أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الثانى - السنة 22 - صـ 371

جلسة 25 من أبريل سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ نصر الدين عزام، وعضوية السادة المستشارين/ محمود عطيفة، والدكتور محمد حسنين، ومحمد السيد الرفاعى، وعبد الحميد الشربينى.

(91)
الطعن رقم 122 لسنة 41 القضائية

(أ، ب، ج) تحقيق. "إجراءات التحقيق". بطلان. نيابة عامة. اختصاص. "اختصاص ولائي". اختلاس أموال أميرية. تزوير. "أوراق رسمية". عقوبة. "العقوبة المبررة. "تطبيقها".
( أ ) إيجاب تثبت المحقق من شخصية المتهم. المادة 123 إجراءات.
عدم التزام المحقق بالكشف عن شخصيته للمتهم.
(ب) اقتراف الطاعن لجريمته قبل التحاقه ضابطا بالقوات المسلحة. اختصاص القضاء العادى بنظر الدعوى عنها. دون القضاء العسكرى.
(ج) معاقبة المتهم عن الجريمة ذات العقوبة الأشد. انحسار مصلحته فى النعى المثار عن الجريمة ذات العقوبة الأخف.
(د، ه، و) إثبات. "اعتراف". حكم. "تسبيه تسبيب غير معيب". تحقيق. "إجراءاته. مكانه". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
(د) الأخذ باعتراف المتهم. ولو عدل عنه. صحيح.
(هـ) اختيار مكان التحقيق. متروك لتقدير المحقق. علة ذلك؟
(و) عدم التزام المحكمة بالتعرض لتسجيلات صوتية. لم تعول على ما جاء فيها.
(ز، ح) دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
(ز) النعى على المحكمة أنها لم تضم التسجيلات الصوتية. غير مقبول. ما دام الطاعن لم يطالب بضمها.
(ح) عدم جواز النعى على المحكمة إغفالها الرد على دفاع لم يثر أمامها.
1 - مفاد نص المادة 123 من قانون الإجراءات الجنائية أن المحقق هو الذى يتثبت من شخصية المتهم، ولم يرتب القانون واجبا على المحقق أن ينبئ المتهم عن شخصيته، كما لم يرتب بطلانا لإغفاله ذلك، طالما أن الذى أجرى التحقيق هو وكيل النيابة المختص، وهو ما لا يمارى فيه الطاعن.
2 - متى كانت الجريمة التى قارفها الطاعن وجرت محاكمته عنه، قد وقعت وأحيل إلى محكمة الجنايات قبل العمل بأحكام القانون رقم 25 لسنة 1966 فى شأن الأحكام العسكرية المعمول به اعتبارا من 25 يونيه سنة 1966 وقد وقعت منه إبان عمله أمينا لمخزن توزيع الغاز السائل بالجمعية التعاونية للبترول فرع شبرا وأنه لا علاقة لها بوظيفته اللاحقة كما يقول فى أسباب طعنه، فإنه ينحسر عنها ولاية القضاء العسكرى.
3 - لا مصلحة للمتهم فيما يثيره بشأن واقعة التزوير المسندة إليه، بعد أن قضت عليه المحكمة بالعقوبة المقررة لجريمة الاختلاس المسندة إليه أيضا كعقوبة مقررة لأشد الجريمتين.
4 - لا على الحكم أن يأخذ باعتراف الطاعن فى تحقيقات النيابة العامة لبراءته مما يشوبه من عيب الإكراه واطمئنانا من المحكمة إلى صحته، ولو عدل عنه المتهم بعد ذلك.
5 - إن اختيار المحقق لماكن التحقيق يترك لتقديره، حرصا على صالح التحقيق وسرعة إنجازه.
6 - متى كان الثابت من الحكم أن لم يعول على التسجيلات التى أجرتها الرقابة الإدارية، فلا إلزام عليه فى التعرض لها.
7 - لما كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطالب ضم التسجيلات التى أجرتها الرقابة الإدارية، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن ضمها.
8 - لا يقبل من الطاعن أن ينعى على المحكمة أنها أغفلت الرد على دفاع لم يتمسك به أمامها.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 14 من مايو سنة 1965 بدائرة قسم الساحل محافظة القاهرة (أولا) بصفته موظفا عمومى، أمين مخزن توزيع الغاز السائل بالجمعية التعاونية للبترول فرع حدائق شبر، اختلس اسطوانات الغاز السائل المبينة الوصف والقيمة بالتحقيقات للجمعية التعاونية للبترول والمسلمة إليه بسبب وظيفته حالة كونه من الأمناء على الودائع. (ثانيا) ارتكب تزويرا فى ورقتين أميريتين هما القسيمة رقم 11275 بشأن تسليم الاسطوانات ودفتر حركة مخزن توزيع الغاز السائل فرع حدائق شبرا حال تحريرهما المختص بوظيفته بجعله واقعة مزورة فى صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرهما وبطريقى الاصطناع وبوضع إمضاء مزور بأن أثبت بالقسيمة آنفة الذكر تسلم قائد السيارة رقم 79004 نقل القاهرة على غير الحقيقة مائة اسطوانة فارغة لتوصل إلى محطة التعبئة بمسطرد ووقع عليها بإمضاء مزور منسوب لقائد السيارة، كما أثبت على غير الحقيقة بدفتر الحركة خروج 256 اسطوانة فارغة فى حين أن عدد الاسطوانات الفارغة المرسلة إلى محطة التعبئة 156 فقط. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقا للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضوريا عملا بالمواد 111/ 1 و112/ 1 - 2 و118 و119 و211 و213 و17 و32 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن ثلاث سنوات وتغريمه خمس مائة جنيه وبعزله من وظيفته. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتى الاختلاس والتزوير قد شابه خطا فى القانون وفساد فى الاستدلال وخطأ فى الإسناد، ذلك بأن المدافع عنه دفع ببطلان تحقيق النيابة وتمسك بعدم الاعتداد باعترافه أمامها تأسيسا على إجرائها التحقيق فى مبنى الرقابة الإدارية دون أن يخطر الطاعن بصفة القائم بالتحقيق، وقد أهدرت المحكمة هذا الدفاع ولم تعطه حقه إيرادا له وردا عليه، كما أغفلت ما طلبه الدفاع من ضم أشرطة التسجيل كى تستبين موقف الطاعن فى الدعوى، وقد عول الحكم فى إدانته على أن كشف الحركة اليومى مزور فى حين أن الثابت من الاطلاع على هذا الكشف أنه سليم وبياناته صحيحة وقد تمسك الطاعن بأنه لم يرسل إلى الجمعية أصل القسيمة رقم 11275 وأنه لم يوقعها باسم السائق بل اكتفى بكتابة اسمه ولم يقم بخصم بيانات تلك القسيمة من أصل كشف الحركة مما يقطع بعدم ارتكابه أى تزوير، كما دانته المحكمة فى جريمة الاختلاس رغم أنه لم يكن أمينا للعهدة ولا يحتفظ بمفاتيح المخزن وإنما يحتفظ بها غيره، هذا فضلا عن أن أقوال السائق ليس فيها ما يسوغ إدانته كما أن اعتراف المتهم على نفسه بمحضر الجلسة قد أبرأ ساحته، وأخيرا فإن المحكمة لم تكن مختصة ولائيا بمحاكمته لأن الطاعن كان يشغل - عند محاكمته - وظيفة ضابط احتياط بالقوات المسلحة وبذا تختص به المحكمة العسكرية وفقا لأحكام القانون رقم 25 لسنة 1966.
وحيث إنه عما يثيره الطاعن بصدد القول بأن تحقيق النيابة يشوبه البطلان فمردود بأن الفقرة الأولى من المادة 123 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "عند حضور المتهم لأول مرة فى تحقيق يجب على المحقق أن يثبت شخصيته ثم يحيطه علما بالتهمة المنسوبة إليه ويثبت أقواله فى المحضر". ومفاد ذلك بأن المحقق هو الذى يتثبت من شخصية المتهم، ولم يرتب القانون واجبا على المحقق أن ينبئ المتهم عن شخصيته كما لم يرتب بطلانا لإغفاله ذلك، طالما أن الذى أجرى التحقيق هو وكيل النيابة المختص وهو ما لا يمارى فيه الطاعن، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ باعتراف الطاعن فى تحقيقات النيابة العامة لبراءته مما يشوبه من عيب الإكراه واطمئنانا من المحكمة إلى صحته، وكان يجوز للمحكمة أن تأخذ باعتراف المتهم ولو عدل عنه، وكان الطاعن لا ينازع فى أن النيابة العامة هى التى أجرت التحقيق معه، فلا يهم بعد ذلك المكان الذى اختاره المحقق لإجرائه والذى يترك لتقديره حرصا على صالح التحقيق وسرعة إنجازه، ومن ثم يكون ما أثير فى هذا الصدد فى غير محله، أما فيما يتعلق بالتسجيلات التى أجرتها الرقابة الإدارية، فإن الثابت من الحكم المطعون فيه أنه لم يعول عليها فى شيء، ومن ثم فلا إلزام عليه بالتعرض له، لما كان ذلك، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب ضم تلك التسجيلات، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن ضمها. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت على الطاعن قيام صفه الوظيفة وقت ارتكاب جريمة الاختلاس المسندة إليه، كما يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يجحد أو ينازع فى أن المال المنسوب إليه اختلاسه كان بين يديه بمقتضى وظيفته، ومن ثم فإنه لا يقبل منه أن ينعى على المحكمة أنها أغفلت الرد على دفاع لم يتمسك به أمامه، أما فيما يتعلق بالاختصاص الولائى للمحكمة التى أصدرت الحكم المطعون فيه، فإن الثابت من مدونات هذا الحكم أن الجريمة التى قارفها الطاعن والتى جرت محاكمته عنها قد وقعت فى 14 من مايو سنة 1965 وأحيل لمحكمة الجنايات فى 12/ 8/ 1965 قبل العمل بأحكام القانون رقم 25 لسنة 1966 بإصدار قانون الأحكام العسكرية المعمول به اعتبارا من أول يونيه سنة 1966 وقد وقعت منه إبان عمله أمينا لمخزن توزيع الغاز السائل بالجمعية التعاونية للبترول فرع شبرا وأنه لا علاقة لها بوظيفته اللاحقة كما يقول فى أسباب طعنه، ومن ثم فإنه ينحسر عنها ولاية القضاء العسكرى. لما كان ما تقدم، وكان لا مصلحة للطاعن فيما يثيره بشأن واقعة التزوير بعد أن قضت عليه المحكمة بالعقوبة المقررة لأشد الجريمتين عملا بالمادة 32 من قانون العقوبات، وكان باقى ما يثيره الطاعن من أوجه الدفاع هو فى حقيقته محض جدل موضوعى فى الصورة التى اطمأنت إليها المحكمة وساقت على ثبوتها فى حقه من الأدلة السائغة ما ينتجه، ومن ثم يكون الطعن برمته على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.