أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 22 - صـ 255

جلسة 21 من مارس سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ نصر الدين عزام, وعضوية السادة المستشارين: سعد الدين عطية, محمود عطيفة, ومحمد السيد الرفاعي, وطه الصديق دنانه.

(62)
الطعن رقم 1932 لسنة 40 القضائية

(أ، ب، ج) بلاغ كاذب. قذف. "ركن العلانية". جريمة. "أركانها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". عقوبة. "العقوبة المبررة". "عقوبة الجرائم المرتبطة" ارتباط. نقض. "المصلحة في الطعن".
(أ) تقدير صحة التبليغ من كذبه. أمر موضوعي. شرط ذلك؟
(ب) قعود الطاعن عن الدفع بتخلف ركن العلانية في جريمة القذف، لا على المحكمة إن هي سكتت عن التحدث عن توافر هذا الركن على استقلال. ما دامت الوقائع تقطع بما يوفره.
(ج) لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم قصوره بالنسبة لواقعة البلاغ الكاذب طالما أنه دانه عن تهمتي القذف والبلاغ الكاذب وأوقع عليه عقوبة واحدة عن التهمتين مما تدخل في حدود العقوبة المقررة لتهمة القذف.
1 - من المقرر أن تقدير صحة التبليغ من كذبه أمر متروك لمحكمة الموضوع بشرط أن تكون قد اتصلت بالوقائع المنسوب إلى المتهم التبليغ بها وأحاطت بمضمونها وأن تذكر في حكمها الأمر المبلغ عنه للعلم إن كان من الأمور التي يرتب القانون عقوبة التبليغ عنها كذبا أم لا.
2 - لما كان البين من محاضر الجلسات المحاكمة أن الطاعن لم يدفع بتخلف ركن العلانية، فإنه لا على المحكمة إن هي سكتت عن التحدث عن توافر هذا الركن على استقلال في حكمها ما دامت الوقائع - كما حصلها الحكم - تقطع بما يوفر لجريمة القذف ركن العلانية على ما هو معرف به في القانون.
3 - لا مصلحة للطاعن من النعي على الحكم قصوره أو فساده بالنسبة لواقعة البلاغ الكاذب طالما أنه دانه عن تهمتي القذف والبلاغ الكاذب وأوقع عليه عقوبة واحدة عن التهمتين مما تدخل في حدود العقوبة المقررة لتهمة القذف.


الوقائع

أقام المدعى بالحق المدني دعواه بالطريق المباشر أمام محكمة جنح مركز المراغه الجزئية ضد الطاعن بوصف أنه في يوم 8/ 9/ 1969 بدائرة مركز المراغه محافظة سوهاج: أولا: أبلغ السلطات الإدارية (السيد محافظ سوهاج) بأمور كاذبة ضده وكان عالما بكذبه ومتعمدا السوء لشخصه. ثانيا: قذف في حقه بأن أسند إليه أمورا لو كانت صادقه لأوجبت عقابه بالعقوبات المقررة في القانون. وطلب عقابه بالمادتين 302 و305 من قانون العقوبات وإلزامه أن يدفع له مبلغ 51 جنيها على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بمادتي الاتهام مع تطبيق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات أولا: في الدعوى الجنائية بحبس المتهم شهرا واحدا مع الشغل عن التهمتين وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من وقت صيرورة الحكم نهائيا.
ثانيا: في الدعوى المدنية بإلزام المتهم بأن يدفع للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ خمسة جنيهات على سبيل التعويض والمصاريف ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف المتهم الحكم. ومحكمة سوهاج الابتدائية - بهيئة استئنافيه - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبني الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة القذف والبلاغ الكاذب قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأنه لم يستظهر في مدوناته توافر ركن العلانية بالنسبة لتهمة القذف طبقا للمادة 171 من قانون العقوبات، كما دان الطاعن بتهمة البلاغ الكاذب دون أن يعني بإثبات كذب الوقائع التي ضمنها شكواه ضد المجني عليه وإنما عول في ذلك على مجرد التحريات التي قدمها رئيس وحدة المباحث، بما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أن الطاعن أقر في التحقيقات بتقديم عدة بلاغات في حق المطعون ضده إلى الجهات الرسمية المختصة فقامت بفحصها والتحقق مما ورد فيها من وقائع. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة، أن الطاعن لم يدفع بتخلف ركن العلانية، فإنه لا على المحكمة إن هي سكتت عن التحدث عن توافر هذا الركن على استقلال في حكمها ما دامت الوقائع كما حصلها الحكم تقطع بما يوفر لجريمة القذف ركن العلانية على ما هو معروف به في القانون، ومن ثم يكون ما أثاره الطاعن في هذا الصدد على غير أساس. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة البلاغ الكاذب التي دان الطاعن بها ودلل على ثبوتها في حقه بقوله أن الثابت من الإطلاع على الأوراق أن المتهم قد أقر بتقديم الشكاوى ضد المدعي بالحقوق المدنية التي نسب إليه فيها أنه يقوم بتخزين الأقمشة والغلال ويتجر فيها بطريقة غير مشروعة وأنه أثرى ثراء فاحشا وقد ثبت من تقرير رئيس وحدة مباحث المراغه عن فحص تلك الشكاوى أنها كيدية قصد بها الإساءة إلى سمعة المشكو فيه وأن التحريات التي أجرتها المباحث أسفرت عن أنه تاجر ذو نشاط تجاري كبير ويتمتع بسمعة حسنة ويتجر بالأسعار الجبرية وأن سبب تقديم تلك الشكاوى هو وجود خلافات شخصية بين "الشاكي والمشكو" ومؤدى هذا الذي أورده الحكم أن المحكمة اطمأنت لصدق ما ورد بتقرير رئيس وحدة المباحث على النحو المار بيانه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير صحة التبليغ من كذبه أمر متروك لمحكمة الموضوع بشرط أن تكون قد اتصلت بالوقائع المنسوب إلى المتهم التبليغ بها وأحاطت بمضمونها وأن تذكر في حكمها الأمر المبلغ عنه للعلم إن كان من الأمور التي يرتب القانون عقوبة التبليغ عنها كذبا أم لا، ولما كان الحكم المطعون فيه على ما سلف إيراده - قد أورد ما يدل على إحاطته بالوقائع التي نسب للطاعن التبليغ عنها واطمأن من بعد ذلك إلى كذبها مما لم تر المحكمة بعده حاجة لإجراء تحقيق، هذا فضلا عن أنه لا مصلحة للطاعن من النعي على الحكم قصوره أو فساده بالنسبة لواقعة البلاغ الكاذب طالما أنه دانه عن تهمتي القذف والبلاغ الكاذب وأوقع عليه عقوبة واحدة عن التهمتين مما تدخل في حدود العقوبة المقررة لتهمة القذف. لما كان ما تقدم جميعه، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.