أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثالث - السنة 10 - صـ 1050

جلسة 22 من ديسمبر سنة 1959

برياسة السيد محمود محمد مجاهد المستشار, وبحضور السادة: أحمد زكي كامل, والسيد أحمد عفيفي, ومحمد عطيه اسماعيل, وعادل يونس المستشارين.

(217)
الطعن رقم 1291 سنة 29 القضائية

عقد العمل الفردي.
المسئولية والعقاب. متى تتعدد عقوبة الغرامة؟
عند مساس المخالفة بمصالح أفراد العمال وحقوقهم مباشرة وبالذات.
ومتى لا تتعدد هذه العقوبة؟
عند مساس المخالفة بالقواعد التنظيمية.
نقض.
أوجهه. الخطأ في تطبيق القانون الموضوعي. مثال.
القضاء بتعدد الغرامة لمخالفة حكم الم 31 من قانون عقد العمل الفردي.
المستفاد من مجموع نصوص المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 - بشأن عقد العمل الفردي - أنه قد اشتمل على نوعين من الالتزامات التي فرضها على صاحب العمل, الأولى, وهى تتناول حقوق العمال الناشئة عن علاقتهم برب العمل وما يجب عليه أن يؤديه إليهم من أجر وإعانة غلاء وما يكفله لهم من علاج, وكذلك تحديد ساعات العمل ومنح الأجازات والمكافاءات المستحقة لهم إلى آخر تلك الالتزامات التي تمس مصالح أفراد العمال وحقوقهم مباشرة وبالذات وهذه الحقوق هى التي حرص المشرع على أن يكفلها للعمال بما نص عليه في الفقرة الأخيرة من المادة 52, وهى صريحة في أن الغرامة تتعدد بقدر عدد العمال الذين أجحفت المخالفة بحق من حقوقهم المذكورة - أما النوع الثاني من الأحكام التي فرضها القانون على صاحب العمل فهى في واقع الأمر أحكام تنظيمية هدف المشرع منها إلى حسن سير العمل واستتباب النظام بالمؤسسة ولضمان مراقبة السلطات المختصة تطبيق القانون على الوجه الذي يحقق الغرض من إصداره. ومن قبيل ذلك ما نصت عليه المادة 31 من المرسوم بقانون, فإخلال رب العمل بما أوجبته عليه هذه المادة لا يمس مصالح العمال, أو عدد منهم بصفة مباشرة وبالذات, وإنما يمس مصالحهم كمجموع وبطريق غير مباشر, والقصد منه - كما ورد بالمذكرة التفسيرية للقانون - هو أن يكون العمال على بينة من أمرهم, وأن لا تنفذ في حقهم أحكام لائحة الجزاءات إلا إذا لم تعترض عليها مصلحة العمل في ميعاد معين, ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بتعدد الغرامة بقدر عدد العمال بالمؤسسة لما وقع من المتهم من مخالفة حكم المادة 31 من المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 مخطئا في تطبيق القانون ويتعين نقضه وتطبيق القانون على وجهه الصحيح.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المتهم بأنه: أولا - لم يعد سجلا لقيد أسماء العمال. وثانيا - لم يضع لائحة لتنظيم العمل ومعاملة العمال في مكان ظاهر من المؤسسة. وثالثا - لم يعد السجل الخاص بقيد الغرامات التي توقع على العمال. وطلبت عقابه بالمواد 4 و22 من القانون رقم 89 لسنة 1950 و31 و52 من المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 ومحكمة أول درجة قضت حضوريا - عملا بمواد الاتهام - بتغريم المتهم مائتي قرش عن كل عامل في كل تهمة من التهم الثلاث بلا مصاريف جنائية. استأنف المتهم هذا الحكم ومحكمة ثاني درجة قضت حضوريا بإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة للتهمتين الأولى والثانية وبراءة المتهم منهما وتأييده فيما عدا ذلك بلا مصاريف فطعن الوكيل عن المتهم في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الطعن, هو خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون إذ قضى بتعدد عقوبة الغرامة المحكوم بها على الطاعن بقدر عدد عمال المؤسسة البالغ عددهم 1380 عاملا وذلك عملا بالفقرة الأخيرة من المادة 52 من المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 بوصف أن الطاعن وهو مدير شركة) إخوان كوتاريللي) لم يضع في مكان ظاهر بالمؤسسة لائحة تنظيم العمل ومعاملة العمال وهى مخالفة تنظيمية نص على عقوبتها في الفقرة الأولى من المادة المشار إليها وهى الغرامة التي لا تقل عن مائتي قرش ولا تزيد على ألفي قرش - أما تعدد الغرامة بقدر عدد العمال فلا يكون إلا في المخالفات التي تمس حقوق العمال مباشرة وذلك كما هو المستفاد من نص المادة 52 الخاص بالعقوبة. والقول بعكس ذلك يجافي قاعدة أساسية في القانون الجنائي ويخالف حكم الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات والتي تقضي بعدم تعدد العقوبة بتعدد النتائج إذا كان ما وقع من الجاني هو فعل جنائي واحد وذلك مع التسليم جدلا بتعدد المجني عليهم.
وحيث إن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية على الطاعن بأنه في 3 فبراير سنة 1957 بدائرة قسم محرم بك بمدينة الاسكندرية بوصفه مدير الشركة (إخوان كوتاريللي) أولا - لم يعد شجلا لقيد أسماء العمال. ثانيا - لم يضع لائحة لتنظيم العمل ومعاملة العمال في مكان ظاهر بالمؤسسة. ثالثا - لم يعد سجلا خاصا لقيد الغرامات التي توقع على العمال. وطلبت عقابه بالمادتين 4 و32 من القانون رقم 89 لسنة 1950 والمادتين 31 و52 من المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 فقضت محكمة أول درجة بتغريمه مائتي قرش عن كل عامل في كل تهمة من التهم الثلاث. فاستأنف هذا الحكم وقضت المحكمة الاستئنافية بحكمها المطعون فيه بإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة لما قضى به في التهمتين الأولى والثالثة وبراءة الطاعن منهما وتأييده فيما عدا ذلك. وقد أثبت الحكم في حق الطاعن أنه بصفته مدير الشركة (إخوان كوتاريللي) التي يستخدم بها أكثر من خمسين عاملا لم يضع في مكان ظاهر بالمؤسسة لائحة باللغة العربية لتنظيم العمل ومعاملة العمال مخالفا بذلك ما نصت عليه المادة 31 من المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952, ثم انتهى الحكم إلى أن ما قضت به محكمة أول درجة من معاقبة الطاعن طبقا للفقرة الأخيرة من المادة رقم 52 من القانون المشار إليه والتي تنص على تعدد الغرامة بقدر عدد العمال الذين وقعت في شأنهم المخالفة, هو قضاء صحيح قولا منه بأن حكم هذه الفقرة عام وهو يشمل كل أنواع الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون.
وحيث إنه لما كان القانون رقم 317 لسنة 1952 بشأن عقد العمل الفردي قد فرض في نصوصه المختلفة إلتزامات متعددة على صاحب العمل لصالح العمال الذين يستخدمهم في مؤسسته ونص في المادة 52 منه على معاقبة من يخالف أحكامه بغرامة لا تقل عن مائتي قرش ولا تجاوز ألفي قرش ثم أورد في الفقرة الأخيرة من هذه المادة أنه "تتعدد الغرامة بقدر عدد العمال الذين وقعت في شأنهم المخالفة" لما كان ذلك وكان المستفاد من مجموع نصوص القانون المشار إليه أنه قد اشتمل على نوعين من الإلتزامات التي فرضها على صاحب العمل: الأولى - وهى تتناول حقوق العمال الناشئة عن علاقتهم برب العمل وما يجب عليه أن يؤديه إليهم من أجر وإعانة غلاء وما يكفله لهم من علاج وكذلك تحديد ساعات العمل ومنح الأجازات والمكافآت المستحقة لهم إلى آخر تلك الإلتزامات التي تمس مصالح أفراد العمال وحقوقهم مباشرة وبالذات - هذه الحقوق هى التي حرص المشرع على أن يكلفها للعمال بما نص عليه في الفقرة الأخيرة من المادة 52 المشار إليها وهى صريحة في أن الغرامة تتعدد بقدر عدد العمال الذين أجحفت المخالفة بحق من حقوقهم المذكورة. أما النوع الثاني من الأحكام التي فرضها القانون على صاحب العمل, فهى في واقع الأمر أحكام تنظيمية هدف المشرع منها إلى حسن سير العمل واستتباب النظام بالمؤسسة ولضمان مراقبة السلطات المختصة تطبيق القانون على الوجه الذي يحقق الغرض من إصداره - ومن قبيل ذلك ما نصت عليه المادة 31 من المرسوم بقانون من أنه "على كل صاحب عمل يستخدم خمسين عاملا فأكثر أن يضع في مكان ظاهر من مؤسسته لائحتين باللغة العربية إحداهما لتنظيم العمل ومعاملة العمال في المؤسسة وأخرى للجزاءات وشروط توقيعها ويشترط لنفاذ لائحة الجزاءات وما يطرأ عليها من تعديلات ألا تعترض عليها مصلحة العمل خلال 45 يوما من تقديمها إليها". لما كان ذلك فإن إخلال الطاعن بما أوجبته عليه هذه المادة لا يمس مصالح العمال أو عدد منهم بصفة مباشرة وبالذات وإنما يمس مصالحهم كمجموع وبطريق غير مباشر والقصد منه - كما ورد بالمذكرة التفسيرية للقانون - هو أن يكون العمال على بينة من أمرهم وأن لا تنفذ في حقهم أحكام لائحة الجزاءات إلا إذا لم تعترض عليها مصلحة العمل في ميعاد معين. لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتعدد الغرامة بقدر عدد العمال بالمؤسسة لما وقع من الطاعن من مخالفة لحكم المادة 31 من المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952, يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويتعين نقضه وتطبيق القانون على وجهه الصحيح والقضاء بتغريم الطاعن مائتي قرش.