أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة الثلاثون - صـ 192

جلسة أول فبراير سنة 1979

برياسة السيد المستشار/ عثمان الزينى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ يعيش رشدى، ومحمد على بليغ، وحسن جمعة، وأبو بكر الديب.

(38)
الطعن رقم 779 لسنة 48 القضائية

(1و2) رسوم إنتاج. كحول. جمارك. دعوى مدنية. إثبات. "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
(1) ترجيح المحكمة دفاع المتهم القائم على مسئولية المصنع المنتج للسائل الكحولى المضبوط لديه. عن عدم سداد رسوم الإنتاج. كفايته لتبرئته. أساس ذلك: وجوب استفادة المتهم من كل شك.
(2) عدم التزام المحكمة. عند قضائها بالبراءة. بالرد على كل دليل من أدلة الاتهام.
1 - يكفى فى المحاكمات الجنائية أن تتشكك محكمة الموضوع فى صحة اسناد التهمة إلى المتهم لكى تقضى له بالبراءة ورفض الدعوى المدنية، إذ مرجع الأمر فى ذلك إلى ما تطمئن إليه فى تقدير الدليل ما دام حكمها يشتمل على ما يفيد أنها محصت واقعة الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التى قام عليها الاتهام ووازنت بينها وبين أدلة النفى فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة فى صحة عناصر الاثبات، لما كان ذلك، وكان دفاع المطعون ضده الذى أخذ به الحكم المطعون فيه قام أساساً على نفى التهمة عن عاتقه والقائها على عاتق المصنع المنتج للسائل الكحولى المضبوط مستنداً فى ذلك إلى وجهة نظر موضوعية صرفه قوامها أن الزجاجات التى وجدت لديه مغايرة للزجاجات موضوع الفاتورة المقدمة فى الدعوى والصادرة عن نفس المصنع المنتج متبقيه من رسالات سابقة مشتراه من ذلك المصنع، وهو احتمال ترجع لدى محكمة الموضوع ولم تجد فى ظروف الدعوى ما ينفيه، لما تبين لها من أن الزجاجات المضبوطة خاصة بنفس المصنع وليس بها أى عبث مما لا تنازع الطاعنة فى صحة مأخذ الحكم بشأنه، ولما كان مجرد قيام هذا الاحتمال هو مما يصح معه القضاء بالبراءة عن تقدير بأن المتهم يجب أن يستفيد من كل شك فى مصلحته، وأنه لا يصح النعى على المحكمة أنها قضت ببراءة المتهم بناء على احتمال ترجح لديها بدعوى قيام احتمالات أخرى قد تصح لدى غيرها، لأن ملاك الأمر كله يرجع إلى وجدان قاضيها وما يطمئن إليه، ما دام قد أقام قضاءه على أسباب تحمله، لما كان ذلك، فإن ما تنعاه الطاعنة على الحكم فى هذا الخصوص لا يكون له محل.
2 - من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة فى حالة القضاء بالبراءة بالرد على كل دليل من أدلة الاتهام لأن فى اغفالها التحدث عنها ما يفيد أنها اطرحتها ولم تر فيها ما تطمئن معه إلى إدانة المتهم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه حاز كحولاً لم تؤد عنه رسوم الانتاج وطلبت عقابه بالمواد 1 و15 و20 و20 و21 و22 من القانون رقم 363 لسنة 1956 وقرار وزير الصناعة المعدل. ومحكمة جنح قسم ثان أسيوط الجزئية قضت حضورى عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم عشرين جنيهاً وإلزامه بدفع 28.480 جنيها لمصلحة الجمارك وغلق المحل لمدة خمسة عشر يوما. فاستأنف المتهم ومصلحة الجمارك. ومحكمة أسيوط الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورى بقبول الاستئناف شكلاً وإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية. فطعنت مصلحة الجمارك فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن حاصل ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده ورفض الدعوى المدنية قبله عن جريمة حيازه كحول لم تسدد عنه رسوم الانتاج المقررة، قد شابه الفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب كما انطوى على خطأ فى الاسناد وأخطأ فى تطبيق القانون، ذلك أنه أسس قضاءه على أن الفارق بالزيادة بين كمية الزجاجات المضبوطة والكمية المبينة بفاتورة الشراء المؤرخة 1/ 7/ 1972 الصادرة من الشركة المنتجة لا ينفى أن تكون هذه الزجاجات الزائدة متبقية من رسالات سابقة حصل عليها المطعون ضده من نفس المنتج على نحو ما تمسك به فى دفاعه وعزز الحكم قناعته بصدق هذا الدفاع بأن الزجاجات خاصة بنفس المصنع المنتج ولم يثبت أن بها عبث مما يرتب مسئولية المنتج عن الرسوم المقررة عليها أن ثبت أن هناك رسوما مستحقة بالفعل وما أورده الحكم من ذلك لا ينهض دليلاً كافى على البراءة، فضلاً عن أنه يخالف الثابت فى الأوراق من وجود اختلاف بين الزجاجات المضبوطة وتلك المثبتة بفاتورة الشراء المشار إليها سواء من حيث العدد أو النوع، هذا إلى أن العينة التى أخذت من الزجاجات المضبوطة أثبت التحليل اختلافها عن العينة رقم 63 التى سبق أن أخذت من الكمية التى اشتملت عليها الفاتورة كما أن المسئول عن المصنع المنتج جزم بأن السائل الكحولى الذى احتوت عليه الزجاجات المضبوطة ليس من إنتاج المصنع وكل ذلك لم يعرض له الحكم بالمناقشة أو التفنيد على أنه كان يتعين على المحكمة وقد مالت إلى تصديق دفاع المطعون ضده أن تجرى تحقيقاً تثبت خلاله من صحته وخاصة وأن المطعون ضده لم يتمسك بهذا الدفاع فى محضر ضبط الواقعة ولم يدل به إلا متأخراً مما ينبىء عن أن المحكمة لم تمحص واقعة الدعوى، ولو فعلت لتعين عليها أن تقضى بالزام المطعون ضده بأداء الرسوم المقررة لثبوت حيازته للسوائل الكحولية المضبوطة مع عجزه عن تقديم الفاتورة الدالة على سداد الرسوم المقررة عنها وقعوده عن إثبات حسن نيته. وذلك عملاً بمفهوم المواد 10، 15، 16، 20/ 2 ، 21 من القانون رقم 363 لسنة 1956.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قال بياناً لواقعة الدعوى وتسبيباً لقضائه بالبراءة ورفض الدعوى المدنية قبل المطعون ضده ما نصه .... "أن مأمورية ضرائب الانتاج حصلت على عينة كينا بسليرى الحديدية إنتاج ك. ف بورصا بالقاهرة من صيدلية المتهم من كمية مقدارها 192 زجاجة سعة ربع لتر، ولقد قدم المتهم فاتورة بعدد 180 زجاجة مختلفة الاحجام ولقد تبين من تحليل عينة من هذه المادة أنها غير مطابقة للمواصفات لنقص الدرجة الكحولية فيها عن الحد الأدنى ولقد طالبت المصلحة بمبلغ 28.480 جنيهاً ضريبة إنتاج ومبلغ 85.440 جنيهاً تعويض مدنى، 60.614 جنيهاً بدل مصادرة وقرر المتهم أن هذه الكميات اشتريت من شركة ك. ف بورصا وأن المسئول هو الشركة. وحيث إن الدفاع عن المتهم قدم الزجاجة التى تم تحريزها عند أخذ العينة وقال أن الزجاجات التى وجدت زائدة عنده كانت متبقية من رسالة سابقة وأن المصنع هو المسؤول عن كل ما نسب إليه وحيث إن الدفاع عن المتهم بالجلسة على سند من الواقع والقانون ذلك لأن زيادة عدد الزجاجات المضبوطة عن العدد المبين بالفاتورة الأخيرة لا تنفى أن تكون هذه الزجاجات المضبوطة متبقية من رسالات سابقة من نفس المصدر ما دام الواضح من الأوراق أن هذه الزجاجات خاصة بنفس المصنع ولم يثبت وجود عبث بها، ومن ثم يكون المنتج هو المسئول عن الرسوم المطلوبة إن ثبت أن هناك رسوماً مستحقاً فعلاً ولا يمكن مساءلة المتهم عن الجريمة المسندة إليه..." لما كان ذلك، وكان يكفى فى المحاكمات الجنائية أن تتشكك محكمة الموضوع فى صحة اسناد التهمة إلى المتهم لكى تقضى له بالبراءة ورفض الدعوى المدنية، إذ مرجع الأمر فى ذلك إلى ما تطمئن إليه فى تقدير الدليل ما دام حكمها يشتمل على ما يفيد أنها محصت واقعة الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التى قام عليها الاتهام ووازنت بينها وبين أدلة النفى فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة فى صحة عناصر الإثبات، لما كان ذلك، وكان دفاع المطعون ضده الذى أخذ به الحكم المطعون فيه قام أساسا على نفى التهمة عن عاتقه والقائها على عاتق المصنع المنتج للسائل الكحولى المضبوط مستنداً فى ذلك إلى وجهة نظر موضوعية صرفه قوامها أن الزجاجات التى وجدت لديه مغايرة للزجاجات موضوع الفاتورة المقدمة فى الدعوى والصادرة عن نفس المصنع المنتج متبقية من رسالات سابقة مشتراه من ذلك المصنع، وهو احتمال ترجع لدى محكمة الموضوع ولم تجد فى ظروف الدعوى ما ينفيه، لما تبين لها من أن الزجاجات المضبوطة خاصة بنفس المصنع وليس بها أى عبث مما لا تنازع الطاعنة فى صحة مأخذ الحكم بشأنه، ولما كان مجرد قيام هذا الاحتمال هو مما يصح معه القضاء بالبراءة عن تقدير بأن المتهم يجب أن يستفيد من كل شك فى مصلحته، وأنه لا يصح النعى على المحكمة أنها قضت ببراءة المتهم بناء على احتمال ترجح لديها بدعوى قيام احتمالات أخرى قد تصح لدى غيرها، لأن ملاك الأمر كله يرجع إلى وجدان قاضيها وما يطمئن إليه، ما دام قد أقام قضاءه على أسباب تحمله، لما كان ذلك، فإن ما تنعاه الطاعنة على الحكم فى هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ما تقدم، وكان ما تنعاه على الحكم من قصور فى التسبيب حين لم يتعرض بالمناقشة لأقوال مدير المصنع المنتج من أن السائل الكحولى من انتاج مصنعه مردوداً بأن المحكمة ليست ملزمة فى حالة القضاء بالبراءة بالرد على كل دليل من أدلة الاتهام لأن فى إغفالها التحدث عنها ما يفيد أنها اطرحتها ولم تر فيها ما تطمئن معه إلى إدانة المتهم، وكانت محكمة الموضوع فيما نحت إليه من ذلك لم بتجاوز حدود سلطتها فى تقدير أدلة الدعوى والأخذ منها بما تطمئن إليه واطراح ما عداه، فإن ما تثيره الطاعنة فى هذا الصدد يكون غير ذى محل وهو لا يعدو أن يكون محاولة لإعادة الجدل فى موضوع الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.