أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة الثلاثون - صـ 203

جلسة 4 من فبراير سنة 1979

برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ أحمد فؤاد جنينه، ودكتور أحمد رفعت خفاجى، وصلاح الدين نصار، وجمال الدين منصور.

(40)
الطعن رقم 1669 لسنة 48 القضائية

(1) ضرب. "أفضى إلى موت". إثبات. "بوجه عام". إجراءات. "إجراءات التحقيق". حكم "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل".
قول الحكم أن المحكمة استخلصت الواقعة من تحقيقات الشرطة والنيابة وما أجرته من تحقيق بالجلسة على الرغم من أنها لم تسمع الشهود بنفسها وإنما تليت عليها أقوالهم. خطأ مادى لا يعيبه. أساس ذلك؟
(2) إثبات. "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعى.
خصومة الشاهد للمتهم لا تمنع من الأخذ بشهادته.
حق المحكمة فى الأخذ بالشهادة. ولو كانت على سبيل الاستدلال.
عدم التزام المحكمة أن تورد من أقوال الشاهد. إلا ما تقيم عليه قضاءها.
(3) نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". إثبات "شهادة". "خبرة".
الدفع بالتناقض بين الدليلين القولى والفنى لأول مرة أمام النقض. غير جائز.
(4) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعى". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعى لأول مرة أمام النقض. غير جائز. ما لم تكن مدونات الحكم ترشح لقيامها.
(5) إجراءات. "إجراءات المحاكمة".
القرار الذى تصدره المحكمة فى مجال تجهيز الدعوى وجمع الأدلة. تحضيرى لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتما العمل على تنفيذه.
(6) محكمة الجنايات. "حقها فى التصدى للدعوى الجنائية". دعوى جنائية "التصدى لها".
حق التصدى من اطلاقات محكمة الجنايات. هى غير ملزمة باجابة طلبات الخصوم فى شأنه. المادة 11 إجراءات.
1 - لئن كان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن الشهود تخلفوا عن الحضور فيها، فاكتفى بتلاوة أقوالهم فى التحقيقات بموافقة الدفاعن دون سماعهم، إلا أنه لما كان الطاعن لا يمارى فى أن ما أثبته الحكم من أقوال الشهود الذين اعتمد عليهم له أصله فى التحقيقات وقد صدرت منهم بالفعل، فلا يضير الحكم أن يكون قد أخطأ فى قوله أن المحكمة استخلصت الواقعة من مجموع التحقيقات التى تمت بمعرفه الشرطة والنيابة العامة وما أجرته من تحقيق بالجلسة فى حين أن المحكمة فى الواقع لم تسمع الشهود بنفسها إنما تليت عليها أقوالهم، فذلك خطأ مادى لا يعتد به ما دام ما أسنده الحكم إلى الشهود من أقوال، ثابت فى التحقيقات التى أجريت فى الدعوى.
2 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه، ولها أن تأخذ بشهادة الشاهد ولو كانت بينه وبين المتهم خصومة قائمة، كما أن لها أن تأخذ بشهادة شاهد سئل على غير سبيل الاستدلال بغير حلف يمين متى اطمأنت إليها، إذ العبرة فى تقدير الشهادة والاعتداد بها هى بما تقتنع المحكمة به وتطمئن إلى صحته، وهى - بحسب الأصل - لا تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها، ولها أن تعرض عن قالة شهود النفى ما دامت لا تثق فى صحتها، ولما كانت المحكمة قد اقتنعت بصحة أقوال شهود الإثبات التى اطمأنت إليها، وأطرحت شهود النفى اطمئناناً منها لأقوال شهود الإثبات، وهى - من بعد - غير ملزمة بايراد أقوال والد المجنى عليه طالما أنها لم تعول عليها، وكان ما أوردته فى حكمها يدل على أنها واجهت عناصر الدعوى وألمت بها على وجه يفصح عن أنها فطنت إليها ووازنت بينها فإن ما ينعاه الطاعن فى هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعى فى تقدير الدليل وفى سلطة المحكمة فى استنباط معتقدها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
3 - لما كان يبين من محضر جلسة المرافعة والتى اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن المدافع عن الطاعن لم يثر شيئاً مما أورده بوجه الطعن بشأن قالة التناقض بين الدليلين القولى والفنى ومن ثم لا يسوغ له أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام هذه المحكمة ذلك لأنه دفاع موضوعى ولا يقبل منه النعى على المحكمة بإغفاله الرد عليه ما دام أنه لم يتمسك به أمامها.
4 - لما كان لا يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد الواقعة على نحو يرشح لقيام حالة الدفاع الشرعى ولم يثبت أن المدافع عن الطاعن قد تمسك أمام المحكمة بتوافرها، ومن ثم فإنه لا يقبل منه إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض.
5 - لا تثريب على المحكمة إن هى قررت من تلقاء نفسها التأجيل لإعلان شاهد معين ثم عدلت عن قرارها، ذلك لأن القرار الذى تصدره المحكمة فى مجال تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرى لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق، واذ كان الطاعن لم يدع فى طعنه أنه تمسك فى ختام مرافعته بسماع شاهد معين فى الدعوى فإن منعاه على الحكم من هذه الناحية لا يكون له وجه.
6 - حق التصدى المنصوص عليه فى المادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية متروك لمحكمة الجنايات تستعمله متى رأت ذلك دون أن تلزم باجابة طلبات الخصوم فى هذا الشأن.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه جرح ..... عمدا بأن طعنه بمطواه فأحدث إصابته المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتى أحدثت تهتكاً بالقلب والرئة اليسرى وما صاحب ذلك من نزيف بالتجويف الصدرى والتى أدت إلى وفاته ولم يكن يقصد من ذلك قتله ولكن الإصابة أدت إلى الوفاة. وطلبت من السيد مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات بنها قضت حضورى عملاً بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض .. إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضى إلى الموت قد شابه خطأ فى الاسناد وقصور فى التسبيب كما انطوى على فساد فى الاستدلال وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه أورد أن المحكمة استخلصت الواقعة من مجموع التحقيقات التى تمت فى الدعوى بمعرفة الشرطة والنيابة العامة ومما أجرته من تحقيق فى الجلسة فى حين أنها لم تجر تحقيقاً فيها، واستند - فيما استند إليه - فى إدانة الطاعن إلى ظروف الدعوى وملابساتها وقرائن الأحوال فيها دون أن يوضحها، وعول على شهادة الشهود ..... و...... و..... رغم قيام الخصومة بين أولهم وبين الطاعن وسبق توجيه الاتهام فى الدعوى إلى شقيق الثانى ودون أن تكون أقوال الشاهدين الأخيرين مسبوقة بيمين، واطرح أقوال شهود النفى بما لا يسوغ، ولم يعرض لأقوال والد المجنى عليه مع أنه نفى الاتهام عن الطاعن ووجهه لشخص غيره. كما أغفل الرد على ما أثاره الدفاع من تناقض الدليلين القولى والفنى فى شأن تصوير الحادث ومن قيام حالة الدفاع الشرعى مع أن الواقعة كما حصلها الحكم ترشح لها. هذا إلى أن المحكمة عدلت بغير مبرر عن قرار سابق لها بسماع الشاهد....... وقد أثار المدافع عن الطاعن فى مرافعته أن الجانى شخص آخر حدده وطلب من المحكمة أن تقيم الدعوى عليه بما لها من حق التصدى المنصوص عليه فى المادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية إلا أنها لم تستجب لهذا الطلب، وكل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الضرب المفضى إلى الموت التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومما هو مستفاد من ظروف الدعوى وملابساتها وقرائن الأحوال فيها وما ثبت بتقرير الصفة التشريحية وهى أدلة سائغة تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، ولئن كان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن الشهود تخلفوا عن الحضور فيها فاكتفى بتلاوة أقوالهم فى التحقيقات بموافقة الدفاعن دون سماعهم، إلا أنه لما كان الطاعن لا يمارى فى أن ما أثبته الحكم عن أقوال الشهود الذين عتمد عليهم له أصله فى التحقيقات وقد صدرت منهم بالفعل فلا يضير الحكم أن يكون قد أخطأ فى قوله أن المحكمة استخلصت الواقعة من مجموع التحقيقات التى تمت بمعرفة الشرطة والنيابة العامة وما أجرته من تحقيق بالجلسة فى حين أن المحكمة فى الواقع لم تسمع الشهود بنفسها إنما تليت عليها أقوالهم، فذلك خطأ مادى لا يعتد به ما دام ما أسنده الحكم إلى الشهود من أقوال ثابت فى التحقيقات التى أجريت فى الدعوى. لما كان ذلك، وكان من حق محكمة الموضوع أن تبين الواقعة على حقيقتها وأن تردها إلى صورتها الصحيحة من مجموع الأدلة المطروحة عليها دون التقيد فى ذلك بالأدلة المباشرة ولها أن تستنبط من الوقائع والقرائن ما تراه مؤدى عقلاً إلى النتيجة التى انتهت إليها، ومتى أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة لها أصلها الثابت بالأوراق فإن ما تخلص إليه فى هذا الشأن يكون من قبيل فهم الواقع فى الدعوى مما يدخل فى نطاق سلطتها، وإذ كان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة والظروف التى وقعت فيها، وكان الحكم المطعون فيه - على ما يبين من مدوناته - قد أوضح الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافى فى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة، كان ذك محققاً لحكم القانون، فإن ما يثيره الطاعن على الحكم بدعوى القصور فى إيضاح ظروف الدعوى وملابساتها وقرائن الأحوال فيها ينحل فى حقيقته إلى جدل موضوعى غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه، ولها أن تأخذ بشهادة الشاهد ولو كانت بينه وبين المتهم خصومة قائمة، كما أن لها أن تأخذ بشهادة شاهد سئل على سبيل الاستدلال بغير حلف يمين متى اطمأنت إليها، إذ العبرة فى تقدير الشهادة والاعتداد بها هى بما تقتنع المحكمة به وتطمئن إلى صحته، وهى - بحسب الأصل - لا تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها، ولها أن تعرض عن قالة شهود النفى ما دامت لا تثق فى صحتها، ولما كانت المحكمة قد اقتنعت بصحة أقوال شهود الإثبات التى اطمأنت إليها، واطرحت شهود النفى اطمئناناً منها لأقوال شهود الإثبات وهى - من بعد - غير ملزمة بإيراد أقوال والد المجنى عليه طالما أنها لم تعول عليها، وكان ما أوردته فى حكمها يدل على أنها واجهت عناصر الدعوى وألمت بها على وجه يفصح عن أنها فطنت إليها ووازنت بينها فإن ما ينعاه الطاعن فى هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعى فى تقدير الدليل وفى سلطة المحكمة فى استنباط معتقدها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان يبين من محضر جلسة الواقعة والتى اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن المدافع عن الطاعن لم يثر شيئاً مما أورده بوجه الطعن بشأن قالة التناقض بين الدليلين القولى والفنى ومن ثم لا يسوغ له أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام هذه المحكمة ذلك لأنه دفاع موضوعى ولا يقبل منه النعى على المحكمة بإغفاله الرد عليه ما دام أنه لم يتمسك به أمامها. لما كان ذلك، وكان لا يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد الواقعة على نحو يرشح لقيام حالة الدفاع الشرعى ولم يثبت أن المدافع عن الطاعن قد تمسك أمام المحكمة بتوافرها، ومن ثم فإنه لا يقبل منه إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان لا تثريب على المحكمة إن هى قررت من تلقاء نفسها التأجيل لإعلان شاهد معين ثم عدلت عن قرارها، ذلك لأن القرار الذى تصدره المحكمة فى مجال تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرى لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق، وإذ كان الطاعن لم يدع فى طعنه أنه تمسك فى ختام مرافعته بسماع شاهد معين فى الدعوى، فان منعاه على الحكم من هذه الناحية لا يكون له وجه. لما كان ذلك، وكان حق التصدى المنصوص عليه فى المادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية متروك لمحكمة الجنايات تستعمله متى رأت ذلك دون أن تلزم باجابة طلبات الخصوم فى هذا الشأن. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.