مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثانى (من أول مارس سنة 2001 إلى آخر يونيه سنة 2001) - صـ 1362

(162)
جلسة 11 من إبريل سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جودة عبد المقصود فرحات نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: السيد محمد السيد الطحان، وأحمد عبد العزيز أبو العزم، ومصطفى محمد عبد المعطى، وأحمد حلمى محمد أحمد نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 4463 لسنة 45 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - سكن إدارى - حالات الإخلاء.
المساكن الملحقة بالمرافق الحكومية والتى تخصص لشغل العاملين بصفاتهم الوظيفية لا تسرى أحكام القانون رقم 49 لسنة 1977، 136 لسنة 1981 بشأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر - مؤدى ذلك خضوع هذه المساكن للأحكام والقواعد الواردة فى القرار الجمهورى رقم 2095 لسنة 1966، والتى بموجبها يلتزم المنتفع بإخلائها وبمرور ستة أشهر من زوال سبب الانتفاع وتحمله لمقابل الانتفاع بالسكن طبقا للمقرر فى ترخيص الانتفاع إلى جانب قيمة الاستهلاك الفعلية من المياه والكهرباء وذلك حتى تاريخ تمام الإخلاء - ترتيباً على ذلك فإن شغل المسكن المملوك لجهة إدارية عامة والتى تخصصه للعاملين بها فى أداء رسالتها وتوفير الخدمات التى تقوم عليها هو أمر يستلزمه حسن سير إدارة المرفق العامة وهو موقوت ورهين ببقاء العامل فى عمله فى هذا المرفق ويدور مع إسهام الموظف العامة فى سير العمل بالمرفق العام وجوداً وعدماً حقه فى شغل المسكن، فإذا ما انقضت هذه العلاقة بسبب الوفاة أو الإحالة إلى المعاش انقضى السند القانونى للبقاء فى المسكن حتى يتوفر خالياً لمن يحل محله فى الإسهام فى تسيير المرفق العام مما يجيز للجهة الإدارية إصدار قرار بإخراج هذا العامل من المسكن بالطريق الإدارى، باعتبار أن جهة الإدارة وهى توفر السكن الإدارى للعاملين بها دائمين أو مؤقتين، إنما توفر ظروف أفضل لأداء العمل بها ويكون هذا السكن ضرورة تتعلق بكمال سير المرفق العام ولا يكون العمل بدون السكن الإدارى ولا منتجاً بصورة مرضية، من ثم فإن تخصيص جهة الإدارة مساكن لعمالها إنما يبلور ميزة تستمد وجودها من رابطة العمل ذاتها ومعها تدور وجوداً وعدماً، ويكون مناط منح هذا السكن هو استمرار الأعمال التى يؤديها العامل ويزول بإنهاء تلك الأعمال - تطبيق.


إجراءات الطعن:

فى يوم السبت الموافق 24/ 4/ 1999 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 4463 لسنة 45 ق. عليا وذلك فى الحكم الصادر من محكمة القضاء اِلإدارى عن بقنا بجلسة 24/ 2/ 1999 فى الدعوى رقم 860 لسنة 3 ق والقاضى فى منطوقه " بإلزام المدعى عليه بسداد مقابل انتفاعه بالسكن الحكومى الذى يشغله بواقع 15% شهرياً من آخر مرتب كان يتقاضاه من جهة عمله إضافة إلى قيمة استهلاكه للمياه والكهرباء بالكامل وذلك على النحو المبين بالأسباب، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات، وألزمت الجهة الإدارية والمدعى عليه المصروفات مناصفة فيما بينهما ".
وطلب الطاعن بصفته للأسباب الواردة بتقرير الطعن - تحديد أقرب جلسة لنظر هذا الطعن أمام دائرة فحص الطعون لتأمر بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، ثم بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى فيه بقبوله شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بإخلاء المطعون ضده من المسكن موضوع الدعوى مع إلزامه بأداء مقابل الإنتفاع واستهلاك المياه والكهرباء حتى تمام الإخلاء مع إلزامه بالمصروفات.
وقد تم إعلان تقرير الطعن للمطعون ضده على النحو المبين بالأوراق.
وقد عينت دائرة فحص الطعون لنظر الطعن جلسة 3/ 1/ 2000، وبجلسة 17/ 1/ 2000 قرت الدائرة إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الأولى موضوع لنظره بجلسة 26/ 3/ 2000 حيث جرى تداوله أمامها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، ثم أحيل إلى هذه الدائرة للاختصاص والذى نظرته بجلسة 20/ 12/ 2000، وبجلسة 31/ 1/ 2001 قررت إصدار الحكم فيه بجلسة 28/ 3/ 2001 وفيها قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن وقائع هذا النزاع تخلص - حسبما يبين من الأوراق - فى أنه بتاريخ 19/ 9/ 1995 أقام الطاعن بصفته الدعوى رقم 860 لسنة 3 ق بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بقنا وطلب فى ختامها الحكم بقبولها شكلاً وفى الموضوع بإخلاء الوحدة الكسنية التى يشغلها ببريد منشأة الندبة طلمبات رى البياضية بالأقصر التابع لمصلحة الميكانيكا والكهرباء بالأقصر وتسليمها للمدعى بصفته خالية من الأشغال والأشخاص مع إلزامه بسداد مبلغ 483.48 جنيهاً مقابل انتفاعه بالعين ومقابل استهلاك الكهرباء والمياه اعتباراً من 5/ 9/ 1994 حتى تاريخ 31/ 8/ 1995 بخلاف ما يستحق من مبالغ حتى تاريخ الحكم فى الدعوى.
وذكر شرحاً لذلك أن المدعى عليه كان يشغل وظيفة بمصلحة الميكانيكا والكهرباء التابعة لوزارة الأشغال والموارد المائبة وكان يشغل سكناً حكومياً مصلحياً بطلمبات رى البياضية بمصلحة الميكانيكا وذلك ضماناً لحسن سير العمل بالمرفق العام وفقاً لنصوص القرار الجمهورى رقم 2095 لسنة 1969 بشأن تنظيم قواعد انتفاع العاملين المدنيين بالدولة بالمساكن الملحقة بالمرافق والمنشأت الحكومية وكذلك قرار وزير الأشغال رقم 196 لسنة 1985، وبتاريخ 5/ 9/ 1994 انتهت خدمة المدعى عليه بموجب القرار رقم 803 لسنة 1994 لإحالته إلى المعاش وبالتالى يكون قد زال سبب انتفاعه بالعين المشار إليها وكان عليه أن يخلى هذا السكن وتسليمه إلى المصلحة طبقا لنص المادة السادسة من القرار الجمهورى المشار إليه، إلا أنه امتنع رغم إنذاره واعطائه المهلة القانونية المطلوبة، وبالتالى أصبح وضع يده على الوحدة السكنية المشار إليها يد غاصب لا سند لها من القانون مما يحق طرده منها وإلزامه بمقابل الانتفاع المستحق عن الشهر الواحد وهو مبلغ 40.29 جنيهاً ويكون جملة المستحق عليه عن المدة من 5/ 9/ 1994 حتى 31/ 8/ 1995 هو مبلغ 483.48 جنيهاً.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فى ختامه الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإخلاء المدعى عليه من العين محل النزاع وإلزامه بسداد مقابل انتفاعه بها وذلك اعتباراً من 5/ 9/ 1994 وحتى تاريخ الإخلاء على النحو المبين بالأسباب وإلزامه المصروفات.
تدوول نظر الدعوى بجلسات المحكمة على النحو الثابت بالمحاضر، وبجلسة 24/ 2/ 1999 أصدرت المحكمة قضاءها المطعون فيه وأقامته على أساس أن المدعى عليه ما زال يعمل بالمحطة بصورة مؤقتة بصفته عامل يومية لمدة 59 يوماً يتم تحديدها من صاحب العمل وأنه يتم رفته ثم إعادته للعمل مرة أخرى، ومن ثم فإن رابطة العمل مازالت قائمة بينه وبين جهة العمل الأمر الذى لا يحق معه إخلائه من السكن الحكومى الذى يشغله، وأضافت المحكمة أنه لما كان المدعى عليه قد أحيل للمعاش اعتباراً من 5/ 9/ 1994 لبلوغه السن القانونى وإذ ظل يشغل السكن بعد هذا التاريخ فإنه يلتزم بأن يؤدى للجهة الإدارية المدعية مقابل انتفاعه بالوحدة السكنية التى يشغلها بواقع 15% شهرياً من آخر مرتب كان يتقاضاه بها، اضافة إلى قيمة استهلاكه للمياه والكهرباء بالكامل، وذلك إلى أن يقوم بتسليم السكن خالياً إلى جهة عمله.
وإذ لم يصادف هذا القضاء قبولاً لدى الطاعن بصفته فقد أقام الطعن الماثل تأسيسا على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله، وذلك على سند من القول بأن المطعون ضده قد صدر له القرار رقم 803 لسنة 1994 بإنهاء خدمته لبلوغه سن الإحالة إلى المعاش وبالتالى تكون علاقته الوظيفية قد انتهت وتكون يده على العين محل الطعن يد غاصب ولا يحق له البقاء فيها بل يتعين عليه تركها حتى يتسنى للجهة الإدارية الطاعنة تخصيصها للعاملين الدائمين بمحطات طلمبات البياضية فضلاً عن أنه لا يوجد نص فى القانون يبيح للعامل المؤقت الاستفاده من المساكن الحكومية الملحقة بالمرافق الحكومية حيث إن المشرع يخاطب العاملين المدنيين بالحكومة وحدات الإدارة المحلية.
ومن حيث إن المادة الأولى من القرار الجمهورى رقم 2095 لسنة 1969 بتنظيم شروط انتفاع العاملين المدنيين بالدولة بالمساكن الملحقة بالمرافق والمنشآت الحكومية تنص على أنه " يعمل بالقواعد المرفقة فى شأن تنظيم انتفاع العاملين المدنيين بالحكومة ووحدات الإدارة المحلية بالمساكن الملحقة بالمرافق والمنشآت الحكومية ".
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المساكن الملحقة بالمرافق والمنشأت الحكومية والتى تخصص لشغل العاملين بصفاتهم الوظيفية لا يسرى عليها أحكام القانون رقم 49 لسنة 1977، 136 لسنة 1981 بشأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر حيث نصت المادة الثانية من القانون الأول على أنه " لا تسرى أحكام هذا الباب على المساكن الملحقة بالمرافق والمنشآت وغيرها من المساكن التى تشغلها بسبب العمل " وعلى ذلك يكون من الطبيعى خضوع هذه المساكن للأحكام والقواعد الواردة فى القرار الجمهورى رقم 2095 لسنة 1999 المشار إليه والتى بموجبها يلتزم المنتفع بإخلائها بمرور ستة أشهر من زوال الانتفاع وتحمله لمقابل الانتفاع بالسكن طبقاً للمقرر فى ترخيص الانتفاع إلى جانب قيمة الاستهلاك الفعلية من المياه والكهرباء وذلك حتى تاريخ تمام الإخلاء.
كما جرى قضاء هذه المحكمة على أن شغل المسكن المملوك لجهة إدارية عامة والتى تخصصه للعاملين بها فى أداء رسالتها وتوفير الخدمات التى تقوم عليها هو أمر يستلزمه حسن سير إدارة المرافق العامة وهو موقوت ورهين ببقاء العامل فى عمله فى هذا المرفق ويدور مع إسهام الموظف العام فى سير العمل بالمرفق العام وجوداً وعدماً حقه فى شغل السكن، فإذا ما انقضت هذه العلاقة بسبب الوفاة أو الإحالة إلى المعاش انقضى السند القانونى للبقاء فى المسكن حتى يتوفر خالياً لمن يحل محله فى الإسهام فى تسيير المرفق العام مما يجيز للجهة الإدارية إصدار قرار بإخراج هذا العامل من المسكن بالطريق الإدارى.
ومن حيث إنه فضلاً عن ذلك فإن الجهة الإدارية وهى توفر السكن الإدارى للعاملين بها سواء أكانوا دائمين أو مؤقتين إنما توفر ظروف أفضل لأداء العمل بها ويكون هذا السكن ضرورة تتعلق بكمال سير المرفق العام ولا يكون العمل بدون السكن الإدارى سوياً ولا منتجاً بصورة مرضية ومن ثم فإن تخصيص جهة الإدارة مساكن لعمالها إنما يبلور ميزة تستمد وجودها من رابطة العمل ذاتها ومعها تدور وجوداً وعدماً، ويكون مناط منح هذا السكن هو استمرار الأعمال التى يؤديها العامل ويزول بإنهاء تلك الأعمال.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم على وقائع المنازعة الماثلة وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده كان يعمل بمصلحة الميكانيكا والكهرباء بالأقصر ثم انتهت خدمته بموجب القرار رقم 803 لسنة 1994 لبلوغه السن القانونى للإحالة إلى المعاش، وأن الثابت أيضاً عن الأوراق أنه بعد انتهاء خدمته لبلوه السن القانونى إلا أنه لا يزال يعمل بالمصلحة المذكورة بصورة مؤقتة بصفته عامل يومية لمدة 59 يوماً يتم تجديدها وأنه يتم رفته ثم إعادته للعمل مرة أخرى، وقد أقرت الجهة الإدارية الطاعنة ذلك ولم تنكره ومن ثم فإن رابطة العمل مازالت قائمة بين جهة العمل الطاعنة والمطعون ضده الأمر الذى لا يحق معه إخلاؤه من السكن المصلحى الذى يشغله هذا فضلاً عن أن القواعد المرفقة بقرار رئيس الجمهورية رقم 2095 لسنة 1969 المشار إليه وكذلك قرار وزير الرى رقم 196 لسنة 1985 الصادر فى هذا الخصوص لم يفرقا فى شأن تطبيق تلك القواعد بين العاملين الدائمين والعاملين المؤقين ومن ثم فإنه لا يجوز تخصيص تلك القواعد بغير مخصص وعلى غير سند من القانون ومن ثم فإنه يتعين القضاء برفض طلب الجهة الإدارية بإخلاء المطعون ضده من السكن المصلحى الذى يشغله وإذ ذهب الحكم المطعون فيه فى شقه الثانى لذات المذهب فإنه يكون قد واكب الصواب وإنزال حكم القانون على الوقائع منزلا سليما ويكون الطعن عليه جديراً بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فهلذه الأسباب:

حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.