أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الأول - السنة 22 - صـ 287

جلسة 22 من مارس سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ محمود العمراوى، وعضوية السادة المستشارين/ انور خلف، وإبراهيم الديوانى، ومحمد ماهر حسن، وحسن المغربى.

(68)
الطعن رقم 1977 لسنة 40 القضائية

( أ ) إجراءات المحاكمة. إحالة. ارتباط. دفوع. "الدفع بعدم جواز نظر الدعوى". "الدفع ببطلان قرار النيابة بإحالة الجناية إلى محكمة الجنايات وفصلها عن الجنحة" بطلان.
لا توجب المادة 182 إجراءات ضم القضايا إلا إذا كان الارتباط بينهما غير قابل للتجزئة وشمل التحقيق وقائعها معا.
(ب، ج) أساب الإباحة. "الدفاع الشرعى" حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(ب) تقدير الوقائع التى يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعى أو انتفاؤها. موضوعى.
(ج) البحث فى تجاوز حدود حق الدفاع الشرعى لا يكون إلا بعد نشوء الحق وقيامه.
(د) تعويض. مسئولية مدنية. "أركانها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير التعويض".
تقدير التعويض. من اطلاقات محكمة الموضوع. متى أحاطت فى حكمها بعناصر المسئولية المدنية من خطأ وضرر وعلاقة سببية.
متى يصح للمحكوم عليه بالتعويض التحدى بنص المادة 216 مدنى؟
1 - متى كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدفعين ببطلان قرار النيابة العامة بفصل الجناية عن الجنحتين وبعدم جواز نظر الدعوى بحالتها استناداً إلى عدم اختصاص المحكمة بالنظر فى صحة أو بطلان قرار الإحالة الصادر من النيابة وكان للطاعن ما دام لم يفصل فى الجنحتين بعد أن يدفع أمام محكمة الجنح بعدم جواز نظرهما إذا تحقق شرط الارتباط غير القابل للتجزئة. وما انتهى إليه الحكم من ذلك صحيح فى القانون ذلك بأن المادة (182) من قانون الإجراءات الجنائية لا توجب الضم إلا إذا كان الارتباط غير قابل للتجزئة وشمل التحقيق وقائع القضيتين معا وهو ما لم يدعيه الطاعن ويدلل عليه فضلا عن أن فصل الجنحتين المسندتين إليه عن الجناية لا يترتب عليه أن يضار فى دفاعه ما دام له أن يناقش أمام محكمة الجنايات أدلة الدعوى برمتها بما فى ذلك ما تعلق منها بالجنحتين، كما يكون من حقه ألا توقع عليه محكمة الجنح عقوبة عن الجنحتين إذا ما تبين من التحقيق الذى تجريه أنهما مرتبطتان بالفعل المكون للجناية التى عوقب عليها ارتباطا لا يقبل التجزئة.
2 - من المقرر أن تقدير الوقائع التى يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعى أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى ولمحكمة الموضوع الفصل فيهما بلا معقب ما دام استدلالها سليما يؤدى إلى ما انتهت إليه..
3 - البحث فى تجاوز حدود حق الدفاع الشرعى لا يكو إلا بعد نشوء الحق وقيامه.
4 - من المقرر أن تقدير التعويض من سلطة محكمة الموضوع تقضى بما تراه مناسبا وفقا لما تبينته من مختلف ظروف الدعوى وأنها متى استقرت على مبلغ معين فلا تقبل المناقشة فيه بشرط أن يكون الحكم قد أحاط بعناصر المسئولية المدنية من خطأ وضرر وعلاقة سببية. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أحاط بكل هذه العناصر وأورد على ثبوتها أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليه، وكان البادئ من مدوناته أنه نفى عن المدعين بالحق المدنى أنهم اشتركوا بخطئهم فى إحداث الضرر وهو إصابة المجنى عليه التى أدت إلى وفاته بل قطع فى نسبة هذه الإصابة إلى الطاعن وحده، فإنه لا يكون هناك محل لتحدى الطاعن بنص المادة 216 من القانون المدنى، ويكون ما يثيره فى هذا الشأن على غير سند من القانون.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما فى يوم 8 أكتوبر سنة 1968 بدائرة قسم الأهرام محافظة الجيزة: المتهم الأول: قتل صبرى الجابرى عمدا بأن أطلق عليه عياراً نارياً قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته. المتهم الثاني: أولا: أحرز بغير ترخيص سلاحا ناريا مشخنا (طبنجة) ثانياً: أحرز ذخائر (طلقات) مما تستعمل فى السلاح النارى سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له فى حيازته أو إحرازه. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما طبقا للقيد والوصف الواردين بقرار الإحالة. فقرر بذلك. وادعى أشقاء المجنى عليه مدنيا قبل المتهم الأول بمبلغ عشرين ألف جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة جنايات الجيزة قضت حضورياً عملا بالمواد 236/ 1 من قانون العقوبات و1/ 1 و6 و26/ 2، 4 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمى 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والبند 3 من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق به مع تطبيق المادتين 17، 32 من قانون العقوبات، أولا: بمعاقبة المتهم الأول بالسجن لمدة خمس سنوات وبإلزامه بأن يدفع للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ ألفين من الجنيهات والمصاريف المدنية المناسبة. ثانيا: بمعاقبة المتهم الثانى بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة. فطعن المحكوم عليه الأول فى هذا الحكم بطريق النقض فى .... إلخ.


المحكمةة

من حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الضرب المفضى إلى الموت قد شابه خطأ فى القانون وإخلال بحق الدفاع وقصور فى التسبيب ذلك بأنه قضى برفض الدفعين ببطلان قرار النيابة بفصل هذه الجناية عن الجنحتين المسندتين المنظورتين أمام محكمة الجنح المستأنفة رغم الارتباط بينهما بالمخالفة لنص المادة 182 من قانون الإجراءات الجنائية وبعدم جواز نظر هذه الجناية بحالتها من قبل ضم الجنحتين إليها ليصدر فيها حكم واحد طبقا للمادة 32 من قانون العقوبات، هذا إلى أن الحكم المطعون فيه اطرح دفاعه بقيام حالة الدفاع الشرعى بأسباب غير سائغة، ولم يعرض لبحث تجاوزه. كما أن الطاعن لم يتعمد إطلاق الأعيرة مما يقتضى اعتبار الواقعة جنحة قتل خطأ وأن المحكمة لم تستجب لطلب الدفاع عن الطاعن إعلان والده سعداوى عبد الرحمن آدم كشاهد فى الدعوى، وأخيراً فإن الحكم المطعون فيه قضى بالتعويض للمدعين بالحقوق المدنية على الرغم من أن فريقهم كان هو البادئ بالعدوان فاشترك بخطئه فى إحداث الضرر والزيادة فيه مما كان يتعين معه عدم إلزامه بالتعويض أصلا أو نقص مقداره طبقا للمادة 216 من القانون المدنى فضلا عن أنه لم يلحق بالمدعين بالحق المدنى أى ضرر يستأهل تعويضا.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها مستمدة من أقوال الشهود والتقارير الطبية والمستندات المقدمة من المدعين بالحق المدنى والمعاينة ومن اعتراف المتهم الثانى. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدفعين ببطلان قرار النيابة العامة بفصل الجناية عن الجنحتين وبعدم جواز نظر الدعوى بحالتها استناداً إلى عدم اختصاص المحكمة بالنظر فى صحة أو بطلان قرار الإحالة الصادر من النيابة وكان للطاعن ما دام لم يفصل فى الجنحتين بعد أن يدفع أمام محكمة الجنح بعدم جواز نظرهما إذا تحقق شرط الارتباط غير القابل للتجزئة، وما انتهى إليه الحكم من ذلك صحيح فى القانون ذلك بأن المادة (182) من قانون الإجراءات الجنائية لا توجب الضم إلا إذا كان الارتباط غير قابل للتجزئة وشمل التحقيق وقائع القضيتين معا وهو ما لم يدعيه الطاعن ويدلل عليه فضلا عن أن فصل الجنحتين المسندتين إليه عن الجناية لا يترتب عليه أن يضار فى دفاعه ما دام له أن يناقش أمام محكمة الجنايات أدلة الدعوى برمتها بما فى ذلك ما تعلق منها بالجنحتين كما يكون من حقه ألا توقع عليه محكمة الجنح عقوبة عن الجنحتين إذا تبين من التحقيق الذى تجريه أنهما مرتبطتان بالفعل المكون للجناية التى عوقب عليها ارتباطا لا يقبل التجزئة. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الطاعن فى دفاعه من قيام حالة الدفاع الشرعى عن النفس والمال ورد عليه وفنده استناداً إلى ما ثبت لديه من الأدلة التى أوردها وآنس الصدق فيها فاطمئن إليها وقطعت بأن والد المتهم الأول هو البادئ بالعدوان إذ اعتدى على المجنى عليه وأخيه بالضرب بالعصا وأن الطاعن بادر بعد ذلك بإطلاق النار على المجنى عليه من قبل أن يصاب هو ودون أن يكون هناك اعتداء موجه إليه أو إلى والده كما أن الأرض موضوع النزاع كانت قد سلمت للمجنى عليه بمقتضى محضر تسليم رسمى على يد محضر وفى مواجهة والد المتهم الأول شخصيا بتاريخ 10 - 10 - 1967 أى منذ سنة سابقه على الحادث وقد رفض تظلمه من الجهة المختصة ونبه عليه وعلى فريقه بعدم التعرض للمجنى عليه فى وضع يده على الأرض مما لازمه ثبوت الحيازة الفعلية للمجنى عليه. لما كان ذلك، وكان المقرر أن تقدير الوقائع التى يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعى أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى لمحكمة الموضوع الفصل فيها بلا معقب ما دام استدلالها سليما يؤدى إلى ما انتهت إليه، وكان ما أثبته الحكم فيما تقدم سائغ وكاف لتبرير ما انتهى إليه من نفى قيام حالة الدفاع الشرعى عن النفس والمال، وكان البحث فى تجاوز حدود حق الدفاع الشرعى لا يكون إلا بعد نشوء الحق وقيامه وهو ما نفاه الحكم بأسبابه السائغة على ما تقدم. ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم فى هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض إلى توافر تعمد الإيذاء لدى الطاعن فى قوله "أن المتهم الأول لم يكن حاضراً من مبدأ الأمر وأنه لما حضر ووجد كل طرف قد أصر على موقفه أراد أن ينصر والده وتأييد ما اعتقد عن وضع يده فأطلق النار متعمدا إصابة أى شخص من الفريق الآخر بقصد إخضاعهم لرأى والده". ولما كان ما أورده الحكم فى هذا الشأن له أصله فى الأوراق ويؤدى عقلا ومنطقاً إلى النتيجة التى انتهى إليها من أن الطاعن تعمد إصابة المجنى عليه أو أحد أفراد فريقه، فإن هذا النعى على الحكم فى غير محله. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد صرحت للطاعن إعلان والده كشاهد إجابة لطلبه على ما يبين من الإطلاع على محاضر جلسات - وكان هو من جانبه قد قعد عن إعلانه فلا تثريب على المحكمة إذ هى فصلت فى الدعوى دون سماعه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير التعويض من سلطة محكمة الموضوع تقضى بما تراه مناسباً وفقاً لما تبينته من مختلف ظروف الدعوى وأنها متى استقرت على مبلغ معين فلا تقبل المناقشة فيه بشرط أن يكون الحكم قد أحاط بعناصر المسئولية المدنية من خطأ وضرر وعلاقة سببية إحاطة كافية، وكان الحكم المطعون فيه قد أحاط بكل هذه العناصر وأورد على ثبوتها أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليه، وكان البادى من مدوناته أنه نفى عن المدعين بالحق المدنى أنهم اشتركوا بخطئهم فى إحداث الضرر وهو إصابته المجنى عليه التى أدت إلى وفاته أو الزياده فيها بل قطع نسبة هذه الإصابة إلى الطاعن وحده، فإنه لا يكون هناك محل لتحدى الطاعن بنص المادة 216 من القانون المدنى، ويكون ما يثيره فى هذا الشأن على غير سند من القانون. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن المصروفات المدنية.