أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الأول - السنة 22 - صـ 334

جلسة 29 من مارس سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ محمود العمراوى، وعضوية السادة المستشارين/ انور أحمد خلف، وإبراهيم الديوانى، ومصطفى الأسيوطى، وحسن المغربى.

(77)
الطعن رقم 17 لسنة 41 القضائية

(أ، ب) جريمة. "أركان الجريمة". ضرب. "ضرب أفضى إلى موت". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". "ما لا يعيب الحكم فى نطاق التدليل". إثبات. "إثبات بوجه عام". "شهادة". "خبرة".
( أ ) آلة الاعتداء. ليست من أركان جريمة الضرب.
(ب) كفاية كون الدليل القولى غير متناقض مع الدليل الفنى.
(ج، د، هـ، و، ز) إثبات. "شهادة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن بالنقض. ما لا يقبل منها". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". ضرب أفضى إلى موت.
(ج) ورود الشهادة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وتفصيلاتها على وجه دقيق. غير لازم. نطاق ذلك؟
(د) وزن أقوال الشاهد. موضوعى.
(هـ) حق محكمة الموضوع فى الأخذ بما تطمئن إليه من الأدلة واطراح ما عداه. دون بيان العلة. أخذها بشهادة الشاهد. مفاده: اطراح جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
(و) اختلاف شهود الإثبات فى بعض التفصيلات. لا يعيب الحكم.
(ز) النعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها. غير جائز مثال فى ضرب أفضى إلى موت.
1 - إن آلة الاعتداء ليست من أركان الجريمة.
2 - من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفنى. بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع الدليل الفنى تناقضا يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
3 - لا يشترط فى شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفى أن يكون من شأن شهادة الشاهد أن تؤدى إلى تلك الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذى رواه، مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها.
4 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها الشهادة وتعويل القضاء عليها مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذى تطمئن إليه دون معقب عليها.
5 - لمحكمة الموضوع أن تأخذ من الأدلة ما تطمئن إليه وأن تطرح ما عداه دون إلزام عليها ببيان علة ما ارتأته. وفى اطمئنانها إلى أقوال الشهود ما يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
6 - لا يعيب الحكم ما يثيره الطاعن من أن شهود الإثبات قد اختلفت أقوالهم فى بعض تفصيلات معينة ما دام الثابت أنه قد حصل تلك الأقوال بما لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات أو يستند إليها فى تكوين عقيدته.
7 - من المقرر أنه ليس للطاعن أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها. ومتى كان الثابت أن الطاعن أو المدافع عنه لم يطلب أيهما - على ما يبين من محضر جلسة المحاكمة - إجراء تحقيق عن مدى سلامة ابصار الشاهد ....... لبيان قدرته على التمييز بين العصا والسيخ واقتصر على القول باستبعاد شهادته للشك فيها وكان هذا الشاهد قد أكد بمحضر الجلسة أن الطاعن وحده هو الذى اعتدى على المجنى عليه واقتصر عدم تمييزه على نوع الألة المستعملة فى الاعتداء لسقوط نظارته الطبية - فإن نعيه يكون على غير أساس.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: ضرب ....... على رأسه فأحدث به الإصابتين الموصوفتين بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات. فقرر ذلك. وادعى والد القتيل مدنى بمبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهم. ومحكمة جنايات سوهاج قضت حضورى عملا بمادة الاتهام بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة خمس سنوات وإلزامه أن يدفع للمدعى بالحق المدنى قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضى إلى الموت قد شابه التناقض والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه عول فى الإدانة على أقوال شهود الإثبات مع ما بينها من تناقض فيما يتعلق بعدد الضربات وآلة الاعتداء وهل هى "سيخ أم عصا" وجمع بين الدليلين القولى والفنى معا دون أن يعنى برفع التعارض بينهما فيما يختص بعدد الإصابات التى بالمجنى عليه، كما لم تعن المحكمة بتحقيق مدى سلامة إبصار الشاهد ........ للتيقن من قدرته أو عدم قدرته على التمييز بين العصا وبين السيخ. وإذ أغفل الحكم المطعون فيه ذلك كله فإنه يكون معيبا بما يبطله ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دين بها الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ............. ومن تقرير الصفة التشريحية وهى أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها - وحصل أقوال الشاهدة الأولى فى شأن عدد الضربات وآلة الاعتداء بأن الطاعن ضرب المجنى عليه بسيخ من حديد ضربتين الأولى بيسار رأسه والأخرى فى مؤخرة الرأس فسقط أرضا ثم ضربه ثالثة، وحصل أقوال الثانى فى هذا الشأن بأن الطاعن ضرب المجنى عليه على يسار رأسه ضربة واحدة بآلة لم يتبينها إن كانت عصا أم سيخا من الحديد ولا يعرف بعد ذلك إن كان الطاعن ضرب المجنى عليه ضربة أخرى أم لا ولكنه متيقن من أن أحدا غيره لم يعتد عليه، وحصل أقوال الثالث بأنه رأى الطاعن يضرب المجنى عليه على رأسه ضربتين ونقل عن التقرير الطبى الشرعى أنه وجد بالمجنى عليه جرح رضى بالجدارية اليسرى وكدم رضى بمؤخرة فروة الرأس وأن هاتين الإصابتين رضيتان وتحدثان من المصادمة بجسم صلب راض كالضرب بعصا أو بسيخ من الحديد أو عكاز وتعزى الوفاة إلى الإصابتين المذكورتين وما أحدثتاه من كسور بعظام الجمجمة ونزيف حول المخ وما صاحب ذلك من صدمة عصبية، وخلص الحكم من ذلك إلى ثبوت الواقعة فى حق الطاعن لوقوع الحادث فى وضح النهار ومما لا شبهة معه أصلا فى إمكان تمييز الضارب وموضع الإصابات ومن شخص يمت للمجنى عليه بصلة القربى واطمئنان المحكمة إلى أقوال الشهود من أن الطاعن وحده هو الذى اعتدى على المجنى عليه فأحدث به الإصابات التى تتطابق فى جوهرها مع ما ثبت بالتقرير الطبى الشرعى ولا ينال من ذلك عدم اتفاق الشهود على عدد الضربات أو نوع الآلة المستعملة لأنها لا تمس جوهر الفعل المسند للطاعن وبما يتواءم معه مضمون الدليل القولى مع جوهر الدليل الفنى. لما كان ذلك، وكان الأصل أنه لا يشترط فى شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفى أن يكون من شأن شهادة الشاهد أن تؤدى إلى تلك الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذى رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامه، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها الشهادة وتعويل القضاء عليها مرجعه إلى محكمة الموضع تقدره التقدير الذى تطمئن إليه دون معقب ولها أن تأخذ من الأدلة ما تطمئن إليه وأن تطرح ما عداه دون إلزام عليها ببيان علة ما ارتأته وفى اطمئنانها إلى أقوال الشهود ما يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها فإنه لا يعيب الحكم ما يثيره الطاعن من أن شهود الإثبات قد اختلفت أقوالهم فى بعض تفصيلات معينة ما دام الثابت أنه قد حصل تلك الأقوال بما لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات أو يستند إليها فى تكوين عقيدته وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفنى بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع الدليل الفنى تناقضا يستعصى على الملائمة والتوفيق. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه انتهى فى تدليل سائغ - فى حدود سلطته الموضوعية - إلى أن الطاعن على سبيل الاستقلال والإنفراد اعتدى على المجنى عليه بآلة راضة فأحدث به الإصابتين الموضحتين بالتقرير الطبى الشرعى والتى أدت إلى وفاته أخذا بشهادة شهود الإثبات التى اطمأن إليها والتى تتفق وهذا الإسناد الذى لا ينال منه رؤية الشاهدة الأولى لكل الضربات ورؤية الباقين لبعضها كما أنه ليس بلازم أن يتخلف عن كل اعتداء إصابة وقد تأيد ذلك بالتقرير الطبى الذى قطع بأن الاعتداء كان بآلة راضة كما قرر الشهود ى كان نوعها عصا أم سيخا أم عكاز، وكانت آلة الاعتداء ليست من الأركان الجوهرية للجريمة ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الطاعن أو المدافع عنه لم يطلب أيهما - على ما يبين من محضر جلسة المحاكمة - إجراء تحقيق عن مدى سلامة إبصار الشاهد ........ لبيان قدرته على التمييز بين العصا والسيخ واقتصر على القول باستبعاد شهادته للشك فيها وكان هذا الشاهد قد أكد بمحضر الجلسة أن الطاعن وحده هو الذى اعتدى على المجنى عليه واقتصر عدم تمييزه على نوع الألة المستعملة فى الاعتداء لسقوط نظارته الطبية ومن ثم فليس للطاعن أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منه. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.