أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة الثلاثون - صـ 171

جلسة 28 من يناير سنة 1979

برياسة السيد المستشار/ محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ أحمد فؤاد جنينة، ودكتور أحمد رفعت خفاجى، وصلاح محمد نصار، وأحمد طاهر خليل.

(33)
الطعن رقم 1635 لسنة 48 القضائية

(1) معارضة. نظرها والحكم فيها". نقض. "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
عدم جواز الحكم فى المعارضة فى غيبة المعارض ما لم يكن تخلفه عن الحضور بالجلسة حاصلاً بغير عذر. محل نظر العذر وتقديره يكون عن الطعن على الحكم ولو بطريق النقض. أساس ذلك؟
(2) حكم. "التوقيع عليه.". "حجيته".
العبرة فى الأحكام هى بالصورة التى يحررها الكاتب ويوقع عليها هو ورئيس الجلسة. مسودة الحكم لا تعدو ورقة لتحضيره.
(3) حكم. "بياناته". "بطلانه". بطلان. تقرير التلخيص. إستئناف. "نظره والحكم فيه".
خلو الحكم من بيان اسم من تلا تقرير التلخيص من أعضاء المحكمة. لا يعيبه. ما دام الثابت أنه تلى فعلاً. المادة 411 اجراءات.
(4) نقض. "نطاق الطعن. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". إستئناف. "ميعاده". نظام عام.
الطعن بالنقض فى الحكم باعتبار المعارضة كأن لم تكن يشمل الحكم الغيابى المعارض فيه.
ميعاد الاستئناف من النظام العام. إثارة أى دفع بشأنه لأول مرة أمام محكمة النقض. شرطه: أن يكون مستندا إلى وقائع أثبتها الحكم وألا يقتضى تحقيقا موضوعيا.
تخلف الطاعن بغير مبرر عن الحضور بجلسة المعارضة الاستئنافية لإبداء عذره فى التقرير بالاستئناف بعد الميعاد. يحول بينه وبين إبدائه لأول مرة أمام النقض. أساس ذلك؟
(5) إجراءات. بطلان. تزوير. "الادعاء بالتزوير". إثبات. "أوراق رسمية" محضر الجلسة.
الأصل فى الإجراءات الصحة. عدم جواز الادعاء بما يخالف ما أثبت عنها بمحضر الجلسة أو الحكم إلا بالطعن بالتزوير.
(6) نقض. "ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام".
صيرورة الحكم الابتدائى حائزا لقوة الأمر المقضى. أثره: عدم جواز الطعن عليه بطريق النقض.
1 - لا يصح فى القانون الحكم فى المعارضة المرفوعة من المتهم عن الحكم الغيابى الصادر بادانته باعتبارها كأن لم تكن أو بقبولها شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد الحكم المعارض فيه بغير سماع دفاع المعارض إلا إذا كان تخلفه عن الحضور بالجلسة حاصلاً بغير عذر، وأنه إذا كان هذا التخلف يرجع إلى عذر قهرى حال دون حضور المعارض بالجلسة التى صدر فيها الحكم فى المعارضة، فإن الحكم يكون غير صحيح لقيام المحاكمة على إجراءات معيبة من شأنها حرمان المعارض من استعمال حقه فى الدفاع ومحل نظر العذر القهرى المانع وتقديره يكون عند استئناف الحكم أو عند الطعن فيه بطريق النقض ولا يغير من ذلك عدم وقوف المحكمة وقت إصدار الحكم على هذا العذر القهرى لأن الطاعن وقد استحال عليه الحضور أمامها لم يكن فى مقدوره إبداؤه لها مما يجوز التمسك به لأول مرة لدى محكمة النقض واتخاذه وجهاً لنقض الحكم، ولمحكمة النقض أن تقدر الشهادة الطبية المثبتة لهذا العذر والتى تقدم لها لأول مرة فتأخذ بها أو تطرحها حسبما تطمئن إليه. ولما كان الطاعن قدم لهذه المحكمة شهادة طبية مؤرخة فى 20 من أكتوبر سنة 1976 ورد بها أنه وجد مريضا بنزلة قولونية حادة مع نزلة شعبية حادة ويحتاج إلى راحة تامة لمدة ثلاثة أسابيع من تاريخ صدورها، وكانت المحكمة لا تطمئن إلى صحة عذر الطاعن المستند إلى هذه الشهادة لأنها تفيد أن المرض ألزمه الفراش ولا تشير إلى أن الطبيب الذى حررها كان يقوم بعلاجه فى الفترة التى حددت الشهادة مبدأها ونهايتها، هذا فضلا عن أن الثابت من محاضر المحاكمة أن الطاعن لم يحضر فى أية جلسة من الجلسات التى نظرت فيها الدعوى ابتدائى واستئنافى سوى الجلسة الأولى للمعارضة الابتدائية مما ينم عن عدم جدية تلك الشهادة ومن ثم يكون ادعاؤه بقيام العذر المانع غير مقبول.
2 - لما كان الثابت من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه موقع من رئيس المحكمة التى أصدرته وأثبت فى ورقته وفى محضر الجلسة تلاوة تقرير التلخيص، وكانت العبرة فى الأحكام هى بالصورة التى يحررها الكاتب ويوقع عليها هو ورئيس الجلسة لا بالمسودة التى لا تعدو أن تكون ورقة لتحضير الحكم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص يكون غير سديد.
3 - لا توجب المادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية بيان اسم من تلا تقرير التلخيص من أعضاء الدائرة فلا يعيب الحكم خلوه من الإشارة لاسم من تلا التقرير ما دام الثابت أنه قد تلى فعلاً، لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن على الحكم المطعون فيه فى هذا الخصوص بدعوى البطلان يكون غير سديد.
4 - من المقرر أن الطعن بطريق النقض فى الحكم الصادر باعتبار المعارضة كأن لم تكن يشمل الحكم الغيابى المعارض فيه، ولما كان ميعاد الاستئناف - ككل مواعيد الطعن فى الأحكام - من النظام العام ويجوز التمسك به فى أية حالة كانت عليها الدعوى إلا أن اثارة أى دفع بشأنه لأول مرة أمام محكمة النقض مشروط بأن يكون مستنداً إلى وقائع أثبتها الحكم وأن لا تقتضى تحقيقاً موضوعاً. وإذ خلا الحكم ومحضر الجلسة من أى دفاع للطاعن يبرر به تأخره فى التقرير بالاستئناف فى الموعد المقرر قانوناً وكان هذا الدفاع يقتضى تحقيقاً موضوعى تنحسر عنه وظيفة محكمة النقض، فإن ما يثيره الطاعن فى شأن عذر مرضه تبريراً للتأخير فى التقرير بالاستئناف فى الميعاد يكون غير مقبول. ولا يغير من ذلك أن إجراءات المحاكمة أمام محكمة ثانى درجة قد تمت فى غيبته إذ أن مقتضى إطراح المحكمة لعذر الطاعن فى عدم حضور جلسة المعارضة الاستئنافية أنه كان فى إمكانه الحضور أمام المحكمة الاستئنافية بجلسة المعارضة، وكان فى مقدوره إبداء عذره فى التأخير فى التقرير بالاستئناف فى الميعاد وقعوده عن ذلك يحول بينه وبين إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، ذلك أنه من المقرر أنه وإن كان من المسلمات فى القانون المتهم أو تخلفه أمام محكمة الموضوع بدرجتيها لإبداء دفاعه الأمر فيه مرجعه إليه أن مثول إلا أن قعوده عن إبداء دفاعه الموضوعى أمامها يحول بينه وبين إبدائه أمام محكمة النقض نظراً لما يحتاجه من تحقيق يخرج عن وظيفتها.
5 - لما كان الثابت فى محضر جلسة المحاكمة الاستئنافية وفى ورقة الحكم الغيابى الاستئنافى تلاوة تقرير التلخيص على خلاف ما يزعمه الطاعن، وكان الأصل فى الإجراءات الصحة ولا يجوز الادعاء بما يخالف ما أثبت فيها سواء فى محضر الجلسة أو فى الحكم إلا بالطعن بالتزوير وهو ما لم يفعله الطاعن فإن ما يجادل فيه من عدم تلاوة تقرير التلخيص يكون غير قويم ولا يعتد به.
6 - لما كان باقى ما أثاره الطاعن فى طعنه وارداً على الحكم الابتدائى الذى اقتصر وحده على الفصل فى موضوع الدعوى - دون الحكم الاستئنافى الغيابى الذى قضى بعدم قبول الاستئناف شكلاً للتقرير به بعد الميعاد وقضاؤه فى ذلك سليم، فإنه لا يجوز لمحكمة النقض أن تعرض لما شاب الحكم الابتدائى من عيوب سواء ما تعلق ببيانات الحكم أو لأية أسباب أخرى لأنه حاز قوة الأمر المقضى وبات الطعن عليه بطريق النقض غير جائز.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدد الأشياء المبينة وصفاً وقيمة بالمحضر والمملوكة له والمحجوز عليها ادارى لصالح مصلحة الأموال المقررة. وطلبت معاقبته بالمادتين 341، 342 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح المراغة الجزئية قضت غيابى عملاً بمادتى الاتهام بحبس المتهم أربعة أشهر مع الشغل وكفالة خمسة جنيهات لوقف التنفيذ. عارض، وقضى فى معارضته بقبولها شكلاً وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. فاستأنف، ومحكمة سوهاج الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابى بعدم قبول الاستئناف شكلاً للتقرير به بعد الميعاد. عارض، وقضى باعتبار المعارضة كأن لم تكن. فطعن وكيل المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى باعتبار معارضته فى الحكم الغيابى الاستئنافى كأن لم تكن قد ران عليه البطلان والاخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه لم يتخلف عن حضور جلسة المعارضة إلا لعذر قهرى هو مرضه، كما أن هذا الحكم لم تكتب مسودته بخط القاضى وخلا من توقيعه ومن ذكر اسم من تلا تقرير التلخيص من أعضاء الدائرة. هذا إلى أن الحكم الغيابى الاستئنافى قضى بعدم قبول الاستئناف شكلاً حال أن مرض الطاعن هو الذى حال بينه وبين التقرير بالاستئناف فى الميعاد، وخلا محضر الجلسة التى صدر فيها من تلاوة تقرير التلخيص، فضلاً عما شاب الحكم الغيابى الابتدائى من بطلان وخطأ فى تطبيق القانون إذ خلت ديباجته من بيان اسم القاضى ووكيل النيابة وكاتب الجلسة ولم يوقع عليه من القاضى الذى أصدره وقد دان الطاعن بجريمة اختلاس المحجوزات مع أنه غير مدين وغير حائز ولم يقبل الحراسة وقام بسداد الدين المحجوز عليه من أجله، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه
وحيث إن البين من الاطلاع على محضر جلسة المعارضة الاستئنافية التى صدر فيها الحكم المطعون فيه أن الطاعن تخلف عن الحضور فيها ولم يحضر عنه محام فى الدعوى يوضح عذره فى ذلك فقضت المحكمة باعتبار معارضته كأن لم تكن. لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه لا يصح فى القانون الحكم فى المعارضة المرفوعة من المتهم عن الحكم الغيابى الصادر بادانته باعتبارها كأن لم تكن أو بقبولها شكلا ورفضها موضوعاً وتأييد الحكم المعارض فيه بغير سماع دفاع المعارض إلا إذا كان تخلفه عن الحضور بالجلسة حاصلاً بغير عذر وأنه إذا كان هذا التخلف يرجع إلى عذر قهرى حال دون حضور المعارض بالجلسة التى صدر فيها الحكم فى المعارضة، فإن الحكم يكون غير صحيح لقيام المحاكمة على إجراءات معيبة من شأنها حرمان المعارض من استعمال حقه فى الدفاع ومحل نظر العذر القهرى المانع وتقديره يكون عند استئناف الحكم أو عند الطعن فيه بطريق النقض ولا يغير من ذلك عدم وقوف المحكمة وقت إصدار الحكم على هذا العذر القهرى لأن الطاعن وقد استحال عليه الحضور أمامها لم يكن فى مقدوره إبداؤه لها مما يجوز التمسك به لأول مرة لدى محكمة النقض واتخاذه وجهاً لنقض الحكم، ولمحكمة النقض أن تقدر الشهادة الطبية المثبتة لهذا العذر والتى تقدم لها لأول مرة فتأخذ بها أو تطرحها حسبما تطمئن إليه. ولما كان الطاعن قدم لهذه المحكمة شهادة طبية مؤرخة فى 20 من أكتوبر سنة 1976 ورد بها أنه وجد مريضاً بنزلة قولونية حادة مع نزلة شعبية حادة ويحتاج إلى راحة تامة لمدة ثلاثة أسابيع من تاريخ صدورها، وكانت المحكمة لا تطمئن إلى صحة عذر الطاعن المستند إلى هذه الشهادة لأنها تفيد أن المرض ألزمه الفراش ولا تشير إلى أن الطبيب الذى حررها كان يقوم بعلاجه فى الفترة التى حددت الشهادة مبدأها ونهايتها، هذا فضلاً عن أن الثابت من محاضر المحاكمة أن الطاعن لم يحضر فى أية جلسة من الجلسات التى نظرت فيها الدعوى ابتدائى واستئنافى سوى الجلسة الأولى للمعارضة الابتدائية مما ينم عن عدم جدية تلك الشهادة ومن ثم يكون ادعائه بقيام العذر المانع غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الثابت من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه موقع من رئيس المحكمة التى أصدرته وأثبت فى ورقته وفى محضر الجلسة تلاوة تقرير التلخيص، وكانت العبر فى الأحكام هى بالصورة التى يحررها الكاتب ويوقع عليها هو ورئيس الجلسة لا بالمسودة التى لا تعدو أن تكون ورقة لتحضير الحكم، وكانت المادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية لا توجب بيان اسم من تلا تقرير التلخيص من أعضاء الدائرة فلا يعيب الحكم خلوه من الإشارة لاسم من تلا التقرير ما دام الثابت أنه قد تلى فعلاً، فإن ما يثيره الطاعن على الحكم المطعون فيه فى هذا الخصوص بدعوى البطلان يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الطعن بطريق النقض فى الحكم الصادر باعتبار المعارضة كأن لم تكن يشمل الحكم الغيابى المعارض فيه، ولما كان ميعاد الاستئناف - ككل مواعيد الطعن فى الأحكام - من النظام العام ويجوز التمسك به فى أية حالة كانت عليها الدعوى إلا أن إثارة أى دفع بشأنه لأول مرة أمام محكمة النقض مشروط بأن يكون مستنداً إلى وقائع أثبتها الحكم وأن لا تقتضى تحقيقاً موضوعاً. وإذ خلا الحكم ومحضر الجلسة من أى دفاع للطاعن يبرر به تأخره فى التقرير بالاستئناف فى الموعد المقرر قانوناً وكان هذا الدفاع يقتضى تحقيقاً موضوعى تنحسر عنه وظيفة محكمة النقض، فإن ما يثيره الطاعن فى شأن عذر مرضه تبريراً للتأخر فى التقرير بالاستئناف فى الميعاد يكون غير مقبول. ولا يغير من ذلك أن إجراءات المحاكمة أمام محكمة ثانى درجة قد تمت فى غيبته إذ أن مقتضى اطراح المحكمة لعذر الطاعن فى عدم حضور جلسة المعارضة الاستئنافية ـ وفقاً لما سلف بيانه من أنه كان فى إمكانه الحضور أمام المحكمة الاستئنافية بجلسة المعارضة وكان فى مقدوره إبداء عذره فى التأخير فى التقرير بالاستئناف فى الميعاد وقعوده عن ذلك يحول بينه وبين إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، ذلك أنه من المقرر أنه وإن كان من المسلمات فى القانون أن مثول المتهم أو تخلفه أمام محكمة الموضوع بدرجتيها لإبداء دفاعه الأمر فيه مرجعه إليه إلا أن قعوده عن إبداء دفاعه الموضوعى أمامها يحول بينه وبين إبدائه أمام محكمة النقض نظراً لما يحتاجه من تحقيق يخرج عن وظيفتها. لما كان ذلك، وكان الثابت فى محضر جلسة المحاكمة الاستئنافية وفى ورقة الحكم الغيابى الاستئنافى تلاوة تقرير التلخيص على خلاف ما يزعمه الطاعن، وكان الأصل فى الإجراءات الصحة ولا يجوز الادعاء بما يخالف ما أثبت فيها سواء فى محضر الجلسة أو فى الحكم إلا بالطعن بالتزوير وهو ما لم يفعله الطاعن، فإن ما يجادل فيه من عدم تلاوة تقرير التلخيص يكون غير قويم ولا يعتد به. لما كان ذلك، وكان باقى ما أثاره الطاعن فى طعنه وارداً على الحكم الابتدائى الذى اقتصر وحده على الفصل فى موضوع الدعوى - دون الحكم الابتدائى الغيابى الذى قضى بعدم قبول الاستئناف شكلاً للتقرير به بعد الميعاد وقضاؤه فى ذلك سليم، فإنه لا يجوز لمحكمة النقض أن تعرض لما شاب الحكم الابتدائى من عيوب سواء ما تعلق ببيانات الحكم أو لأية أسباب أخرى لأنه حاز قوة الأمر المقضى وبات الطعن عليه بطريق النقض غير جائز. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعا.