أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثالث - السنة 10 - صـ 1013

جلسة 8 من ديسمبر سنة 1959

برياسة السيد محمود محمد مجاهد المستشار, وبحضور السادة: أحمد زكي كامل, والسيد أحمد عفيفي, ومحمد عطيه اسماعيل, وعادل يونس المستشارين.

(207)
الطعن رقم 1237 لسنة 29 القضائية

نقض.
ممن يجوز؟ حق النيابة في الطعن. إقتصاره على الدعوى الجنائية. المادة 420 أ. ج.
آثاره. نسبية أثر الطعن. عدم استفادة المدعي المدني من طعن النيابة في الدعوى الجنائية. الم 435/ 1 أ. ج.
دعوى مدنية.
أسباب انقضائها. الحكم النهائي. قبول المدعي المدني الحكم الاستئنافي برفض دعواه يحول دون تدخله أمام المحكمة الاستئنافية عند إعادة الدعوى الجنائية إليها بناء على طعن النيابة العامة.
لا يستفيد المدعي بالحق المدني من طعن النيابة العامة, إذ أن نقض الحكم في هذه الحالة يقتصر على الدعوى الجنائية, وتكون هذه الدعوى هى التي أعيد طرحها على محكمة ثاني درجة دون الدعوى المدنية - فإذا كان الثابت أن المدعي بالحق المدني قد قبل الحكم السابق صدوره من المحكمة الاستئنافية برفض دعواه ولم يطعن عليه بطريق النقض فصارت له بذلك حجية الشئ المقضي به بالنسبة للدعوى المدنية ولا يكون له حق التدخل أمام هذه المحكمة مرة أخرى عند إعادة الدعوى إليها بموجب الحكم الذي أصدرته محكمة النقض بناء على طعن النيابة العامة وحدها, فإنه ما كان يجوز للمحكمة الاستئنافية عند إعادة نظر الدعوى قبول تدخل المدعي بالحق المدني والحكم له بطلباته, ويكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ فيما قضى به من تأييد الحكم المستأنف الصادر في الدعوى المدنية, فيتعين إلغائه بالنسبة لها والقضاء برفضها.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة المتهم بأنه: أولا - تسبب بغير عمد في حصول حادث لقطار السكة الحديد من شأنه تعريض الأشخاص الذين به للخطر وذلك بأن أهمل في غلق مزلقان السكة الحديد تماما فمرت فيه مواشي اعترضت طريق القطار. وثانيا: تسبب بإهماله السابق في موت المواشي المبينة الوصف والقيمة بالمحضر والمملوكة ليوسف علي شربيني. وطلبت عقابه بالمادتين 169 و389/ 2 من قانون العقوبات. وقد ادعى يوسف علي الشربيني بحق مدني قدره 300 جنيه على سبيل التعويض قبل المتهم والسيد وزير المواصلات بصفته مسئولا عن الحقوق المدنية بالتضامن. ومحكمة أول درجة قضت حضوريا عملا بمادتي الاتهام بتغريم المتهم عشرة جنيهات وبإلزام المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية "السيد وزير المواصلات" متضامنين بأن يدفعا للمدعي مبلغ 150 جنيها والمصاريف المدنية المناسبة. فاستأنف هذا الحكم كل من المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية. ومحكمة ثاني درجة قضت غيابيا للمتهم وحضوريا للمدعي بالحق المدني والمسئول بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية وإلزام المدعي بالحق المدني بمصاريفها عن الدرجتين. فطعنت "النيابة العامة" في هذا الحكم بطريق النقض. وقضت محكمة النقض بالنقض والإحالة. وقضت محكمة ثاني درجة حضوريا عملا بمادتي الاتهام بقبول الاستئنافين شكلا وبتأييد الحكم المستأنف مع إلزام المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية بالمصاريف المدنية فطعن المسئول عن الحقوق المدنية في ذات الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مما ينعاه الطاعن "المسئول عن الحقوق المدنية" على الحكم المطعون فيه بطلانه بالنسبة لما قضى به في الدعوى المدنية إذ قضى بتأييد حكم محكمة أول درجة بإلزام الطاعن بالتضامن مع المتهم بدفع مبلغ مائة وخمسين جنيها للمدعي بالحق المدني مع أن هذه الدعوى لم تكن مطروحة أمام المحكمة الاستئنافية عند إعادة المحاكمة وقد أصبح الحكم السابق صدوره فيها برفض الدعوى المدنية نهائيا وحائزا لقوة الشئ المقضي, ومن ثم فلم يكن لهذه المحكمة ولاية الحكم فيها ويكون حكمها باطلا طبقا للمادتين 331, 332 من قانون الإجراءات الجنائية ذلك لأن الطعن بالنقض الذي رفع من النيابة العامة عن الحكم الاستئنافي الأول الذي قضى ببراءة المتهم كان قاصرا على الدعوى الجنائية دون الدعوى المدنية ومحكمة النقض حين قبلت موضوع النقض إنما نقضت الحكم بالنسبة للدعوى الجنائية التي أحالتها على المحكمة الاستئنافية لإعادة الفصل فيها مجددا من هيئة أخرى عملا بالمادة 435 من قانون الإجراءات الجنائية التي تنص على أنه لا ينقض من الحكم إلا ما كان متعلقا بالأوجه التي بنى عليها النقض ما لم تكن التجزئة غير ممكنة.
وحيث إن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية على من يدعي أحمد محمد الدشناوي المحولجي بمصلحة السكك الحديدية بوصف أنه - أولا: تسبب بغير عمد في حصول حادث لقطار السكة الحديد من شأنه تعويض الأشخاص الذين به للخطر - ثانيا: تسبب في موت المواشي المبينة الوصف والقيمة والمملوكة ليوسف علي شريف بعدم تبصره وإهماله. وطلبت عقابه بالمادتين 269/ 1 و389/ 2 من قانون العقوبات. وقد ادعى صاحب المواشي مدنيا مطالبا بتعويض قدره ثلاثمائة جنيه قبل المتهم والسيد وزير المواصلات بصفته مسئولا عن الحقوق المدنية بالتضامن فقضت محكمة أول درجة عملا بمادتي الاتهام والمادة 32/ 1 من قانون العقوبات بتغريم المتهم عشرة جنيهات وإلزامه مع المسئول عن الحقوق المدنية "الطاعن" متضامنين بأن يدفعا للمدعي بالحق المدني مبلغ مائة وخمسين جنيها والمصاريف المدنية المناسبة ومقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية هذا الحكم وقضت محكمة ثاني درجة بتاريخ 29 مارس سنة 1956 بقبول الاستئنافين شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية وإلزام المدعي بالحق المدني المصاريف عن الدرجتين. فطعنت النيابة في هذا الحكم بطريق النقض وقضت محكمة النقض بجلسة 11/ 2/ 1957 بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى للمحكمة الاستئنافية لتحكم فيها من جديد مشكلة من هيئة أخرى. ولدى إعادة نظر الدعوى أمام المحكمة الاستئنافية تدخل المدعي بالحق المدني مطالبا بتأييد حكم محكمة أول درجة الذي سبق أن قضى له بالتعويض. فقضت المحكمة الاستئنافية بحكمها المطعون فيه بقبول الاستئنافين المرفوعين من المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية شكلا وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف مع إلزام المستأنفين المصاريف المدنية.
وحيث إنه لما كان يبين مما تقدم أن المدعي بالحق المدني قد قبل الحكم السابق صدوره من المحكمة الاستئنافية في 29 من مارس سنة 1956 برفض دعواه ولم يطعن عليه بطريق النقض فصارت له بذلك حجية الشئ المقضي بالنسبة للدعوى المدنية ولا يكون له حق التدخل أمام هذه المحكمة مرة أخرى عند إعادة الدعوى إليها بموجب الحكم الذي أصدرته محكمة النقض في 11 من فبراير سنة 1957 بناء على طعن النيابة العامة وحدها إذ أن نقض الحكم في هذه الحالة يكون قاصرا على الدعوى الجنائية وتكون هذه الدعوى هى التي أعيد طرحها على محكمة ثاني درجة دون الدعوى المدنية, فما كان يجوز للمحكمة الاستئنافية عند إعادة نظر الدعوى قبول هذا التدخل والحكم للمدعي المدني بطلباته لأن المدعي بالحق المدني لا يستفيد من طعن النيابة. لما كان ذلك, فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ فيما قضى به من تأييد الحكم المستأنف الصادر في الدعوى المدنية ويتعين لذلك إلغاؤه بالنسبة لها والقضاء برفضها مع إلزام المطعون ضده "المدعي بالحق المدني" المصروفات المدنية.