أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة الثلاثون - صـ 294

جلسة 25 من فبراير سنة 1979

برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ أحمد فؤاد جنينة، ودكتور أحمد رفعت خفاجى، وأحمد طاهر خليل، وجمال الدين منصور.

(59)
الطعن رقم 1793 لسنة 48 القضائية

(1) قتل عمد. قصد جنائى. إثبات. "بوجه عام".
قصد القتل أمر خفى. إدراكه من ظروف الدعوى وملابساتها.
(2) قتل عمد. سبق إصرار. إثبات. "بوجه عام".
سبق الاصرار. تعريفه. إثباته؟
(3) إثبات. "شهادة" حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
كفاية استناد الحكم إلى ما لا تناقض فيه من أقوال الشهود.
حق المحكمة الأخذ بما تطمئن إليه من اقوال الشهود. واطراح ما عداه.
عدم إيراد الحكم لتفصيلات أقوال الشاهد. يفيد اطراحها. الدفع بتلفيق التهمة. موضوعى.
(4) إثبات. "شهادة". حكم "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشاهد وتقديرها. موضوعى.
حق المحكمة الأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشاهد. بيان العلة.
(5) حكم "بيانات حكم الإدانة".
عدم إيراد حكم الإدانة لمادة. تعريفية. لا شأن لها بالعقوبة. لا يعيبه.
1 - من المقرر أن قصد القتل أمر لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه، استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية. وإذ ما كان الحكم قد دلل على قيام هذه النية تدليلاً سائغاً واضحاً فى أثبات توافرها لدى الطاعنين فى قوله: "إنهما استعملا سلاحين ناريين من شأنهما إحداث القتل وصوب كل منهما سلاحه إلى المجنى عليه وأطلق منه عدة أعيرة عليه قاصداً من ذلك قتله وإزهاق روحه وأصابه أحد الأعيرة فى جسمه والدافع لهما على اقتران جريمة القتل سابقة اتهامهما المجنى عليه". فإن منعى الطاعنين فى خصوص قصد القتل يكون غير سديد.
2 - إن سبق الاصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجانى قد لا يكون لها فى الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما هى تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضى منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج وهو ما لم يخطئ الحكم فى تقديره، ومن ثم فإن منعى الطاعنين فى خصوص توافر سبق الإصرار، يكون غير سديد.
3 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم اختلاف الشهود فى تفصيلات معينة ما دام قد حصل أقوالهم بما لا تناقض فيه ولم يورد هذه التفصيلات أو يستند إليها فى تكوين عقيدته، ذلك أن لمحكمة الموضوع فى سبيل تكوين عقيدتها السلطة المطلقة فى تقدير الدليل، فلها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وأن تطرح ما عداه، وهى إذ تفعل ذلك لا تكون ملزمة ببيان العلة لأن الأمر مرجعه إلى اقتناعها هى وحدها، وفى عدم إيراد الحكم لهذه التفصيلات ما يفيد اطراحها، لما كان ذلك وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه قد حصل أقوال شهود الإثبات بما لا تناقض فيه، وكان الطاعنان لا يجادلان فى أن ما حصله الحكم منها له أصله الثابت فى الأوراق ومن ثم فإن الجدل فى ذلك توصلاً إلى إثارة الشبهة فى الدليل المستمد من تلك الأقوال والإدعاء بتلفيق الاتهام هو من الأمور الموضوعية التى لا يجوز إثارتها أمام محكمة النقض وبالتالى فإن ما ينعاه الطاعنان فى هذا المقام يكون فى غير محله.
4 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها الشهادة وتعويل القضاء عليها مرجعه إلى أن محكمة الموضوع تقدره التقدير الذى تطمئن إليه دون معقب ولها أن تأخذ من الأدلة ما تطمئن إلى وأن تطرح ما عداه دون إلزام عليها ببيان علة ما ارتأته وفى اطمئنانها إلى أقوال الشهود ما يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها لما كان ذلك وكان ما يثيره الطاعنان من نعى على الحكم لعدم إيراده علة اطمئنانه إلى أقوال شهود الإثبات لا يعدو أن يكون جدلاً فى موضوع الدعوى تنأى عنه وظيفة محكمة النقض ومن ثم يكون هذا النعى غير قويم.
5 - لا يعيب الحكم خلوه من إيراد نص المادة 231 من قانون العقوبات التى أعمل مقتضاها فى حق الطاعنين لأن هذه المادة من المواد التعريفية ولا شأن لها بالعقوبة المقررة للجريمة.


الوقائع:

إتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما (أولاً) شرعا فى قتل ..... عمدا مع سبق الاصرار بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك سلاحين ناريين معمرين (بندقيتين) وما أن ظفروا به حتى أطلقا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه هو مداركة المجنى عليه بالعلاج. (ثانياً) أحرز كل منهما سلاحا ناريا مششخنا (بندقية). (ثانيا) أحرز كل منهما ذخيرة (طلقات) مما تستعمل فى السلاحين سالفى الذكر دون أن يكون مرخصاً لهما بحيازتها وإحرازها. (رابعاً) أطلق كل منهما سلاحاً نارياً (بندقية) داخل قرية، وطلبت من مستشار الاحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 45 و46 و230 و231 و379/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1 و26/ 2 - 4 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين 546 لسنة 1954 و 75 لسنة 1958 والبند (ب) من القسم الأول من الجدول رقم (3) الملحق به فقرر بذلك، ومحكمة جنايات سوهاج قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام والمادتين 32/ 2 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات. فطعن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمة الشروع فى القتل عمدا مع سبق الاصرار قد شابه قصور فى التسبيب وران عليه البطلان، ذلك بأن الحكم لم يستظهر بأدلة كافية توافر نية القتل وظرف سبق الإصرار لدى الطاعنين، وأغفل الرد على دفاعهما بتلفيق الاتهام واستدلالهما فى ذلك بما انطوت عليه أقوال الشهود من تضارب فى شأن مكان رؤية المجنى عليه مصاباً كما عول على أقوال شهود الإثبات دون أن يبين وجه اطمئنانه إليها. هذا إلى أنه لم يشر إلى نص المادة 231 من قانون العقوبات التى أعمل مقتضاها فى حق الطاعنين، كل ذلك مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التى دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها فى حقهما أدلة تؤدى إلى ما رتبه عليها مستمدة من أقوال المجنى عليه وشهود الاثبات ومما جاء بالتقرير الطبى الشرعى. لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمر خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه، فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية. وإذ ما كان الحكم قد دلل على قيام هذه النية تدليلا سائغا واضحا فى أثبات توافرها لدى الطاعنين فى قوله: "إنهما استعملا سلاحين ناريين من شأنهما إحداث القتل وصوب كل منهما سلاحه إلى المجنى عليه وأطلق منه عدة أعيرة عليه قاصداً من ذلك قتله وإزهاق روحه وأصابه أحد الأعيرة فى جسمه والدافع لهما على اقتراف جريمة القتل سابقة اتهامهما المجنى عليه والدهما فارتكبا هذا الحادث أخذاً بالثأر". ولما كان الحكم قد استظهر أيضاً توافر ظرف سبق الإصرار فى قوله: "أنه لا شك فى ثبوته قبل المتهمين من ظروف الحادث وملابساته فقد أثار حفيظتهما وقتل والدهما منذ سنة 1968 واتهام المجنى عليه فى قتله فانعقد عزمهما ووطدا النية على تدبير اعتداء مماثل للذى وقع على والدهما وفى يوم الحادث قابلا المجنى عليه مصادفة ومع كل منهما سلاحه فانتهزا هذه الفرصة وأطلقا عليه عدة أعيرة نارية وذلك تنفيذاً لما ودطه العزم وبيتا النية عليه فأصابه عيار". وما ساقه الحكم بما سلف سائغ ويتحقق به ظرف سبق الإصرار كما هو معرف به فى القانون، ذلك بأن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجانى قد لا يكون لها فى الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما هى تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضى منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج وهو ما لم يخطئ الحكم فى تقديره، ومن ثم فإن منعى الطاعنين فى خصوص توافر نية القتل وظرف سبق الإصرار، يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم اختلاف الشهود فى تفصيلات معينة ما دام قد حصل أقوالهم بما لا تناقض فيه ولم يورد هذه التفصلات أو يستند إليها فى تكوين عقيدته، ذلك أن لمحكمة الموضوع فى سبيل تكوين عقيدتها السلطة المطلقة فى تقدير الدليل، فلها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وأن تطرح ما عداه، وهى إذ تفعل ذلك لا تكون ملزمة ببيان العلة لأن الأمر مرجعه إلى اقتناعها هى وحدها، وفى عدم إيراد الحكم لهذه التفصيلات ما يفيد اطراحها، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه قد حصل أقوال شهود الإثبات بما لا تناقض فيه، وكان الطاعنان لا يجادلان فى أن ما حصله الحكم منها له أصله الثابت فى الأوراق ومن ثم فإن الجدل فى ذلك توصلا إلى إثارة الشبهة فى الدليل المستمد من تلك الأقوال والإدعاء بتلفيق الاتهام هو من الأمور الموضوعية التى لا يجوز إثارتها أمام محكمة النقض وبالتالى فإن ما ينعاه الطاعنان فى هذا المقام يكون فى غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها الشهادة وتعويل القضاء عليها مرجعه إلى أن محكمة الموضوع تقدره التقدير الذى تطمئن إليه دون معقب ولها أن تأخذ من الادلة ما تطمئن إليه وأن تطرح ما عداه دون إلزام عليها ببيان علة ما ارتأته وفى اطمئنانها إلى أقوال الشهود ما يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان ما يثيره الطاعنان من نعى على الحكم لعدم إيراده علة اطمئنانه إلى أقوال شهود الاثبات لا يعدو أن يكون جدلاً فى موضوع الدعوى تنأى عنه وظيفة محكمة النقض ومن ثم يكون هذا النعى غير قويم. لما كان ذلك، وكان لا يعيب الحكم خلوه من إيراد نص المادة 231 من قانون العقوبات التى أعمل مقتضاها فى حق الطاعنين لأن هذه المادة من المواد التعريفية ولا شأن لها بالعقوبة المقررة للجريمة. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.