976 و 1 لسنة 1990 وما يترتب على ذلك من آثار. وقال شرحاً لدعواه أنه " بتاريخ 19/ 12/ 1992 ورد للشركة كتاب مديرية الاسكان والتعمير رقم 2460 فى 7/ 12/ 1992 متضمناً صدور قرار المنفعة العامة رقم 1051 لسنة 1976 بنزع ملكية العقارات والأراضى اللازمة لمشروع إعادة تخطيط وتعمير حكر أبو دومة بكورنيش النيل، ويشتمل المشروع أرض الشارع المعتمد والفاصل بين الشركة ومشروع إسكان روض الفرج بالعقار رقم 18 شارع عبيد (حالياً) وسبق ذلك صدور قرار الإزالة رقم 1 لسنة 1990 بإزالة المبانى الكائنة على الجزء من الأرض المملوكة للشركة والملاصقة لمشروع اسكان روض الفرج ". ونعى المدعى على هذين القرارين مخالفتهما للقانون للأسباب الآتية: أولاً: أن القرار رقم 1051 لسنة 1976 لم تراع فيه الإجراءات المنصوص عليها بالمادتين الخامسة والسادسة من القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة. ثانياً: أن القرار - سالف الذكر - لم تتخذ بشأنه أى من الإجراءات المنصوص عليها فى المادتين التاسعة والعاشرة من القانون رقم 577 لسنة 1954 المشار إليه حتى تاريخ صدور القرار رقم 1 لسنة 1990. ثالثاً: أن القرار الأخير استند على القرار رقم 1051 لسنة 1976 المخالف للقانون مما يجعله باطلاً لأنه صدر بناء على قرار باطل ". وأضاف المدعى أن العقار المطلوب نزع ملكيته وإزالته تشغله الشركة كورش لها ومخازن إدارية، ويعمل فيه العديد من العاملين، وأن فى تنفيذ هذين القرارين إلحاق أضرار بالشركة يتعذر تداركها. ولهذا أقامت الشركة هذه الدعوى للحكم لها بالطلبات سالفة الذكر.
وبجلسة 23/ 6/ 1994 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه وذلك تأسيساً على أنه " بالنسبة لطلب وقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 1051 لسنة 1976 فإنه لما كان طلب وقف التنفيذ فرعاً من طلب الإلغاء، والثابت من الأوراق أن الشركة المدعية علمت بهذا القرار عام 1979 حسبما يبين من الخطاب المرسل لها من مدير إدارة مشروعات نزع الملكية بمحافظة القاهرة، وأنها لم ترفع دعواها بطلب إلغاء هذا القرار إلا فى 13/ 1/ 1993 أى بعد مرور أكثر من ستين يوماً على علمها بالقرار المطعون فيه، ومن ثم تكون الدعوى، والحالة هذه، قد رفعت فى هذا الشق بعد الميعاد، ويتعين القضاء بعدم قبولها شكلاً ". أما بالنسبة للقرار رقم 1 لسنة 1990 فقد أسست المحكمة حكمها المطعون فيه بالنسبة إلى هذا الشق على أن البين من ظاهر الأوراق أن " القرار رقم 1051 لسنة 1976 صدر بتقرير المنفعة العامة لمشروع إعادة تخطيط وتعمير مناطق حكر أبو دومة وروض الفرج، وتم نشره فى الجريدة الرسمية بتاريخ 7/ 7/ 1977 إلا أنه لم يثبت من الأوراق أن الإدارة قامت بإيداع النماذج الخاصة بالعقارات اللازمة للمشروع أو قرار نزع ملكيتها مكتب الشهر العقارى خلال سنتين من تاريخ صدور قرار تقرير المنفعة العامة رقم 1051 لسنة 1976، كما لم يثبت من الأوراق أن الإدارة قامت بتنفيذ المشروع أو بدأت فى تنفيذه خلال سنتين من تاريخ نشر هذا القرار، الأمر الذى يترتب عليه أن يكون هذا القرار قد سقط مفعوله، وتحررت العقارات التى كانت قد حددت لتنفيذه من صفة المال العام، ويتعين على الإدارة والحالة هذه ردها إلى أصحابها إن كانت قد استولت عليها، ولما كان البين من الأوراق أن الإدارة لم تستول على الأرض الصادر بشأنها القرار رقم 1 لسنة 1990، وأنها مازالت تحت يد الشركة، إلا أنه وقد ثبت أن القرار رقم 1051 لسنة 1976 قد سقط .... فمن ثم لا يكون من حق الإدارة إصدار القرار رقم 1 لسنة 1990 .... لمخالفة ذلك القانون، مما يرجح إلغاؤه عند الفصل فى طلب الإلغاء، ويتوافر بذلك ركن الجدية فى طلب وقف التنفيذ ..... ومن حيث إنه عن ركن الاستعجال فإنه متوافر أيضاً إذ يترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه إزالة المبانى التى أقامتها الشركة وبالتالى حرمانها من الانتفاع بها مما يلحق بها ضرر يتعذر تداركه ".
ومن حيث إن مبنى الطعن رقم 4021 لسنة 40 قضائية عليا على الحكم المتقدم أنه شابه بطلان فى الإجراءات أثر فيه، فضلاً عن مخالفته تطبيق القانون بالإضافة إلى فساد فى الاستدلال ذلك أن الحكم المطعون فيه استند فى قضائه على صورة ضوئية من كتاب إدارة مشروعات نزع الملكية (شمال وغرب) الموجه لمدير شركة النيل العامة للنقل المائى دون أن تؤيد الإدارة المذكورة - ذلك - بكعب علم الوصول الذى يفيد تسلم الشركة لهذا الخطاب واسم من استلمه وإذ لم يتنبه الحكم المطعون فيه إلى ذلك يكون مشوباً بالبطلان، هذا فضلاً عن أن خطاب الإدارة المذكورة لم يوجه إلى مركز الإدارة الرئيسى للشركة على نحو ما يتطلبه قانون المرافعات، كما أن الحكم لم يضمن منطوقه ما توصل إليه فى أسبابه من سقوط القرار رقم 1051 لسنة 1976.
ومن حيث إن مبنى الطعن رقم 4082 لسنة 40 ق. ع على ذات الحكم المشار إليه، أنه أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله، ذلك أن القرار رقم 1051 لسنة 1976 قد اتخذت جميع الإجراءات اللازمة قانوناً نحو تنفيذه ولا وجه لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من سقوط مفعوله بمضى سنتين دون إيداع النماذج حيث أن الشركة لم تؤيد ما زعمته بشأن ذلك بأية دلائل أو مستندات وخاصة مستندات ملكيتها لأرض النزاع والتى كان يجب على الحكم الطعين التثبت منها وذلك لبيان صفة ومصلحة الشركة فى إقامة دعواها أصلاً حيث إن هذه الأرض ملك للجمعية اليونانية وهذا مالم يتعرض له الحكم المطعون فيه، وبناء على ما سبق وإذا كان الثابت أن أرض النزاع أصبحت بالقرار رقم 1051 لسنة 1976 من أملاك الدولة العامة، ومن ثم لا يجوز لأحد التعدى عليها أو استغلالها أو وضع اليد عليها، وإذا كانت الشركة المطعون ضدها قد أقامت مبانى على الأرض محل النزاع متعدية بذلك على أملاك الدولة العامة، فمن ثم فإن قرار الإزالة المطعون عليه رقم 1 لسنة 1990 يكون قد صدر بالموافقة لصحيح حكم القانون، قائماً على أسباب قانونية وواقعية سليمة، صادراً ممن يملكه، فيكون مشروعاً ولا مطعن عليه.
ومن حيث إن عناصر المنازعة فى الطعن رقم 1107 لسنة 41 ق. ع تخلص - حسبما يبين من الأوراق - فى أن المطعون ضده ..... كان قد أقام الدعوى رقم 5386 لسنة 48 ق أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة، طالباً الحكم بوقف تنفيذ القرار رقم 1051 لسنة 1976 فيما تضمنه من نزع ملكية أرضه البالغ مساحتها 6330 متراً، وما عليها من بناء، وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المدعى عليهم (الطاعنين) المصروفات. وذكر المدعى (المطعون ضده) شرحاً لدعواه " أنه يمتلك قطعة أرض ومبانى مقامة عليها مساحتها 6330 متراً مربعاً ويحدها من الناحية البحرية القطعة رقم 17 كدستر المرموز لها 34/ 17 بطول 360 متراً، والحد الشرقى شارع عبيد 52 و54 و56 بطول 140 متراً وبعرض 8 متر، والحد القبلى القطعة رقم 15 كدستر وزنقة عبد الكريم قشعوشى بطول 360 متراً، والحد الغربى شارع كورنيش النيل بطول 140 متراً وذلك بمقتضى حكم صحة ونفاذ رقم 15520 لسنة 1993 مدنى كلى شمال القاهرة صادر بجلسة 16/ 2/ 1994 ضد السيد/ ...... ومحضر الصلح المؤرخ فى 19/ 2/ 1994، والمحكوم بإلحاقه واثبات محتواه وجعله فى قوة السند التنفيذى وكانت الملكية قد آلت إلى البائع بمقتضى حكم تثبيت ملكية رقم 2817 لسنة 1973 بجلسة 2/ 6/ 1973 بموجب عريضة دعوى مشهرة تحت رقم 4062 لسنة 1973 بمكتب الشهر العقارى بمساحة مقدارها 25200 متر عن طريق الشراء من السيد ....... وآخرين " وأضاف المدعى (المطعون ضده) " أنه بعد أن حصل على حكم صحة ونفاذ عقد البيع تقدم بتسجيله إلى مأمورية الشهر العقارى المختصة، وقيد طلبه تحت رقم 94 لسنة 1994، وأرسلت الأوراق إلى مصلحة المساحة بالقاهرة، إلا أنه فوجئ بإيقاف طلب التسجيل بحجة أن هناك قراراً مطعوناً عليه بشأن هذه الأرض ". كما أضاف المدعى " أنه بتاريخ 18/ 10/ 1976 صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1051 لسنة 1976 ونص فى مادته الأولى على أن يعتبر من أعمال المنفعة العامة مشروع إعادة تخطيط وتعمير المنطقة الواقعة ما بين حكر أبو دومة وشارع ترعة جزيرة بدران قسم روض الفرج بمحافظة القاهرة الموضح حدودها ومعالمها وأسماء ملاكها الظاهرين على الرسم والكشوف المرافقة لهذا القرار، وأنه لما كانت أرض المدعى والمبانى المقامة عليها تقع ضمن الأرض الصادر فى شأنها قرار نزع الملكية المشار إليه فإنه بذلك تكون له مصلحة شخصية فى الطعن على هذا القرار، وذلك لمخالفته لنص المادة (10) من القانون رقم 577 لسنة 1954 إذ مضى أكثر من ثمانية عشر عاماً دون أن ينفذ، وأنه بذلك يكون قد صدر فى خصوص أرض المدعى والمبانى المقامة عليها بغير سبب مشروع أو غاية مشروعة مشوباً بالبطلان ".
وبجلسة 15/ 12/ 1994 أصدرت المحكمة حكمها المطعون عليه فى الطعن رقم 1107 لسنة 41 ق. ع، وذلك تأسيساً على أن " البادى من ظاهر الأوراق وبالقدر اللازم للفصل فى طلب وقف التنفيذ أن القرار المطعون فيه قد صدر بتاريخ 18/ 10/ 1976، ونشر فى الجريدة الرسمية بتاريخ 7/ 7/ 1977، وقد شمل هذا القرار من بين الأراضى والعقارات التى شملها أرض النزاع البالغ مساحتها 6330 متراً مربعاً بما عليها من بناء، المبينة الحدود والمعالم بعريضة الدعوى وصدر هذا الحكم، وإذ لم يقم دليل ظاهر من الأوراق المودعة على أنه تم نقل ملكية أرض النزاع على الوجه المبين فى المادة (10) من القانون رقم 577 لسنة 1954 بإيداع النماذج أو القرار الوزارى المتضمن نزع ملكيتها مكتب الشهر العقارى المختص خلال سنتين من تاريخ نشر القرار المطعون فيه فى 7/ 7/ 1977، ولا حتى بالبدء فى تنفيذ المشروع ذى النفع العام الصادر به هذا القرار، وقد خلت الأوراق من إيداع ثمة مستندات فى هذا الشأن سوى صورة ضوئية غير مقروءة من القرار المطعون فيه، كما يبين من حافظة مستندات المدعى المودعة بالدعوى أنه قام بشراء قطعة الأرض محل النزاع بموجب عقد بيع ابتدائى بتاريخ 1/ 5/ 1993، واستصدر حكماً بصحة ونفاذ هذا البيع بموجب الدعوى رقم 15520 لسنة 1993 من محكمة شمال القاهرة الابتدائية بعد أن قام بتسجيل عريضة الدعوى حينما بصمت بخاتم صالح للشهر بتاريخ 6/ 2/ 1994 ولم يقم دليل بالأوراق على وجود ثمة تسجيلات أو قيود موقعة ضد المدعى عن قطعة الأرض محل الدعوى، ولم يقدم الحاضر عن الجهة الإدارية ما يفيد إيداع النماذج المشار إليها والكشوف المرفقة بها خلال السنتين المنصوص عليهما قانوناً، كما لم يتم إيداع صورة من قرار نزع الملكية خلال تلك المدة، فمن ثم يكون القرار المطعون فيه - بحسب الظاهر من الأوراق - والحالة هذه قد سقط مفعوله بالنسبة للعقار محل النزاع، مما يرجع معه إلغاؤه عند الفصل فى طلب الإلغاء، ويتوافر بذلك ركن الجدية فى طلب وقف التنفيذ، ومن حيث إنه عن ركن الاستعجال فإنه متوافر أيضاً لما يترتب عليه تنفيذ القرار من أضرار يتعذر تداركها بحرمان المدعى من الانتفاع بأرض النزاع ".
ومن حيث إن مبنى الطعن رقم 1107 لسنة 41 ق. ع على الحكم المتقدم أنه خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله حيث دفع الطاعنون أولاً: بعدم قبول الدعوى ابتداء شكلاً لرفعها بعد الميعاد، ذلك أن القرار المطعون فيه نشر بعدد الجريدة الرسمية رقم (27) الصادر فى 7/ 7/ 1977 وتم إيداع القرار بمأمورية روض الفرج للشهر العقارى وتم شهره برقم 3829 أى أنه بذلك يكون المطعون ضده قد علم بالقرار المطعون فيه من تاريخ نشره وإشهاره للعامة، وإذ أقام دعواه فى 30/ 4/ 1994 فمن ثم يكون الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد المقرر لدعوى الإلغاء مما يصادف صحيح حكم القانون. وأما عن الموضوع فإنه لما كان القرار المطعون فيه صدر فى 18/ 10/ 1976 متضمناً نزع ملكية أرض النزاع والبالغ مساحتها 6330 متراً وما عليها من بناء بهدف إعادة تخطيط وتعمير المنطقة الواقعة بين حكر أبو دومة وشارع ترعة جزيرة بدران قسم روض الفرج، وتم نشره بعدد الجريدة الرسمية المشار إليها، وأودعت النماذج مأمورية روض الفرج كتاب الإدارة العامة لنزع الملكية رقم 1766 فى 5/ 5/ 1979 وتم شهره برقم 3829 وجرى تسليم العقار لمحافظة القاهرة، فمن ثم يكون أى بيع يقع على هذا العقار باطلاًَ لصدوره على ملك خاص للدولة، ويغدو القرار الطعين وقد صدر ممن يملكه قائماً على سند صحيح من الواقع والقانون مستهدفاً تحقيق المصلحة العامة.
ومن حيث إن الشركة الطاعنة فى الطعن رقم 4021 لسنة 40 ق. ع تبتغى الحكم لها بقبول طعنها شكلا، والقضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه الصادر فى الدعوى رقم 2601 لسنة 47 ق بجلسة 23/ 6/ 1994 فيما قضى به من عدم قبول الدعوى شكلاً بالنسبة إلى طلب وقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 1051 لسنة 1976 لرفعه بعد الميعاد، والقضاء مجدداً لرفع الدعوى فى الميعاد من تاريخ العلم اليقينى وليس بتاريخ سابق عليه وبوقف تنفيذ هذا القرار وإلغائه مع إلزام جهة الإدارة المصروفات.
ومن حيث إن الجهة الإدارية الطاعنة فى الطعن رقم 4082 لسنة 40 ق. ع تبتغى الحكم بقبول طعنها شكلاً، والقضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه الصادر فى ذات الدعوى رقم 2601 لسنة 47 ق فيما قضى به من وقف تنفيذ القرار رقم 1 لسنة 1990 والقضاء مجدداً برفض طلب وقف تنفيذ هذا القرار مع إلزام الشركة الطاعنة المصروفات.
ومن حيث إن الجهة الإدارية الطاعنة فى الطعن رقم 1107 لسنة 41 ق. ع تبتغى الحكم بقبول طعنها شكلا، والقضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه الصادر فى الدعوى رقم 5386 لسنة 48 ق بجلسة 5/ 12/ 1994 فيما قضى به من رفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها شكلاً، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه رقم 1051 لسنة 1976 والقضاء أصلياً بعدم قبول الدعوى ابتداء شكلاً لرفعها بعد الميعاد واحتياطياً برفض طلب وقف تنفيذ هذا القرار مع إلزام المطعون ضده فى الحالتين المصروفات.
ومن حيث إن التكييف القانونى الصحيح لحقيقة طلبات الشركة الطاعنة فى الطعن رقم 4021 لسنة 40 ق (المدعية فى الدعوى ابتداء) هو التقرير بثبوت سقوط مفعول القرار المطعون عليه رقم 1051 لسنة 1976 فيما تضمنه من نزع ملكية العقار محل النزاع للمنفعة العامة مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن دعوى السقوط لا تعدو أن تكون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - منازعة إدارية تتميز عن دعوى الإلغاء بحسبان أن الأخيرة تتضمن نعياً على القرار بعيب يتعلق بعدم المشروعية، شاب هذا القرار من لحظة صدوره، وبالتالى، يمكن أن يكون ثمة وجه للقول بتحصن القرار إذا لم يطعن فيه خلال المواعيد المقررة استقراراً للأوضاع الإدارية، أما بالنسبة إلى القرار المقرر للمنفعة العامة فقد يصدر سليما مبرأ من كل عيب يتعلق بمشروعيته، ومع ذلك يرتب المشرع على حدوث وقائع مستقبله سقوط القرار، وانتهاء أثره، فلا يكون الأمر والحالة هذه متعلقاً بمشروعية القرار وقت صدوره، وإنما يكون وزنه وتقديره فى نطاق الحد الزمنى المحدد لنفاذه فى حالة تحقق تلك الوقائع. وعلى ذلك فإن دعوى السقوط تتميز عن دعوى الإلغاء، فلا تتقيد به تلك بمثل ما تتقيد به هذه من مواعيد الطعن بحسبان أن سقوط القرار أثر يرتبه المشرع قانوناً، ويكون على المحكمة أن تكشف، وحسب، عن هذا السقوط. وبالتالى يجوز لصاحب الشأن أن يتمسك بالسقوط دون أن يكون مقيداً فى ذلك بمواعيد دعوى الإلغاء. ويكون الدفع بعدم قبول تلك الدعوى، حال انصراف الطلبات فيها إلى الحكم بتقرير سقوط مفعول القرار المطعون فيه، قد قام على غير أساس سليم فيتعين الالتفات عنه.
ومن حيث إنه لما كان ذلك فإن ما قضى به الحكم فى شقه المطعون فيه فى الطعن رقم 4021 لسنة 40 ق. ع من عدم قبول الدعوى شكلاً بالنسبة إلى طلب وقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 1051 لسنة 1976 لرفعه بعد الميعاد يكون - ذلك الحكم - قد صدر مخالفاً للقانون متعيناً إلغاؤه والقضاء مجدداً بقبول الدعوى شكلاً إدراكاً لحقيق طلبات الشركة المدعية التى استهدفتها فى ضوء التكييف القانونى لصحيح مرادها من وراء ما تطلب كما يغدو الطلب الأصلى للجهة الإدارية الطاعنة فى الطعن رقم 1107 لسنة 41 ق. ع وموضوعه الحكم لها مجدداً بعدم قبول الدعوى رقم 5386 لسنة 48 ق شكلاً لرفعها بعد الميعاد - يغدو - هو الآخر غير قائم على أساس سليم مما يتعين معه رفضه.
ومن حيث إنه عن طلب الشركة الطاعنة فى الطعن رقم 4021 لسنة 40 ق. ع الخاص بالحكم مجدداً بوقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 1051 لسنة 1976 وكذلك الطلب الاحتياطى للجهة الإدارية الطاعنة فى الطعن رقم 1107 لسنة 41 ق. ع وموضوعه الحكم برفض طلب وقف تنفيذ ذات القرار، فإنه لما كانت هذه المحكمة قد انتهت، على ما سبق، إلى أن حقيقة أمر المنازعة فى ذلك القرار، إنما هو تقرير سقوط أو عدم سقوط مفعول القرار المطعون فيه، وهذه المنازعة، وهذا موضوعها، تختلف عن منازعة الإلغاء، وذلك على وجهين، أولهما عدم تقيد المنازعة بشأن سقوط القرار بالمواعيد المقررة لدعوى الإلغاء، وثانيهما أن هذه المنازعة تتأبى على وقف التنفيذ إذ يكون دائماً على المحكمة أن تقضى إما بتقرير سقوط القرار أو بعدم سقوطه ومن ثم فإن التكييف السليم لطبات الطاعنين بالطعنين الماثلين إنما يتمثل، واقعاً وقانوناً، منازعة فى أمر سقوط القرار المطعون فيه.
ومن حيث إنه يبين من الرجوع إلى قانون نزع الملكية للمنفعة العامة الذى صدر فى ظله القرار الطعين وهو القانون رقم 577 لسنة 1954 والقوانين المعدلة له، أن المشرع نظم فى الباب الأول منه الإجراءات الخاصة بتقرير المنفعة العامة، وبيان العقارات اللازمة له، ثم نظم فى الباب الثانى أمر حصر العقارات والمنشآت التى تقرر لزومها للمنفعة العامة ونقل ملكيتها، فعن كيفية نقل الملكية إلى الدولة، نصت المادة (9) على أن "يوقع أصحاب الحقوق التى لم تقدم فى شأنها معارضات على نماذج خاصة بنقل ملكيتها للمنفعة العامة، أما الممتلكات التى يتعذر الحصول على توقيع أصحاب الشأن فيها لأى سبب كان على النماذج المذكورة فيصدر بنزع ملكيتها قرار من الوزير المختص، وتودع النماذج أو القرار الوزارى فى مكتب الشهر العقارى، ويترتب على هذا الإيداع بالنسبة للعقارات الواردة بها جميع الآثار المترتبة على شهر "عقد البيع" كما نصت المادة (10) من ذات القانون على أنه " إذا لم تودع النماذج أو القرار الوزارى طبقاً للإجراءات المنصوص عليها فى المادة السابقة خلال سنتين من تاريخ نشر القرار المقرر للمنفعة العامة فى الجريدة الرسمية سقط مفعول هذا القرار بالنسبة للعقارات التى لم تودع النمادج الخاصة بها " وأخيراً نصت المادة (29 مكرراً) من القانون ذاته المضافة بالقانون رقم 13 لسنة 1962 على أنه " لا تسقط قرارات النفع العام المشار إليها فى المادة (10) من هذا القانون إذا كانت العقارات المطلوب نزع ملكيتها قد أدخلت فعلاً فى مشروعات تم تنفيذها سواء قبل العمل بهذا التعديل أو بعده ".
ومن حيث إن مفاد ما تقدم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع حرص على نقل ملكية العقارات التى يتقرر لزومها للمنفعة العامة لإقامة مشروعات ذات نفع عام عليها بالطريق الطبيعى كلما أمكن ذلك، فقرر أنه إذا لم يعترض أصحاب الشأن على نقل ملكية عقاراتهم أو حقوقهم عليها أو على قيمة التعويض المقرر لهم عنها، وقاموا بالتوقيع على النماذج الخاضعة بالبيع، وأودعت هذه النماذج مكتب الشهر العقارى الذى يقع فى دائرته العقار، فإن هذا الإيداع يقوم مقام شهر عقد البيع، أما إذا امتنع أصحاب الشأن عن التوقيع فتنزع ملكية العقارات التى خصصت للنفع العام بمقتضى قرار يصدر من الوزير المختص، ويودع هذا القرار مكتب الشهر العقارى المختص، ويترتب على إيداعه جميع الآثار التى رتبها القانون على شهر عقد البيع، فإذا لم تودع النماذج أو القرار الوزارى المشار إليه، مكتب الشهر العقارى خلال سنتين من تاريخ نشر القرار المقرر للمنفعة العامة فى الجريدة الرسمية، أى إذا تقاعست جهة الإدارة عن اتخاذ الإجراءات اللازمة لاتمام عملية نزع الملكية خلال مدة السنتين ولم تكن تلك العقارات قد ادخلت فعلاً فى مشروعات يتم تنفيذها، سقط مفعول قرار المنفعة العامة، وأعتبر كأن لم يكن، وتحررت عقارات الأفراد من الآثار التى رتبها المشرع على قرار المنفعة العامة بمضى تلك المدة دون اتخاذ الإجراءات المذكورة أو حدوث الوقائع التى يرتب عليها القانون عدم سقوط القرار، وتتحصل فى إدخال العقارات فى المشروعات التى تم تنفيذها. وعلى ذلك وإذا عرضت المنازعة بشأن قرار تقرير المنفعة العامة على قاضى المشروعية، فإنه متى تبين له أن القرار محل المنازعة سقط فى مجال التطبيق بحكم القانون فإنه يتعين عليه الكشف عن ذلك بإعتبار أن أمر السقوط يفيد، قانوناً، عدم وجود قرار، الأمر الذى يفرغ المنازعة حول وجود القرار وما قد يرتبه من آثار مضمونها فلا يكون أمر المجادلة فى استمرار انتاج القرار لآثاره مما يجوز الاستمرار فى نظره بعد سقوط القرار قانوناً. ويتعين على قاضى المشروعية أن يكشف عن هذا السقوط، حتى ولو لم يدفع به أحد الخصوم فى المنازعة، باعتبار أن القانون الذى ينظم نزع الملكية للمنفعة العامة هو الذى يقرر هذا السقوط وباعتبار أن حق الملكية الخاصة، طبقاً لحكم المادة 34 من الدستور هو من الحقوق الدستورية التى قرر الدستور أنها مصونة وأناط بالقانون تنظيم إجراءات نزع الملكية للمنفعة العامة مقابل تعويض، والقانون الذى يصدر فى هذا الشأن هو الذى من شأنه أن يقوم محققاً التوازن بين الحماية الخاصة لحق الملكية ومصلحة الجماعة التى قد تقتضى وتتطلب نزع الملكية جبراً عن صاحبها.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم على موضوع الدعويين محل الطعنين رقمى 4021 لسنة 40 ق. ع و 1107 لسنة 41 ق. ع يبين أن القرار المطعون عليه فيهما وهو قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1051 لسنة 1976، قد صدر بتاريخ 18/ 10/ 1976 ونص فى المادة الأولى منه على أن " تعتبر من أعمال المنفعة العامة مشروع إعادة تخطيط وتعمير المنطقة الواقعة بين حكر أبو دومة وشارع ترعة جزيرة بدران قسم روض الفرج والموضح حدودها ومعالمها وأسماء ملاكها الظاهرين على الكشوف والرسم المرفقين بالقرار "، وقد نشر هذا القرار فى الجريدة الرسمية بالعدد رقم (27) بتاريخ 7/ 7/ 1977، وقد شمل هذا القرار من بين الأراضى والعقارات التى شملها أرض النزاع فى الدعويين المطعون على الحكمين الصادرين فيهما، وإذ لم يقم دليل بالأوراق على أنه قد تم نقل ملكية كل من أرض النزاع فى هاتين الدعويين على الوجه المبين فى المادة (10) من القانون رقم 577 لسنة 1954 المشار إليه، بإيداع النماذج أو القرار الوزارى المتضمن نزع ملكيتها مكتب الشهر العقارى المختص خلال سنتين من تاريخ نشر القرار بتقرير المنفعة العامة فى 7/ 7/ 1977 وهو أمر كان يتعين على من يدفع بتمامه أن يقيم دليله على ذلك، كما أنه لم يتم البدء فى تنفيذ المشروع ذى النفع العام الصادر به هذا القرار، على نحو ما كشفت عنه وأكدته صريح عبارة المذكرة الإيضاحية لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2423 لسنة 1994 باعتماد مشروع إعادة تخطيط وتعمير منطقة حكر أبو دومة بكورنيش النيل قسم روض الفرج بمحافظة القاهرة باعتباره من أعمال المنفعة العامة، والاستيلاء بطريق التنفيذ المباشر على الأراضى والعقارات اللازمة لتنفيذه، حيث ورد بهذه المذكرة " أنه سبق أن صدر قرار السيد رئيس مجلس الوزراء رقم 1051 لسنة 1976 بتقرير صفة النفع العام للأراضى والعقارات الواقعة بمنطقة حكر أبو دومة بكورنيش النيل - قسم روض الفرج - وحتى ترعة جزيرة بدران لإعادة تخطيطها وتعميرها... وأصبحت جميع الأراضى والعقارات التى شملها القرار غير قابلة للتعامل.... وأصبحت فى حكم أملاك المحافظة.... ونظراً لعدم توافر الاعتمادات المالية والاسكان البديل لم ينفذ المشروع على الطبيعة الأمر الذى حدا ببعض الملاك إلى رفع دعاوى ضد المحافظة بطلب إلغاء قرار نزع الملكية سالف الذكر... ". ودليل عدم البدء فى تنفيذ المشروع على الطبيعة يستفاد من المذكرة الايضاحية المشار إليها. ولا يغير من ذلك ما ورد بالمذكرة ذاتها بما يفيد اعتبار الأرض محل القرار رقم 1051 لسنة 1976 قد أصبحت " فى حكم أملاك المحافظة " إذ أن القانون المنظم لنزع الملكية للمنفعة العامة يحدد الشروط والأوضاع التى يتعين اتباعها فى نزع الملكية الخاصة وصحة انتقالها لملكية الدولة فتكون العبرة دائماً بحقيقة المركز القانونى المستمد من أحكام القانون وليس بعبارات تفيد إسباغ وضع قانونى لا يستقيم على صحيح سند من القانون. فإذا كان ذلك وكانت الجهة الإدارية قد أبدت فى طعنها رقم 4082 لسنة 40 ق. ع أن الشركة وقد ادعت عدم إيداع النماذج خلال المدة المنصوص عليها بالمادة (10) من القانون رقم 577 لسنة 1954 المشار إليه، لم تقدم دليلاً على إدعائها، فى حين أن الجهة الإدارية لو كانت قد أودعت تلك النماذج فى الميعاد المشار إليه لبادرت بتقديم الدليل عليه أمام المحكمة باعتباره بياناً جوهرياً حاسماً فى المنازعة، فإذا كان ذلك وكان الثابت من الاطلاع على الصورة الضوئية المقدمة من الجهة الإدارية لكتاب إدارة نزع الملكية والتحسين بمحافظة القاهرة المؤرخ 5/ 5/ 1979 أنه بطلب شهر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1051 لسنة 1976، حال كون القرار المشار إليه صدر بتقرير صفة المنفعة العامة ولم يصدر بنزع الملكية، ويلزم طبقاً للمادة (9) من القانون رقم 577 لسنة 1954 المشار إليه لنقل ملكية العقارات الداخلة فى نطاق المشروع الذى تقررت له صفة المنفعة العامة، إما توقيع أصحاب الشأن للنماذج الخاصة بنقل الملكية للمنفعة العامة وإما أن يصدر بنزع الملكية قرار من الوزير المختص، وذلك إذا تعذر الحصول على توقيع أصحاب الشأن لأى سبب كان على تلك النماذج، على أن تودع النماذج أو القرار الوزارى المشار إليه خلال سنتين من تاريخ نشر القرار المقرر للمنفعة العامة فى الجريدة الرسمية، فإذا لم يتم ذلك سقط مفعول هذا القرار (أى القرار المقرر للمنفعة العامة) بالنسبة للعقارات التى لم تودع بشأنها النماذج أو يودع القرار الخاص بها (أى القرار بنزع ملكيتها) على نحو ما جرى به عجز المادة (10) من القانون رقم 577 لسنة 1954 المشار إليه.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم، يكون القرار المطعون فيه قد سقط مفعوله بالنسبة للعقارات محل النزاعين موضوعى الطعنين رقمى 4021 لسنة 40 ق. ع و 1107 لسنة 41 ق. ع، مما يتعين معه بشأنهما القضاء بتقرير سقوط مفعول القرار الطعين.
ومن حيث إنه وإذ لم يقض بذلك الحكم فى شقه المطعون فيه بالطعن رقم 4021 لسنة 40 ق. ع وكذلك الحكم المطعون فيه بالطعن رقم 1107 لسنة 41 ق. ع فإنهما يكونان قد صدرا بالمخالفة للقانون ويتعين لذلك القضاء بإلغاء كل منهما والقضاء مجدداً فى كلا الدعويين بسقوط مفعول القرار المطعون فيه، دون أن ينال من ذلك إدعاء الجهة الإدارية أن شركة النيل العامة للنقل المائى لم تقدم مستندات ملكيتها لأن ذلك يتعارض مع ما هو ثابت بالأوراق من أن الجهة الإدارية كانت قد ادعت بأنها أخطرت الشركة بالقرار رقم 1051 لسنة 1979 وهو إجراء ما كانت تقدم عليه إلا بحسبان أن هذه الشركة مالكة للعقار موضوع التداعى، فضلاً عن أنه وأياً ما يكون الأمر من حقيقة ملكية الشركة للعقار، وهو ما يخرج الفصل فيه، أو التصدى له، عن اختصاص هذه المحكمة كما لا تستلزم طبيعة المنازعة الماثلة الفصل فيه، فالثابت أن للشركة يداً على الأرض موضوع المنازعة أياً ما يكون من أمر تكييف وضعها قانوناً.
ومن حيث إنه عن الطعن رقم 4082 لسنة 40 ق. ع والذى تطلب فيه الجهة الإدارية الطاعنة الحكم لها بقبول طعنها شكلا والقضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه الصادر فى الدعوى رقم 2601 لسنة 47 ق فيما قضى به من وقف تنفيذ القرار رقم 1 لسنة 1990 والقضاء مجددا برفض طلب وقف هذا القرار مع إلزام الشركة الطاعنة المصروفات، فإنه من المستقر عليه أنه وإن كان الحكم الصادر فى طلب وقف التنفيذ له مقومات الأحكام وخصائصها بالنسبة إلى وجوب تنفيذه، وجواز الطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا، إلا أنه مع ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - حكم وقتى بطبيعته، يقف أثره من تاريخ صدور الحكم فى موضوع الدعوى، إذ من هذا التاريخ تترتب آثار الحكم الأخير باعتباره فاصلاً فى موضوع الدعوى واجب التنفيذ من تاريخ صدوره، من ثم فإن الحكم الصادر فى طلب وقف التنفيذ ينتهى أثره، ويستنفد أغراضه بصدور الحكم المتعلق بموضوع المنازعة، وعليه يكون الاستمرار فى نظر الطعن فى هذا الحكم الوقتى غير ذى موضوع ولا جدوى منه. ولما كان ذلك، وكان الثابت من سياق ما تقدم أن الطعن رقم 4082 لسنة 40 ق. ع ينصب على إلغاء الحكم الصادر بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه رقم 1 لسنة 1990 فى الدعوى رقم 2601 لسنة 47 ق وقد صدر حكم فى الدعوى رقم 4206 لسنة 51 ق المقامة من ذات الشركة المطعون ضدها ضد الطاعنين بجلسة اليوم 14/ 12/ 1997 يقضى بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 1 لسنة 1990 وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وبالتالى فإن الطعن الماثل يصبح غير ذى موضوع مما يقتضى الحكم باعتبار الخصومة منتهية فى شأنه.
ومن حيث إنه ولما كان ما تقدم، فإن ما تنتهى إليه هذه المحكمة فى شأن القرار رقم 1051 لسنة 1976، لا يفيد غل يد الجهة الإدارية عن اتخاذ ما تراه من إجراءات حيال ما تقتضيه دواعى المصلحة العامة، صدقاً وحقاً، من إصدار قرار جديد يقرر المنفعة العامة لما يلزم من أراض للمشروع الذى يستهدفه الصالح العام طبقاً لأحكام التشريع المنظم لنزع الملكية للمنفعة العامة، الأمر الذى يبين أن الجهة الإدارية تداركتة على نحو ما صدر به قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2423 لسنة 1994 باعتبار مشروع إعادة تخطيط وتعمير منطقة حكر أبو دومة بكورنيش النيل من أعمال المنفعة العامة مع الاستيلاء بطريق التنفيذ المباشر على الأراضى اللازمة لتنفيذ المشروع، وتكشف المذكرة الإيضاحية لهذا القرار عن أنه قام على ضوء ما سبق صدوره من أحكام قضائية فى شأن القرار رقم 1051 لسنة 1976 المشار إليه.
ومن حيث إن من خسر الطعن فى أى من الطعون الثلاثة يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة: أولاً: فى الطعنين رقمى 4021 لسنة 40 و1107 لسنة 41 قضائية عليا بقبولهما شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكمين المطعون فيهما، والقضاء مجدداً بسقوط القرار المطعون فيه رقم 1051 لسنة 1976، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات.
ثانياً: فى الطعن رقم 4082 لسنة 40 قضائية عليا باعتبار الخصومة منتهية بشأنه، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.