أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة الثلاثون - صـ 243

جلسة 12 من فبراير سنة 1979

برياسة السيد المستشار حسن على المغربى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد الواحد الديب، وعادل برهان نور، وشرف الدين خيرى، ومصطفى جميل مرسى.

(49)
الطعن رقم 726 لسنة 48 القضائية

1 - إثبات. "شهود". "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
كفاية أن يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع الدليل الفنى تناقضاً يستعصى على الملائمة والتوفيق.
2 - محكمة الموضوع. "سلطتها فى استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات. "بوجه عام". "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة. موضوعى.
3 - إثبات. "شهود" محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وزن أقوال الشهود. موضوعى.
أخذ المحكمة بأقوال شاهد. مفاده. إطراح جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
(4) إثبات. "بوجه عام". "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم جواز مجادلة محكمة الموضوع فى اطمئنانها لأدلة الدعوى.
(5) إجراءات. "إجراءات المحاكمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
النعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها. غير جائز.
(6) إثبات. "بوجه عام". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
عدم التزام المحكمة بالرد على كل دفاع. موضوعى. اكتفاء بأخذها بأدلة الثبوت.
(7) سبق إصرار. ظروف مشددة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
سبق الاصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجانى. استخلاص توافره. موضوعى.
(8) سبق إصرار. قتل عمد. قصد جنائى. إقتران. فاعل أصلى. مسئولية جنائية.
توافر سبق الاصرار فى حق المتهمين بالقتل. ولو أخطأ والهدف فأصابوا آخر. جائز. سبق الاصرار. ترتيبه قضائياً فى المسئولية بين الفاعلين. فى القتل أو الشروع فيه. ولو لم يعرف من منهم محدث الإصابة التى أدت إلى الوفاة.
(9) عقوبة. "العقوبة المبررة". قتل عمد. شروع. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "المصلحة فى الطعن".
عدم جدوى النعى على الحكم فى صدر جريمتى قتل وشروع فيه.
فى أخذ المتهم بجريمة قتل أخرى ثبتت فى حقه. وأوقع عليه عقوبتها بحسبانها العقوبة الأشد.
(10) إجراءات. "إجراءات تحقيق". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إجراءات التحريز. تنظيمية. عدم ترتب البطلان على مخالفتها.
1 - من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفنى بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع الدليل الفنى تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، ولما كان الحكم قد عرض لما أثاره الدفاع من قيام تعارض بين الدليلين الفنى والقولى واطرحه فى استدلال سائغ بقوله: "إن التقرير الطبى الفنى أورد من أن بعض ما أصاب المجنى عليهم من أعيرة يتعذر بالنسبة له القطع بموقف الضارب فيها من المجنى عليه مستوى واتجاهاً ومن ثم فليس فى التقرير ما يناقض أقوال الشاهدين عن اتجاه إطلاق الأعيرة التى أصابت المجنى عليهم ويضاف إلى ذلك أن التقرير الفنى لم يحدد مسافة الإطلاق سوى للمجنى عليه ..... موضحاً أنها جاوزت مدى الإطلاق القريب وهو ما يقدر بربع متر فى الأسلحة ذات السرعة المتوسطة وتجاوز هذه المسافة لا يناقض أن المتهمين أطلقا الأعيرة من خارج السيارة وإلى جوار نافذتها من مسافة تزيد على ربع المتر بالنسبة للمجنى عليه المذكور إذ ليس من المحتم أن تكون مسافة الإطلاق أقل من ربع متر على التصوير الذى قرره الشاهدان فى التحقيق، ومن ثم فإن النعى على الحكم فى هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعى فى تقدير الأدلة مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
2 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق وأن تعول فى قضائها على رواية للشاهد فى أى مرحلة من مراحل الدعوى ولو خالفت قولاً آخر له إذ مرجع الأمر فى ذلك اطمئنانها إلى ما تأخذ به دون ما تعرض عنه.
3 - إن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إلها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه وهى متى أخذت بشهاداتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
4 - لما كان الحكم قد أظهر اطمئنانه إلى أقوال الشاهدين ....... و...... التى أدليا بها بتحقيقات النيابة فور الحادث وذكر أنها تأيدت بأقوال المجنى عليه ...... فضلا عما بان من المعاينة وما أسفر عنه تقرير الصفة التشريحية من أن أحد الأعيرة التى استقر بهيكل السيارة معمر برصاصة لى أنفليد وأن من بين إصابات المجنى عليه ..... إصابتين من عيارين حدثت كل منهما برصاصة عيار 9 مم كما أضاف الحكم أن أقوال الشاهدين تأيدت أيضا مما أثبته رئيس مباحث أخميم من عثوره بمحل الحادث بجدار السيارة على طلقتين فارغتين لى انفيلد وطلقة فارغة مما تستعمل فى الطبنجات واطرح الحكم عدول الشاهد الثانى بالجلسة عما رواه تفصيلاً بالتحقيقات وما ادعاه من أنه لم ير المتهمين حال ارتكاب الحادث وأن اتهامه لهما إنما كان وليد تأثير رجال الشرطة عليه فأظهر اطمئنان المحكمة إلى أقوال ذلك الشاهد بالتحقيقات والتى رددها أثناء المعاينة وكان إبداؤها أمام سلطة التحقيق وبعيداً عن سلطان الشرطة كما رد الحكم على ما أثاره المدافع عن الطاعنين من أن السائق........ لم يكن قائد السيارة رقم 253 أجرة سوهاج وقت الحادث بأن تسلم....... لتلك السيارة - وهو مالكها - بعد الحادث لا يتعارض مع كون الشاهد هو الذى كان يقودها وقت الحادث خاصة وقد اطمأنت المحكمة إلى صحة رواية الأخير التى تأيدت بأقوال السائق.... سواء بالتحقيقات أو بالجلسة رغم محاولته العدول بالأخيرة عن الأولى، لما كان ما تقدم جميعه فانه يكون من غير المقبول ما يثيره الطاعنان من نواحى التشكيك فى تلك الأدلة أو ما يطرحانه من تصوير مخالف لواقعة الدعوى.
5 - لما كان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعنين لم يطلب استدعاء ركاب السيارتين لمناقشتهم فليس لهما من بعد النعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هى من جانبها لزوما لإجرائه.
6 - من المقرر أن المحكمة لا تلتزم أن تتبع المتهم فى مناحى دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد مستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التى أوردها الحكم فإن ما ينعاه الطاعنان بخصوص كيفية ضبط السلاحين وعدم انبعاث رائحة البارود منهما لا يكون له محل.
7 - من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجانى قد لا يكون لها فى الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما هى تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضى منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج.
8 - متى توافر ظرف سبق الإصرار فإن القتل يعتبر مقترناً به وملازماً له ولو أخطأ الجانى الهدف فأصاب آخر. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت توافر قصد القتل مع سبق الإصرار فى حق الطاعنين بالنسبة لواقعة قتل......... فإن هذين العنصرين يعتبران قائمين فى حقهما كذلك بالنسبة للواقعتين اللتين اقترنتا بهما زماناً ومكاناً وهما قتل........ والشروع فى قتل........ ولو لم يكن أيهما هو المستهدف أصلاً بفعل القتل الذى القتل الذى انتوى الطاعنان ارتكابه وعقدا عليه تصميمهما وأعد له عدته على نحو ما سلف، الأمر الذى يرتب فى صحيح القانون تضامناً بينهما فى المسئولية الجنائية فيكون كل منهما مسئولاً عن جرائم القتل والشروع فيه التى وقعت تنفيذاً لقصدهما المشترك الذى بيتا النية عليه باعتبارهما فاعلين أصليين طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات يستوى فى هذا أن يكون محدث الإصابة التى أدت إلى الوفاة معلوما ومعيناً من بينهما أو غير معلوم.
9 - إن الحكم المطعون فيه وقد دان الطاعنين بجنايات قتل....... و....... والشروع فى قتل........ وأعمل فى حقهما المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع عليهما عقوبة واحدة هى العقوبة المقررة لجناية قتل......... عمداً مع سبق الإصرار التى أثبتها فى حقهما باعتبارها الجريمة الأشد فإنه لا جدوى للطاعنين مما يثيرانه تعييباً للحكم فى خصوص جنايتى القتل والشروع فيه.
10 - من المقرر أن إجراءات التحريز المنصوص عليها فى المواد 55 و56 و57 من قانون الإجراءات الجنائية إنما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلان، بل ترك الأمر فى ذلك إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل، وكان مفاد ما أورده الحكم هو أن المحكمة إذ عولت على تقرير الطبيب الشرعى بشأن فحوى الطلقات المضبوطة بمحل الحادث. قد اطمأنت إلى سلامة إجراءات تحريزها والدليل المستمد من فحصها كما أن الدفاع عن الطاعنين لم يذهب إلى أن يد العبث قد امتدت إلى المضبوطات على نحو معين فإن ما يثيره الطاعنان فى هذا الوجه يكون فى غير محله.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما (أولاً) قتلا وثالث مجهول كلا من ...... و....... عمدا مع سبق الاصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتلهما وأعدوا لهذا الغرض سلاحين ناريين (بندقية ومسدس) وتعقبوهما فى طريق عودتهما إلى بلدتهما الذى أيقنوا مرورهما فيه وما أن ظفروا بهما حتى أطلقا عليهما عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتلهما فأحدثا بهما الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياتهما (ثانياً) شرعا وثالث مجهول فى قتل........... مع سبق الاصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتل المجنى عليهما السابقين وأعدوا لهذا الغرض السلاحين الناريين سالفى الذكر وترقبوهما فى الطريق الذى أيقنوا مرورهما فيه وما أن ظفروا بهما حتى أطلقا صوبهما عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتلهما فأصاب أحد هذه الأعيرة المجنى عليه بالإصابتين الموصوفتين بالتقرير الطبى الشرعى وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو مداركة المجنى عليه بالعلاج. (ثالثاً) أتلفا وثالث مجهول السيارة الموصوفة بالتحقيق والمملوكة........ على النحو المبين به. المتهم الأول أيضاً - أ - أحرز بغير ترخيص سلاحاً مششخناً (بندقية) 2 - أحرز ذخيرة (طلقات) مما يستعمل فى السلاح النارى سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له بحيازة السلاح وإحرازه وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 45 و46 و230 و231 و232 و263/ 2 من قانون العقوبات والمواد 1 و6 و26/ 2 - 4 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والقانون رقم 75 لسنة 1958 والفقرة (ب) من القسم الأول من الجدول رقم 3 المرفق. فقرر ذلك. وادعت........ مدنياً بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهمين. ومحكمة جنايات سوهاج قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام (أولاً) بمعاقبة كل من المتهمين (الطاعنين) بالأشغال الشاقة المؤبدة عن التهمتين المسندتين إلى كل منهما وعن تهمتى إحراز السلاح والذخيرة المسندتين إلى المتهم الأول (ثانياً) ببرائتهما من التهمة الثالثة المسندة إليهما. (ثالثاً) إلزامهما متضامنين أن يؤديا للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت وألزمت المتهمين متضامنين مصاريف الدعوى المدنية وعشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فطعن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمتى القتل العمد والشروع فيه مع سبق الإصرار ودان أولهما أيضاً بجريمتى إحراز سلاح نارى وذخيرته بغير ترخيص قد شابه التناقض والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والاخلال بحق الدفاع كما انطوى على خطأ فى تطبيق القانون والبطلان فى الإجراءات، ذلك بأن الحكم بنى الادانة على الدليل القولى المتحصل من شهادة سائقى السيارة وعلى الدليل الفنى المستمد من التقارير الطبية الشرعية رغم التعارض بين مؤدى الدليلين إذ قرر الشاهدان أن الطاعنين أطلقا النار وهما ملاصقان يمينا ويسارا للسيارة التى كان يستقلها المجنى عليهم بالمقعد الخلفى فى حين أن الثابت من التقارير الطبية الشرعية أن مسار الأعيرة النارية التى أصابت ....... كان من الأمام إلى الخلف ومن الخلف إلى الامام وأنه بتعذر القطع بموقف الجانى من المجنى عليهما الآخرين ولا توجد علامات قرب إطلاق حول فتحات الدخول فى الجسم والملابس بما يفيد أن إطلاق النار كان من مدى بعيد ولم يثر الحكم إلى هذا التعارض أو يرد عليه كما أن الحكم عول على أقوال سائقى السيارتين فى التحقيقات رغم ما تمسك به الدفاع من كذبهما بسبب قرابة السائق.......... للقتيلين وأنه لم ير الحادث ولم يكن يقود السيارة التى كان يركبها المجنى عليهم بدلالة أن الذى استلمها بعد التحقيق شخص سواه وأن السائق الآخر........ شهد أمام المحكمة بأن أقواله السابقة أمليت عليه من الشرطة بالإضافة إلى أن إطلاق النار وقع أثناء سير السيارة مما يتعذر معه على السائقين رؤية المتهمين وآية ذلك العثور على ثلاث طلقات بهيكلها ووجود جثة القتيل الثانى خارجها فى الطريق دون أثار دموية فى المسافة بينهما وبين مكان الجثة ولم يتناول الحكم هذا الدفاع برد سائغ ولم يستجب لطلب مناقشة ركاب السيارتين فى هذا الشأن كما عول الحكم على ما جاء بالتقرير الطبى الشرعى من أن السلاحين اللذين قدمهما الطاعن الثانى إلى رجال المباحث هما المستعملان فى الحادث فى حين أن السلاحين ثبت ترخيصهما باسم هذا الطاعن وهو الذى تقدم بهما إلى الشرطة عند تفتيش منزله بعد الحادث مباشرة ولم يثبت بأى دليل أن رائحة البارود كانت تشتم منهما هذا إلى أن الحكم لم يدلل على توافر ظرف سبق الاصرار بأدلة سائغة واكتفى بالتدليل عليه بما ساقه من رغبة الطاعنين فى الأخذ بالثأر من القتيل......... كما دان الحكم الطاعنين معاً عن واقعة قتل.......... عمدا رغم استبعاده ظرف سبق الإصرار فى هذه الواقعة وخلو الأوراق مما يثبت اتفاقهما على ارتكابها وأيهما أتى فعل القتل وفضلاً عما تقدم فإن الحكم دان الطاعنين بجريمة الشروع فى قتل........... على سند من ثبوت اطلاقهما الاعيرة النارية على القتيلين "............ و............."بقصد قتلهما ومن أن خطأهما فى التصويب لا ينال من مسئوليتهما فى حين أن إصابات المجنى عليه.......... حدثت نتيجة استقرار جزء من فتات معدنية نتيجة تفتت مقذوف معدنى تناثرت أجزاؤه فأصابت المجنى عليه مما مؤداه عدم ثبوت اطلاق أعيرة نارية تجاهه وتكون إصابته جريمة خطئه يضاف إلى ذلك أن الدفاع عن الطاعنين أثار ما شاب إجراءات تحريز الطلقات وفحصها من عيوب بعدم عرضها على الطاعنين عند تحريزها وفضها بمعرفة الطبيب الشرعى فى غير حضورهما مما يصمها والحكم المطعون فيه بالبطلان.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التى دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها فى حقهما أدلة سائغة مستمدة من محضر الضبط الذى حرره المقدم......... ومن أقوال الشهود....... و........... و........... والضابط........... ومما أسفرت عنه المعاينة ومحضر ضبط السلاحين فى منزل الطاعن الثانى والتقارير الطبية الشرعية بشأن الصفة التشريحية للقتيلين وفحص المجنى عليه......... والسلاحين والطلقات المضبوطة ومن تقرير المهندس الفنى عن فحص السيارة التى وقع بها الحادث تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها ولم يجادل الطاعنان فى صحة معينها من أوراق الدعوى. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفنى بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع الدليل الفنى تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وكان الحكم قد عرض لما أثاره الدفاع من قيام تعارض بين الدليلين الفنى والقولى واطرحه فى استدلال سائغ بقوله: "إن التقرير الطبى الفنى أورد من أن بعض ما أصاب المجنى عليهم من أعيرة يتعذر بالنسبة له القطع بموقف الضارب فيها من المجنى عليه مستوى واتجاهاً وأنه ومن ثم فليس فى التقرير ما يناقض أقوال الشاهدين عن اتجاه إطلاق الأعيرة التى أصابت المجنى عليهم ويضاف إلى ذلك أن التقرير الفنى لم يحدد مسافة الإطلاق سوى للمجنى عليه........ موضحاً أنها جاوزت مدى الإطلاق القريب وهو ما يقدر بربع متر فى الأسلحة ذات السرعة المتوسطة وتجاوز هذه المسافة لا يناقض أن المتهمين أطلقا الأعيرة من خارج السيارة وإلى جوارة نافذتها من مسافة تزيد على ربع المتر بالنسبة للمجنى عليه المذكور إذ ليس من المحتم أن تكون مسافة الإطلاق أقل من ربع متر على التصوير الذى قرره الشاهدان فى التحقيق، ومن ثم فإن النعى على الحكم فى هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعى فى تقدير الأدلة مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق وأن تعول فى قضائها على رواية للشاهد فى أى مرحلة من مراحل الدعوى ولو خالفت قولاً آخر له إذ مرجع الأمر فى ذلك اطمئنانها إلى ما تأخذ به دون ما تعرض عنه، كما أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إلها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه وهى متى أخذت بشهاداتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أظهر اطمئنانه إلى أقوال الشاهدين....... و....... التى أدليا بها بتحقيقات النيابة فور الحادث وذكر أنها تأيدت بأقوال المجنى عليه ...... فضلاً عما بان من المعاينة وما أسفر عنه تقرير الصفة التشريحية من أن أحد الأعيرة التى استقرت بهيكل السيارة معمر برصاصة لى أنفليد وأن من بين إصابات المجنى عليه........ إصابتين من عيارين حدثت كل منهما برصاصة عيار 9 مم كما أضاف الحكم أن أقوال الشاهدين تأيدت أيضاً مما أثبته رئيس مباحث أخميم من عثوره بمحل الحادث بجدار السيارة على طلقتين فارغتين لى انفيلد وطلقة فارغة مما تستعمل فى الطبنجات واطرح الحكم عدول الشاهد الثانى بالجلسة عما رواه تفصيلاً بالتحقيقات وما ادعاه من أنه لم ير المتهمين حال ارتكاب الحادث وأن اتهامه لهما إنما كان وليد تأثير رجال الشرطة عليه فأظهر اطمئنان المحكمة إلى أقوال ذلك الشاهد بالتحقيقات والتى رددها أثناء المعاينة وكان إبداؤها أمام سلطة التحقيق وبعيداً عن سلطان الشرطة كما رد الحكم على ما أثاره المدافع عن الطاعنين من أن السائق........ لم يكن قائد السيارة رقم 235 أجرة سوهاج وقت الحادث بأن تسلم........ لتلك السيارة - وهو مالكها - بعد الحادث لا يتعارض مع كون الشاهد هو الذى كان يقودها وقت الحادث خاصة وقد اطمأنت إلى صحة رواية الأخير التى تأيدت بأقوال السائق......... سواء بالتحقيقات أو بالجلسة رغم محاولته العدول بالأخيرة عن الأولى، لما كان ما تقدم جميعه فإنه يكون من غير المقبول ما يثيره الطاعنان من نواحى التشكيك فى تلك الأدلة أو ما يطرحانه من تصوير مخالف لواقعة الدعوى، لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعنين لم يطلب استدعاء ركاب السيارتين لمناقشتهم فليس لهما من بعد النعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هى من جانبها لزوما لإجرائه ولما كان من المقرر أن المحكمة لا تلتزم أن تتبع المتهم فى مناحى دفاعه المختلفة بالرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد مستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التى أوردها الحكم فإن ما ينعاه الطاعنان بخصوص كيفية ضبط السلاحين وعدم انبعاث رائحة البارود منهما لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجانى قد لا يكون لها فى الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما هى تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضى منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج - وهو ما لم يخطئ الحكم فى تقديره - ومتى توافر ظرف سبق الإصرار فإن القتل يعتبر مقترناً به وملازماً له ولو أخطأ الجانى الهدف فأصاب آخر. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت توافر قصد القتل مع سبق الإصرار فى حق الطاعنين بالنسبة لواقعة قتل......... فإن هذين العنصرين يعتبران قائمين فى حقهما كذلك للواقعتين اللتين أقاما بها زماناً ومكاناً وهما قتل..... و...... والشروع فى قتل........ ولو لم يكن أيهما هو المستهدف أصلاً بفعل القتل الذى القتل الذى انتوى الطاعنان ارتكابه وعقدا عليه تصميمهما وأعد له عدته على نحو ما سلف الأمر الذى يرتب وفى صحيح القانون تضامناً بينهما فى المسئولية الجنائية فيكون كل منهما مسئولاً عن جرائم القتل والشروع فيه التى وقعت تنفيذاً لقصدهما المشترك الذى بيتا النية عليه باعتبارهما فاعلين أصليين طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات يستوى فى هذا أن يكون محدث الإصابة التى أدت إلى الوفاة معلوما ومعيناً من بينهما أو غير معلوم، ولا يقدح فى ذلك ما وقعت فيه المحكمة من خطأ قانونى باستبعادها ظرف سبق الاصرار بالنسبة لواقعة قتل........ عمداً طالما انتهت فى قضائها إلى توافر هذا الظرف بالنسبة للطاعنين فى واقعة قتل.......... عمداً وكانت الجريمتان وقعتا فى زمان ومكان واحد وفضلاً عما تقدم بيانه فإن الحكم المطعون فيه وقد دان الطاعنين بجنايات قتل........ و........ والشروع فى قتل......... وأعمل فى حقهما المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع عليهما عقوبة واحدة هى العقوبة المقررة لجناية قتل........ عمداً مع سبق الإصرار التى أثبتها فى حقهما باعتبارها الجريمة الأشد فإنه لا جدوى للطاعنين مما يثيرانه تعييباً للحكم فى خصوص جنايتى القتل والشروع فيه الأخريين. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن إجراءات التحريز المنصوص عليها فى المواد 55 و56 و57 من قانون الإجراءات الجنائية إنما قصد بها تظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلاناً، بل ترك الأمر فى ذلك إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل، وكان مفاد ما أورده الحكم هو أن المحكمة إذ عولت على تقرير الطبيب الشرعى بشأن فحوى الطلقات المضبوطة بمحل الحادث. قد اطمأنت إلى سلامة إجراءات تحريزها والدليل المستمد من فحصها كما أن الدفاع عن الطاعنين لم يذهب إلى أن يد العبث قد امتدت إلى المضبوطات على نحو معين فإن ما يثيره الطاعنان فى هذا الوجه يكون فى غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.