مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثانى (من أول مارس سنة 2001 إلى آخر يونيه سنة 2001) - صـ 1551

(184)
جلسة 28 من إبريل سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ مصطفى سعيد حنفى نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: عطية عماد الدين نجم، وأحمد عبد الحميد عبود، ومحمد عبد الحميد أبو الفتوح، وأحمد محمد حسين المقاول نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 6316 لسنة 44 القضائية

قانون - سريان القانون من حيث الزمان - أثر القانون الجديد على العقود المبرمة قبل صدوره - العقود المبرمة قبل القانون الجديد.
من المقرر طبقاً للمبادئ الدستورية المتواضع عليها أن أحكام القوانين لا تجرى إلا على ما يقع من تاريخ نفاذها ولا تنعطف آثارها على ما وقع قبلها مالم ينص القانون على خلاف ذلك - الأصل أن للقانون الجديد أثراً مباشراً تخضع لسلطانه الآثار المستقبلية للمراكز القانونية الخاصة - يستثنى من ذلك العقود حيث تخضع للقانون القديم الذى أبرمت فى ظله مالم يكن القانون الجديد من النظام العام فيسترد سلطانه المباشر على الآثار المترتبة على هذه العقود طالما بقيت سارية عند العمل بالقانون الجديد، دون أن يكون ثمة تعارض بين هذا المبدأ وقاعدة عدم رجعية القوانين - المراد بالقانون هو القانون بمعناه الأعم، فتدخل فيه كافة التشريعات سواء أكانت صادرة من السلطة التشريعية أم من السلطة التنفيذية طبقاً لصلاحياتها الدستورية - تطبيق.


إجراءات الطعن:

فى يوم السبت الموافق 20/ 6/ 1998، أودع الأستاذ/ ....... المحامى المقبول للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد بجدولها العام تحت رقم 6316 لسنة 44 ق. ع، فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة (الدائرة الثامنة) بجلسة 21/ 4/ 1998 فى الدعوى رقم 6124 لسنة 51 ق والقاضى فى منطوقه " برفض الدفوع المبداه بعدم اختصاص المحكمة وبعدم قبول الدعوى وبقبولها شكلاً. وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات ". وطلب الطاعن للأسباب التى استند إليها فى تقرير الطعن تحديد أقرب جلسة لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون لتأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم محل الطعن وإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بقبوله شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بعدم اختصاص القضاء الإدارى بنظر النزاع مع إلزام المطعون ضده المصروفات وأتعاب المحاماة.
وقد أعلن الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه، وإلزام الطاعن المصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 7/ 2/ 2000 وتدوول نظره على النحو المبين بمحاضر الجلسات حتى تقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة الموضوع) حيث نظر أمام هذه المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات وتقرر إصدار الحكم فيه بجلسة 31/ 3/ 2001 ثم تقرر إرجاء النطق بالحكم لجلسة 14/ 4/ 2001 لاتمام المداولة وفيها أرجى الحكم لجلسة اليوم لذات السبب وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن رفع صحيحاً فى الميعاد عن حكم قابل له فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن وقائع هذه المنازعة تتحصل بحسب مايؤخذ من الحكم المطعون فيه ومن الأوراق والمستندات المقدمة - فى أنه بتاريخ 13/ 5/ 1997 أقام الأستاذ المستشار/ ...... رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية للبناء والمساكن لأعضاء مجلس الدولة الدعوى رقم 6124 لسنة 51 ق أمام محكمة القضاء الإدارى طالباً فى ختام صحيفتها إلغاء قرار وزير الاسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية ورئيس مجلس إدارة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بإلزام الجمعية بسداد 50% من زيادة السعر عن ثمن شراء القطعة موضوع الدعوى إلى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة وما ترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة المصروفات. وقال شرحاً للدعوى: أن الجمعية تمتلك قطعة أرض فضاء مساحتها 122027.70 م2 تعادل 4. س 1. ط 29 ف كائنة بطريق إسكندرية مطروح فيما بين الكيلو 61، 250، 61 بناحية العميد قسم الحمام - محافظة مطروح طبقاً لكشف التحديد المساحى عن الطلب رقم 63/ 1979 والموضحة الحدود والمعالم بالعقد المسجل رقم 46 بتاريخ 2/ 2/ 1980 مطروح. وقد تم هذا البيع من الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بثمن إجمالى قدره 61013.806 جنيهاً مضافة إليه فائدة بسيطة بنسبة 2% وقد قامت الجمعية بسداد كامل الثمن والفوائد المستحقة عليه. كما تمتلك الجمعية مساحة 45000 متر مربع مجاورة للمساحة المشار إليها ومتصلة بها وذلك بالتخصيص من الهيئة، وتم تسليمها إلى الجمعية بموجب محضر تسليم وهى عبارة عن زوائد طريق اسكندرية مطروح. وقد حدد العقد المسجل ومحله القطعة الأولى التزامات الأطراف مبيناً الغرض الذى تستخدم فيه الأرض المبيعة مكاملها وهو إقامة مبان سياحية عليها وفقاً لشروط وزارة السياحة، وأنه يحظر إقامة أى مصانع أو ورش أو منشآت لا تخدم الغرض الذى بيعت من أجله هذه الأرض والتى اعتمدت تخطيطها من وزارة السياحة، وحال استعمالها فى غير الغرض المخصصة له يحق للبائع استردادها بنفس ثمن البيع مع تعويض المشترى عما يكون قد أدخله على العين المبيعة من منشآت ومرافق كما تضمن العقد خضوعه لأحكام القانون رقم 100 لسنة 1964 ولائحته التفنيذية، ولا يوجد به بعد ذلك أى قيد على حرية الجمعية فى التصرف فيما آل إليها من الهيئة المشار إليها طالما أن هذا التصرف يتقيد بأحكام القانون رقم 100 سنة 1964 والقانون رقم 2 لسنة 1973، واستطرد ممثل الجمعية إلى أنه لما كانت الجمعية قد رغبت فى التصرف فى الأرض المشتراة فقد أخطرت بكتاب رئيس لجنة الخطة لمشروعات الساحل الشمالى رقم 2340 لسنة 1996 بموافقة وزير الاسكان على قيام الجمعية ببيع هذه الأرض شريطة سداد نسبة 50% من فارق السعر إلى الهيئة فتظلمت من ذلك القرار وإذ لم تتلق رداً بادرت إلى اتخاذ إجراءات الطعن عليه أمام محكمة القضاء الإدارى ناعية عليه مخالفته للدستور والقانون وعدوانه على الملكية الخاصة للجمعية، لأن القانون رقم 59 لسنة 1979 فى شأن المجتمعات العمرانية الجديدة حصر نطاق اختصاصات هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة فى الأراضى التى يتم تخصيصها بقرار من مجلس الوزراء والمملوكة للدولة ملكية خاصة لإنشاء المجتمعات الجديدة، أما ما تم التصرف فيه من أراض مملوكة للدولة من الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، ومن بينها أرض النزاع - قبل إنشاء هذه الهيئة فينحسر عنها أحكام القانون رقم 59 لسنة 1979 لخروج الأرض المباعة إليها من ملكية الدولة الخاصة ولعدم صدور قرار من رئيس مجلس الوزراء بتخصيصها لإنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة لخروجها عن ملكية الدولة الخاصة، وبناء على ذلك فإن القرار المطعون فيه بتحصيل 50% من قيمة الزيادة فى سعر الأرض مخالف للدستور والقانون، وبجلسة 21/ 4/ 1998 قضت محكمة القضاء الإدارى (الدائرة الثامنة) برفض الدفوع المبداة بعدم اختصاص المحكمة وبعدم قبول الدعوى وبقبولها شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات. وقد ردت المحكمة فى قضائها على الدفع بعدم الاختصاص الذى استندت فيه هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة على سببين هما: أن حقيقة طلبات الجمعية هى الطعن على نص المادة 22/ أ من اللائحة العقارية للهيئة والصادر بها قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2904 لسنة 1995 وأن هذا النص نص تشريعى تختص المحكمة الدستورية العليا بنظر النزاع الناشئ عن تطبيقه والسبب الثانى أن النزاع الماثل يدور حول عقد مدنى ينعقد الاختصاص بنظره للمحاكم المدنية، وأقامت قضاءها فى هذا الدفع على أن تطبيق القواعد التى تضمنتها اللائحة العقارية لا يتم تلقائيا بل يجرى تنفيذاً لقرار إدارى تفصح به الهيئة عن إرادتها فى إطار أحكام القانون رقم 59 لسنة 1979، وأن قرار وزير الاسكان بالموافقة للجمعية المدعية على التصرف بالضوابط المشار إليها بكتاب لجنة الخطة لمشروعات الساحل الشمالى ومنها الضابط المطعون عليه يكون قراراً إدارياً نهائياً يختص قضاء مجلس الدولة ببحث مشروعيته. ثم ردت المحكمة على السبب الثانى الذى بنى عليه هذا الدفع بأن الثابت من نصوص أحكام قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2904 لسنة 1995 أنه حوى نصوصاً تنظيمية ولائحية فى شأن العلاقة بين الهيئة والمتصرف إليهم وهى نصوص تخرج عن نطاق العلاقات العقدية التى تقوم فى أساسها على الرضا المتبادل بين المتعاقدين لما حوته من شروط غير مألوفة وبالتالى فإن المنازعات التى تثور بناء على ما صدر إعمالاً لهذه اللائحة إنما يندرج فى إطار المنازعات الإدارية التى يختص بها مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى. ثم ردت المحكمة على الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة بالنسبة إلى وزير الاسكان مبينة أن هذا الدفع فى غير محله بعد أن ثبت من رد الجهة الإدارية أن القرار المطعون فيه هو قرار الوزير. كما ردت على الدفعين بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى، وعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد مبينة أن الرد على الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً والذى انتهى إلى وجود قرار إدارى نهائى صادر من الوزير المختص يتضمن الرد الكافى على الدفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى، كما أن مبادرة الجمعية إلى إقامة هذه الدعوى فى خلال الستين يوماً التالية لصدور قرار بإعفاء الجمعية من الرسوم القضائية يجعل الدفع بعدم قبول الدعوى لإقامتها بعد الميعاد غير قائم على أساس. ثم أقامت المحكمة بعد ذلك قضاءها فى موضوع الدعوى على أن المشرع حدد فى الماد (5) من القانون رقم 59 لسنة 1979 فى شأن إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة كيفية الحصول على الأراضى المملوكة للأفراد وللجهات الخاصة المتداخلة فى مشروعات إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة أو الطرق الموصلة إليها، وذلك إما بالطريق الودى بعد الاتفاق مع الهيئة والملاك على الثمن والشروط أو بنزع ملكيتها فى حالة تعذر الاتفاق مع الملاك وفقاً لقانون نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة أو التحسين، أما بالنسبة للأراضى المملوكة للدولة فقد أوجبت المادة (9) من القانون المشار إليه صدور قرار من رئيس مجلس الوزراء بعد موافقة المجلس بتخصيص هذه الأراضى دون مقابل وأن يكون هذا القرار ملزماً لجميع أجهزة الدولة بما فيها الأجهزة المعنية بأملاك الدولة، ورتبت المحكمة على ذلك أن اختصاصات الهيئة المشار إليها والمنصوص عليها فى القانون رقم (59) لسنة 1979 لا تمتد إلى أملاك الأفراد الخاصة وإن وقعت داخل حدود المجتمعات العمرانية الجديدة طالما لم يتم اتخاذ الإجراءات المقررة قانوناً. وطبقت المحكمة ما سلف على موضوع الدعوى وقالت إن الثابت من الأوراق أن الأرض محل الدعوى والتى وافق القرار المطعون فيه على بيع كامل مساحتها عبارة عن جزئين، الأول مساحته 122027.71 م2 ويعادل 4 س، 1 ط، 29 ف والثانى مساحته 45 ألف متر يعادل 17 س 14 ط 10 ف وكان الجزء الأول قد تم التصرف فيه بالبيع إلى الجمعية وتم تسجيل العقد وشهره برقم 46 مطروح بتاريخ 2/ 2/ 1980 قبل صدور قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 540 لسنة 1980 والمتضمن اعتبار الساحل الشمالى الغربى من الكيلو 34 غرب إسكندرية مجتمعاً عمرانياً جديداً فى تطبيق أحكام القانون رقم (59) لسنة 1979 ومن ثم لا ندخل القطعة المذكورة ضمن الأراضى التى تضمنها قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 540 لسنة 1980 ولا تنطبق عليها أحكام اللائحة العقارية الصادر بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2904 لسنة 1995. ثم أضافت المحكمة أنه بالنسبة للجزء الثانى من قطعة الأرض، فقد وضعت المادة (13) من اللائحة العقارية المشار إليها قيداً بعدم التصرف فى الأرض قبل انقضاء عشر سنوات من تاريخ التسليم إلا بعد الحصول على موافقة رئيس الجهاز المختص وعلى ذلك فإنه بانقضاء المدة المشار إليها وعملا بمفهوم المخالفة يحق للجمعية التصرف فى الأرض المسلمة إليها طالما انقضت المدة سالفة الذكر من تاريخ التسليم دون حاجة إلى موافقة الجهة المشار إليها، وأن قطعة الأرض محل الدعوى سواء الجزء الأول أو الجزء الثانى قد سلمت للجمعية بموجب محضر التسليم المؤرخ 17/ 4/ 1985 وإذ انقضت عشر سنوات من تاريخ التسليم فإن الجمعية تملك التصرف فى كامل القطعة محل القرار المطعون فيه شريطة قيامها بسداد التزاماتها المالية حيال الجهة الإدارية عن القطعة بكاملها دون أن يكون للجهة الإدارية اقتضاء أى فرق سعر سواء نسبة الـ (50%) أو نسبة الـ (10%) لفرق المسطح الزائد ويكون قرارها فى هذا الشأن مخالفا للقانون جديرا بالالغاء وما يترتب عليه من آثار.
وإذ لم ترتض هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة الحكم المطعون فيه فقد بادرت إلى الطعن عليه بالطعن الماثل ناعية عليه مخالفته للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله على سند من القول بأن الجمعية المدعية كانت تهدف فى حقيقة طلباتها إلى إلغاء النص التشريعى الذى يلزم الجمعيات والأفراد بسداد مبالغ معينة عند التصرف فى الأرض المشتراة وأن الأختصاص بنظر هذا الطعن ينعقد للمحكمة الدستورية العليا، ومن ناحية أخرى فإن النزاع لا يتعلق بقرار إدارى مما تختص به محاكم مجلس الدولة، وإنما يتعلق بعلاقة تعاقدية ومسألة من مسائل القانون الخاص التى تخرج عن اختصاص مجلس الدولة فضلاً عن أن المنازعة تتعلق بأعضاء مجلس الدولة من حسن العدالة إحالتها إلى المحاكم المدنية.
ومن حيث إن الجمعية التعاونية للبناء والمساكن لأعضاء مجلس الدولة لم تطعن على قرار رئيس الوزراء رقم 2904 لسنة 1995 فى شأن القواعد والشروط المنظمة لإدارة واستغلال والتصرف فى الأراض المخصصة لهيئة المجتمعات العمرانية، وإنما طعنت على القرار الصادر من وزير الاسكان ورئيس هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بتطبيق ما تضمنته هذه اللائحة من فرض مبالغ تتمثل فى 50% من الفرق بين سعر الأرض وقت تخصيصها وسعرها المعمول به بالجهاز وقت تقديم الطلب أو 10% من سعر الأرض فى حالة عدم تغيير السعر، على حالتها بمناسبة تصرف الجمعية فى المساحتين اللتين تملكهما بطريق إسكندرية مطروح فيما بين الكيلو 61، 250، 61 بقسم الحمام محافظة مطروح.
ومن حيث إن اقتضاء هذه المبالغ. على النحو المتقدم - لم تتضمنه شروط العقد المبرم مع الجمعية عند شراء الأرض موضوع التصرف كما لم تتضمنه التشريعات المكملة لشروط العقد والسيارية وقت إبرامه وإنما فرضته جهة الإدارة بحكم اضطلاعها بشؤون المجتمعات العمرانية الجديدة وبما لها من سلطة عامة فى هذا الشأن وعلى ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب صحيح حكم القانون حين قضى برفض الدفع بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة المبنى على أن الطعن هو فى حقيقته طعن فى تشريع لائحى، مما تختص به المحاكم المدنية، باعتبار أن الطعن فى حقيقته بنصب على قرار إدارى نهائى يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى بنظر المنازعات الناشئة عنه.
ومن حيث إنه لما كان من المقرر طبقاً للمبادئ الدستورية المتعارف عليها أن أحكام القوانين لا تجرى إلا على ما يقع من تاريخ نفاذها ولا تنعطف آثارها على ما وقع قبلها مالم ينص القانون على خلاف ذلك، وكان الأصل أن للقانون الجديد أثراً مباشراً تخضع لسلطانه الآثار المستقبلية للمراكز القانونية الخاصة، إلا فى العقود فتخضع للقانون القديم الذى أبرمت فى ظله مالم يكن القانون الجديد من النظام العام فيسترد سلطانه المباشر على الآثار المترتبة على هذه العقود، طالما بقيت سارية عند العمل بالقانون الجديد، دون أن يكون ثمة تعارض بين هذا المبدأ وقاعدة عدم رجعية القوانين، وكان المراد بالقانون - على ما جرت به أحكام القضاء - هو القانون بمعناه الأعم، فتدخل فيه كافة التشريعات سواء أكانت صادرة من السلطة التشريعية أم من السلطة التنفيذية طبقاً لصلاحياتها الدستورية، ولما كانت الجمعية التعاونية لبناء المساكن لأعضاء مجلس الدولة قد أبرمت عقد شراء مساحة 4. س 1. ط 29 ف وسجل العقد برقم 46 بتاريخ 2/ 2/ 1980، كما توافقت إرادة الجمعية مع هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة على شراء مساحة 17 س 14 ط 10 ف وكان مفهوما أن ثمن هذه المساحة الأخيرة يتم تحديده وفقاً للأسس التى تتعامل بها الهيئة فى مثلها، وتسلمت الجمعية المساحتين بموجب محضر التسليم المؤرخ 17/ 4/ 1985، ولم تتضمن شروط التعاقد أو التشريعات المكملة له عند إبرامه أداء المشترى أية مبالغ عند التصرف فى الأرض المشتراة إلى الغير، وعلى ذلك فلا يحق لجهة الإدارة أن تطالب الجمعية التعاونية للبناء والمساكن لأعضاء مجلس الدولة بأداء مبالغ معينة عند تصرفها فى الأرض التى تملكها فى الساحل الشمالى استنادا إلى نصوص لائحة عقارية صدرت عام 1995 أى فى تاريخ لاحق على إبرام التصرفات التى استقرت بموجبها ملكية الأرض محل الدعوى للجمعية ويكون قرار جهة الإدارة فى هذا الصدد حرياً بالإلغاء. ولا ينال من ذلك من نص عليه البند الثامن من عقد البيع المبرم بين الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية والجمعية التعاونية لبناء المساكن لأعضاء مجلس الدولة من التزام المشترى بما قد تفرضه عليه التشريعات الأخرى من واجبات، ذلك أن المقصود هو التزام الجمعية بالنشريعات اللاحقة المتعلقة بالنظام العام وليس فيما تضمنته اللائحة العقارية المشار إليها من فرض مبالغ على المشترى عند التصرف فى الأرض المشتراة ما يتعلق بالنظام العام فلا يسرى من ثم على التصرفات التى أبرمت قبل إصدارها.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى هذه النتيجة وعلى ذلك فإن الطعن الماثل يكون خليفاً بالرفض مع إلزام الهيئة الطاعنة المصروفات عملاً بالمادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً، وألزمت الهيئة الطاعنة المصروفات.