مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثانى (من أول مارس سنة 2001 إلى آخر يونيه سنة 2001) - صـ 1515

(180)
جلسة 24 من إبريل سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جمال السيد دحروج - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: كمال ذكى عبد الرحمن اللمعى، ومحمود إبراهيم عطا الله، وسالم عبد الهادى محروس جمعة، ويحيى خضرى نوبى محمد - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 8312 لسنة 44 القضائية

(أ) دعوى - انقطاع سير الخصومة - أسبابه - أثر الانقطاع - صلاحية الدعوى للحكم فيها.
المواد 130، 131، 132 من قانون المرافعات المدنية والتجارية - انقطاع سير الخصومة يقع بقوة القانون - أسبابه - وفاة أحد الخصوم - فقده أهلية الخصومة - زوال صفة من كان مباشر الخصومة عنه من النائبين - أثر الانقطاع - بطلان جميع الإجراءات اللاحقة للانقطاع ومنها الحكم الصادر فى الدعوى ما لم تكن الدعوى قد تهيأت للحكم فى موضوعها قبل الانقطاع - لا يجوز لغير الخصوم التمسك بالبطلان - صلاحية الدعوى للحكم فى موضوعها لا يتحقق إلا إذا كان الخصوم قد أخطروا إخطاراً صحيحاً بكافة المستندات وتمكنوا من الحضور - الدعوى الإدارية لا تعتبر مهيأة للفصل فى موضوعها قبل قيام هيئة مفوضى الدولة بتحضيرها وتقديم تقرير بالرأى القانونى مسبباً فيها.
(ب) دعوى - المحكمة الإدارية العليا - طبيعة الطعن أمامها - الفصل فى الدعوى متى كانت مهيأة للفصل فيها.
إعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى للفصل فيها من جديد وهى مهيأة بصورة محددة وواضحة للفصل فيها - يهدر الغايات الأساسية فى اللجوء إلى القضاء - التى توجب الحسم العاجل للنزاع - حتى لايتمخض عن ذلك تعويق المنازعات - المحكمة الإدارية العليا تفصل آنذاك فى هذه الدعوى - أساس ذلك - تطبيق.
(جـ) عقد إدارى - إبرامه - الإيجاب والقبول - مناط تحققهما.
العقد سواء إدارياً أو مدنياً يتم بمجرد تبادل الطرفين التعبير عن إرادتين متطابقتين خلال المدة المحددة للقبول - العقد يعتبر منعقداً باتصال القبول بعلم من وجه إليه - الإعلان عن مناقصة أو مزايدة أو ممارسة لتوريد أو لبيع بعض الأصناف عن طريق التقدم بعطاء ليس إلا دعوة للتعاقد - التقدم بالعطاء هو الإيجاب الذى ينبغى أن يلتقى عنده قبول الإدارة لينعقد العقد - شرط ذلك. إتصاله بعلم من وجه إليه - تطبيق.


إجراءات الطعن:

فى يوم الأربعاء الموافق 9/ 9/ 1998 أودع الاستاذ ....... المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل طعنا على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسماعيلية فى الدعوى رقم 7574 لسنة 1 ق بجلسة 11/ 7/ 1998 والذى قضى بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلزام المدعى عليه (مورث الطاعنين) بأن يؤدى للمدعيين بصفتيهما مبلغاً مقداره 8734.330 جنيها والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً اعتباراً من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد وإلزامه المصروفات.
وطلب الطاعنون فى ختام تقرير طعنهم للأسباب المبينة فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به واعتباره كأن لم يكن بما ترتب عليه من آثار وإلزام المطعون ضدهما المصروفات عن درجتى التقاضى.
قد أعلن تقرير الطعن للمطعون ضدهما بصفتيهما على النحو المبين بالأوراق، وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسببا بالرأى القانونى انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا برفض الدعوى مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو المبين بمحاضر جلساتها حيث قررت بجلسة 2/ 8/ 2000 إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا وحددت لنظره أمامها جلسة 5/ 9/ 2000، وتدوول الطعن أمام هذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حيث قررت المحكمة بجلسة 6/ 3/ 2001 إصدار الحكم بجلسة اليوم 24/ 4/ 2001 وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق فى أن المطعون ضدهما بصفتيهما (المدعيين) أقاما دعواهما ابتداء أمام محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة بصحيفة أودعت بتاريخ 16/ 6/ 1993 طلبا فى ختامها الحكم بإلزام المدعى عليه (مورث الطاعنين بأن يؤدى لهما بصفتيهما مبلغاً مقداره 8734.328 جنيهاً والفوائد القانونية المستحقة على هذا المبلغ من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد.
وقال المدعيان بصفتيهما شرحاً لدعواهما أن مشروع المخابز الآلية والنصف آلية بمحافظة الشرقية أعلن عن مزاد علنى لبيع فوارغ الدقيق ناتج تشغيل مخابز المشروع عن الفترة من 1/ 9/ 91 حتى 30/ 6/ 92، وتحدد لإجراء المزايدة جلسة 24/ 2/ 1991 وتقدم لها أربعة متزايدون من بينهم المدعى عليه، وقد قررت لجنة البت بتاريخ 4/ 2/ 1991 قبول عرض الأسعار المتقدم من المدعى عليه والتاجر ........ باعتبارهما أعلى الأسعار المقدم وإجراء ممارسة بينهما، وقامت الإدارة بإخطار المدعى عليه فى 7/ 2/ 91 إلا أنه قام بالتوقيع على صورة الإخطار بما يفيد اعتذاره عن الدخول فى الممارسة رغم أنه سبق أن أرفق بعرض أسعاره ما يفيد قبوله لإجراء الممارسة، وقد صدر قرار لجنة البت فى 10/ 2/ 1991 بترسية المزاد على المدعى عليه بالنسبة لصنفى: (1) جوال محلى 50 ك بسعر 340 مليماً (2) جوال سعودى 45 ك بسعر 329 مليماً وذلك طبقاً لعرض الأسعار المقدم منه وقامت بإخطاره بهذا القرار مع التنبيه عليه بضرورة الحضور للتوقيع على العقد وسداد التأمين النهائى وذلك بموجب الإخطار المؤرخ 10/ 3/ 91، إلا أنه لم يمثل ورفض الحضور للتوقيع على العقد خلال المهلة المقررة، كما رفض استلام الأصناف التى رست عليه مما حدا بالإدارة إلى مصادرة التأمين المدفوع منه وإعادة طرح الأصناف التى رست عليه مرة أخرى بمزاد آخر فى 1/ 6/ 1991 حيث رست على التاجر/ ..... بسعر أقل من السعر الذى رسا به المزاد على المدعى مما ترتب عليه استحقاق الإدارة قبله بمبلغ 8734.328 جنيهاً فروق أسعار، ومصروفات إدارية، وقيمة مصروفات تخزين الأصناف لمدة 21 أسبوعا، وقد أحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى بالإسماعيلية للاختصاص وقيدت بجدولها برقم 7574 لسنة 1 ق، وبجلسة 11/ 7/ 1998 قضت هذه المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلزام المدعى عليه بأن يؤدى للمدعيين بصفتيهما مبلغاً مقداره 8734.330 جنيهاً والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً اعتباراً من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد وألزمته المصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها على أن المدعى عليه أخل بإلتزاماته التعاقدية حيث لم يقم بالحضور لتكملة التأمين والتوقيع على العقد واستلام الصنفين اللذين رسا مزادهما عليه ومن ثم يكون من حق الجهة الإدارية طبقاً لقانون المناقصات والمزايدات رقم 9 لسنة 1983 ولائحته التنفيذية التنفيذ على حسابه واقتضاء فروق الأسعار والمصاريف الإدارية بواقع 10%، ومصاريف التخزين بإجمالى 8734.330 جنيها فضلاً عن الفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد طبقاً للمادة 226 من القانون المدنى.
وإذ لم يرتض الطاعنون هذا الحكم فقد أقاموا طعنهم الماثل على أسباب حاصلها: -
1) أن مورث الطاعنين قد توفى إلى رحمة الله تعالى بتاريخ 21/ 6/ 1996 قبل صدور الحكم المطعون فيه 11/ 7/ 1998 الأمر الذى يبطل معه كافة الإجراءات التالية للوفاة بما فيها الحكم ذاته إعمالاً لحكم المادتين 130، 132 من قانون المرافعات.
2) إن مورث الطاعنين تقدم بمذكرة أمام محكمة القضاء الإدارى بجلسة 26/ 4/ 94 أبدى فيها الأسانيد القانونية التى يستند إليها وهى قيام الجهة الإدارية بتجزئة المزاد بالمخالفة لقانون المناقصات والمزايدات وقيام مورثهم بالاعتذار كتابة عن دخول الممارسة ومن ثم فليس هناك قبول لترسية المزاد عليه مما يبطل قرار لجنة البت، فضلاً عن أن لائحة المناقصات والمزايدات لا تجيز للجهة الإدارية أن تلزم الراسى عليه المزاد بالجزاءات المنصوص عليها فى القانون إلا إذا تم التوقيع على العقد وإكمال التأمين المؤقت وسداد باقى الثمن خلال عشرة أيام، وهو الأمر المتبقى فى النزاع الماثل.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول من وجهى الطعن وهو بطلان الحكم المطعون فيه لصدوره ضد شخص متوفى فإن المادة (130) من قانون المرافعات تنص على أن " ينقطع سير الخصومة بحكم القانون بوفاة أحد الخصوم أو بفقد أهلية الخصومة، أو بزوال صفة من كان يباشر الخصومة من النائبين، إلا إذا كانت الدعوى قد تهيأت للحكم فى موضوعها...... "
وتنص المادة (131) من هذا القانون على أن " تعتبر الدعوى مهيأة للحكم فى موضوعها متى كان الخصوم قد أبدوا أقوالهم وطلباتهم الختامية فى جلسة المرافعة قبل الوفاة، أو فقد أهلية الخصومة، أو زوال الصفة.
وتنص المادة (132) منه على أن " يترتب على انقطاع الخصومة وقف جميع مواعيد المرافعات التى كانت جارية فى حق الخصوم وبطلان جميع الإجراءات التى تحصل أثناء الانقطاع.
ومن حيث إن المستفاد مما تقدم أن انقطاع سير الخصومة يقع بقوة القانون متى تحقق سببه من وفاة أحد الخصوم، أو بفقده أهلية الخصومة أو بزوال صفة من كان يباشر الخصومة عنه من النائبين
وإذ انقطعت الخصومة لسبب من الأسباب المشار إليها إلا أن المحكمة استمرت فى نظر الدعوى نظراً لأنها لم تفطن إلى الانقطاع إما لأن الأوراق لا تجدى شيئاً من ذلك، أو لغير ذلك من الأسباب فإنه يترتب على ذلك بطلان جميع الاجراءات اللاحقة للانقطاع ومنها الحكم الصادر فى الدعوى ما لم تكن الدعوى قد تهيأت للحكم فى موضوعها قبل الانقطاع، والبطلان هنا نسبى مقرر لمصلحة من تقرر الإنقطاع لصالحه، فلا يجوز لغيره من الخصوم التمسك به.
ومن حيث إنه المستقر أن الدعوى لا تكون صالحة للحكم فى موضوعها إلا إذا كان الخصوم قد أخطروا إخطاراً صحيحاً بكافة المستندات المقدمة فى الدعوى وتمكنوا من الحضور بذاواتهم أو بوكيل عنهم أمام المحكمة للإدلاء بما لديهم من إيضاحات، وتقدم ما قد يظهر لهم من بيانات وأوراق لاستيفاء الدعوى واستكمال عناصر الدفاع الأساسية بتمكينهم من الدفاع عن أنفسهم، كما وأن الدعوى الإدارية لا تعتبر مهيأة للفصل فى موضوعها قبل قيام هيئة مفوضى الدولة بتحضيرها وتقديم تقرير بالرأى القانونى مسبباً فيها.
ومن حيث إنه متى استبان ما تقدم وكان الثابت من شهادة الوفاة المرفقة بحافظة مستندات الطاعن المقدمة بجلسة 6/ 2/ 2001 أن مورث الطاعنين (المدعى فى الدعوى مثار الحكم المطعون فيه) قد توفى بتاريخ 21/ 6/ 1996 قبل أن تقدم هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى فى موضوعها، إذ الثابت أن التقرير فى هذه الدعوى أعد فى شهر مارس سنة 1997، وصدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 11/ 7/ 1998، ومن ثم يكون هذا الحكم قد صدر باطلاً لصدوره على شخص متوفى قبل أن تتهيأ الدعوى للحكم فى موضوعها مما تقضى معه المحكمة ببطلان هذا الحكم.
ومن حيث إنه ولئن كان مسلماً أن الحكم ببطلان الحكم المطعون فيه لما شابه من عيوب فى إجراءات يستتبع كأصل عام إعادة الدعوى إلى محكمة الدرجة الأولى للفصل فيها مجدداً بعد استيفاء الأجراء الباطل على وجهه الصحيح، إلا أنه إذا كانت الحكمة من ذلك هو إعطاء محكمة أول درجة الفرصة لإعادة نظر النزاع وحسمه بحكم جديد فى الدعوى بعد تصحيح الإجراء الباطل، كضمانة لصالح الطاعنين الذين طلبوا إلغاء الحكم بحيث لا يفوت عليهم الطعن فى الإجراءات المتعلقة بإصداره درجة من درجات التقاضى، فإنه إذا ما استبان من عيون الأوراق أنها قد استوفت عناصرها وتهيأت للفصل فيها أمام المحكمة الإدارية العليا بما يمكنها من حسم النزاع فيها بعد أن استطال أمده، فإن إعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى للفصل فيها من جديد وهى مهيأة بصورة محددة وواضحة للفصل فيها، سوف يتمخض عنه إطالة لأمد التقاضى وتعويق لحسم المنازعات مما لا يتفق ومقتضيات العدالة التى توجب الحسم العاجل التأخير للمنازعات، ويهدر الغايات الأساسية فى اللجوء إلى القضاء للانتصاف بسرعة وحسم، الأمر الذى ترى معه هذه المحكمة أن تتصدى فى مثل هذه الأحوال لموضوع النزاع مادامت الدعوى قد تهيأت للفصل فيها لتحسم وهى فى قمة الهرم القضائى - ما تصاعد لها من منازعات طال أمدها وظهر وجه الحق والحقيقة القانونية أمامها.
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم ولما كان الحكم المطعون فيه قد استند فى قضائه بإلزام مورث الطاعنين بأن يؤدى للجهة الإدارية مبلغاً مقداره 8734.330 جنيهاً إلى إخلاله بإلزاماته التعاقدية فى تكملة التأمين، واستلام صنفى فوارغ الدقيق الذى رسا مزادهما عليه وما يترتب على ذلك من آثار من التنفيذ على حسابه واقتضاء فروق الأسعار ومصروفات التخزين والمصاريف الإدارية ومن ثم فإن مقطع النزاع ينحصر فى بيان ما إذا كان عقد البيع قد انعقد بين مورث الطاعنين والجهة الإدارية المطعون ضدها من عدمه والآثار التى ترتب على ذلك.
ومن حيث إنه من المستقر أن العقد سواء كان مدنياً أو إدارياً يتم بمجرد أن يتبادل طرفان التعبير عن إرادتين متطابقتين وذلك خلال المدة المحددة للقبول، إذا لم يوجد ما يدل على أن الموجب قد عدل عن إيجابه فى الفترة ما بين الإيجاب والقبول، وأن العقد يعتبر منعقداً باتصال القول بعلم من وجه إليه وذلك وفقاً لما تقضى به أحكام القانون المدنى.
وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن الإعلان عن إجراء مناقصة أو مزايدة أو ممارسة لتوريد أو لبيع بعض الأصناف عن طريق التقدم بعطاء ليس إلا دعوة للتعاقد، وأن التقدم بالعطاء وفقا للمواصفات والاشتراطات المعلن عنها هو الإيجاب الذى ينبغى أن يلتقى عنده قبول الإدارة لينعقد العقد وهذا القبول بوصفه تعبيراً عن الإرادة لا يتحقق وجوده القانونى إلا إذا إتصل بعلم من وجه إليه.
ومن حيث إنه متى استبان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية أعلنت عن مزاد لبيع أصناف سبع فوارغ دقيق وأن كراسة الشروط، والشروط العامة لم ينص فيهما على حق الجهة الإدارية فى تجزئة أصناف المزاد، حيث نصت المادة (6) من الشروط العامة على أن يلتزم المتزايد بوضع أسعاره قرين الأصناف الموضحة بكراسة الشروط على النموذج المعد لذلك بكراسة الشروط، ونصت المادة (7) منها على أنه عند رسو المزاد يتم التعاقد مع الراسى عليه المزاد طبقاً لنموذج العقد المعد بمعرفة المشروع وطبقاً لأحكام القانون رقم 9 لسنة 1983 ولائحته التنفيذية وتنص المادة (10) على أنه "فى حالة تساوى أكثر من عطاء يجوز إجراء ممارسة بينهما للحصول على أعلى الأسعار".
وقد تقدم لهذه العملية أربع متزايدين منهم مورث الطاعنين حيث تقدموا بعطاءاتهم على النموذج المعد لذلك ووضعوا أسعارهم قرين جميع الأصناف السبعة المعلن عنها، وقد استبعدت لجنة البت بجلستها المنعقدة بتاريخ 4/ 2/ 1991، اثنين من هؤلاء المتزايدين لأن أسعارهما غير مناسبة وكانت أسعار الاثنين الباقيين وهما مورث الطاعنين، والتاجر ....... كالآتى:

الصنف مورث الطاعنين التاجر
.............   ........
1 - محلى 50 ك بلاستيك 340 306
2 - سعودى 40 ك بلاستيك 329 290
3 - فرنسى 50 ك خيش 565 590
4 - أمريكى 50 ك خيش 555 590
5 - إيطالى 50 ك خيش 565 600
6 - أسبانى 50 ك خيش 580 600
7 - إيطالى خيش داخله وبر 605 1.110
  ـــــ ــــ
الإجمالى 3.539 4.086

وقد أجرت لجنة البت مقارنة بين العرضين المذكورين حيث تبين لها أن عرض مورث الطاعنين هو أعلى الأسعار بالنسبة للصنفين الأولين (الخيش المحلى، والخيش السعودى) بينما...... هو أعلى الأسعار بالنسبة لتعبئة الأصناف، وطلبت اللجنة استدعاءهما يوم 6/ 2/ 1991 لإجراء ممارسة بينهما، إلا أنهما اعتذرا عن ذلك، فاجتمعت لجنة البت يوم 10/ 2/ 91 وقررت تجزئة العملية وترسية المزاد بالنسبة للصنفين الأولين على مورث الطاعنين، وترسية مزاد بقية الأصناف على التاجر......، وقد أخطر مورث الطاعنين بالحضور لتوقيع العقد عن الصنفين اللذين رسا مزادهما عليه فحضر وقدم خطاباً موجهاً لمدير مشروع المخابز الآلية أوضح فيه أن أجمالى الأسعار المقدمة منه فى جميع الأصناف السبعة أقل من غيره، وأنه إذا كانت الأسعار المقدمة منه فى إجمالى الأصناف السبعة أعلى الأسعار فإنه مستعد لقبول المزاد، أما إذا كان غيره أعلى منه فيتم ترسية المزاد على غيره، إلا أن لجنة البت اجتمعت يوم 24/ 2/ 91، وأصرت على ترسية مزاد الصنفين الأولين على مورث الطاعنين بمقولة أن المزاد عن أصناف محتمل وجودها خلال فترة زمنية معينة، وأن التجزئة تمت للصالح العام وأن المذكور لم يضار من هذه التجزئة لأنه وضع الأسعار محض إرادته.
ومن حيث إن مسلك الجهة الإدارية على النحو السالف لايتفق وصحيح حكم القانون ذلك لأن شروط المزاد لم تنص على حق الجهة الإدارية فى تجزئة المزاد، وأن مورث الطاعنين تقدم بعطائه للمزاد عن جميع الأصناف المعلن عنها ووضع أسعاره على هذا الأساس طبقاً للشروط العامة، وكان إجمالى سعره عن الجوال الواحد من جميع الأصناف 3.539 جنيها) وهو أقل من السعر المقدم من منافسه ....... 4.086 جنيهاً ومن ثم فإن إرساء الجهة الإدارية مزاد صنفى الخيش المحلى 50 ك بلاستيك والسعودى 50 ك خيش يكون قد خالف الإيجاب الصادر منه لشراء جميع الأصناف دون تجزئتها مما لا ينعقد معه العقد لعدم تلاقى الإيجاب مع القبول الأمر الذى يترتب عليه بطلان الإجراء الذى قامت به الإدارة ببيع صنفى الأجولة سالفى الذكر على حسابه، كما تكون قد خالفت القانون أيضا بمصادرة التأمين المدفوع منه، مما يتعين معه لهذه المحكمة القضاء بإلغاء هذا الحكم، والحكم برفض دعوى الجهة الإدارية وإلزامها المصروفات عن درجتى التقاضى عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المطعون ضدهما بصفتهما وألزمتهما المصروفات عن درجتى التقاضى.