أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة الثلاثون - صـ 150

جلسة 25 من يناير سنة 1979

برياسة السيد المستشار محمد كمال عباس نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ عثمان الزينى، ويعيش رشدى وحسن جمعة، وأبو بكر الديب.

(28)
الطعن رقم 1621 لسنة 48 القضائية

إثبات "خبرة". "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". ضرب "أفضى إلى الموت". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
جواز الأخذ بالدليل الاحتمالى. ما دامت الإدانة قد أقيمت على اليقين.
قول التقرير الطبى بإمكان حدوث الإصابة فى تاريخ معاصر للمحدد. خطأ. بمذكرة النيابة. لا ينفى حصولها فى التاريخ المغاير الذى حدده الشهود. أساس ذلك؟ مثال.
من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفنى بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع الدليل الفنى تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق - لما كان ذلك - وكان من حق محكمة الموضوع أن تجزم بما لم يستطع الخبير الجزم به ما دامت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها كما أن أخذ الحكم بدليل احتمالى، غير قادح فيه ما دام قد أسس الإدانة على اليقين كما هو الحال فى الدعوى المطروحة. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن المثار بوجه الطعن فرد عليه بقوله: "وحيث إن المتهم أنكر ما أسند إليه، وطلب المدافع عنه القضاء ببراءته تأسيسا على أن أحداً ممن سئلوا بالتحقيقات لم يذكر أنه شاهد واقعة اعتداء المتهم على المجنى عليه فضلاً عن أن التقرير الطبى قد ورد به أنه ركلة البطن قد حدثت بتاريخ 11/ 7/ 1972 أى بعد يوم من تاريخ الواقعة المسندة إلى المتهم ولا تعول المحكمة على ذلك كله إزاء ما اطمأنت إليه من أدلة الثبوت سالفة الذكر، فضلاً عن أن التقرير الطبى لم يرد به أن ركلة البطن قد حدثت بتاريخ 11/ 7/ 1972 وإنما أورد أن هذه الإصابة يمكن فى تاريخ يعاصر تاريخ الاعتداء على المجنى عليه يوم 11/ 7/ 1972 وهو تاريخ أوردته النيابة خطأ فى مذكرتها التى بعثت بها إلى الطبيب الشرعى بظروف الحادث وإنما المعاصرة هى مقاربة لهذا التاريخ خاصة وأن الحادث قد وقع بتاريخ 10/ 7/ 1972 أى فى اليوم السابق على التاريخ الذى أورده التقرير الطبى الشرعى"، وكان هذا الذى أورده الحكم - أن الرأى الفنى المبدى فى الدعوى بشأن تحديد وقت حصول إصابة البطن بالمجنى عليه لا يتضمن القطع بحصولها فى اليوم الذى عينته النيابة العامة خطأ فى مذكرتها كتاريخ لوقوع الحادث، وإنما كان هذا الرأى بحسب مسافة مبنياً على التقريب والاحتمال وهو ما لا ينازع فيه الطاعن، ومن ثم فهو لا ينفى إمكان حصول هذه الإصابة نتيجة للضرب الذى أوقعه الطاعن بالمجنى عليه فى اليوم السابق مباشرة على التاريخ الخاطئ بما يتواءم مع رواية المجنى عليه وأقوال شهود الإثبات ممن نقلوا عنه يوم الحادث قبل وفاته وإذ كان ذلك هو عين ما خلص إليه الحكم نتيجة فهم سليم للواقع فى الدعوى ويسوغ به رفع التعارض الظاهرى القائم بين الدليلين القولى والفنى اللذين حصلهما الحكم بغير تناقض، فإن ما ينعاه الطاعن يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه ضرب ........ عمدا بعصا على أجزاء من جسمه وركلا فى بطنه فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتلاً ولكن الضرب أفضى إلى موته، وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام، فقرر ذلك، وادعت أرملة المجنى عليه عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر قبل المتهم بمبلغ مائتين وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت، ومحكمة جنايات دمياط قضت حضورياً عملاً بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وإلزامه بأن يدفع للمدعية بالحق المدنى عن نفسها وبصفتها مبلغ مائتين وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضى إلى الموت، قد شابه الفساد فى الاستدلال والاخلال بحق الدفاع، ذلك أن المدافع عن الطاعن تمسك فى مرافعته بأن التقرير الطبى الشرعى أثبت أن المجنى عليه أصيب يوم 11/ 7/ 1972 بركلة البطن التى أفضت إلى موته ومن ثم فلم تكون هذه الإصابة وليدة الاعتداء المقول بأن الطاعن أوقعه به فى اليوم السابق على هذه التاريخ بل هى حتماً منبته الصلة به فلا يجوز أن يسأل عنها الطاعن، إلا أن المحكمة لم تعتد بهذا الدفاع وردت عليه بما لا يصلح رداً بما كان من الواجب عليها أن تلجأ فى تحقيقه لأهل الخبرة، أما وهى لم تفعل فإن حكمها يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أثبت بياناً لواقعة الدعوى ما محصله أن ماشية المجنى عليه سرقت فتوجه يوم 10/ 7/ 1972 يستفسر من الطاعن عن مصيرها نظراً لأنه سبق أن أعاد إليه بقرة مسروقة نظير مبلغ من المال، فما كان من الطاعن إلا أن انهال عليه ضربا وركلا برجله فى بطنه فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى والتى أودت بحياته. ودلل الحكم على هذه الواقعة بما ينتجها من وجوه الأدلة وهى أقوال المجنى عليه بمحضر جمع الاستدلالات، وأقوال شهود الإثبات ممن نقلوا عنه يوم الحادث والتقرير الطبى الشرعى الذى حصله الحكم بما يفيد وجود إصابات بالمجنى عليه من بينها إصابة رضية بالبطن وأن الوفاة نشأت من التهاب بريتونى حاد ومضاعف لهذه الإصابة التى يمكن حدوثها نتيجة الركل فى تاريخ معاصر لتاريخ الحادث، ثم عرض الحكم لدفاع الطاعن المثار بوجه الطعن فرد عليه بقوله: "وحيث إن المتهم أنكر ما أسند إليه، وطلب المدافع عنه القضاء ببراءته تأسيسا على أن أحداً ممن سئلوا بالتحقيقات لم يذكر أنه شاهد واقعة اعتداء المتهم على المجنى عليه فضلاً عن أن التقرير الطبى قد ورد به أنه ركلة البطن قد حدثت بتاريخ 11/ 7/ 1972 أى بعد يوم من تاريخ الواقعة المسندة إلى المتهم ولا تعول المحكمة على ذلك كله إزاء ما اطمأنت إليه من أدلة الثبوت سالفة الذكر، فضلاً عن أن التقرير الطبى لم يرد به أن ركلة البطن قد حدثت بتاريخ 11/ 7/ 1972 وإنما أورد أن هذه الإصابة يمكن فى تاريخ يعاصر تاريخ الاعتداء على المجنى عليه يوم 11/ 7/ 1972 وهو تاريخ أوردته النيابة خطأ فى مذكرتها التى بعثت بها إلى الطبيب الشرعى بظروف الحادث وإنما المعاصرة هى مقاربة لهذا التاريخ خاصة وأن الحادث قد وقع بتاريخ 10/ 7/ 1972 أى فى اليوم السابق على التاريخ الذى أورده التقرير الطبى الشرعى"، وحيث إنه يبين بجلاء من هذا الذى أورده الحكم - أن الرأى الفنى المبدى فى الدعوى بشأن تحديد وقت حصول إصابة البطن بالمجنى عليه لا يتضمن القطع بحصولها فى اليوم الذى عينته النيابة العامة خطأ فى مذكرتها كتاريخ لوقوع الحادث، وإنما كان هذا الرأى بحسب مسافة مبنياً على التقريب والاحتمال وهو ما لا ينازع فيه الطاعن، ومن ثم فهو لا ينفى إمكان حصول هذه الإصابة نتيجة للضرب الذى أوقعه الطاعن بالمجنى عليه فى اليوم السابق مباشرة على التاريخ الخاطئ بما يتواءم مع رواية المجنى عليه وأقوال شهود الاثبات ممن نقلوا عنه يوم الحادث قبل وفاته، وإذ كان ذلك هو عين ما خلص إليه الحكم نتيجة فهم سليم للواقع فى الدعوى ويسوغ به رفع التعارض الظاهرى القائم بين الدليلين القولى والفنى اللذين حصلهما الحكم بغير تناقض، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفنى بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع الدليل الفنى تناقضا يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وكان من حق محكمة الموضوع أن تجزم بما لم يستطع الخبير الجزم به ما دامت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها كما أن أخذ الحكم بدليل احتمالى، غير قادح فيه ما دام قد أسس الإدانة على اليقين كما هو الحال فى الدعوى المطروحة، وكان المدافع عن الطاعن لم يطلب سماع الطبيب الشرعى لتحقيق دفاعه الذى لم يستهدف فى الواقع سوى التشكيك فى أدلة الثبوت القائمة فى الدعوى فليس له أن يعيب على المحكمة سكوتها عن إجابته إلى طلب لم يبده أمامها، كما أنه لا تثريب على المحكمة وقد وضحت لديها الواقعة مثار المنازعة إن هى لم تر من جابنها ضرورة لاتخاذ هذا الإجراء. لما كان ذلك جميعه، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من فساد فى الاستدلال أو أخلال بحق الدفاع يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم، فإن الطعن يكون فى غير محله متعينا رفضه.