أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثالث - السنة 10 - صـ 1029

جلسة 21 من ديسمبر سنة 1959

برياسة السيد محمود محمد مجاهد المستشار, وبحضور السادة: أحمد زكي كامل, والسيد أحمد عفيفي, ومحمد عطيه اسماعيل, وعادل يونس المستشارين.

(212)
الطعن رقم 1285 لسنة 29 القضائية

قانون عقوبات ضريبي. جرائم التهريب الضريبي. تهريب جمركي.
طبيعة جريمة التهريب. استقلالها عن جريمة السرقة. أثر ذلك.
صور الفعل المادي. الشروع ومحاولة التهريب. ماهية كل منهما.
1 - جريمة السرقة مستقلة تماما عن جريمة التهريب الجمركي, فلكل أركانها القانونية التي تميزها عن الأخرى, ولا أثر لما انتهت إليه المحكمة من براءة المتهم في واقعة السرقة على جريمة التهريب الجمركي التي توافرت شرائطها قبله.
2 - تعاقب المادة الثانية من القانون 623 لسنة 1955 على التهريب أو الشروع فيه أو محاولة ذلك, وترديد نص هذه المادة للجريمة التامة والشروع فيها ومحاولة ذلك يفهم منه أن العقاب يمتد حتما إلى مادون الشروع من الأعمال التي يقصد بها الوصول إلى التهريب وإن لم يصل إلى البدء في التنفيذ.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن ومتهمين آخرين بأنهم: أولا - سرقوا كمية حديد الزهر المبين الوصف والقيمة بالمحضر والمملوكة لمجهول. وثانيا - حاولوا تهريب المنقولات سالفة الذكر بإدخالها أراضي الجمهورية المصرية دون أداء الرسوم والعوائد الجمركية المقررة. وطلبت عقابهم بالمادة 317/ 5 من قانون العقوبات والمواد 1 و2 و4 و7 من القانون رقم 623 سنة 1955. وادعى مدير مصلحة الجمارك بحق مدني قبل المتهمين بمبلغ 2 جنيه و580 مليما. ومحكمة أول درجة قضت حضوريا - عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بحبس كل من المتهمين شهرين مع الشغل والنفاذ وإلزامهم بطريق التضامن بأن يدفعوا لمصلحة الجمارك تعويضا قدره 2 جنيه و580 مليما والمصادرة عن التهمتين. فاستأنف المتهمون هذا الحكم, ومحكمة ثاني درجة قضت حضوريا بالنسبة للطاعن بإلغاء الحكم المستأنف عن تهمة السرقة وببراءته منها وحبسه شهرا واحدا مع الشغل وإلزامه بأن يدفع لمصلحة الجمارك متضامنا مع المتهم الثاني تعويضا قدره 2 جنيه و580 مليما والمصادرة عن تهمة محاولة التهريب الجمركي. فقرر الطاعن الطعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... حيث إن محصل الأوجه الأول والثاني والرابع من الطعن, هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ في القانون إذ قضى ببراءة الطاعن من تهمة السرقة استجابة لدفاعه من أنه عسكري حديث الخدمة بمصلحة المواني وأنه نقل الحديد بالسيارة إطاعة لأمر رئيسه المتهم الثاني الذي أفهمه أنه يحمل تصريحا بنقله من الدائرة الجمركية ثم دانه الحكم في تهمة التهريب الجمركي مع انتفاء القصد الجنائي لديه, لأنه لم يكن يعلم أن ما يحمله بالسيارة غير مصرح بنقله خارج الدائرة الجمركية بل اعتقد صحة ما أخبره به المتهم الثاني من وجود أمر مصلحي بذلك, ومن ثم كان موقفه كالمتهمين الثالث والرابع اللذين نقلا الحديد المضبوط إلى السيارة والمقضي ببراءتهما.
وحيث إن ما جاء بهذه الأوجه مردود بأن جريمة السرقة مستقلة تماما عن جريمة التهريب الجمركي فلكل أركانها القانونية التي تميزها عن الأخرى, ولا أثر لما انتهت إليه المحكمة من براءة الطاعن من واقعة السرقة على جريمة التهريب التي توافرت شرائطها قبله مما أورده الحكم بواقعة الدعوى من أن الطاعن كان قائد السيارة التي ضبط بها الحديد وهو من متخلفات البحر وقصد الخروج به من الدائرة الجمركية دون أداء الرسوم المستحقة, وأنه منع من الخروج بالسيارة من أحد أبواب الجمرك فاتجه في طريقه للخروج من باب آخر فلحق به رجال حرس الجمارك وأمسكوا به, وقد أقر الطاعن أن السيارة قيادته غير معدة لنقل أمتعة مصلحة المواني - وفي ذلك اطراح لدفاعه من أن المتهم الثاني كلفه بنقل الحديد لأنه من متعلقات المصلحة, كما أن ما أورده الحكم يكشف عن توافر جريمة محاولة التهريب التي دين بها الطاعن وأنه يعلم بأن ما يحمله في السيارة قصد تهريبه من الرسوم الجمركية بالخروج به من الدائرة الجمركية - ومن ثم يكون ما جاء بهذه الأوجه على غير أساس.
وحيث إن مبنى الوجه الثالث هو أن واقعة الدعوى تتحصل في أن السيارة قيادة الطاعن حاولت الخروج من باب الدائرة الجمركية فمنعها حرس الجمارك, ثم عادت داخل الدائرة الجمركية وضبطت قبل محاولة إخراجها ومن ثم فإن واقعة التهريب أو محاولة ذلك غير متوافرة مما يتعين معه عدم مساءلة المتهم قانونا.
وحيث إن المادة الثانية من القانون 623 سنة 1955 تعاقب على التهريب والشروع فيه أو محاولة ذلك - وترديد نص هذه المادة للجريمة التامة أو الشروع فيها أو محاولة ذلك يفهم منه أن العقاب يمتد حتما إلى ما دون الشروع من الأعمال التي يقصد بها الوصول إلى التهريب وإن لم يصل إلى البدء في التنفيذ. ولما كان ما أتاه الطاعن يصل إلى الشروع في التهريب مما تتوافر به أركان الجريمة التي دين عنها. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها, فإن ما جاء بهذا الوجه يكون في غير محله.
وحيث إنه من كل ما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.