أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الثانى - السنة 22 - صـ 350

جلسة 11 من أبريل سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ نصر الدين عزام، وعضوية السادة المستشارين/ سعد الدين عطية، ومحمود عطيفة، ومحمد السيد الرفاعى، وطه الصديق دنانة.

(86)
الطعن رقم 55 لسنة 41 القضائية

( أ ) اختصاص. "الاختصاص الولائى". قضاء عسكرى. قانون. "تفسيره".
مناط اختصاص القضاء العسكرى. أن يكون الجانى. وقت ارتكابه الجريمة. من الخاضعين لأحكام قانون الأحكام العسكرية. المادة 4 من القانون رقم 25 لسنة 1966.
(ب، ج، د، هـ) جريمة. "أركان الجريمة". هتك عرض. مسئولية جنائية. "قيامها". إثبات. "إثبات بوجه عام". "خبرة". اعتراف". خبرة. محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". "سلطتها فى تقدير القوة التدليلية لأراء الخبراء". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". "ما لا يعيب الحكم فى نطاق التدليل". نقض. "أسباب الطعن بالنقض. ما لا يقبل منها".
(ب) جريمة هتك العرض. متى تتوافر؟
(ج) ثبوت إن سن المجنى عليها كانت - وقت وقوع جريمة هتك العرض - أقل من ثمانية عشرة سنة كاملة. عدم جدوى قول الطاعن بأن مظهرها كان يدل على أنها جاوزت هذه السن. أساس ذلك؟
(د) تقدير القوة التدليلية لآراء الخبراء. والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات. موضوعى.
((هـ) الاعتراف فى المسائل الجنائية. ماهيته. تقدير صحته وقيمته فى الإثبات. موضوعى. انتهاء محكمة الموضوع إلى صحة الدليل المستمد من الاعتراف. مفاده: اطراحها جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ به. المجادلة فى ذلك أمام النقض: غير جائزة.
1 - لئن كانت الفقرة الثانية من المادة السابعة من القانون رقم 25 لسنة 1966 بإصدار قانون الأحكام العسكرية قد جرى نصها بأن تسرى أحكام هذا القانون على كافة الجرائم التى ترتكب من الأشخاص الخاضعين لأحكامه إذا لم يكن فيها شريك أو مساهم من غير الخاضعين لأحكامه. إلا أن المستفاد من هذا النص أن المشرع جعل الاختصاص لجهة القضاء العسكرى منوطا بتوافر صفة معينة لدى الجانى وقت ارتكابه الجريمة هى الصفة العسكرية التى تثبت له أصلا أو حكما بمقتضى المادة الرابعة من ذلك القانون. ولما كان الثابت من الإطلاع على الأوراق أن الطاعن وقت ارتكابه الجريمة لم يكن ضابطا بالقوات المسلحة، وإنما كان موظفا بإحدى الشركات، فإن الدفع بعدم الاختصاص يكون غير سديد.br> 2 - من المقرر أن جريمة هتك العرض تتم قانونا بكل مساس بما فى جسم المجنى عليها من عورات ولو لم يحصل إيلاج أو احتكاك.
3 - متى كان قد ثبت للمحكمة بالدليل الرسمى أن سن المجنى عليها وقت وقوع الجريمة كانت أقل من ثمانى عشرة سنة كاملة، فإنه غير مجد قول الطاعن أنه كان يجهل سن المجنى عليها الحقيقية لما كانت فيه من ظروف وما يبدو عليها من مظهر يدل على أنها جاوزت السن المقررة بالقانون للجريمة، ذلك بأن كل من يقدم على مقارفة فعل من الأفعال الشائنة فى ذاتها أو التى تؤثمها قواعد الآداب وحسن الأخلاق يجب أن يتحرى بكل الوسائل الممكنة حقيقة جميع الظروف المحيطة قبل أن يقدم على فعله، فإذا هو أخطأ التقدير حق عليه العقاب ما لم يقم الدليل على أنه لم يكن فى مقدوره بحال أن يعرف الحقيقة.
4 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التى لها كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها دون أن تلتزم بندب خبير آخر ولا بإعادة المهمة إلى ذات الخبير ما دام استنادها فى الرأى الذى انتهت إليه هو استناد سليم لا يجافى المنطق والقانون. ولما كانت المحكمة قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة حوتها التقارير الطبية الاستشارية التى لم ينازع الطاعن فى صحة ما نقله الحكم عنها، فإنه لا يجوز مصادرتها فى اعتقادها أو أن ينعى عليها عدم أخذها بالنتيجة التى انتهى إليها الطبيب الشرعى، وكل ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن ينحل إلى جدل فى تقدير الدليل مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
5 - من المقرر أن الاعتراف فى المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الإثبات ولها أن تأخذ به متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع. ولما كانت المحكمة قد خلصت إلى سلامة الدليل المستمد من الاعتراف لما ارتأته من أنه يطابق الواقع الذى استظهرته من التقارير الطبية الاستشارية وأيدته أقوال المجنى عليها، مما مفاده أنها اطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ به، فإنه لا يجوز المجادلة فى ذلك أمام محكمة النقض لكونه من الأمور الموضوعية التى تستقل بها محكمة الموضوع.


الوقائع

ااتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه هتك عرض الصبية ..... التى لم يبلغ سنها ثمانى عشر سنة كاملة بغير قوة وتهديد. وطلبت عقابه بالمادة 269 من قانون العقوبات. وادعت...... عن نفسها وبصفتها مدنيا وطلبت القضاء لها قبل المتهم بمبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة مصر الجديدة الجزئية قضت حضوريا عملا بمادة الاتهام بحبس المتهم سنتين مع الشغل وكفالة عشرون جنيها لوقف التنفيذ وبإلزامه أن يدفع للمدعية بالحق المدنى بصفتها مبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات المدنية ومبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة، فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافيه - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى موضوع الدعوى الجنائية بتعديل الحكم المستأنف إلى حبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وفى موضوع الدعوى المدنية برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المتهم المصروفات المدنية الاستئنافيه ومبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. فطعن الوكيل عن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن المدافع عن الطاعن دفع أمام هذه المحكمة بعدم اختصاص القضاء العادى بنظر الدعوى وباختصاص القضاء العسكرى بنظرها استنادا إلى أن الطاعن من ضباط القوات المسلحة الخاضعين لأحكام القانون رقم 25 لسنة 1966. وحيث إنه وإن كانت الفقرة الثانية من المادة السابعة من القانون رقم 25 لسنة 1966 بإصدار قانون الأحكام العسكرية قد جرى نصها بأن تسرى أحكام هذا القانون على كافة الجرائم التى ترتكب من الأشخاص الخاضعين لأحكامه إذا لم يكن فيها شريك أو مساهم من غير الخاضعين لأحكامه إلا أن المستفاد من هذا النص أن المشرع جعل الاختصاص لجهة القضاء العسكرى منوطا بتوافر صفة معينة لدى الجانى وقت ارتكابه الجريمة هى الصفة العسكرية التى تثبت أصلا أو حكمها بمقتضى المادة الرابعة من ذلك القانون. لما كان ذلك، وكان الثابت من الإطلاع على الأوراق أن الطاعن وقت ارتكابه الجريمة لم يكن ضابطا بالقوات المسلحة، وإنما كان موظفا بإحدى الشركات وأنه لم يجند ويلحق بسلاح النقل إلا فى 16 يوليو سنة 1968، أى بعد أسبوعين من تاريخ اقترافه الجريمة، فإن الدفع بعدم الاختصاص يكون غير سديد متعينا رفضه.
ووحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة هتك عرض، قد أخطأ فى الإسناد وشابه فساد فى الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع ذلك بأنه لم يورد أدلة الثبوت بيانا صادقا أمينا فقد أورد أن الطبيب الشرعى الفاحص طلب إعادة الكشف على المجنى عليها بعد تقديم تقريره بما ينبئ من عدم تيقنه من النتيجة التى انتهى إليها فى ذلك التقرير من أن المجنى عليها لا زالت بكرا، وهو ما يخالف الثابت فى الأوراق من أن كبير الأطباء الشرعيين هو الذى طلب إعادة الفحص بناء على شكوى والدة المجنى عليها. وأغفل الحكم بيان تاريخ التقرير الطبى الاستشارى مع ما لهذا الإغفال من أثر فى النتيجة التى انتهى إليها، إذ الثابت أن الطبيب الاستشارى لم يوقع الكشف على المجنى عليها، إلا بعد قرابة عام من تاريخ الواقعة، وهى مدة ليست بالوجيزة وتسمح بحصول تغير فى الإصابة والحكم إذ خالف هذا الرأى واعتبرها مدة وجيزة فقد قطع بذلك فى مسألة فنية دون أن يستعين فيها برأى أهل الخبرة. وأهدر الحكم دلالة التقرير الطبى الشرعى بقاله أنه لم يقطع برأى فى حالة المجنى عليها حالة كونه قد جزم بأنها لا زالت بكرا وعول الحكم على اعتراف الطاعن مع مخالفة هذا الاعتراف للحقيقة والواقع الثابتين بالتقرير الطبى الشرعى والتفتت المحكمة عن طلب ندب كبير الأطباء الشرعيين لاعادة الكشف على المجنى عليها توصلا إلى معرفة حقيقة الاعتراف ومدى مطابقته للواقع مما يشكل إخلالا بحق الطاعن فى الدفاع كما عول الحكم على قول المجنى عليها من أن الطاعن أولج قضيبه فى فرجها مما ينتج عنه نزول دماء منها، وهو قول يتعارض مع الدليل الفنى المستمد من تقرير الطبيب الشرعى الذى انتهى إلى سلامة غشاء بكارتها وأخيرا فقد دفع الطاعن بأن المظهر الخارجى للمجنى عليها كان يسمح بالاعتقاد بأنها جاوزت الثمانى عشرة سنة من عمرها، ومع أهمية هذا الدفاع فقد سكت الحكم عنه إيرادا له وردا عليه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة هتك العرض التى دان الطاعن بها وأقام عليها فى حقه أدلة مستمده من أقوال المجنى عليها ومن اعتراف الطاعن بالتحقيقات ومن التقارير الطبية، وهى أدلة سائغة تؤدى إلى ما رتبه الحكم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التى لها كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها دون أن تلتزم بندب خبير آخر ولا بإعادة المهمة إلى ذات الخبير ما دام استنادها فى الرأى الذى انتهت إليه هو استناد سليم لا يجافى المنطق والقانون. ولما كانت المحكمة قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة حوتها التقارير الطبية الاستشارية التى لم ينازع الطاعن فى صحة ما نقله الحكم عنها، فإنه لا يجوز مصادرتها فى اعتقادها أو أن ينعى عليها عدم أخذها بالنتيجة التى انتهى إليها الطبيب الشرعى، وكل ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن ينحل إلى جدل فى تقدير الدليل مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. وأما ما ينعاه الطاعن على الحكم من الخطأ فى الإسناد فإنه بفرض وجوده لا يعيبه ما دام أنه غير مؤثر فيما استخلصه من نتيجة. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عول على التقارير الطبية الاستشارية مطرحا التقرير الطبى الشرعى بما انتهى إليه من عدم وجود ما يشير إلى حصول إيلاج، فإن دعوى التعارض بين الدليلين القولى والفنى تكون على غير أساس. هذا فضلا عن أن جريمة هتك العرض تتم قانونا بكل مساس بما فى جسم المجنى عليها من عورات ولو لم يحصل إيلاج أو احتكاك. لما كان ذلك، وكان الاعتراف فى المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الإثبات ولها أن تأخذ به متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع، وكانت المحكمة قد خلصت إلى سلامة الدليل المستمد من الاعتراف لما ارتأته من أنه يطابق الواقع الذى استظهرته التقارير الطبية الاستشارية وأيدته أقوال المجنى عليها مما مفاده أنها اطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ به، فإنه لا يجوز المجادلة فى ذلك أمام محكمة النقض لكونه من الأمور الموضوعية التى تستقل بها محكمة الموضوع. لما كان ذلك، وكان قد ثبت للمحكمة من الدليل الرسمى أن سن المجنى عليها وقت وقوع الجريمة كانت أقل من ثمانى عشرة سنة كاملة، فإنه غير مجد قول الطاعن أنه كان يجهل سن المجنى عليها الحقيقة لما كانت فيه من ظروف وما يبدو عليها من مظهر يدل على أنها جاوزت السن المقررة بالقانون للجريمة، ذلك بأن كل من يقدم على مقارفة فعل من الأفعال الشائنة فى ذاتها أو التى تؤثمها قواعد الآداب وحسن الأخلاق يجب عليه أن يتحرى بكل الوسائل الممكنة حقيقة جميع الظروف المحيطة قبل أن يقدم على فعله، فإذا هو أخطأ التقدير حق عليه العقاب ما لم يقم الدليل على أنه لم يكن فى مقدوره بحال أن يعرف الحقيقة. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.