أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة الثلاثون - صـ 285

جلسة 22 من فبراير سنة 1979

برياسة السيد المستشار محمد كمال عباس نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ عبد الخالق بغدادى، ويعيش رشدى، ومحمد على بليغ، وحسن جمعة.

(57)
الطعن رقم 1778 لسنة 48 القضائية

(1) نقض. "إيداع الأسباب. ميعاده".
إيداع أسباب الطعن بالنقض بعد الميعاد. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) دعارة. إثبات. "بوجه عام". جريمة. "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". "بيانات التسبيب". عقوبة. "عقوبة الجرائم المرتبطة". إرتباط. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
ركن العادة فى جريمة استعمال محل للدعارة. جواز إثباته بكافة الطرق.
أركان جريمة التحريض على الدعارة. التحدث عنها استقلالاً. غير لازم.
(3) إثبات. "أوراق". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دعارة. شهادة مرضية.
إثبات الحكم. وجود تغيير بالشهادة المرضية الرسمية ظاهر للعين المجردة. كفايته لاطراحها. أساس ذلك؟
(4) إثبات. "بوجه عام". "أوراق رسمية". "شهادة".
القضاء بالبراءة لتلفيق محرر المحضر لاتهام سابق. لا يحول دون الأخذ بمحضر حرره بعد ذلك لذات المتهم. عن تهمة مماثلة.
1 - متى كان الحكم المطعون فيه صدر على الطاعنتين حضورياً بتاريخ 23 من فبراير 1977، فقررت الطاعنة الثانية بالطعن فيه بطريق النقض بتاريخ 3 من أبريل سنة 1977 فى الميعاد - بيد أن الأسباب التى بنى عليها الطعن لم تودع إلا بتاريخ 7 من أبريل سنة 1977، بعد فوات الميعاد المحدد لذلك فى المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 - وهو أربعون يوماً من تاريخ الحكم الحضورى - دون قيام عذر يبرر تجاوزها هذا الميعاد، ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول الطعن المقدم منها شكلاً عملاً بنص الفقرة الأولى من المادة 39 من القانون المشار إليه.
2 - جرى قضاء محكمة النقض على أن القانون لم يرسم لثبوت ركن العادة - فى استعمال محل لممارسة دعارة الغير - طريقا معينا من طرق الإثبات ولم يستلزم بيان الأركان المكونة للتحريض على ارتكاب الدعارة بل يكفى أن يثبت الحكم تحققه باعتباره مسألة تتعلق بالوقائع تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التى دان الطاعنة بها - مطبقاً فى حقها لحكم المادة 32 من قانون العقوبات بتوقيعه عليها العقوبة المقررة لأشد تلك الجرائم - وأورد على ثبوتها أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها، فإن ما تثيره الطاعنة من أنه لم يسبق الحكم عليها فى جريمة فتح أو إدارة محل للدعارة ومن أن الحكم لم يدلل على توافر التحريض على ارتكاب الدعارة يكون حسب الحكم لإطراح شهادة المستشفى - المقدمة من الطاعنة - ما أثبته من وجود تصليح ظاهر للعين المجردة بتاريخ الخروج المثبت بها، هذا إلى أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفى ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح فى العقل أن يكون غير ملتزم مع الحقيقة التى وصلت إليها. لما كان ذلك، وكان قول الطاعنة أنها شريكة فى إحدى أدلة الثبوت التى أوردها الحكم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الدليل فى دعوى لا ينسحب أثره إلى دعوى أخرى، ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إذا هى اطمأنت إلى ما أثبته الضابط محرر المحضر فى محضره ولم تأبه بما هو ثابت فى مدونات حكم سابق صادر ببراءة الطاعنة - من أن هذا الضابط لفق لها تهمة مماثلة.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعنين وأخرى بأنهن (أولاً) المتهمتان الأولى والثانية ( أ ) فتحتا محلاً للدعارة على النحو المبين بالمحضر. (ب) حرضتا المتهمة الثالثة على ممارسة الدعارة. (ج) عاونتا المتهمة الثالثة على ممارسة الدعارة. (ثانياً) المتهمتان الأولى والثانية أيضاً: اعتادا ممارسة الدعارة. (ثالثا) المتهمات جميعاً: عدت متشردات بأن لم يتخذن وسيلة مشروعة للتعيش. وطلبت عقابهن بمواد القانون رقم 10 لسنة 1961، ومواد القانون رقم 98 لسنة 1945. ومحكمة جنح قسم ثان طنطا الجزئية قضت حضورياً اعتبارياً عملاً بمواد الاتهام بحبس كل من المتهمة الأولى والثانية سنة مع الشغل وكفالة خمسة جنيهات لايقاف التنفيذ وبتغريم كل منهما مائة جنيه والغلق والمصادرة، وبحبس المتهمة الثالثة ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة خمسة جنيهات لايقاف التنفيذ، وبتغريمها خمسة وعشرين جنيهاً. فاستأنفت المتهمتان الأولى والثانية. ومحكمة طنطا الإبتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعنتا فى هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.


المحكمة

حيث إن الحكم المطعون فيه صدر على الطاعنتين حضورياً بتاريخ 23 من فبراير سنة 1977، فقررت الطاعنة الثانية بالطعن فيه بطريق النقض بتاريخ 3 من أبريل سنة 1977 - فى الميعاد - بيد أن الأسباب التى بنى عليها طعنها لم تودع إلا بتاريخ 7 من أبريل سنة 1977، بعد فوات الميعاد المحدد لذلك فى المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 - وهو أربعون يوماً من تاريخ الحكم الحضورى - دون قيام عذر يبرر تجاوزها هذا الميعاد، ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول الطعن المقدم منها شكلا عملا بنص الفقرة الأولى من المادة 39 من القانون المشار إليه.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعنة الأولى استوفى الشكل المقرر فى القانون.
وحيث إن مبنى هذا الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنة بجرائم فتح محل للدعارة وتحريض أنثى ومعاونتها على ارتكاب الدعارة والاعتياد على ممارسة الدعارة، قد شابه قصور فى التسبيب وخطأ فى تطبيق القانون، ذلك بأن الحكم لم يستظهر ركن العادة فى استعمال المحل لممارسة دعارة الغير - إذ لم يسبق الحكم على الطاعنة فى جريمة فتح أو إدارة محل للدعارة - كما أنه لم يدلل على توافر التحريض على ارتكاب الدعارة. هذا إلى أنه ضرب صفحاً عن مستندات الطاعنة - سواء ما تعلق منها بمرضها الذى يحول دون ممارسة الجنس والذى اطرح الحكم دليله دون علة سائغة، أو بكونها شريكة فى إحدى شركات مواد البناء مما ينأى بها عن ارتكاب الجرائم المشار إليها - وأخيراً فإن الحكم لم يلق بالا إلى سبق صدور حكم نهائى ببراءة الطاعنة من تهمة مماثلة تأسيساً على تلفيقها من جانب رجال المباحث والشهود.
وحيث إنه يبين من الحكم الابتدائى أنه حصل واقعة الدعوى وسرد أدلتها بما موجزه بناء على أمر بتفتيش مسكن الطاعنة الثانية - التى دلت التحريات على أنها تديره للدعارة - تم ضبط الطاعنة الأولى باحدى حجراته مرتده قميصا للنوم وحافية القدمين فوق سرير بجوار أحد الشبان، كما ضبطت المحكوم عليها الثالثة - التى شوهدت مصابة بجرح فوق حاجبها - وقررت أن الطاعنة الأولى ضربتها لامتناعها عن ممارسة الجنس، واعترفت الطاعنة الثانية فى تحقيق النيابة بإدارة مسكنها للدعارة مقررة أن الطاعنة الأولى هى التى تتولى إحضار طالبى المتعة من الجنسين إلى المسكن. ويبين من الحكم المطعون فيه أنه أيد الحكم الابتدائى لأسبابه وأضاف إليها افصاحه عن الاطمئنان إلى ما أثبته محرر المحضر فى محضره، وإلى ما قررته المحكوم عليها الثانية فى تحقيق النيابة من أن الطاعنة الأولى اعتادت تقديمها للرجال مقابل أجر وأنها أحضرت بصحبتها رجلا - فى اليوم السابق على الضبط - وأمرتها بارتكاب الفحشاء معه فلما أخبرتها بوجود مانع لديها اعتدت عليها بالضرب، وإلى ما قررته الطاعنة الثانية من أن الطاعنة الأولى أحضرت المحكوم عليها الثالثة لتقديمها للرجال فى مسكنها، وإلى إقرار الطاعنة الأولى بضبطها لدى الطاعنة الثانية وبأن المحكوم عليها الثالثة عملت لديها كخادمة، وإلى دلالة الاصابات المشاهدة بالمحكوم عليها الثانية، فضلاً عن التقرير الطبى الذى أثبت أن بالطاعنتين والمحكوم عليها الثالثة آثاراً جلدية وظواهر تناسلية تشير إلى تكرار الاتصال الجنسى بدون تمييز. وأورد الحكم ما يفيد عدم اطمئنانه إلى الشهادة المقدمة من الطاعنة الأولى الصادرة من مستشفى الحميات والتى أثبت بها دخولها المستشفى يوم 1 من ديسمبر سنة 1963 وخروجها يوم 24 من ذلك الشهر ... وهو اليوم السابق على الحادث - لما لاحظته المحكمة من وجود تصليح ظاهر بالرقم 2 من رقم 24، وأخيرا أشار الحكم إلى أن سبق القضاء ببراءة الطاعنة الأولى من تهمتى فتح محل للدعارة والاعتياد على ممارسة الدعارة - فى واقعة ضبطت بمعرفة الضابط محرر المحضر فى الدعوى الماثلة - وما جاء فى مدونات حكم البراءة من أن هذا الضابط لفق الاتهام، لا يزعزع من عقيدة المحكمة وثقتها فى الأدلة السالف الاشارة إليها تفصيلاً. لما كان ذلك وكان قضاء محكمة النقض قد جرى على أن القانون لم يرسم لثبوت ركن العادة - فى استعمال محل لممارسة دعارة الغير - طريقا معينا من طرق الإثبات، ولم يستلزم بيان الأركان المكونة للتحريض على ارتكاب الدعارة بل يكفى أن يثبت الحكم تحققه باعتباره مسألة تتعلق بالوقائع تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التى دان الطاعنة بها - مطبقاً فى حقها لحكم المادة 32 من قانون العقوبات بتوقيعه عليها العقوبة المقررة لأشد تلك الجرائم - وأورد على ثبوتها أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها، فإن ما تثيره الطاعنة من أنه لم يسبق الحكم عليها فى جريمة فتح أو إدارة محل للدعارة ومن أن الحكم لم يدلل على توافر التحريض على ارتكاب الدعارة يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان حسب الحكم لاطراح شهادة المستشفى - المقدمة من الطاعنة - ما أثبته من وجود تصلح ظاهر للعين المجردة بتاريخ الخروج المثبت بها، هذا إلى أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفى ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح فى العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التى وصلت إليها. لما كان ذلك، وكان قول الطاعنة أنها شريكة فى إحدى شركات مواد البناء وتقديمها المستندات - ألمح إليها الحكم المطعون فيه - تدليلاً لا يخرج عن كونه دفاعا موضوعيا مما يستفاد الرد عليه دلالة من القضاء بالادانة استنادا إلى أدلة الثبوت التى أوردها الحكم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الدليل فى دعوى لا ينسحب أثره إلى دعوى أخرى، ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إذا هى اطمأنت إلى ما أثبته الضابط محرر المحضر فى محضره ولم تأبه بما هو ثابت فى مدونات حكم سابق - صادر ببراءة الطاعنة - من أن هذا الضابط لفق لها تهمة مماثلة لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعا.