مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثانى (من أول مارس سنة 2001 إلى آخر يونيه سنة 2001) - صـ 1449

(172)
جلسة 17 من إبريل سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جمال السيد دحروج - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: كمال ذكى عبد الرحمن اللمعى، ومحمود إبراهيم عطا الله، وسالم عبد الهادى محروس جمعه، ومنير صدقى يوسف خليل - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 101 لسنة 35 القضائية

موظف - نقل - المركز القانونى للموظف المنقول - النقل من مجموعة إلى أخرى
القانون رقم 11 لسنة 1975 بتصحيح أوضاع العاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام - المادة 11 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة - حق العامل فى استصحاب مركزه الوظيفى فى الجهة المنقول منها، بما يرتبه ذلك من شغله لوظيفة معادلة لفئه وظيفيه الفنية التى كان يشغلها إبان عمله بالشركة المنقول منها - هذا الحق مستمد من القانون مباشرة دون أن يخضع لتقدير جهة الإدارة - مؤدى ذلك - ما ينشأ من منازعات فى هذا الشأن لا يتقيد بمواعيد دعوى الإلغاء - أساس ذلك - أنها دعوى تسوية لا تسقط إلا بالتقادم الطويل - تطبيق.


إجراءات الطعن:

فى يوم الثلاثاء الموافق 15/ 11/ 1988 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن رئيس الوحدة المحلية لمدينة طوخ بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها برقم 101 لسنة 35 ق. عليا ضد مورث المطعون ضدهم المبينة أسماءهم بصدد هذا الحكم فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى - دائرة التسويات بجلسة 28/ 9/ 1988 فى الدعوى رقم 3253 لسنة 41 ق والذى قضى بقبول الدعوى شكلاً، وفى الموضوع بأحقية المدعى فى اعتباره منقولاً إلى إحدى الوظائف بمجموعة الوظائف الفنية بالوحدة المحلية لمركز ومدينة طوخ وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة فى تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه. وأصلياً بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد واحتياطياً برفضها مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانون فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعن - الدائرة الثانية بالمحكمة الإدارية العليا جلسة 12/ 2/ 1996 وتدوول بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها حيث أودع الحاضر عن هيئة قضايا الدولة بجلسة 11/ 8/ 1997 حافظة مستندات وطويت على كتاب مدير شؤون العاملين بالوحدة المحلية لمركز طوخ والمتضمن أن المطعون ضده توفى إلى رحمة الله تعالى عام 1991 وبجلسة 9/ 3/ 1993 أودع بياناً بأسماء ورثته.
كما أودع بجلسة 6/ 3/ 1999 صحيفة تصحيح شكل الطعن بإعلان المطعون ضدهم المبينة أسماؤهم بصدد الحكم بصورة من تقرير الطعن، وبجلسة 10/ 5/ 1999 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الدائرة الثانية بالمحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 12/ 6/ 1999 حيث تدوول أمامها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات. وبجلسة 5/ 2/ 2000 أودع وكيل المطعون ضدهم مذكرة بدفاعه طلب فيها الحكم برفض الطعن وبهذه الجلسة قررت المحكمة إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا للاختصاص. حيث حدد لنظر الطعن أمام هذه المحكمة جلسة 29/ 8/ 2000 وبجلسة 28/ 11/ 2000 أودع وكيل المطعون ضدهم مذكرة دفاع طلب فيها الحكم برفض الطعن وإلزام الجهة الإدارية المصروفات. وبتلك الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم 13/ 12/ 2001، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فمن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - فى أنه بتاريخ 14/ 4/ 1984 أقام مورث المطعون ضدهم الدعوى رقم 594 لسنة 11 ق أمام المحكمة الإدارية بطنطا طالبا فى ختامها الحكم بتسوية حالته باعتباره بالمجموعة الفنية وليس بالمجموعة العمالية وصرف كافة حقوقه المترتبة على ذلك من ترقيات وعلاوات اعتباراً من تاريخ نقله إلى الوحدة المحلية لمدينة طوخ فى 4/ 7/ 1978.
وذكر المدعى شرحا لدعواه أنه عين بتاريخ 9/ 11/ 1961 فى وظيفة (عامل فنى) لدى شركة حلوان للغزل والنسيج ثم تم نقله إلى الوحدة المحلية لمدينة طوخ بالقرار رقم 409 لسنة 1979 بالفئة التاسعة إلا أنه قد أسند إليه درجة عامل عادى بتلك الجهة على الرغم من أن بيان حالته الوظيفية من واقع ملف خدمته تؤكد أنه عامل فنى. وأضاف أنه تقدم بتظلم لتسوية حالته الوظيفية إلى عامل فنى إلا أن تلك الجهة تعامله على أنه عامل عادى، وأن من حقه إقامة دعواه بطلب تسوية حالته وتصحيح وظيفته بالفئة الفنية مع صرف كافة حقوقه المترتبة على ذلك من ترقيات وعلاوات اعتباراً من تاريخ نقله إلى الوحدة المحلية لمدينة طوخ، وبجلسة 25/ 12/ 1986 حكمت المحكمة الإدارية بطنطا بعدم اختصاصها نوعا بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة (دائرة التسويات) حيث إحيلت الدعوى إلى تلك المحكمة وقيدت بجدولها برقم 3253 لسنة 41 ق.
وبجلسة 28/ 9/ 1988 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه. وأقامت قضاءها فيما يتعلق بقبول الدعوى شكلاً على أن هذه الدعوى ليست طعناً على قرار صادر بتعيين المدعى، ذلك أنه لا يطعن على تعيينه وإنما يطعن على قرار نقله إلى الوحدة المحلية فيما قضى به من عدم تسكينه بمجموعة الوظائف الفنية باعتبار أنه كان يعمل بوظيفة فنية فى الجهة المنقول منها وأنه يتعين إعمالاً لأحكام المادتين (54 و55) من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة عدم المساس بحالته الوظيفية أو تغيير مركزه القانونى فى الجهتين المنقول منها والمنقول إليها. ومن ثم فإن ما يطالب به المدعى هو إعمال أحكام القانون ذاته فيما يتعلق بتسوية حالته وليس الطعن بإلغاء القرار الصادر من الجهة الإدارية، إضافة إلى ذلك أن القرار المطعون عليه ليس قراراً بالتعيين وإنما هو نقل للعامل من جهة إلى أخرى، والنقل يترتب عليه حتماً وبقوة القانون استصحاب العامل لحالته الوظيفية من الجهة المنقول منها إلى الجهة المنقول إليها ولا أساس على الإطلاق من القانون بغير نص صريح لسلطة تملكها الإدارة تمس فيها حالة المنقول فى الدرجة المالية والمرتب الذى بلغه عند النقل بالجهة المنقول منها ورتبت المحكمة على ذلك أن الحق المطالب به يكون مصدره القانون وتكون الدعوى من قبيل التسويات التى يستمد الحق فيها مباشرة من القانون ولا تخضع بالتالى لمواعيد وإجراءات دعوى الإلغاء.
وعن موضوع الدعوى، استظهرت المحكمة من الأوراق أن المدعى عين ابتداء بشركة مصر حلوان للغزل والنسج فى 9/ 11/ 1961 وظل يعمل بها فى وظيفة مباشرة إنتاج وسويت حالته طبقاً للجدول الثالث المرافق للقانون رقم 11 لسنة 1975 وحصل على الفئة السابعة اعتباراً من 1/ 12/ 1974. وقد صدر قرار شركة مصر حلوان للغزل والنسيج رقم 106 لسنة 1978 فى 17/ 10/ 1978 بناء على قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 401 لسنة 1978 بشأن نقل العاملين بمحافظتى القاهرة والإسكندرية للعمل بمحافظاتهم - بالموافقة على نقل المدعى للعمل بمحافظة القليوبية اعتباراً من 1/ 9/ 1978 حيث صدر قرار نقله إلى الوحده المحلية بالقرار رقم 401 لسنة 1978.
وأشارت المحكمة إلى أنه وفقاً لأحكام المادتين (54)، (55) من القانون رقم 47 لسنة 1978 لا يجوز أن يترتب على نقل المساس بوضعه الوظيفى من الوظيفة المنقول منها، إذ يتعين أن يكون المركز القانونى للعامل فى الجهة المنقول إليها هو ذاته المركز القانونى الذى كان يشغله فى الوظيفة المنقول منها. ذلك أن لكل من التعيين والنقل مدلوله الذى لا يختلط بالآخر إذ ينصرف التعيين إلى تقلد وظيفة ذات درجة مالية غير تلك التى يشغلها العامل أو غير معادلة لها بالإدارة المقررة بينما يقتصر النقل على تغيير الجهة التى يعمل بها العامل مع استصحابه للعناصر المكونة لمركزه الوظيفى السابق ومن أخصها درجته.
وأردفت المحكمة أنه لما كان الثابت أن المدعى كان يعمل فى " وظيفة فنية " بالجهة المنقول منها وقد طبقت عليه هذه الجهة الجدول الثابت من القانون رقم 11 لسنة 1975. واستمر شاغلاً لهذه الوظيفة الفنية فى تاريخ نقله إلى الوحدة المحلية لمدينة طوخ حيث نقل إليها بوظيفة من مجموعة الوظائف العمالية، إلا أنه كان يتعين نقله إلى " وظيفة فنية " استمراراً لسابق وضعه الوظيفى وأخذاً بما هو مقرر بأحكام المادتين (54، 55) السالف الإشارة إليهما، وإذ تم نقل المدعى وتحديد مركزه الوظيفى فى المجلس المحلى المنقول إليه على خلاف ما هو مقرر بأحكام القانون دون أى سند منه، وهو مالا يملك تقريره أى أحد بالإدارة العاملة دون نص صريح فى القانون يجيز ذلك ومن ثم فلا يعتد بما أجرته الإدارة من تحديد لمركز المدعى وحالته عند نقله على خلاف مركزه وحالته السابقة على النقل مباشرة. ويتعين والحالة هذه القضاء بأحقية المدعى فى اعتباره منقولاً إلى إحدى وظائف المجموعة النوعية الفنية بالمجلس المحلى المذكور استصحاباً لحالته عند النقل.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون إذ كان يتعين القضاء بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد تطبيقاً لأحكام المادة 24 من قانون مجلس الدولة تأسيساً على أن المطعون ضده قد نقل إلى الوحدة المحلية لمدينة طوخ فى 4/ 8/ 1978 وأنه لم يتظلم من وضعه على درجة عمالية بدلاً من وضعه على درجة فنية كما كانت قبل النقل إلا بعد مضى خمس سنوات تكون دعوى المدعى دعوى إلغاء وليس دعوى تسوية ومن ثم فإنها تتقيد بالمواعيد المنصوص عليها فى المادة 24 سالفة الذكر وتكون الدعوى غير مقبولة شكلاً.
ومن الناحية الموضوعية، فإن مفاد المادتين 11، 36 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة أن المشرع أوجب على الجهات الإدارية الخاضعة لأحكام هذا القانون تقسيم الوظائف بها إلى مجموعات نوعية تعتبر كل منها وحدة مستقلة فى مجال التعيين والترقية والنقل والندب وأن قرار نقل مورث المطعون ضدهم قد تحصن بعدم الطعن عليه بالإضافة إلى أنه كان يشغل وظيفة عمالية فى شركة مصر/ حلوان للغزل والنسيج، ولم يعين فى وظيفة فنية وقد صدر قرار نقله إلى الوحدة المحلية بمركز طوخ بذات المجموعة الوظيفية التى ينتمى إليها، وهى مجموعة الوظائف العمالية. ومن ثم لا يجوز تسكينه فى مجموعة الوظائف الفنية وترقيته عليها لاختلاف المجموعة النوعية فى الحالتين.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن مورث المطعون ضدهم - وعلى ما استظهره الحكم المطعون فيه - كان قد عين بتاريخ 9/ 11/ 1961 بشركة مصر/ حلوان للغزل والنسيج بوظيفة مباشرة إنتاج بمجموعة الوظائف الفنية، وبصدور القانون رقم 11 لسنة 1975 بتصحيح أوضاع العاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام سويت حالته طبقاً للجدول الثابت المرفق بهذا القانون - والخاص بالعاملين المهنيين والفنيين - وحصل بمقتضاه على الفئة السابعة الفنية اعتباراً من 1/ 12/ 1974 ثم صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 401 لسنة 1978 بشأن نقل بعض العاملين بمحافظتى القاهرة والإسكندرية للعمل بمحافظتهم، وتنفيذاً لهذا القرار فقد صدر القرار رقم 106 لسنة 1978 بنقله إلى الوحدة المحلية لمركز طوخ وبما مؤداه أنه يستصحب مركزه الوظيفى فى الجهة المنقول منها، وأن هذا الحق - وعلى ما جرى به قضاء المحكمة الإدارية العليا - يستمده العامل من القانون مباشرة دون أن يخضع لتقدير الجهة الإدارية، وبالتالى فإن ما ينشأ بشأنه من منازعات بين الطرفين لا يتقيد الطعن عليه بالمواعيد المقررة لدعوى الإلغاء المنصوص عليها فى المادة 24 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972، وإنما تعد من قبيل دعاوى التسوية التى لا تسقط إلا بمضى المدة المقررة للتقادم الطويل (15 سنة من تاريخ نشوء الحق). وإذا كان هذا وكان قرار نقل مورث المطعون ضدهم صدر بتاريخ 17/ 10/ 1978 وأقام دعواه مثار الطعن الماثل بتاريخ 14/ 4/ 1984، فإن هذه الدعوى تكون مقبولة شكلاً.
ومن حيث إنه متى استبان أن مورث المطعون ضدهم كان يشغل وظيفة فنية فإن مقتضى ذلك ولازمه أنه وقد صدر القرار رقم 106 لسنة 1978 بنقله إلى الوحدة المحلية لمركز طوخ، أن يستصحب وضعه الوظيفى الثابت له إبان عمله بالشركة المنقول منها، وهو أن يظل شاغلا لوظيفة بمجموعة الوظائف المعنية وذلك إعمالا لحكم المادة 11 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنين بالدولة والتى اعتبرت كل مجموعة وظيفية وحدة واحدة فيما يتعلق بالتعيين والترقية والنقل والندب، وإذا كانت الجهة الإدارية قد نقلته إلى وظيفة بمجموعة الوظائف العمالية فإن قرارها يكون قد صدر بالمخالفة للقانون وغنى عن البيان أنه لا وجه لما تدفع به الجهة الإدارية الطاعنة من أن القرار المشار إليه قد تحصن بعدم الطعن عليه، ذلك أن مورث المطعون ضدهم، وعلى ما سلف بيانه، يستمد حقه فى استصحاب وضعه الوظيفى السابق من القانون مباشرة دون أن يضخع ذلك لتقرير الجهة الإدارية وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر وقضى بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بأحقية المدعى (مورث المطعون ضدهم) فى اعتباره منقولا إلى إحدى الوظائف بمجموعة الوظائف الفنية بالوحدة المحلية لمركز طوخ مع ما يترتب على ذلك من آثار فإنه يكون قد أصاب صواب الواقع والقانون ويكون الطعن عليه غير قائم على أساس من القانون متعيناً رفضه.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعاً، وألزمت الطاعن بصفته المصروفات.