أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة الثلاثون - صـ 222

جلسة 8 من فبراير سنة 1979

برياسة السيد المستشار محمد كمال عباس نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عثمان الزيني، ويعيش رشدي، ومحمد على بليغ، وأبو بكر الديب.

(44)
الطعن رقم 1442 لسنة 48 القضائية

(1) دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات. "إجراءات المحاكمة". إثبات. "خبرة" نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إلتفات المحكمة. عن اجابة طلب أبدى أمام هيئة سابقة. أو الرد عليه. لا إخلال. ما دام مقدمه لم يصر عليه أمامها. مثال فى طلب مناقشة الطبيب الشرعى.
(2) قتل عمد. قصد جنائى. إثبات. "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
نية القتل. أمر خفى لا يدرك بالحس الظاهر. استخلاص توافرها من عناصر الدعوى. موضوعى. مثال لتدليل سائغ على توافرها فى جريمة قتل بإسفكسيا الغرق.
من المقرر أن المحكمة لا تكون ملزمة باجابة طلب أو الرد عليه إلا إذا كان من قدمه قد أصر عليه، لما كان ذلك وكان الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يتمسك أمام الهيئة الجديدة التى نظرت الدعوى وأصدرت الحكم المطعون فيه، بطلب مناقشة الطبيب الشرعى والذى كان قد أبداه أمام هيئة سابقة، فلا يكون له أن يطالب هذه الهيئة بالرد على دفاع لم يبد أمامها، ومن ثم يكون منعى الطاعن على الحكم فى هذا الخصوص فى غير محله.
2 - من المقرر أن قصد القتل أمر خفى لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع فى حدود سلطتة التقديرية وإذ كان الحكم قد ساق على قيام هذه النية تدليلاً سائغاً واضحاً فى إثبات توافرها لدى الطاعن بقوله "وحيث إن نية القتل ثابتة قبل المتهم من قيامه بتغريق المجنى عليه بقصد ازهاق روحه وعدم افلاته لرأس المجنى عليه إلا بعد أن تحقق مأربه وتيقنه من وفاته". ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم فى شأن استدلاله على توافر نية القتل يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل ..... عمدا بأن ضغط على رأسه وكتم أنفاسه فى المياه قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الأعراض الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بقرار الإحالة، فقرر ذلك. وادعت.......... بصفتها وصية على أولادها قصر المجنى عليه مدنيا قبل المتهم بمبلغ خمسة آلاف جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة جنايات بنها قضت حضورياً عملاً بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً وإلزامه بأن يدفع للمدعية بالحق المدنى عن نفسها وبصفتها بمبلغ إلفين من الجنيهات على سبيل التعويض. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والاخلال بحق الدفاع والخطأ فى تطبيق القانون ذلك بأن المحكمة عدلت عن قرار سابق لها باستدعاء الطبيب الشرعى بناء على طلب الدفاع لمناقشته فيما ورد بتقريره عن حدوث الوفاة نتيجة تغريق المجنى عليه، دون أن تشير فى حكمها إلى أن الدفاع عدل عن هذا الطلب أو تبرر هذا العدول رغم تعلق ذلك بدفاع جوهرى للطاعن، وبأن الحكم المطعون فيه قد دلل على توافر نية القتل فى حق الطاعن بما لا يسوغ سندا لقيامها، خاصة وقد قرر كل من....... و........ و........ أن الطاعن لم يكن يقصد قتل المجنى عليه، كما ورد بالتقرير الاستشارى المقدم من الطاعن أن الاصابات الموجودة بجثة المجنى عليه لا يمكن أن تؤخذ دليلاً على حصول الوفاة جنائيا نتيجة التغريق، إذ من الممكن حصول مثل هذه الإصابات من الضرب والتماسك واحتكاك الوجه بالأرض أو الحطب أو الغاب الموجود على جسر الرياح نتيجة سقوط المجنى عليه مع المتهم فى الماء وأن تكون وفاة المجنى عليه قد حدثت بعد ذلك نتيجة الغرق بصورة عارضة نتيجة جهله السباحة، هذا فضلاً عن أن ظروف الواقعة وملابساتها تؤكد أن الوفاة حدثت قضاءً وقدراً، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد التى دان بها الطاعن وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة لا تكون ملزمة بإجابة طلب أو الرد عليه إلا إذا كان من قدمه قد أصر عليه، وكان الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يتمسك أمام الهيئة الجديدة التى نظرت الدعوى وأصدرت الحكم المطعون فيه، بطلب مناقشة الطبيب الشرعى والذى كان قد أبداه أمام هيئة سابقة، فلا يكون له أن يطالب هذه الهيئة بالرد على دفاع لم يبد أمامها، ومن ثم يكون منعى الطاعن على الحكم فى هذا الخصوص فى غير محله. لما كان ذلك، وكان مؤدى ما نقله الحكم من تقرير الصفة التشريحية هو أن "وفاة المجنى عليه جنائية ونشأت عن اسفكسيا التغريق وانسداد المسالك الهوائية العليا بالضغط على الرأس داخل مادة طينية القوام"، وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها، وكان فيما أثبته الحكم بقوله: "أما عن التقرير الاستشارى المقدم من المتهم فمردود أيضا بما ورد بتقرير الصفة التشريحية والذى تطمئن إليه المحكمة من أن الوفاة جنائية ولم تحدث نتيجة اسفكسيا الغرق لأن الثابت من تشريح جثة المجنى عليه وجود انسكابات دموية بالأنسجة والعضلات بمؤخرة فرقة الرأس ومن وجود كميات كبيرة من الطين تملاء تجويف الفم والأنف والحلق وتمتد حتى الشعيبات الهوائية وكذلك البلعوم وداخل المعدة وذلك كله لا يتأتى إلا إذا يكون المتهم قد قام فعلاً بالضغط على رأس المجنى عليه داخل مياه المصرف الطينة فترة من الوقت أدت إلى وفاته نتيجة اسفكسيا التغريق". ما يكفى فى سليم المنطق وصحيح القانون رداً على ما أثاره الطاعن من شبهات فى حقيقة الحادث، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفى لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع فى حدود سلطتة التقديرية وإذ كان الحكم قد ساق على قيام هذه النية تدليلا سائغا واضحا فى إثبات توافرها لدى الطاعن بقوله: "وحيث إن نية القتل ثابتة قبل المتهم من قيامه بتغريق المجنى عليه بقصد ازهاق روحه وعدم افلاته لرأس المجنى عليه إلا بعد أن تحقق مأربه وتيقنه من وفاته". ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم فى شأن استدلاله على توافر نية القتل يكون غير سديد، ويكون الطعن برمته على غير أساس متعينا الرفض.